التساؤل ليس مجرد محادثة عادية: تيسير التساؤل هو عمل شاق!

!INQUIRY IS NO MERE CONVERSATION (OR DISCUSSION OR DIALOGUE): FACILITATION OF INQUIRY IS HARD WORK

سوزان ت. غاردنر، مديرة معهد فانكوفر للفلسفة للأطفال، كولومبيا البريطانية، كندا.

Susan T. Gardner, Director, Vancouver Institute of Philosophy for Children, BC, Canada.

GARDNER, S. 1995 ‘Inquiry is no mere conversation’, Critical and Creative Thinking, vol.3, pp.38–49.

ترجمت المقالة بعد الحصول على الإذن الخطي من المؤلف أو الناشر

ترجمة: عبد الرحمن الحداد

لطالما كان هناك جدل في البحث التعليمي حول وجوب أن يكون التعليم متمحوراً حول المعلم أو حول الطالب، والمثير للانتباه هو أن هذا الجدل يوازي التغيرات في النظريات حول ما إن كانت الوالدية الجيدة ترتكز أو تتمحور حول الأبوين أم الطفل، أحد الاختلافات الواضحة بين المحورين هو طريقة المحادثة حيث تركز استراتيجيات التعليم والوالدية “الاستبدادية” على حاجة “من لديهم الكثير ليتعلموه” على أن “يقوموا بما يقال لهم”، أي أن الكبير يتحدث والطفل يستمع. بينما ترتكز الاستراتيجيات “غير الاستبدادية” على افتراض أنه من الواجب تشجيع الشباب على تنمية اهتماماتهم ومواهبهم الطبيعية، وبالتالي من المهم أن يُسمح للأطفال أن يتكلموا وأن يستمع لهم البالغين، كلتا الاستراتيجيتين أظهرتا عيوباً بسبب غياب الحكمة المتأصلة الموجودة في الرأي المتعارض.

يمكن التغلب على هذه الفجوة، حيث أن أحد الأساليب التربوية التي تستخدم في الفلسفة للأطفال والذي يدعى بـ “مجتمع التساؤل” يتطلب طريقة محادثة قادرة على سد هذه الفجوة، ومجتمع التساؤل لا يتمحور حول المعلم ولا الطالب ولا يمكن لأحدهما أن يتحكم فيه، ولكنه يتمحور حول مطالب الحقيقة ويخضع لسيطرتها وحسب هذه الطريقة فالحقيقة ضرورية للغاية، فبدافع التقدم نحو الحقيقة يقتنع المشاركين بمدى ثمار العملية. ومع ذلك فإن الحقيقة مسيطر صعب لأنها تضع قيود صارمة على المشاركين حيث تضع مطالب دقيقة على الميسر ولكن يمكن أن يحدث أن يقع الميسر في فخ التقليل من أهمية القيود والمطالب المتأصلة للحقيقة وإهمالها وأحياناً ما يتم رفضها بشكل مفرط من قبل الذين يرغبون في التأكيد بشكل منحاز أن التيسير يعتمد في النهاية على الحفاظ فقط على استقلالية الطالب وتعزيزها، وقد أدى تقليل دور الميسر إلى التقليل من شأن هذه الطريقة التربوية الرائعة، ولكن الأسوأ من ذلك هو جعل المعلم/الميسر المبتدئ غير مستعد لاستخدامها بنجاح.

التقدم نحو الحقيقة مهم

ربما هناك شعور واضح، وإن كان سطحيًا، أن التقدم نحو الحقيقة أمرٌ حيويٌ لممارسة التساؤل، وأنه إذا لم يتحقق هذا التقدم، فإن مصطلح “مجتمع التساؤل” يصبح تسمية خاطئة. في الحقيقة، من أجل أن يقال إن المرء “يتساءل”، يجب أن يتساءل لا فقط عن شيء ما (سيقال المزيد حول أهمية الحفاظ على التركيز لاحقًا)، ولكن يجب أيضًا إحراز بعض التقدم – على الأقل إذا كان هذا التقدم ممكنًا. إذا كنت تستفسر عن حالتي الصحية ولكنك لا تتوقف لفترة كافية للعثور على الإجابة، ففي الحقيقة، لا يمكن وصفك على أنك استفسرت. وبالتأكيد إذا قيل عن المرء أنه يتساءل بنجاح، فلا شك أنه يجب أن يكون لديه صورة أوضح إلى حد كبير عن الموضوع الذي استفسر عنه في نهاية عملية التساؤل مما كانت عليه في البداية. إذا كان مجتمع التساؤل يستحق اسمه، فيجب عليه إحراز بعض التقدم نحو “الحقيقة”.

بصرف النظر عن مشكلة عدم الدقة من الناحية النظرية، هناك سببان رئيسيان آخران وراء أهمية تقدم مجتمع التساؤل نحو الحقيقة. الأول هو أن هذا التقدم هو معزز حيوي للممارسة، بمعنى أنه إذا لم يذهب بنا الحوار إلى أي مكان، وإذا بقيت مجرد محادثة تمس أولاً موضوع واحد ثم موضوع آخر، فلن يتم تعزيز قيمة العملية أبدًا من خلال قيمة المنتج. تعلم الرياضة يوفر تشبيهًا مفيدًا فحتى لو كانت دروس ركوب الخيل ممتعة وجيدة للصحة الجسدية، إن لم تنتج منتجًا على الإطلاق، أي لم تصنع فارس أفضل، فإن ذلك سيؤثر على حماس المتدرب ومدربه كذلك وثقتهم في هذه العملية. إذا كنا نرغب في أن يكون الطلاب مغرمين بشكل كافٍ بالممارسة التي سوف يستفيدون منها بثقة وحماس من المهارات المكتسبة في إطار مجتمع التساؤل خارج الفصل، وإذا كنا نريد أن يأخذ المعلمون هذه البيداغوجية بجدية كافية ليضعوا لها مكاناً بجانب المنهجيات الأساسية المهمة مثل القراءة والكتابة والحساب، يجب أن يكون كِلا الفريقَين، الطلاب والمدرسين مقتنعين بأن هذه الممارسة مثمرة مثلها مثل القراءة والكتابة والحساب. وأن التفكير وتعزيزه من خلال التساؤل ليس غاية في حد ذاته، بل تكمن قيمته في أنه يؤدي إلى الحقيقة. إذا كنا نريد أن تقدَّر هذه الممارسة، يجب أن نتأكد من أنها مرتبطة بمنتجها المقصود.

سبب آخر لكون التقدم نحو الحقيقة أمرًا حيويًا لمجتمع التساؤل هو أن هذا التقدم ضروري إذا أراد المشاركون تطوير مجموعة المهارات والعادات الذهنية التي قد تكون فريدة ولكن يتم تشجيعها بالتعريض المستمر لمجتمع التساؤل (انظر إلى الجدول 1). تفاصيل هذه النقطة المهمة غير ممكن في حدود الظروف الحالية، ولكن عسى أن شرحًا موجزًا ​​لبعض العناصر في العمود 2 من المخطط (خاصةً مقارنةً بالعمود 1 الذي لا يُفترض فيه إحراز نحو الحقيقة وفي كثير من الأحيان نتيجة ميسرين مبتدئين مدربين تدريباً سيئاً) يوضح هذه النقطة.

إن لم يكن التقدم نحو الحقيقة هو نتيجة متوقعة نسبياً لعملية التساؤل، فلا يمكن توقع أن يطور المشاركين في مجتمع التساؤل عقلاً متسائلاً (لأن هذه العادة لا تعتبر مثمرة)؛ أو أن يتمكنوا من رؤية المعقّد في ما هو بسيط نسبيًا (وهذا لعدم وجود تركيز أو تقدم كافي لإنتاج صورة أكمل/أكثر تعقيدًا للمسألة تحت قيد التساؤل)؛ أو يتعلموا الاحترام العميق للآخرين كمساهمين محتملين في منتج ذو قيمة عالية وهي الحقيقة (لأن الحقيقة ليست هي المنتج)؛ أو أن يكوّنوا القدرة على التصحيح الذاتي في ضوء ادّعاءات أكمل للحقيقة (لأنه لا يوجد تقدم نحو الحقيقة)؛ أو أن يصبح لديهم فهم واثق من أن السعي وراء الحقيقة يتطلب الصبر والمثابرة معًا (الذي من الواضح أنه لا يمكن تطويره إلا من خلال السعي المتكرر للحقيقة)؛ أو يصبح لديهم تقدير لصعوبة التفكير المنطقي (لأن المهمة الصعبة وهي التقدم نحو الحقيقة لا تمارَس وتختبَر)؛ أو أن يخلق لديهم ذلك الشعور المميز بالاستقامة حيث يوازن المرء بين الاستماع المتعاطف وبين الدعم الشجاع لوجهة نظره الشخصية (وهذا يعتمد في النهاية على تقدير عميق لأهمية الحقيقة الأساسية).

في كتابه “الفلسفة تذهب إلى المدرسة”، كتب “ماثيو ليبمان” عن أهمية التقدم نحو الحقيقة، على الرغم من أن كتاباته غنية للغاية بالبصائر، لا سيما فيما يتعلق بعمليات وإجراءات التساؤل، وأخشى أن تعليقاته فيما يتعلق بالأهمية الحقيقة كـ “مثال تنظيمي” غالباً ما يتم تجاهلها. “مات” يكتب:

عندما يتحول الفصل إلى مجتمع التساؤل، فإنه يقبل انضباط المنطق والمنهج العلمي؛ فيقوم الطلاب بالاستماع لبعضهم البعض والتعلم من بعضهم البعض، وأن يبنوا على آراء بعضهم البعض ويحترموا وجهات نظر بعضهم البعض، ومع ذلك يطالبون بتبرير الادعاءات بالأدلة والأسباب. بمجرد أن يعمل الفصل ككل وفقاً لهذه الإجراءات، يصبح من الممكن لكل عضو استيعاب ممارسات وإجراءات الآخرين، بحيث يتعلم الفرد تصحيح أفكاره بذاته وتتحرك هذه الأفكار في اتجاه الحياد والموضوعية. في نفس الوقت، يستوعب كل عضو موقف المجموعة تجاه مشروعها وإجراءاتها، وهذا يترجم إلى رعاية أدوات وآلات التساؤل وكذلك احترام الأفكار (مثل الحقيقة) التي تخدم كلاً من تحفيز العملية وتنظيمها. 2

المشكلة: المبالغة في تقدير دور التيسير

غالبًا ما يكون لدى المبتدئين في ممارسة التساؤل التعاوني – Co-operative Inquiry – انطباع بأن النجاح يعتمد إلى حد كبير على “التيسير” لعدة أسباب.

1. يؤكد كل من الباحثون ومرشدو المعلمين على خطر “الإفراط في التدخل”.

يُنصح الميسرون المبتدئون بأنه إذا كان هذا تساؤلًا حقيقيًا، فيجب أن يكون المشاركون قادرين على “متابعة التساؤل أينما يؤدي” “بدلاً من إجبار الأطفال على الاستمرار في المهمة، … المحادثة (يجب أن تكون) مرنة بما فيه الكفاية لمتابعة اهتمامات الطلاب …، “5 وهكذا. هناك شعور بأن كل هذه الرسائل مهمة، لا سيما عند محاولة نشر ممارسة التساؤل المجتمعي في واقع الجو التعليمي السلطوي الممارس الآن. ومع ذلك، هناك أيضًا شعور بأن مثل هذه التعليقات قد تكون مضللة للغاية. إن مثل هذه التحذيرات تنقل الانطباع – في كثير من الأحيان عن غير قصد – بأن التخلي عن مقاليد السلطة في حد ذاته يكفي لخلق بيئة يزدهر فيها التساؤل.

2. يؤكد كل من الأبحاث ومرشدو المعلمين على البراعة الفلسفية الطبيعية للطلاب.

ومن المثير للاهتمام، أن اسم “الفلسفة للأطفال” نفسه قد يوحي للكثيرين بأن الأطفال هم فلاسفة طبيعيون وأنهم، بالنظر إلى بيئة غير مقيدة وبمراقبة جودة التفكير وحدها، سيشتركون في تساؤل فلسفي حقيقي. كذلك، في محاولتهم تعزيز ثقة الميسرين المبتدئين فيما يتعلق بقدرتهم على التعامل مع الفلسفة بكفاءة في الفصل، وربما أيضًا في جهودهم لتعزيز احترام الطلاب الذي يعد شرطًا أساسيًا مهمًا لمجتمع ناجح، يحمل مرشدو المعلمين في بعض الأحيان أفكار مثالية للقدرة الفلسفية “الطبيعية” عند الأطفال. هذا الاعتقاد في قدرة الأطفال الفلسفية الطبيعية التي تحدث دون مساعدة، يعززه تعليقات مثل تلك التي أدلى بها “ليبمان” في كتابه “الفلسفة في الفصل المدرسي” أنه “في ظل ظروف مناسبة، في غرفة مليئة بالأطفال سيهجمون على فكرة ما بطريقة مشابهة لهجوم مجموعة من القطط الصغيرة على كرة غزل تم إلقاؤها في اتجاههم. وسوف يركل الأطفال الفكرة يمينًا ويسارًا حتى يتم تطويرها، بل يتم شرحها، وحتى في بعض الحالات يتم تطبيقها على مواقف الحياة ~ 6 (على الرغم من أنه يمضي إلى القول إن الأخير يتطلب عادة توجيه المعلم) 7

3. النمذجة

شدّد دعاة الفلسفة للأطفال مراراً وتكراراً بشكل خاص ومجتمع التساؤل بشكل عام على اعتقاد “جون ديوي” بأنه يجب على المدرّسين المتدربين أن يتعلموا هم أيضاً بنفس الطريقة التي يعلّمون بها  في الفصل، وبالرغم من وجود قدر كبير من الجدارة في هذه الفلسفة إلا أنها تحمل تناقضاً ظاهرياً كونها تشدد على أن التعليم التوجيهي لا يعمل، لذا أصبحت النمذجة طريقة مميزة يفترض أن تنتقل بها هذه الممارسة الشديدة في الحساسية من الميسر  للمعلم، ومع ذلك فإن الاعتماد على النمذجة كما هو الحال مع الكثير من الخبراء، يشكل مشكلة حيث أن التقنيات التي يستخدمها الميسرون المتميزون غالباً ما تكون غير مرئية بالنسبة للمراقب، حيث تبدوا عملية التساؤل وكأنها تسير وفقاً لقوتها الخاصة وأن الميسر لا يقوم بشيء سوى عمل شرطي مرور، نظراً لأن النمذجة تحجب التعقيدات وخاصّة الفروق الفلسفية التي يستخدمها الخبراء لضمان مجتمع تساؤل ناجح. فإن طريقة “النمذجة” هذه تعزز الاعتقاد بأن “تيسير” الحوار الجماعي وحده (وإن تمت ترقيته باهتمام دقيق بجودة التفكير) سينتج مجتمع تساؤل ديناميكي ومسبق ومصحح ذاتياً.

4. الاختصار والاختزال

بسبب حماسهم لهذا البرنامج المتميز وفوائده الغير محصورة والتي نحتاجها بشدة في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى قبولهم العملي لحقيقة أن هناك القليل جدًا من التمويل التعليمي المتوفر للبرامج الجديدة، وقلة الوقت وضعف الميل للمخاطرة من جانب المعلمين التقليديين، بجانب جوعهم الشرير للحلول “السريعة” لعلاج أمراض التعليم المتصاعدة، فقد اندفع دعاة الفلسفة للأطفال بشكل خاص وممارسي التساؤل المجتمعي بشكل عام لتشجيع البرنامج التدريبي المختصر “القصير” للمعلمين (مثل الشبكة الوطنية للانتشار (National Diffusion network) التي تعتمد على النمذجة لمدة أيام فقط). لأنه لا يمكن رعاية الحدس الفلسفي الدقيق في فترة زمنية قصيرة ولكن يمكن رعاية مهارات التيسير للمجموعات، وتستخدم النمذجة في هذه الجلسات القصيرة لتزيد من ميل المعلمين في التركيز على اكتساب مهارات التيسير وحدها.

5. أسئلة وتعليقات “معلّبة”

أخيرًا ولكن كما أخشى ليس آخراً، فإن الأسئلة والتعليقات “الروجريان” (Rogerian)، يقدمها المؤيدين كوسيلة مساعدة لتيسير الحوار الجماعي على الرغم من تحذيراتهم فيما يتعلق بخطر توظيفها ولكنها قد تزيد من الاعتقاد بأنه إذا استطاع الميسر أن يطيل من المحادثة بأسئلة مثل “ما هي الأسباب التي لديك لقول ذلك؟” أو “هل يمكنك توضيح هذه الملاحظة؟” أو تعليقًا مثل “يبدو أنك تقول ذلك …” أو “حسنًا، من وجهة نظرك …”، ستكون النتيجة مجتمع تساؤل ناجح. دون اللجوء إلى مقياس مستقل للنجاح، وهو التقدم نحو الحقيقة حول شيء ما، فإن العديد من “الميسرين” المبتدئين سيصدقون أنه إذا كانت المحادثة قد احتلت الوقت المخصص وإذا كان معظم الطلاب إن لم يكن جميعهم قد شاركوا، فإن النتيجة هي ما تتطلبها الفلسفة للأطفال ومجتمع التساؤل.

التيسير وحده نادراً ما يقدمنا نحو “الحقيقة”

إذا كان جميع المشاركين في الحوار أو معظمهم فلاسفة متمرسين فقد يكون التيسير وحده كافياً لضمان التقدم نحو الحقيقة، حيث أن مهنة الفلاسفة على أية حال هي متابعة الحقيقة. أما من ليس لديهم مثل هذا التمكين الفلسفي من غير الفلاسفة فلا يوجد لديهم سبب وجيه ليعتقدوا بأن قُبلةً من التيسير سترفعهم من نقطة الصفر. إذا كان هذا هو الحال وكان الميل الفلسفي يحتاج إلى حوار جماعي فقط من أجل الازدهار، فإن ما نحاول استيراده إلى الفصل من خلال الفلسفة للأطفال سيحدث بالتأكيد بشكل متكرر خارج قاعة الدراسة: في الملعب، على سبيل المثال، أو في صالة المعلمين؛ وفي الكثير من تفاعلنا اليومي في الواقع. ومرة أخرى، إذا كان صحيحًا أن القدرة على التفكير الفلسفي لا تنتشر بشكل واسع لتتضح إلا في منتدى الحوار الجماعي، فمن المؤكد أن أولئك الذين سيكونون أكثر كفاءة في تدريس الفلسفة للأطفال وتدريس المعلمين كيفية تدريس الفلسفة للأطفال لن يكونوا حاملي شهادة الدكتوراه في الفلسفة – والذي هو مؤهل ضروري وفقًا للخبراء – بل أولئك الذين حصلوا على شهادة ركزت على مهارات الاتصال. في الواقع، كون الحصول على النزعة الفلسفية والحدس والبصيرة بهذه السهولة، يجعل المرء يتساءل عن سبب كون الحصول على الدكتوراه في الفلسفة عملية طويلة وشاقة.

التيسير وحده لا يكفي فترك الحوار لـ “يأخذ مساره” لن يخلق مجتمع تساؤل لسبب محدد وهو أنه بدون تدخل صريح من الميسر، نادراً ما يتبع الحوار “مساراً”، وبدون “الاتجاه الفلسفي” من المؤكد أن الحوار لن ​​يتبع “مسارًا فلسفيًا”. قد يكون صحيحًا تمامًا أن الخطوة الأولى في إدخال المعلمين التقليديين بنجاح في ممارسة فلسفة الأطفال هي إقناعهم بـ “التخلي عن مقاليد السلطة التقليدية”. ومع ذلك، يجب أن تكون الخطوة التالية هي مساعدتهم على إنشاء مجموعة جديدة من المقاليد؛ تلك التي ستساعدهم للانقضاض على موضوع فلسفي عند ظهوره (على عكس ترك الأمر للمشاركين)؛ من شأن ذلك أن يساعدهم في الحفاظ على الاتجاه على الرغم من الاستطراد المتكرر (بدلاً من ترك الأمور لتشكيل نفسها) ويساعد في منحهم المثابرة والبصيرة للدفع نحو الحقيقة – الهدف النهائي للمسعى. التيسير صعب، وهو أحيانًا عمل شاق. أكثر من أي شيء آخر، حقيقة أن هذه الممارسة مرهقة في كثير من الأحيان تشهد على الادعاء بأنها ليست مجرد عملية تخلي، فمن ناحية أخرى، إن حقيقة أن هذه الممارسة مبهجة دائمًا عند تنفيذها بنجاح لأنها تشهد على القوة المعززة لهدفها: خطوة أقرب إلى الحقيقة.

حل للمشكلة: يجب أن يضاف إلى التيسير عمق، حساسية فلسفية ومثابرة

إذا كان المعلمون سيصبحون خبراء في قيادة مجتمع التساؤل فإنهم يحتاجون، بصرف النظر عن تعلم “فن” التيسير، إلى:

1. تدريب محدد على الدفع إلى العمق في الحوار، 2. المساعدة في التناغم مع الموضوعات المثمرة فلسفياً و3. تشجيع الحفاظ على التركيز بالرغم من الاستطرادات المتكررة التي تنتج حتماً في هذا النوع من الحوار (الطلاب الذين ينتظرون دورهم للتحدث، يعودون إلى نقاط قد تكون غير ذات صلة).

1. الدفع نحو العمق

يجب تشجيع الميسر على الدفع لمزيد من التفكير المتعمّق من جانب طلابه، بصرف النظر عن الحصول على التعليقات والتوضيح والتبرير، حيث أن الميسر يحتاج إلى المثابرة في ضمان أن الطلاب لا يقومون فقط بتبرير إجاباتهم بل بتبرير تبريراتهم كذلك، أي أن يكونوا مستعدين للتعبير أو على الأقل محاولة التعبير عن الفكرة وراء تعليقاتهم. إن أسئلة الميسر التي “تدفع” نحو العمق تشبه الأسئلة التي “تعزز” التفكير الجيد، على الرغم من أنها أكثر شمولية و”عمق”. يمكن التفكير في الأمر من خلال سؤال “لماذا” للمرة الثانية. وهكذا، على سبيل المثال، في حوار في الفصل حول سؤال “لماذا يقول الناس أشياء سلبية عن الآخرين؟” (الذي يتعلق بالحادث الذي قالت فيه “غوس” لـ “كيو” إن عملها كان أفضل) كانت الإجابات: غوس غيورة؛ غوس فخورة؛ كان هذا وضع “المقاومة”؛ غوس تريد أن تكون الأفضل، غوس تريد أن تتعالى، غوس تريد دفع كيو، ربما لأنها أصغر أو ربما لأنها أكبر سناً، وهكذا. هذه كلها إجابات معقولة على المستوى الأول من “لماذا”. ومع ذلك، فإن “لماذا” أو سلسلة من السؤال “لماذا” لهذه الإجابات كان من شأنها أن تساعد الحوار على الانتقال إلى مستوى أعمق: لماذا نقول أشياء سلبية عندما نتباهى؟ لماذا نحتاج للتباهي؟ هل نستفيد منه؟ هل قول الأشياء السلبية يجعلنا نشعر بالتحسن؟ إذا كان الأمر كذلك، لماذا يجعلنا نشعر بالراحة؟ إذا كان لا يجعلنا نشعر بالراحة، فلماذا نفعله؟ قال أحد الطلاب، على سبيل المثال، إن قول الأشياء السلبية لا يعمل على أي حال – لأن قول غوس إن عملها أفضل لا يعني أن كيو ستؤمن بأن عملها أفضل. يبدو هذا التعليق واضحًا بما يكفي للوقوف بمفرده؛ من ناحية أخرى، فإنه يؤدي إلى السؤال المحير حول سبب قيامنا بهذه الأشياء عندما يفترض أننا نعرف جيدًا أنها لن تنجح. ربما أدت سلسلة من الأسئلة المتابعة إلى حوار فلسفي مخترق حقًا. إذا لم تصدق غوس أنها ستقنع كيو بأن عملها كان أفضل، فلماذا قالت هذه الملاحظة؟ ما المراد من فعلها؟ هل تعتقد أنها نجحت في هدفها؟ هل تعتقد أنه جعلها تشعر بالراحة؟ هل كان هناك شيء آخر يمكنها فعله من الممكن أن يكون أكثر نجاحًا في جعلها تشعر بالراحة – إذا كانت تشعر بالغيرة، أو تحاول التباهي، وما إلى ذلك؟

إذا ظن الطلاب أنهم يستطيعون قول ما يحدث في رؤوسهم دون الحاجة إلى إظهار مدى أهميته أو علاقته بالموضوع قيد الحوار، ودون الحاجة إلى الانخراط في التحليل المفاهيمي أو إلى دعم ادعاءاتهم بالملائمة أو الأسباب، فإنهم قد يميلون إلى قول أي شيء يأتي في رؤوسهم، وذلك قد يكون مملاً للغاية ولا يستحق الاستماع إليه! لكن إذا كان الطلاب سيتعلمون أن الاستماع إلى بعضهم البعض مفيد فيجب على الميسر التأكد من أن ما يقوله الطلاب يستحق السمع. حقيقة أن كل شخص لديه ما يستحق الاستماع إليه لا يعني أن كل ما يقوله أحدهم يستحق السمع. بالعكس تماماً فإن لم يتم التفكير كثيراً فيما يقال لن تكون هناك فائدة كبيرة من إضاعة الوقت والجهد في الاستماع بجدية ومحاولة تحليل المحتوى. وحقيقة أن قدراً كبيراً مما يقوله الناس (بما في ذلك ما لديهم من حوار داخلي) يكون دون الكثير من التفكير هي السبب وراء أهمية برامج مثل الفلسفة للأطفال P4C، أي أن مثل هذه البرامج نأمل أن تحفز الطلاب على التفكير. هذه هي وظيفة الميسر إذاً: أن يكون صارماً في الإصرار على استعداد الطلاب لتوضيح عملية التفكير وراء ما يقولون، فعندما يدركون أن هذه هي البيئة التي يتحدثون فيها سيكونون أكثر استعدادًا للقيام ببعض التفكير قبل أن يفتحوا أفواههم ويعني ذلك أن ما سيخرج منها يستحق الاستماع إليه.

بعد أن قلت إن الميسر يجب أن يكون صارماً في ضمان جودة وأهمية وثبات الفكرة (أو إدراك غياب كل ذلك) مع أفكار الآخرين ومع الموضوع قيد الحوار، ويجب على الميسر أيضًا تهيئة بيئة خالية “نسبيًا” من المخاطر، إذا كان الطلاب يعتقدون أنهم “سيُصلبون” أو يسخر منهم أو يشعرون بالحرج إذا لم يكونوا قادرين على التفكير الجيد الذي لم يتمكنوا من فعله بعد في الواقع، فقد يترددون في التحدث في الفصل على الإطلاق وحينئذ سوف تتوقف العملية بالكامل، لذلك يحتاج الميسر إلى أن يكون رحيماً فيما يتعلق بجودة ما يقال بالفعل بينما يكون صارماً فيما يتعلق بمحاولة التعمق.

هذا العمل جاد وترحّب جميع المحاولات الجادة للوصول لحل هذه المشكلة – بغض النظر عن جرأتها الظاهرة، بينما مجرد الدخول من أجل الانضمام إلى “الثرثرة” غير مرحّب به، الهدف من هذا التمرين ليس أن يجد الطلاب أصواتهم الصامتة؛ إنما الهدف هو دفعهم للتعمق في التفكير لأجل التقدم نحو الحقيقة، وأسهل طريقة يمكن للميسر فيها أن ينشئ بيئة تثير عمق التفكير هي “أن يقفز الميسر في بيئة التساؤل معهم”، حيث يُطرح فيها سؤال حتى الميسر نفسه لا يعرف إجابته (وهذا أحد الأسباب التي تجعل المواضيع الفلسفية مثمرة بشكل خاص باعتبارها تركز على مجتمع التساؤل) ولكنه سؤال يمكنه أن يبدأ استكشافًا رائعًا والذي يكون الميسر مستعدًا لقيادته ونظرًا لأن هذا الاستكشاف مهم فعلى الميسر كقائد للفريق أن يحصل على أفضل النتائج من كل عضو في الفريق بشكل فردي وجماعي.

2. الموضوع الفلسفي

يكتب “رون ريد” في مقاله “حول فن وحرفة الحوار“، وأن “الجهل العلمي” كما أطلق عليه “ألفريد نورث وايتهيد” يعد ضرورياً في عملية التساؤل. إذا كان تراكم المعلومات شيئاً يستحق المدح في الفصل التقليدي فيجب على مجتمع التساؤل أن يحتفل بجهله، فإدراك أن هناك شيئًا لا نعرفه وأن هناك شيئًا مهمًا يجب اكتسابه من خلال هذه العملية هو ما يعطي وجوداً لمجتمع التساؤل.

تبرر هذه الحاجة إلى “الجهل العلمي” أكثر من أي شيء آخر السبب في إدراج الفلسفة في المناهج الدراسية المكتظة بالفعل، حيث أن لدى المعلم في كل مادة أخرى تقريبًا معلومات يجب أن تصل وتعبر للطالب، فلدى المعلم سلطة حتى لو حاول استخدام طريقة مجتمع التساؤل ضمن حدود مادة أخرى، فقد تتم إعادة صياغة الأسئلة بحيث يكون من الضروري وجود فلسفة إذا كان المجتمع يهدف إلى توليد حماس حقيقي للتساؤل. تميل الأسئلة غير الفلسفية إلى الحصول على إجابات نهائية لا يمكن تحديدها من خلال الحوار وحده فسينتج عن الحوار حول هذه الأنواع من الأسئلة غير الفلسفية سلسلة من التخمينات التي قد تكون أو لا تكون مثمرة، وتتطلب عادة متابعة مع تحقيق تجريبي أو اكتساب معرفة ملموسة إذا كان التقدم نحو الحقيقة هو الهدف. يجب أن يتم استخدام مجتمع التساؤل كذلك عند التركيز على القضايا الغير فلسفية بحذر شديد لأنه قد يؤدي إلى الاستياء من الطريقة بدلاً من إثارة الاهتمام فإذا كانت الإجابة لدى المعلم بالفعل لماذا يجب أن يضيع الطلاب وقتهم في التساؤل عن شيء يعرفه المعلم بالفعل وكان بإمكانه أن يعلمهم إياه بجهد قليل؟

التركيز الفلسفي يعتبر فريداً من نوعه بسبب السهولة التي يمكن بها خلق جو من “الجهل العلمي” عند الجميع، وبالتالي فالتميز هو تركيز يولد البحث الحقيقي الذي يمكن أن يمثله الميسر بحماس وبصورة أصيلة، ولذلك يجب تدريب ومساعدة الميسرين الذين ليس لديهم خبرة في الفلسفة على وجه التحديد، أي خارج مجال النمذجة لتمييز الأسئلة المثمرة فلسفياً عن تلك التي ليست كذلك. سؤال مثل “لماذا قال’ اسكت’؟” على سبيل المثال سيكون ذو قيمة ضئيلة كنقطة محورية للتساؤل إذا بقي على المستوى النفسي التجريبي مع تخمينات مثل “ربما كان غضبان”، “ربما كان لديه ضغينة،” إلخ. هذه الأسئلة هي التي لا نستطيع الوصول لإجابتها إلا إذا تمكنا من الوصول إلى وقائع الحادثة، الثمار الحقيقية لهذه الأسئلة بدلاً من ذلك توجد في قاعدتها الفلسفية وتحديداً في تأملات مثل: لماذا يقول بعضنا أشياء سلبية لبعض أو ما هو الدور الذي يبدو أن “اصمت” تلعبه أثناء التواصل في مجتمع أمريكا الشمالية، إلخ. نظرًا لأن هذا هو السؤال الذي لا يعرف أحد إجابته بما في ذلك المعلم، ولكن بما أنه هو السؤال الذي سيحقق معه التساؤل الحواري المتعمق وبصيرة حقيقية فهو سؤال يشجع التفكير المتعمق بشكل فردي وجماعي.

تعد السهولة التي يستخدم بها العديد من المعلمين – والعديد من المهتمين بالرعاية – أساليب “التعاطف” لتعليم الصغار الدروس المهمة، سببًا آخر وراء حاجة الميسرين المبتدئين إلى المساعدة في الترويج للمنظور الفلسفي بدقة، في حوار حديث في الفصل حول “لماذا يسخر الناس من الآخرين”، سأل أحد الميسرين المبتدئين الطلاب الصغار عن شعورهم إذا سخر الآخرون منهم ويبدو أن هذا السؤال البريء الذي يحوي  “توجهاً نفسانياً” قد سلك طريق تساؤل فلسفي مثمر بعد أن طلب منهم التركيز على شعور الشخص الذي تمت السخرية منه، ستصل الرسالة بأن هذا السلوك خاطئ للأطفال بصوت عالٍ وواضح، وسيصل الافتراض أن هذه هي الحقيقة وأن هذه رسالة يحاول شخص مهم للغاية نقلها، لكن الأمر يحتاج أن يعترف طفل واثق من نفسه جداً ، حتى إلى نفسه، بأنه امتثل لمثل هذا السلوك في يومٍ ما. وهكذا فإن الحوار الذي تلى ذلك – كما بدا في هذه الحالة – دعم نوعًا من الخداع الذاتي البسيط: بأنه هناك دائمًا شخص آخر “لئيم” يشارك في مثل هذا السلوك (لسان حال المشارك أن هذا اللئيم هو شخص آخر وليس أنا)، الحقيقة بالطبع مختلفة جداً فعلى الأغلب أن كل الأطفال قد سخروا من طفل آخر في وقت من الأوقات ومع ذلك فهم يسيطرون على هذا النوع من السلوك باكتساب مهارة القدرة على ضبط النفس “المنطقي”، فعليهم حينها أن يعرفوا متى يشارك أشخاص مثلهم في سلوك مشابه ولماذا يفعلونه وإلى أي درجة يؤثر هذا النوع من السلوك في مفهوم “الحياة الجيدة”. قد يأخذ المنظور الفلسفي في الاعتبار نوع البصيرة المتعاطفة المكتسبة من خلال الأدوار العكسية المبتكرة؛ لكن لكي يكون المنظور مؤهلاً فلسفياً يجب أن يكون له اتساع وعمق بحيث يكون قادرًا على زيارة جميع جوانب القضية بصدق وإدراك الروابط بالأهداف والاهتمامات والتداعيات طويلة المدى. فالفيلسوف بعد كلٍ هو محب للحكمة، ومن ثم فإن كونه جديراً بالاسم فلا يمكن أن تكون رؤيته ضيقة ولا قصيرة المدى. السلوك الجيد الذي يعتمد على تحديد الهوية العاطفية ليس هو الهدف هنا (وهو أمر لا يمكن التنبؤ به على أية حال)، بينما الهدف هو الحكم الجيد بناءً على الحد الأقصى من المدخلات المنطقية.

3. إيجاد الاتجاه والحفاظ عليه

التغيير الكامل للموضوع في حد ذاته خطوة شرعية في عملية التساؤل فإذا كان الموضوع الأول غير مثمر بشكلٍ جيد وظهر موضوع أكثر إثارةً للاهتمام فيجب أن يشعر المجتمع بالحرية لاتباع هذا الاتجاه الجديد. ولكن كما سبق التأكيد فهناك خطر إذا حدث هذا كثيرًا ويجب على المشاركين في مجتمع التساؤل أن يعتقدوا بأن عملية التساؤل مثمرة وأن نتيجتها هي محصولها بالإضافة إلى كونها ممتعة بحد ذاتها، يمكن فهم هذه النقطة بشكل أفضل على خلفية صورة فلسفية أكبر فمن خلال العملية نفسها سوف يتعلم الصغار الاستماع إلى وجهات نظر الآخرين، وتصحيح الذات في ضوء الأدلة التعويضية، والتمتع بالتأثير التحرري لتجربة أفكار جديدة، وسوف يتعلمون أنه من المهم تبرير الآراء، أن يتم تقديم الأسباب لممارسة أي عمل مقترح و أنه ليست كل الأسباب مقبولة، إلخ. ومع ذلك، يجب أن يذهب الحوار إلى مكانٍ ما، حيث يجب أن يكون في اتجاه الحقيقة. لكي يتمكن مجتمع التساؤل من انتاج شيءٍ ما بنجاح، فمن مهام الميسر التركيز على مسألة فلسفية واحدة إما بشكل صريح أو تلك الواردة ضمنياً في السؤال الأصلي.

أفضل طريقة للتركيز على موضوع مثمر والحفاظ عليه لمن لا يملك خبرة فلسفية هو إجراء حوار في اليوم الذي يلي قراءة القصة واختيار سؤال، وبهذه الطريقة قبل بدء أي حوار يكون لدى الميسر وقت كافي للتفكير في الألغاز الفلسفية المتضمنة في السؤال الذي تم اختياره وبذلك يمكنه أن يكوّن “فكرة توجيهية” يمكن من خلالها مراقبة ردوده الخاصة (على سبيل المثال “ورقة التركيز” – انظر أدنى). مع ذلك فعلى الميسر أن يضع في اعتباره أن “الأفكار التوجيهية” خطرة لسببين أولهما أنها قد تدفع الميسر إلى “التحكم” في اتجاه الحوار من البداية ومن ثم يسرق الحوار من المشاركين وهذه المناورات المستمرة تدفع المشاركين في الحوار للشعور بأنه تم التلاعب بهم من خلال أجندة خفية وتكسر اعتقادهم بأنه يمكنهم مع بعض الصبر أن يتبعوا الحقيقة بأنفسهم دون ميسر، وهذا بدوره سيوقف نوعاً من أنواع الثقة في النفس الذي يعد ضرورياً لينقل خارج الفصل. الخطر الثاني يتمثل في صياغة “الأفكار توجيهية” هو أنه قد يعمي الميسر عن الألغاز الفلسفية الأخرى المتضمنة في السؤال، وهو بديل ربما يكوّن مثمراً أكثر وذو صلة بالموضوع، كل ذلك يعني أن تيسير مجتمع التساؤل هو فن حقيقي، إذا كان الميسر يستطيع أن يتذكر أن التقدم نحو الحقيقة هو الهدف ولكنه هدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال جهود المشاركين فسيكون قادراً على تيسير مجريات الحقيقة عن طريق مراعاة قدرة المشاركين على اتباع الحقيقة بينما يسمح للحوار بأن يكون “مرناً” بشكل كبير من خلال مراعاة استقلاليتهم، على افتراض أن مغزى القصة هو أن يشعر الميسر بمصدر دائم للتوتر نتيجة للانسحاب المستمر ما بين “الحقيقة” و بين “استقلالية المشاركين”.

ورقة التركيز للمعلمين

الاسم:

الصف:

التاريخ:

المصدر:

السؤال الذي تم اختياره:

أسئلة فلسفية مرتبطة محتملة: (تُملأ قبل الحوار)

التركيز الفعلي للتساؤل الفلسفي:

ما تعلمناه:

متابعة:

ما تعلمناه من المتابعة:

الخاتمة

إذا كان مجتمع التساؤل ناجحًا في كل أهدافه، الهدف الرئيسي المتمثل في التحرك صوب الحقيقة والأهداف الجانبية المتمثلة في تعزيز التفكير الجيد وتطوير القيم الجيدة فسيتطلب ذلك توجيهًا حازمًا من جهة ميسر متيقظ على الدوام يحافظ على الاتجاه ويفرض العمق بالنسبة إلى الحقيقة الفلسفية التي يشير إليها التساؤل. بعد قدر كبير من الممارسة في تيسير الحوارات من أجل زيادة استقلالية الطالب إلى الحد الأقصى، سيحتاج الميسرون المبتدئون إلى المساعدة في فن التقاط قيود اتجاه الحديث مرة أخرى؛ ليس من أجل تعليم الحقيقة التي هي في أية حال مجهولة للميسر وللمشاركين سويًا ولكن من أجل ضمان التقدم نحو الهدف الذي يجعل المسعى جديراً بالاهتمام في نهاية المطاف.

يجب أن يعتبر الميسر المبتدئ دومًا أن هدفه على المدى الطويل هو أن يكون أكثر من مجرد مُيسِّر فيجب أن يكون أيضًا نموذجًا في شغفه للبحث عن الحقيقة وديكتاتورًا في مطالبه بالتفوق في التفكير ومحفزاً فلسفياً في الثبات والتركيز على المواضيع المثمرة فلسفيًا؛ وقائداً في ضمان الحفاظ على اتجاه الحديث، إخبارنا للمبتدئين أن “التساؤل ليس مجرد محادثة” وأن “تيسير التساؤل هو عمل شاق” لا يعد خدمة بسيطة.

المراجع

1 See R. Reed’s “Inventing a Classroom Conversation,” in A.M. Sharp and R.F. Reed’s Studies in Philosophy for Children: Harry Stottlemeier’s Discovery. Philadelphia: Temple University Press, 1992, pp 158-164.

2 Matthew Lipman, Philosophy Goes to Schools, Philadelphia: Temple University Press, 1988, p 148.

3 A.M. Sharp, “A Letter to a Novice Teacher: Teaching Harry Stottlemeier’s Discovery,” in A.M. Sharp and R.F. Reed’s Studies in Philosophy for Children: Harry Stottlemeier’s Discovery, Philadelphia: Temple University Press, P 168.

4 A.T. Lardner and F.G. Moriyon, “Bringing Inquiry to the Schools: An Overall Framework

5 R. Reed, Op. Cit., p 163

6 M. Lipman, Philosophy in the Classroom, Philadelphia: Temple University Press, 1980, P 104. It must also be pointed out that, elsewhere, Lipman stresses the importance of teacher intervention. Thus, he says that “… it is the teacher who, at least in the classroom, can manipulate the environment in such a way as to enhance the possibility that the children will continually grow in philosophical awareness. It is the teacher who can elicit the themes in each of the chapters in the philosophical novels, who can point out themes the students in the classroom fail to identify, who can relate the themes to the children’s experience when they seem to be having trouble doing so on their …… Further it is the teacher who, through questioning, can introduce alternative views with the aim of always enlarging the student’s horizons, never letting complacency take precedence. In this sense, the teacher is gadfly, encouraging the students to take the initiative, building on what they manage to formulate, helping them question underlying assumptions of what they arrive at, and suggesting ways of arriving at more comprehensive answers. Ibid., p 83.

8 M. Lipman, Philosophy Goes to School, p 4.

9 I am reminded of a comment by a riding teacher that communication between an expert rider and a horse are virtually invisible to the onlooker. This no doubt contributes to the common misconception that riding is simply a matter of sitting on a horse.

10 Lipman specifically says that “In order to be successful, the teacher must not only know philosophy, but know how to introduce this knowledge at the right time in a questioning, wondering way that supports the children in their own struggle for understanding.” Philosophy in the Classroom, p 83.

11 In contrast to the 2 to 3 day workshops frequently offered, at the Vancouver Institute of Philosophy for Children, a minimum of 80 hours of teacher training and support throughout a period of one to two years is considered necessary for philosophical intuitions of non-philosopher novices to be sufficiently finely tuned to be able to consistently conduct optimal Communities of Inquiry.

12 “Children will quickly catch on to the fact that a teacher is using a prepared set of questions, and to canned questions they will soon begin to provide canned answers.” Ibid., p 125.

15 As is evident in the superb Communities of Inquiry that emerge amongst professionally trained philosophers at IAPC workshops.

16 Lardner and Monyon, Op Cit.

17 Which shows how important it is for focus to be maintained on one specific topic (point no 3).

18 Again this reinforces the importance of maintaining a focus on one clear topic.

19 And I believe this to be a fact.

20 And the obvious exception that ‘seriously’ listening may seduce another into ‘really’ thinking about what she/he is saying.

21 This assumption is a great ‘leveller’ and automatically lowers the risk.

22 Being ‘team leader’ means that, in the name of the team’s pursuit of truth, the leader wants to ensure that s/he gets the best from all the participants. That is why the leader doggedly searches for the thought behind the comment; not because s/he is picking on any individual. And in any case, since s/he will be ‘picking’ on everyone, s/he will be perceived to be picking on no one.

23 R Reed, ‘The Art and Craft of Dialogue’, in A M Sharp’s and R F Reed’s Studies in Philosophy for Children, p150.

24 Suggesting that non-philosophers can, with sufficient preparation, be prepared to translate the questions offered by the students into philosophical themes at the time they are offered (as is done at IAPC and is suggested in many teacher-training manuals) is asking too much. As a matter of course, question picking and philosophical discussions should take place at different times so that teachers have an opportunity to reflect on the potential philosophical content of the question picked for discussion by the students. Routinely filling out ‘Focus Sheets’ can be helpful (see Appendix II). A useful enterprise is also to have teachers bring questions offered by students to a teacher Community of Inquiry and have the group suggest associated philosophical questions and discuss why they are fruitful (alongside of an ongoing discussion of what distinguishes a philosophical from a non-philosophical discussion). Teachers should also be encouraged to seek help from one another should they be confronted with a question that they think lacks philosophical potential.

25 This may, interestingly, turn out to be a helpful partial definition of a ‘philosophical question’.

26 Lipman points out in Philosophy in the Classroom, that ‘if (students) find that the teacher will put up with aimless discussion, they will continue to ramble on pointlessly until they get bored’.

27 This is in direct contradiction to Ron Reed’s claim that the Community of Inquiry must resemble the free flow of conversation rather than that of dialogue which requires that participants stay on task. Ron argues, in many ways convincingly, in favour of a conversation orientation as it is more sensitive to the interests of the students as well as the fact that it requires an active and continual involvement of the participants as opposed to the greater dependency that task-orientated dialogue requires. See R Reed, ‘Inventing a Classroom Conversation’, Op. Cit.

28 For example if the question is ‘why does Seth make fun of Elfie?’ related philosophical puzzles to which a facilitator might be alert are: What is the difference between making fun of someone and just being mean? What is the difference between making fun of someone and having fun with someone? Why do we call making fun of someone ‘making fun’? If the intent is to make people laugh at someone, why would we want others to laugh at someone?

حمّل مقالة “التساؤل ليس مجرد محادثة عادية – تيسير التساؤل هو عمل شاق!”