السمات المعرفية التي تعززها “الفلسفة للأطفال” ومحاسنها النفسية عند دمجها في التعليم الديني

ناستاسيا فان دير ستراتن وايليتا

إيزابيل روسكاما

سيسيل بوسوزب

معهد بحوث العلوم النفسية، الجامعة الكاثوليكية في لوفان، لوفان لا نوف، بلجيكا.

معهد الأديان والروحانيات والثقافات والمجتمعات، الجامعة الكاثوليكية في لوفان، لوفان لا نوف، بلجيكا.

 

Nastasya van der Straten Waillet, Isabelle Roskam & Cécile Possoz
(2014): On the epistemological features promoted by ‘Philosophy for Children’ and their psychological advantages when incorporated into RE, British Journal of Religious Education, DOI: 10.1080/ 01416200.2014.937795

 

جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن المؤلف وليست مسؤولية معهد بصيرة أو دار بصيرة للنشر أو أي جهات أخرى متصلة بها من الجهات والهيئات الثقافية التنظيمية أو المانحة وغيرها

ترجمة: نورة البلوشي.

تدقيق: ثناء عليان.

تحرير: منى عبد الله.

مراجعة: علوي السقاف.

  قدَّمت هذه المقالة النموذج المعرفي الذي تندرج فيه الفلسفة للأطفال (P4C) والمواقف الشخصية المعرفية (Personal Epistemological Positions) التي تُعزِّزها، وذلك لمعالجة المخاوف القائلة بأن الفلسفة للأطفال قد تحمل على النسبية لدى الأطفال (ٍRelativism). وبناءً على الاعتبارات النظرية والنتائج التجريبية فقد اتضح أن الفلسفة للأطفال لا تؤدي إلى المطلقية (Absolutism) أو النسبية (ٍRelativism) سواء في مقدماتها أم في المواقف الشخصية المعرفية للطلاب. عوضًا عن ذلك يرتبط منهج الفلسفة للأطفال بالبنائية الاجتماعية (Social Constructivism) والنموذج البراغماتي ويعزِّز الموقف التقويمي (Evaluativism). لاحقًا في المقالة ستُختبر أهمية حث الطلاب على التقويمية بدلاً من النسبية والمطلقية خلال دروس التعليم الديني وذلك عبر منظورٍ نفسي. وفي الخلاصة فإنه يجدر بنا دمج (الفلسفة للأطفال) في (التعليم الديني)

لأنها تعزِّز منظورًا تقويميًّا يصلح لحاجة المرء للغاية والتلاحم المجتمعي.

الكلمات المفتاحية: الفلسفة للأطفال – نظرية المعرفة – الاعتقادات – علم النفس.

مقدمة  

كُتبت هذه المقالة في سياق التفكير في إصلاح التعليم الديني في المجتمع الناطق بالفرنسية في بلجيكا[1]. وفي الآونة الأخيرة اقترح وزير التربية والتعليم إضفاء الطابع المؤسسي على إمكانية تنظيم أنشطة بين الطوائف تجمع التلاميذ من مختلف الطبقات الدينية من أجل الحوار ومناقشة المسائل الفلسفية ضمن أمور أخرى. في حين أنه لم يصرح بذلك بالخصوص، فإن الطريقة المقترحة قريبة من “مجتمع التساؤل” و”الفلسفة للأطفال” (P4C) حينما يشارك فيها اليافعون. (دانيال 1997، ليبمان 2003).

سبق العمل بالفلسفة للأطفال في التعليم الديني في بلدان عديدة، سواء بالمبادرات المحلية (Desrochers 2011) أم بالمناهج المعتمدة (على سبيل المثال Hannam 2012 أو Hampshire Agreed Syllabus ‘Living Difference – Revised 2011). غير أن كثيرًا مما كُتب يدلِّل على أن العمل بالفلسفة للأطفال في التعليم الديني يحمل تساؤلات مثل ما تحتاجه الفلسفة للأطفال حتى تساير التعليم الديني في أهدافه (Huggler 2009; Jorgensen 2009). يُخشى في بلجيكا أن منهجًا كهذا قد يدفع بالطلاب إلى النسبية، ويحرمهم الاهتداء بصراط واضح، ويضلَّهم في دنيا مليئة بالشك. ونحن جماعة علماء النفس التربويين لا نريد أن نحضَّ على حَيرة لا تنفع. يهتم علماء النفس بالعافية والصحة النفسية. فيعنينا في مقالتنا هذه أن نتفكَّر في نظرية المعرفة (الإبستمولوجيا) التي تعزِّزها الفلسفة للأطفال وأثرها النفسي، لذلك فإننا نقارب بين النموذج الإبستمولوجي في الفلسفة للأطفال وما يسميه علماء النفس نظرية المعرفة الشخصية (Personal Epistemology) (Hofer 2002) التي تتغير خلال منهج الفلسفة للأطفال. وختامًا سندرس كيف للتغير في نظرية المعرفة الشخصية أن يُعَدَّ حسنًا في الفلسفة للأطفال.

 

ما الفلسفة للأطفال؟

(الفلسفة للأطفال) نهج تعليمي بدأ في أواخر السبعينات على يد ماثيو ليبمان الذي استمد من تشارلز ساندرز بيرس وجون ديوي فكرة “مجتمع التساؤل” (ليبمان 2003، ليبمان، وشارب، وأوسكانيان 1980)

في كتاب (التفكير في التعليم) يوضح ليبمان (2003) كيف أن الممارسة الأكاديمية العادية (أو الكلاسيكية) تقوض فضول الأطفال الطبيعي. في المدارس العادية -وفقًا لليبمان- تُقَدِّم السلطات العالمة إجابات لا لبس فيها للأطفال غير المدركين الذين يُطلب منهم ببساطة ابتلاع المعلومات من أجل فهم العالم. يبدو العالم غير مبهم وغير غامض في هذا النموذج، لذا يفقد الأطفال فضولهم ورغبتهم في التعلم وإرادتهم في فهم العالم. يقترح ليبمان إعادة التفكير في الممارسة التعليمية وفقًا لنموذج التفكر الانعكاسي من أجل تجنب هذه النتائج. يرى الطلاب التعليم في هذا النموذج نتيجةً للبحث التعاوني في عالم لا يمكن معرفته إلا بغموض ودون اكتمال ودون تأكد. تخضع جميع المعلومات (حتى تلك المقدمة من السلطات) للتحقيق، لذلك على الأطفال تهذيب حكمهم وتفكيرهم الناقد لا ابتلاع المعلومات. ومن أجل تعزيز النموذج التفكري السالف الذكر سنَّ ليبمان منهجًا تربويًّا يعزِّز تفكير التلاميذ الناقد هو “مجتمع التساؤل” جنبًا إلى جنب مع التفكير الرعائي والإبداعي (انظر ليبمان 2003).

يطرح التلاميذ في هذا المنهج الأسئلة ويجيبون عنها عن طريق الاستقصاء التعاوني. يتشارك الطلاب الحديث في الصف، حيث يستمعون باحترام ويبنون أفكارهم متعاضدةً ويتحدى أحدهم الآخر لتعليل الأقوال التي لا تتبعها حجة، ويؤازر بعضهم بعضًا في الاستنباط والسعي في كشف الافتراضات التي لديهم. حوار كهذا لا يهدف إلى إيجاد إجماع أو التمييز بين المُصيب والمُخطئ، بل إن الهدف من (الفلسفة للأطفال) هو المضي قدمًا في معالجة السؤال الفلسفي، والتعاون في التساؤل بتشكيل فرضيات، واقتراح أسباب وجيهة ومحاولة فهمها، ومجابهة افتراضات المرء وغيره، وتصحيح المرء لنفسه، وهلمَّ جرًّا.

تبدأ منهجية الفلسفة للأطفال غالبًا ببعض المثيرات التي تحفِّز أسئلة عديدة حول أمر بعينه. قد يكون هذا المثير صورة أو مقالة من جريدة أو شهادة أو لوحة أو أغنية أو ما إلى ذلك، ووفقًا لطريقة ليبمان فإن المثير نص يتناوب المشاركون على قراءته ويتعلق بقضايا مثل العدالة والمؤسسات والحقيقة وما إلى ذلك.  ولا يُصَرَّح عادةً بالقضية الأساسية للمشاركين، بل يدفع المثير المشاركين إلى صياغة سؤال يرغبون في مناقشته، مثل: “لماذا نقول إن البشر متساوون؟” و”ما المؤسسة؟” و”كيف نعرف أن ما نعرفه صحيح؟” في طريقة كهذه يعمل المعلم على التيسير بدلًا من أن يكون شخصية ذات سلطة. يساعد المعلم الطلاب بسلوكه وأسئلته المفتوحة على التقدُّم واستيعاب إجراءات التساؤل، تتضمن أسئلة المعلم المفتوحة أسئلة مثل: “ماذا تقصد بـ …؟” و”هلا ضربت مثالًا” و”هل يتفق الجميع مع هذا؟” و”هل تعتقد أن ما تقوله مترابط منطقيًا مع ما قيل سابقًا؟ ” و”لقد سمعت ذلك الآن، فهل تريد تنقيح مداخلتك أو تغييرها؟” … إلخ.

النماذج المعرفية والفلسفة للأطفال:

‎الآن وقد قُدِّمت السمات الأساسية للفلسفة للأطفال، دعونا نفكر في النموذج المعرفي الذي تعزِّزه الفلسفة للأطفال. وللتذكير، فإن نظرية المعرفة (أي الإبستمولوجيا) هي ذلك الفرع من الفلسفة المعني بطبيعة المعرفة وإمكانياتها ونطاقها وأساسها العام (هوندرتش 1995, 245).

المطلقية:

‎تقدِّر الطريقة “التقليدية” للتعليم التدريس كونه انتقالًا للمعرفة الخارجية التي لا لبس فيها من المعلمين (الذين يَعْلَمُون) إلى التلاميذ (الذين لا يَعْلَمُون حتى الآن) (بليزبي 2011، ليبمان 2003). هذه الطريقة التقليدية مدمجة في الواقع في نموذج معرفي يمكن وصفه بالمطلقية أو الحكم المطلق (بليزبي 2011). تقول المطلقية بوجهة النظر القائلة بأنه يمكن معرفة الحقائق الكلية والأبدية عن الواقع معرفة صائبة دون أي دخل للسياق أو ذاتية العارف وذلك بأساليب المعرفة الموضوعية البحتة. لا تتوافق الفلسفة للأطفال في جوهرها مع الحكم المطلق لأنها تعزز التساؤل الدائم، والتصحيح الذاتي والحساسية للسياق (بليزبي 2011ليبمان 2003). لذا -وكما كشف غريغوري (2011,199)- فقد تلقَّى البرنامج انتقادات متداخلة ومتضاربة من التقليديين وأولئك الذين لا يريدون أن يستقصي الأطفال القيم التقليدية.

النسبية:

‎إن القول بأن الفلسفة للأطفال لا تتفق مع الحكم المطلق لا يعني أنها طريقة مستقرة في النسبية (بليزبي 2011). تشير النسبية في أضيق أشكالها الذاتية إلى الرأي القائل بأن الحقيقة دائمًا نسبية وتعتمد على الفرد وسياقه المكاني والزماني، لذلك فإن المعرفة بناء شخصي لا يمكن مقارنته بالمعايير الموضوعية وجميع الآراء صحيحة بالتساوي (بليزبي 2011). بالنظر إلى هذا التعريف، فإن الفلسفة للأطفال ليست جزءًا لا يتجزأ من النموذج النسبي أيضًا. في الواقع، إذا كانت جميع الآراء صحيحة ومقبولة، فلن تكون هناك حاجة للتفكير الناقد والحجج والتصحيح الذاتي وكل تلك المهارات التي تُمارس في الفلسفة للأطفال (بليزبي 2011، ليبمان 2003) يشير غريغوري في شرحه للأسس النظرية للفلسفة للأطفال (2004, 166) في الاقتباس التالي بوضوح إلى أن النموذج العملي الذي تندرج فيه (الفلسفة للأطفال) لا يشبه النسبية ولا الذاتية:

من المهم التمييز بين الطبيعية (naturalism) في النظرية الاجتماعية البراغماتية والذاتية (subjectivism)، إذ تقول الأخيرة أن القيم الشخصية والاجتماعية مجرد تفضيلات ذاتية. تشير الديمقراطية الاجتماعية إلى عملية (الذكاء التعاوني) إذ يُقَدِّم المشاركون آراءً شتى، ويحتجون لأقوالهم ويتوسعون فيها، ويستقصون الحقائق ذات الصلة، ويتوقعون النتائج المنطقية، ويجربون معًا ويتحقق بعضهم من نتائج بعض. تهدف مثل هذه الممارسات الاجتماعية إلى اتفاق منضبط بين الذوات ولكن دون إكراه، وهذا نوع من الموضوعية. […] هذه الأساليب لها ما يسوِّغها، ليس لأنها مشتقة من حدس الحقيقة، ولكن لأنها تطورت على مدى قرون من البحث البشري وأثبتت أنها أنجع من بدائلها لتحقيق أهداف التساؤل.

نموذج وسط :

‎في الواقع، لا يمكن وضع الفلسفة للأطفال في نموذج مطلق ولا في نموذج نسبي، ولا ينبغي النظر إلى هذين النموذجين على أنهما النموذجان المعرفيان الوحيدان (بليزبي 2011). إن مجتمع ليبمان للتساؤل بإشاراته المتكررة إلى جون ديوي وليف فيجوتسكي راسخ في النماذج الاجتماعية البنائية والبراغماتية، حتى لو لم يُوضَّح ذلك في عمل ليبمان بل في الأعمال اللاحقة لمؤلفين آخرين (انظر بليزبي 2011، دانيال 2005). وفقًا لدانيال (2005)، فإن (الفلسفة للأطفال) تشترك في العديد من المقدمات المعرفية مع نموذج بنائي اجتماعي (انظر دانيال 2005، روز وبوتنر 2009). بادئ ذي بدء، ليس من الممكن الوصول المباشر إلى الواقع، ومعرفتنا بهذا الواقع تُبنى على العارف وسياقه الاجتماعي والثقافي والزمني.

يمكن تحدِّي مصداقية معرفتنا بشكل بعقلاني عبر مواجهتها بالخبرة والسياقات والتفسيرات الأخرى. وعلى نفس المنوال، أظهر بليزبي (2011) كيف أن الفلسفة للأطفال تتماشى مع مبادئ ديوي المعرفية البراغماتية. يقول ديوي (1978) إن صحة القول (أي قيمته الحقيقية) ترتبط بمدى تحقق عواقبه العملية. والطريقة التي تتشكَّل بها الفرضيات والمشكلات ذاتية جزئيًّا لأنها مرتبطة بالاهتمامات الفردية. يجب مواجهة هذه الفرضيات والمشكلات بواقع خارج العقل (الخبرة والأدلة والسياقات الأخرى والأشخاص الآخرين وما إلى ذلك) لتُصَوَّب وتُصَحَّح (ديوي 1978، بليزبي 2011).

وهذا لا يعني أنه من الممكن عمل حكم “موضوعي” و”حقيقي”. وفقًا لديوي (1978) واستنادًا إلى المنهج العلمي، يجب دائمًا التعامل مع أي حكم على أنه مؤقت ما دام لم يُقَوَّض بالتجربة، ويجب أن يخضع باستمرار لتساؤلات ومراجعات جديدة. هذا ما يسميه الفلاسفة “اللا معصومية” (Fallibilism). ووفقًا لديڤيد وناديا كينيدي إن مجتمع التساؤل الفلسفي وهو منهج للمعرفة (غير معصوم) وهذا يعني أننا قد نكون مخطئين بشأن بعض الأشياء وأن المعرفة لا تُحاز حيازة كاملة ونهائية أبدًا، ولكنها عملية بناء وإعادة بناء مستمرين (كينيدي 2011, 207).

هذه المقدمات الاجتماعية البنائية والبراغماتية ليست مطلقة ولا نسبية، في الواقع: هم يُقِرُّون للنسبية بأن الحقيقة على هذا النحو لا يمكن الوصول إليها وأن المعرفة دائمًا ما تكون ذاتية أو ضمن سياق محدد. ومع ذلك -بخلاف النسبية- فإن الافتراض لا يعني أن أي رأي شخصي صحيح أو مقبول مثل أي رأي آخر. على نقيض ذلك، يجب مواجهة المقترحات بمعايير مختلفة ليست داخل الذهن، مما يمنع تعدد الآراء دون أي تمييز بينها. تجد الفلسفة للأطفال أفضل موقع لها في نظرية ذات أرضية وسطية للحقيقة تتوسط المطلقية والنسبية بتقديم إمكانية التعبير عن الآراء والفرضيات الذاتية للفرد وفي نفس الوقت مطالبة التلاميذ بوضع معايير لمقارنة القيمة النسبية للآراء البديلة (بليزبي 2011).

بل يمكن القول إن فرض الاختيار بين المطلقية والنسبية هو “[…] ثنائية خاطئة: أن نقول إما أننا نعرف على وجه اليقين وإما أننا لا نعرف على الإطلاق فقط لأننا نعلم ما يكفي لجعلنا متشككين ومتهكّمين ومترددين بشأن معتقداتنا- لا يعني أن لدينا أسبابًا للتوقف عن تصديقها” (غريغوري 2011, 208). بدلاً من ذلك، قد تتشابك المطلقية والنسبية في الفلسفة للأطفال في نوع من العلاقة الجدلية (كينيدي وكينيدي 2011, 275):

“[…] يبدو الصراع بين المبدئين التنظيميين غير قابل للتسوية. […] يتطلع أحدهما إلى ترتيب الحدود والتحكم فيها وتوضيحها بفرض منطق ثنائي للفئات المتداخلة الهرمية مع خطوط واضحة للإدراج والإقصاء، ويُصِرُّ الآخر على “تجمعات” ناشئة لا يمكن التنبؤ بها و”مجال معرفي غير هرمي ومتمحور، وعلى مبدأ التعددية مقابل مبدأ الوحدة، وعلى خلق مفاهيم غير محددة في مقابل استنساخ أو تكرار الأنماط الثابتة بصفتها أمرًا ضروريًّا للبصيرة. ومع ذلك، ففي الأداء الفعلي لـ (مجتمع التساؤل الفلسفي) يمكن رؤية كلا المبدئين على أنهما يعملان -ويلعبان معًا- في صراع جدلي أحيانًا، ومثل قطة تطارد ذيلها في أحيان أخرى.”

المواقف الشخصية المعرفية والفلسفة للأطفال:

لهذا التمييز المختصر في النظرية المعرفية بين الحكم المطلق والنسبية و”مزيج منهما” صدى مشابه بدرجة مذهلة في علم النفس، في مجال بحث يُدعى”نظرية المعرفة الشخصية” (هوفر وبنترتش 2002). في حين أن نظرية المعرفة هي “مجال الفلسفة الذي يهتم بطبيعة المعرفة الإنسانية وتسويغها” (هوفر وبنترتش1997, 88 )، فإن نظرية المعرفة الشخصية هي مجال البحث في علم النفس الذي يهتم بـ”كيف يرى الأفراد المعرفة والتعرُّف” (Hofer 2008).  لم يُظهر هذا الجزء من الأدبيات منذ نشأته في السبعينات (بيري 1970) اهتمامًا كبيرًا بنظرية المعرفة النظرية أو التأملية (ولكن انظر المزيد من الأعمال الحديثة مثل هارليز 2006 وبينديكسنوميوس). بدلًا من ذلك كانت أهداف الباحثين هي توصيف نظرية المعرفة الشخصية، وهي الطريقة التي ينظر بها الفرد إلى المعرفة والتعرُّف (هوفر 2008 هوفر وبنترتش 2002). من البيانات التجريبية التي حصلنا عليها عن طريق المقابلات الموسعة أو الاستبيانات الورقية ظهرت ثلاثة مواقف معرفية ذاتية:

المطلقي (ويسمى أيضًا الازدواجي أو الثنائي أو الموضوعي)، والنسبي (ويسمى أيضًا التعددي أو الذاتي) والتقويمي. انظر:

(Boyes and Chandler 1992; Gottlieb 2007; Hofer 2008; Hofer and Pintrich 2002; Kuhn, Cheney,

and Weinstock 2000; Kuhn and Weinstock 2002; Krettenauer 2005; Perry 1970)

المطلق والنسبي والتقويمي:

‎يعتقد الشخص في الموقف المطلق أن الواقع كيان موضوعي يُعرف مباشرة بوسائل موضوعية. يمكن أن تُعرف الحقيقة على هذا النحو، وعندما تحدث اختلافات في التأكيدات يجب أن يكون اللجوء إلى سلطة موضوعية كافيًا لتحديد الصواب والخطأ منها. في الموقف النسبي -خلافًا لذلك- يعتقد الشخص استحالة معرفة الواقع على وجه اليقين، والمعرفة دائمًا تمثيل سياقي وذاتي لواقع لا يمكن معرفته.

هذا يبيح تعدد الأقوال، ونتيجةً منطقية لذلك ينزلق الموقف النسبي إلى المنحدر الذي يكون فيه لكل شخص الحق في رؤيته لجميع الأقوال بالتساوي (كوهين 2009, 115) وهو موقف يعاني من نقص في التمييز بين الآراء، ولا يفرِّق بينها. في الموقف التقويمي يُنَسَّق البعد الموضوعي والذاتي للمعرفة، كما ما يزال الواقع عصيًّا على المعرفة التي لا تعدو كونها صنعًا بشريًّا. ومع ذلك يمكن الحكم على أقوال مختلفة بالمقارنة مع المعايير المتعلقة بها، ولذلك فإن قولين متباينين قد يكونان صحيحين، ولكن أحدهما يميل إلى أن يكون “أصح” من الآخر بما لديه من حجج. يؤكد بعض المؤلفين عند ذكر التقويمية أن الحجة والأدلة هي الأدوات التي تُمَكِّن من تقويم الأقوال (نايت وكولينز 2013، وانق وكوهين ولي 2011)، ويتحدث آخرون بإسهاب عن المعرفة المشتقة خارجيًّا (بلنيكي اي تي 1980) كما ورد في (هوفر 2008). إن الميزة المركزية للتقويمية هي حقيقة التقويم أكثر من كونها المعايير المختارة للتقويم كما عبَّر عنها كريتناور (2005, 186) الذي قال “إن الأفكار ووجهات النظر المختلفة يمكن تقويمها أو فحصها دون الميل إلى حقيقةٍ مطلقة، ومع ذلك فإن الاختيار بين أكثر من قول ليس مجرد هوى (أي ليس مجرد رأي وتفضيل شخصي فحسب) بل هو تفضيل مؤسَّس على ما يمكن مناقشته. يمكن لفرد واحد أن يختص بمجموعة من المواقف اعتمادًا على مجال المعرفة قيد الدراسة” (مثل: العلم والأخلاق والتاريخ وما إلى ذلك) (انظر كوهين وتشيني ووسنستوك 2000 وميوس وبيندكسن وهايرلي 2006).

الفلسفة للأطفال والتقويمية:

ربط جمهورٌ من الباحثين مؤخرًا بين الفلسفة للأطفال والمواقف الشخصية المعرفية (نايت وكولينز 2013، غاغنون 2011 ومير 2010، الفلسفة للأطفال) جريًا على الرأي القائل بأن الفلسفة للأطفال تقع ضمن نموذج معرفي لا يتعلق بالحكم المطلق ولا بالنسبية، بل بمزيج من كليهما (بليزبي 2011).

كما أوضح (غاغنون 2011, 270) فإن جوهر الفلسفة للأطفال (مجتمع التساؤل) يتمحور حول إشراك الطلاب في حوار وليس مجرد المحادثة أو النقاش، ويهدف إلى الاعتراف بحتمية الشك، وعَدِّ تعدد الآراء ثراءً بالمعرفة الممكنة، وتعلم تسويغ قول المرء والفحص النقدي لوجهات النظر المختلفة، كما يهدف إلى تقويم صحة الأقوال، والمشاركة في خلق المعنى مع الأقران. فحوار كهذا يُعَدُّ وسيلة تعليمية للتغيير المعرفي لأنه يسهم في تفكيك الأساطير المختلفة المتعلقة بالسلطة والموضوعية والخبراء والمواقف الوضعية بتشريع مناقشة كل شيء. ولا يدخل هذا في النسبية كأن يُدعى أي شخص للتفكير فيما يريد وفقًا لتفضيلاته الخاصة. فمثل هذا الحوار هو ما يجب أن يساعد الطلاب على تطوير مهارات تقويمية مثل التفكير الناقد وهو العملية التقويمية والمسوِّغة لتحديد ما يجب تصديقه أو فعله بمعقولية في أثناء النظر في معايير الاختيار وتنوع السياقات (غاغنون 2011).

تم التحقق من صحة هذا الاقتراح النظري تجريبيًّا في مناسبات عديدة) انظر: هيل 2000، نايت وكولينز 2013، ليلي 2008 وماير 2010). أظهر ماير على وجه الخصوص (2010) ضمن اختبار لحالة الطلاب قبل حضور الدورات وبعد حضورها أن الطلاب الذين حضروا دورات استخدمت أسلوب مجتمع تساؤل قائم على الحوار خلال فصل دراسي واحد مالوا إلى استخدام المزيد من التفكير التقويمي واستخدام نسبة أقل من التفكير المطلق والنسبي في مجالات المعرفة الثلاثة التي كانت قيد الدراسة (الأخلاق والعلوم الفيزيائية والعلوم الاجتماعية). على الرغم من أن هذا الاختبار لم يُطَبَّق على الأطفال على هذا النحو، فإننا نعتقد أن نفس نوع الاختبار سيكون له نتائج مماثلة. بادئ ذي بدء، لأن الأطفال قادرون على نوع من التعليل التقويمي، حتى إن كان نادرًا وأقل تعقيدًا من تقويم البالغين (تشاندلر، هالين وسوكول 2002 فيوشت 2010 وهاردي 2006 كوهين وتشيني و وينستوك 2000).

وثانيًا لأن دانيل وغرنون (2012) أظهرا أن مقدار تطبيق الفلسفة للأطفال في تلاميذ المدارس الابتدائية كان مرتبطًا بزيادة تعقيد وجهات النظر المعرفية (هذا مميز ولكنه قريب جدًّا عند مقارنته بالمواقف المعرفية)، وإن لم يبلغ طلاب المدرسة الابتدائية مستويات عالية من التعقيد المعرفي كتلك التي حققها البالغون. جدير بالقول إن الأطفال أقل قدرة على التفكير المعرفي المعقد مقارنةً بالبالغين ولا يعني هذا أنه لا ينبغي تحفيز التفكير المعرفي من مرحلة المدارس الابتدائية. بخلاف ذلك وكما يشير ليليكس (2005) فإن التعاون مع الطفل عن طريق (الفلسفة للأطفال) على مستوى أكثر تعقيدًا من المستوى المتوقع لطفل بهذا العمر من منظور النمو التقليدي (انظر بياجيه  1970، 1955) يسمح لهذا الطفل بالدخول إلى (منطقة نموه القصوى) )  her zone of proximal development) (فيجوتسكي  1997، 1943) وإظهار قدرات أكثر تعقيدًا من تلك التي كان سيظهرها تلقائيًّا بمفرده.

المواقف الشخصية المعرفية والتعليم الديني  :

لقد شرحنا حتى الآن أن الفلسفة للأطفال تعزِّز موقفًا شخصيًّا تقويميًّا لدى التلاميذ (وهو ما يتماشى مع حقيقة أن الفلسفة للأطفال مترسخة في منطقة وسط من نظرية المعرفة الفلسفية، أي أنها ليست نسبية ولا مطلقية وإنما تقويمية) .ومع ذلك فإن السؤال في هذه المرحلة عمَّا إذا كان يجب إثارة موقف معرفي معين دون الآخر عن طريق التعليم مع أخذ التعليم الديني بالاعتبار. هل ستكون التقويمية في المجال الديني أصوب من المطلقية أو النسبية؟ وما المعايير لتأكيد ذلك؟ بالنظر إلى مجموعة الحجج التي يمكن أن تكون متضمنة في مثل هذا السؤال نقترح التركيز على الحجج النفسية المرتبطة تبادليًّا بالحاجة الفردية للمعنى والحاجة للانسجام الاجتماعي، وعند قيامنا بذلك فإن هدفنا ليس البحث عن الحقيقة، بل تقويم الجدوى النسبية لكل موقف معرفي عند مقارنته بالمعايير المتعلقة بالعيش السلمي في مجتمع تعددي. سيشير القسم التالي من حين لآخر إلى الأدب في التعليم الديني، ولكن هذا النموذج لم يُختَر كونه النموذج المركزي، وذلك لأننا اخترنا المعايير المتعلقة بمجالنا، ويمكن العثور على اعتبارات اللاهوتيين والفلاسفة بشأن هذه المسألة في مكان آخر (من بين أمور أخرى) في إيفرسن وميتشل وبولارد (2009).

المطلقية والتعليم الديني  :

يمكن للمرء أن يدعي من وجهة نظر فردية أن الحكم المطلق هو موقف معرفي جيد يجب أن يُتمسك به في الأمور الدينية. على سبيل المثال، لقد ثبت بالفعل أن الأشخاص الذين يتمسكون بمعتقداتهم الدينية بدرجة أكبر من اليقين يحصلون على نقاط أعلى إحصائيًّا في مقاييس السعادة العامة والتي يقيّمها الأفراد عن أنفسهم ذاتيًا (فيريس 2002). يمكن تفسير ذلك جزئيًّا بنظرية إدارة الهلع (Terror Management Theory)  (سولومون غريينبيرق وسايزينسكي 1991)، ووفقًا لهذه النظرية يُبقي الوعي بالموت البشرَ في حالة قلق يمكن أن تشلَّهم. تتمثَّل إحدى طرائق التعامل مع هذا القلق في التمسك بآراء ثقافية عن العالم توفر معانٍ ووجهات نظر متماسكة للواقع والقيم والمعايير وحتى إمكانية تجاوز الموت عبر الخلود الحرفي أو الرمزي لأولئك الذين يتبعون معايير الثقافة. إن الالتصاق بالثقافة ومعاييرها يمنح الأفراد المعنى واحترام النفس مما يسمح لهم أن يكونوا أهدأ بالًا. اُختُبِرَت هذه النظرية تجريبيًّا خلال العشرين عامًا الماضية وتلقت دعمًا قويًّا عن طريق التحليل “الما فوقي” لمئات التجارب (Burke Martens Faucher 2010). لذا فإن المطلقية قد تكون موقفًا معرفيًّا موفقًا لتبنيه في الشؤون الدينية من أجل رفاهية الفرد. ومع ذلك، فإن رفاهية الفرد ليست الغرض الوحيد من التعليم. إن تنشئة مواطنين قادرين على تطبيق قيم حقوق الإنسان والديموقراطية أحد أكبر غايات التعليم في مجتمعاتنا الغربية، وقد نصت لجنة مجلس وزراء أوروبا

(انظر: Council of Europe Committee of Ministers CM/Rec (2010)7; Jackson 2003)[2] (CM/Rec(2010)7, 9) في مقترحها بشأن التعليم من أجل المواطنة الديموقراطية وتعليم حقوق الإنسان على ما يلي:

“يُعَدُّ تعزيز التلاحم الاجتماعي والحوار بين الثقافات وتقدير التنوع والمساواة عنصرًا أساسيًّا في التعليم من أجل المواطنة الديمقراطية والتربية على حقوق الإنسان .[…]  ولتحقيق هذه الغاية من الضروري […] زيادة تقدير الاختلافات وفهمها بين الجماعات الدينية والعرقية، وبناء الاحترام المتبادل لكرامة الإنسان والقيم المشتركة، وتشجيع الحوار وتعزيز السلم في حل المشكلات والنزاعات.

لقد اخترنا أن نشير إلى هذا المثل الأعلى للعلاقات الشخصية التي يسودها الاحترام والمساواة بين المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الاجتماعي على أنه “انسجام اجتماعي”. نحن نعترف بأن هذا المصطلح مؤسف تمامًا، لأنه قد يشير ضمنًا إلى نوع من البناء “المطلق” و”الحقيقي” لما هو مجتمع منسجم وما هو غير ذلك. وهذا ليس هدفنا، إنما هدفنا هو الإشارة إلى فكرة العلاقات الشخصية التي يسودها الاحترام والمساواة كما وُصِفت أعلاه”.

إذا أخذنا في الاعتبار معيار الانسجام الاجتماعي، فقد يكون النظام التعليمي أقل ميلًا للحث على المطلقية لدى التلاميذ. كما أوضحنا سابقًا عن طريق نظرية إدارة الهلع، فإن فكرة موتنا تولِّد القلق والميل إلى الالتزام بآراء ثقافية عن العالم توفر المعنى والقيم والأعراف. هذا مطمئن. ومع ذلك، ونتيجة له، فإن أي شخص يلتزم بمجموعة أخرى من وجهات النظر سوف يتحدى هذا الشعور بالأمان بتذكيرنا بأن وجهات نظر أخرى للعالم قد تكون ممكنة. هذا هو السبب في أن نفس العملية المتمثلة في التمسك القوي بالآراء الثقافية للعالم يرتبط بالنتائج السلبية من حيث العلاقات الشخصية، فهي تولد التحيز والتمييز والعداء تجاه أولئك الذين يؤيدون وجهات نظر أخرى عن العالم والذين يتحدون وجهة نظر الفرد المطمئنة عن العالم تحديًّا مباشرًا أو غير مباشر (جرينبيرج وآخرون 2009). قد يكون هذا صحيحًا خصوصًا تجاه الآخرين المعتنقين لوجهات نظر دينية أخرى تتناول بدقة المعتقدات المتعلقة بالموت. في عالم تسوده العولمة تؤدي المواجهة مع طرائق العيش الأخرى إلى انعدام الأمن الوجودي والأنطولوجي. تعطي المعتقدات الدينية والطموحات الجيوسياسية رؤية متماسكة للعالم وبعض المعنى في الحياة وتمييزًا واضحًا بين أولئك الذين هم متفوقون لأنهم يلتزمون بالمجموعة الحقيقية من المعتقدات والمعايير والقيم ومن هم دون ذلك. (Herriot 2007; Hogg, Adelman, and Blagg 2010; Kinnvall 2004; Taylor and Horga 2006).

ولهذا السبب قال العديد من العلماء مؤخرًا إن آلية مشابهة تساهم في المشكلات المعاصرة للأصولية الدينية والتمييز والإرهاب (Hogg, Adelman, and Blagg 2010; Vail et al. 2010; Ysseldyk, Matheson, and Anisman 2010). لذلك اقترح بعض العلماء أنه يجب تربية الأطفال على تبني وجهات نظر عن العالم أكثر نسبية من أجل أن يكونوا أكثر تسامحًا عند مواجهة وجهات النظر الأخرى. (Greenberg et al. 2009).

وانسجامًا مع هذه الفكرة فقد ظهر مؤخرًا أن الأشخاص كانوا غير متسامحين خصوصًا تجاه الشخص الذي يتبنى وجهة نظر تتعارض مع وجهة نظرهم أو يتصرف بطريقة تتعارض مع وجهة نظرهم إذا اعتبروا أن وجهة النظر أو السلوك يمكن تصنيفه على أنه صواب أو خطأ بناءً على أسس موضوعية )على الضد من الذاتية) (انظر: Wright, Grandjean, and McWhite 2012).

لهذه الأسباب نجادل بأن الحكم المطلق في المجال الديني ليس موقفًا معرفيًّا يجب تعزيزه عن طريق التعليم في المجتمعات التعددية مثل مجتمعاتنا.  وإن كان مثل هذا الموقف يلبي الحاجة إلى المعنى، فإنه يولِّد التعصب والعداء بين الأشخاص.

النسبية والتعليم الديني:

في واقع الأمر قد تكون النسبية حلًا للعيش في مجتمع تعددي. ومع ذلك -كما يُستنتج من القسم السابق- قد تكون النسبية مرتبطة بسعادة أقل للفرد (Ferriss 2002) وقدر أعلى من القلق (Greenberg et al. 2009). علاوة على ذلك، يمكن للمرء أن يسأل سؤالًا مشروعًا عمَّا إذا كان من المفيد إقناع التلاميذ بأن معتقداتهم الدينية ومعتقدات الآخرين -مهما كانت- لا ينبغي النظر إليها عبر عدسة التفكير الناقد. يرى الموقف النسبي أن جميع الآراء صحيحة بالتساوي، وأن الآراء كلها تتعلق بالتفضيلات الشخصية وأنه -باسم التسامح- لا يمكن إجراء مقارنة بين تأكيدين متعارضين. نرى أن هذا الموقف يمكن الحث عليه ما لم تكن المعتقدات الدينية مرتبطة بمجالات أخرى، فالمعتقدات الدينية غالبًا ما ترتبط باعتبارات أخرى مثل الاعتبارات الأخلاقية (Turiel and Neff 2000; Wainryb et al. 2001).

إذا نظرنا إلى العديد من الظواهر الاجتماعية (مثل: الختان والأنظمة الطبقية ورفض نقل الدم والتعامل مع الأفاعي والانتحار الجماعي وما إلى ذلك) نجدها تتعلق بقضايا أخلاقية تشرعها المعتقدات الدينية جزئيًّا. قد يدفع الموقف النسبي الأطفال والمراهقين إلى تحمل ما ليس في وسعهم بمجرد أن يكون ذلك بدافع ديني، وهذا يمكن أن يمنعهم من الانخراط في التحسين الاجتماعي. غالبًا ما ترتبط المعتقدات الدينية أيضًا بالتأكيدات المعرفية حول الخلق أو نظرية التطور أو العقوبة الإلهية على الخطيئة. قد يفشل التعليم النسبي في إعدادهم لمقاومة المواجهة مع الحركات الأصولية والتعتيمية (التي تحول بين الفرد والمعرفة). كما اقترح بليزبي (2011) علاوة على ذلك أن التسامح لا يعني الاحترام. الاحترام يعني أخذ أقوال الآخرين بعين الاعتبار، وعدَّها مهمة في البحث عن المعنى، والتعامل معها على أنها تستحق الفهم. إذا كانت جميع الآراء صحيحة بالتساوي، فلا مصلحة في فهمها أو مشاركتها ولكن فقط في تقبلها. لذلك، نعتقد أن هذا النوع من التسامح النسبي ليس صالحًا للتناغم الاجتماعي، ولا ينبغي أن يكون هدف التعليم الديني.

التقويمية والتعليم الديني:

بما أن النسبية غير مستدامة لأنها لا تفي بالحاجة إلى المعنى الشخصي، فهي تترك مجالًا لفهم الموضوعات الدينية فهمًا نسبيًّا مع مخاطر النسبية الأخلاقية والغموض في هذه الموضوعات، كما أنها لا تنطوي على احترام المعتقدات الدينية الأخرى. لذا، فهل من المحتمل أن تصبح التقويمية بديلاً صالحًا؟

 

 

الحاجة الشخصية للمعنى:

 اقترح هاننام (2012, 130) دمج الفلسفة للأطفال في التعليم الديني المعاصر لـ”مساعدة شبابنا في صنع معنى لأنفسهم من هذه التفسيرات المختلفة للأسئلة الوجودية” في الأوقات العصيبة لمجتمعاتنا المعولمة. في حين أن المؤلف لا يشير إلى التقويمية، فإن الطريقة المقترحة تتطلَّب من التلاميذ إصدار حكم تقويمي من وجهة نظر المؤمن ومن وجهة نظرهم الخاصة (انظر Erricker 2010; Hannam 2012; Hampshire County Council 2011).

في سياق مماثل للحاجة الشخصية إلى المعنى والتقويمية، أظهر كريتيناور  (Krettenauer (2004)) أن التقويمية مرتبطة بحالة تحقيق الهوية التي تصف حالة الالتزام بخيار أيديولوجي (مهنة أو سياسة أو دين) بعد استكشاف خيارات أخرى مسبقًا (Marcia 1966).[3] وتحقيق الهوية يرتبط ارتباطًا مطَّردًا بمقاييس الرفاهية المختلفة (Waterman 2007)، لذا فإن التقويمية بناءً على اعتبارات شخصية تبدو مثيرة للاهتمام.

التلاحم الاجتماعي:

على المستوى المجتمعي لا توجد بيانات متاحة على حد علمنا توضح أن التقويمية يمكن أن تكون مرتبطةً بمستويات أعلى من التسامح الاجتماعي أو الانسجام. ومع ذلك، فقد اقترح العديد من المؤلفين أن الموقف التقويمي ضروري لصحة مجتمعاتنا الديمقراطية إذ إنه من المهم أن تكون قادرًا على اتخاذ خيارات مستقلة ، ومستبصرة ومتأنية (Haerle and Bendixen 2008; Meyer 2010) في المسائل المتعلقة بالمعتقدات الدينية، وهذا يعني على سبيل المثال أن الأفراد لا يتبعون على عماية ما يطلب منهم القيام به، وينطوي أيضًا على مراعاة إعمال النظر وإعطاء “أسباب وجيهة” للاختيارات الشخصية حتى تلك القائمة على المعتقدات الدينية، لجعلها معقولة وليفهمها الآخرون الذين لا يشاركوننا نفس المعتقدات.

تعلُّم القيام بذلك -لا سيما من منظور حواري- يرتبط بمفهوم عالم ما بعد العلمانية (هابرماس 2006). في دنيا لم يختفِ فيها الدين يواجه المواطنون العلمانيون والمتدينون على حد سواء تحديًّا معرفيًّا في الالتزام بالتعلم بعضهم من بعض. يجب أن يتعلم المواطنون العلمانيون تقديم موقف (لا أدري) بدلًا من موقف محدود علميًّا، وبالمثل يجب أن يتعلم المواطنون المتدينون أن يكونوا قادرين على الانعكاس الذاتي التأويلي حول معتقداتهم من أجل تكييفها بدرجة معقولة مع العديد من جوانب الحداثة (أي التعددية الدينية والتقدم العلمي والأخلاق العلمانية المتساوية). عملية التعلم التكميلية هذه ضرورية للمواطنين العلمانيين والمتدينيين على حد سواء للمساهمة المتبادلة والعادلة في النقاش العام، حيث يدين بعضهم لبعض بتفسيرات لخياراتهم السياسية (هابرماس 2006).

التقويمية والمعتقدات الدينية:

يبقى سؤال حول ملاءمة التقويمية للمعتقدات الدينية -بخصوصياتها- بوصفها مجالًا للمعرفة. هل تتوافق المعتقدات الدينية مع أي تعليل عقلاني أو نقدي؟ رأي شائع جدًّا عن المعتقدات الدينية هو عَدُّها جميعها صالحة بالتساوي. لقد ثبت أن معظم المواطنين في بلجيكا -سواء أمتدينين كانوا أم لا- كانوا نسبيين معرفيًّا في المجال الديني (van der Straten Waillet and Roskam 2012). قد تكون هناك أسباب مختلفة لهذه النسبية المتفشية. أولاً: يمكن تسويغ النسبية بتقدير التسامح (Kuhn 2009). ثانيًا: تُحدث السمات المعرفية لمجال المعرفة نفسه اختلافات في انتشار المواقف المعرفية بين السكان في هذا المجال (Muis, Bendixen, and Haerle 2006). ومن الواضح أن المعتقدات الدينية لا تُقَدِّم جوانبَ يمكن إثباتها وهي ليست عقلانية بنفس القدر الذي يمكن العثور عليه في العلوم الفيزيائية. ولكن هل كون العقل البشري غير قادر أبدًا على الإجابة بحسم عن الأسئلة الدينية يجعلها غير جديرة بالتعليل العقلاني؟ إن القول بأن المعتقدات الدينية ليست جدلية بطبيعتها لأنها غريبة عن أي نوع من العقلانية غير عادل في الواقع تجاه تنوع المعتقدات وغير مثمر فيما يتعلق بالتعايش السلمي (Cooling 2012).

يمكن التفكير في المعتقدات الدينية عبر تقديرها بمعايير مختلفة. يمكن أن يكون المعيار التاريخ (يتعلق بسياق النصوص المقدسة) أو علم الأحياء (المتعلق بالتطور) أو الفيزياء (المتعلقة بالخلق) أو الأنثروبولوجيا أو الجغرافيا السياسية أو الفلسفة أو علم النفس وما إلى ذلك، وقد تتضمن هذه المعايير -بالطبع- معايير لاهوتية، إذ إن علم اللاهوت له باع طويل في إمعان النظر عند التفكير (Huggler 2009; Martens 2009). الأمل والإيمان من العدسات الأخرى التي يمكن استخدامها للتفكير في القضايا المثيرة للجدل، ويجب إدخال عدسات دينية متنوعة في عملية التفكير في هذه القضايا (انظر: Martens 2009).

ما يجب التركيز عليه هنا هو أنه يمكن استخدام العديد من المعايير من المنظور التقويمي، بشرط أن تُختار عن قصد وصراحة في عملية مناقشة تقيس الاحتمال النسبي للعديد من الأقوال التي تؤدي إلى بعض الحقائق (أو المعاني)، ولكن ليس إلى الحقيقة المطلقة، وهذا لا يؤدي إلى الذاتية. بالتأكيد يمكن للمرء أن يدافع عن “الرضا الشخصي” أو “الذاتية” بوصفهما معيارين، ولكن بفضل التوافق مع وجهات النظر الأخرى والسياقات الأخرى والأفكار الأخرى يواجه التلاميذ حقيقة أن “الرضا الشخصي” ليس قابلًا للتطبيق دائمًا عند تقويمه بمعايير مثل الإنصاف أو المعاملة بالمثل، وهذا قد يقودهم إلى التصحيح الذاتي. الفلسفة للأطفال طريقة مناسبة خاصةً لجلب هذه الثمرات، وذلك بفضل المواجهة الحوارية مع مجتمع التساؤلBleazby 2011))، وهذه الطريقة لا تؤدي بالضرورة إلى إجماع. لم تكفِ آلاف السنين من الفلسفة واللاهوت للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بجوهر الحب أو طبيعة الجنس البشري أو روح الحياة الطيبة.

وفي مثل هذه القضايا لا ينبغي بالضرورة أن يتوصل التلاميذ إلى إجماع في نهاية حوارهم. ولكن إذا كانوا قادرين على:

(أ) تقديم أسباب وجيهة لآرائهم.

 (ب) فهم أسس الآراء الأخرى وعقلانيتها. وينبغي أن يؤدي هذا الأمر إلى مزيد من الاحترام.

 (ج) التفكر فيما يتعلق بتأكيداتهم بفضل المواجهة الحوارية مع تأكيدات الآخرين.

 فنحن نعتقد أنهم يجب أن يكونوا أكثر استعدادًا لتعددية وجهات النظر عن العالم في مجتمعاتنا باستيعابها بدلاً من تحملها.

التعليم الديني والفلسفة للأطفال والتقويمية:

ندّعي بأن المنظور التقويمي قد يساعد في التغلب على العديد مما يطرأ من “عوائق” عند اتباع منهج الفلسفة للأطفال في التعليم الديني. كما لوُحظت أهمية تكييف الفلسفة للأطفال حتى تتناسب مع التعليم الديني، لأن الفلسفة للأطفال تفتقر إلى جوانبَ مثل: اللغة غير الخطابية والإيمان والخبرة الشخصية والحقيقة المسلَّم بها في مناهجها. (انظر:Huggler 2009; Jorgensen 2009). ومع ذلك، قد لا يتطلب برنامج الفلسفة للأطفال مع التلاميذ التقويميين تعديلات دراماتيكية إذا عُدَّت هذه الميزات معاييرَ تُستخدم في لحظات منظمة بوضوح في الحوار.

أحد الأمثلة الفريدة لمثل هذه الطريقة في التعليم الديني المتوافق مع الفلسفة للأطفال هو دورة التساؤل المكونة من خمس خطوات التي طُرِحَت حول “التعايش مع الاختلافات” المتفق عليها في مقاطعة هامبشاير. هذه الدورة المكونة من خمس خطوات من التساؤل هي منهجية تستند إلى المقدمات الفلسفية البنائية، وتُشَكِّل الصف في مجتمع التساؤل، وتهدف إلى تعليم التلاميذ استيعاب المفاهيم بأنفسهم ولكن بطريقة مستنيرة، وفي نفس الوقت تحافظ على القدرة على فهم التفسيرات الأخرى لنفس المفهوم (Erricker 2010). يتضمن المنهج الدراسي العديد من المفاهيم التي تُصَنَّف إلى ثلاث مجموعات:

أ. مفاهيم جامعة لجميع تجارب البشر.

ب. مفاهيم مشتركة بين العديد من الديانات.

ج. مفاهيم خاصة بديانات معينة.

أمثلة مفاهيم المجموعة (أ): الحب – الأمل – التحيز – السلطة، وما إلى ذلك.

أمثلة لمفاهيم المجموعة (ب): الإله – العبادة – الملائكة – الطقوس، … إلخ.

أمثلة لمفاهيم المجموعة (ج): القيامة – النعمة – النيرفانا – الأمة – الحاخام، وما إلى ذلك. (مجلس مقاطعة هامبشاير 2011).

يأتي واجب المعلم في إنشاء مجتمع تساؤل حول أحد هذه المفاهيم باستخدام المثيرات، مثل: النصوص والصور والأسئلة الفلسفية وما إلى ذلك. ولهذا تتطلَّب طريقة الدورة المكونة من خمس خطوات من التلاميذ توصيل فهمهم عن المفهوم وتجربتهم معه قبل تطبيقه على سياقات أخرى والتساؤل حول سؤال قد ظهر خلال الخطوات السابقة.

إلى الآن، فإن الطريقة قريبة جدًّا من الشكل التقليدي للفلسفة للأطفال بصرف النظر عن الحقيقة البارزة التي ترى أن المفهوم الأساسي محدد مسبقًا وأن التلاميذ مدعوون للتفكير في تجربتهم الخاصة منذ البداية. علاوة على ذلك، وتجاوزًا للشكل التقليدي للفلسفة للأطفال، فإن التلاميذ يُدْعَون بعد خطوة التساؤل الفلسفي لتوضيح المفهوم وطرح الأسئلة ذات الصلة في العديد من السياقات الدينية والعلمانية. وفي هذه المرحلة يُرَحَّب بالنصوص المقدسة وغيرها من الوسائط، ويمكن للتقاليد الدينية أن تتحدث “بمصطلحاتها الخاصة” لتجيب مؤقتًا (Huggler 2009).

في النهاية يُطلب من الطلاب تقويم المفهوم بأن يحكموا بدراية مقلِّبين فيه النظر من أوجه عديدة بما في ذلك رأيهم الخاص. هذه الطريقة هي وسيلة واعدة لتحفيز التفكير التقويمي في المجال الديني للتلاميذ، وتوضِّح هذه الطريقة كيف يمكن دمج التفكير اللاهوتي في الأساليب الشبيهة بالفلسفة للأطفال لخدمة أهداف التعليم الديني.

خاتمة    

 في الختام، إن الفلسفة للأطفال جزء لا يتجزأ من نموذج فلسفي لا يتعلق بالحكم المطلق ولا بالنسبية، بل بنموذج يقع بين هذين النقيضين. كما أنه ثبت أن الفلسفة للأطفال قادرة على تعزيز تغيير معرفي لدى الأفراد، وهذا التغيير المعرفي لا يكون مطلقًا ولا نسبيًّا بل تقويميًّا. وقلنا بأن التقويمية للأمور الدينية يمكن أن تكون أكثر ملاءمة من الأسلوبين الآخرين، إذ إنها تلبي بالتساوي الحاجة الفردية للمعنى والحاجة المجتمعية للالتزام والاحترام في بيئة تعددية، وبالنظر إلى هذه المعايير النفسية، فإننا نقترح أن الفلسفة للأطفال هي طريقة قيمة للتعليم الديني.

ملاحظات عن المساهمين

ناتاسيا ڤان دير ستراتن وايليتا حاصلة على درجة الدكتوراه. تعمل في التعليم من أجل التعددية الدينية والتسامح من منظور نفسي. كانت باحثة في معهد أبحاث العلوم النفسية في جامعة لوفان الكاثوليكية في بلجيكا.

إيزابيل روسكاما أستاذة تُدرِّس علم النفس النمائي والثقافي في الجامعة الكاثوليكية في لوفان. تعمل باحثة في معهد أبحاث العلوم النفسية التابع للجامعة الكاثوليكية في لوفان في بلجيكا.

سيسيل بوسوزب حاصلة على درجة الماجستير. فيلسوفة ومعلمة تعليم ديني وباحثة علمية مساعدة في معهد الأديان والروحانيات والثقافات والمجتمعات التابع للجامعة الكاثوليكية في لوفان.

References

Bleazby, Jennifer. 2011. “Overcoming Relativism and Absolutism: Dewey’s Ideals of Truth and Meaning in Philosophy for Children.” Educational Philosophy and Theory 43 (5): 453–466.

Boyes, Michael C., and Michael Chandler. 1992. “Cognitive Development, Episte- mic Doubt, and Identity Formation in Adolescence.” Journal of Youth and Adolescence 21 (3): 277–304.

Burke, Brian L., Andy Martens, and Erik H. Faucher. 2010. “Two Decades of Terror Management Theory: A Meta-analysis of Mortality Salience Research.” Personality and Social Psychology Review 14 (2): 155–195.

Chandler, Michael J., Darcy Hallett, and Bryan W. Sokol. 2002. “Competing Claims about Competing Knowledge Claims.” In Personal Epistemology: The Psychology of Beliefs about Knowledge and Knowing, edited by B. K. Hofer and P. R. Pintrich, 145–168. Mahwah, NJ: Lawrence Erlbaum Associates.

Cooling, Tervor. 2012. “What is a Controversial Issue? Implications for the Treat- ment of Religious Beliefs in Education.” Journal of Beliefs and Values 33 (2): 169–181.

Council of Europe Committee of Ministers. 2010. Recommendation CM/Rec(2010) 7 of the Committee of Ministers to Member States of the Council of Europe Charter on Education for Democratic Citizenship and Human Rights Education (adopted by the Committee of Ministers on 11 May 2010 at the 120th Session of the Committee of Ministers). Strasbourg: Council of Europe.

Daniel, Marie-France. 1997. La philosophie et les enfants: les modèles de Lipman et de Dewey [Philosophy for Children: Lipman’s and Dewey’s Models]. Bruxelles: De Boeck.

Daniel, Marie-France. 2005. “Présupposés philosophiques et pédagogiques de Matthew Lipman et leurs applications [Matthew Lipman’s Philosophical and Pedagogical Premises, and their Outcomes].” In La philosophie pour enfants. Le modèle de Matthew Lipman en discussion, edited by C. Leleux, 25–46.

Bruxelles: De Boeck.

Daniel, Marie-France, and Mathieu Gagnon. 2012. “Pupils’ Age and Philosophical

Praxis: Two Factors That Influence the Development of Critical Thinking in

Children.” Childhood & Philosophy 8 (15): 115–142.
Desrochers, Lisa. 2011. “La communauté de recherche philosophique et le pro-

gramme Éthique et culture religieuse au secondaire [The Community of Inquiry and the ‘Ethics and Religious Culture’ Program at Secondary School].” In La communauté de recherche philosophique. Applications et enjeux, edited by M. Gagnon and M. Sasseville, 67–84. Québec: Presses de l’Université Laval.

Dewey, John. 1978. The Middle Works: 1899–1924, Vol. 6. Carbondale: Southern Illinois University Press.

Erikson, E. H. 1968. Identity: Youth and Crisis. Oxford: Norton, Oxford.
Erricker, Clive. 2010. Religious Education. A Conceptual and Interdisciplinary

Approach for Secondary Level. Abingdon: Routledge.Ferriss, Abbott L. 2002. “Religion and the Quality of Life.” Journal of Happiness

Studies 3 (3): 199–215.Feucht, Florian C. 2010. “Epistemic Climate in Elementary Classrooms.” In

Personal Epistemology in the Classroom: Theory, Research, and Implications For Practice, edited by L. D. Bendixen and F. C. Feucht, 55–93. Cambridge: Cambridge University Press.

Gagnon, Mathieu. 2011. “La pratique de la philosophie en communauté de recher- che et le développement de la pensée critique d’adolescents [Philosophical Praxis in Community of Inquiry and the Development of Critical Thinking in Adolescence].” In La communauté de recherche philosophique. Applications et enjeux, edited by M. Gagnon and M. Sasseville, 267–282. Québec: Presses de l’Université Laval.

Gottlieb, Eli. 2007. “Learning How to Believe: Epistemic Development in Cultural Context.” Journal of the Learning Sciences 16 (1): 5–35.

Greenberg, Jeff, Mark Landau, Spec Kosloff, and Sheldon Solomon. 2009. “How Our Dreams of Death Transcendence Breed Prejudice, Stereotyping, and Con- flict: Terror Management Theory.” In Handbook of Prejudice, Stereotyping, and Discrimination, edited by T. D. Nelson, 309–332. New York: Psychology Press.

Gregory, Maughn. 2004. “Practicing Democracy: Social Intelligence and Philosoph- ical Practice.” The International Journal of Applied Philosophy 18 (2): 163–176.

Gregory, Maughn. 2011. “Philosophy for Children and Its Critics: A Mendham Dialogue.” Journal of Philosophy of Education 45 (2): 199–219.

Habermas, Jürgen. 2006. “Religion in the Public Sphere.” European Journal of Philosophy 14 (1): 1–25.

Haerle, Florian C. 2006. “Personal Epistemologies of Fourth Graders. Their Beliefs about Knowledge and Knowing.” Doctoral diss., Carl von Ossietzky University, Oldenburg.

Haerle, Florian C., and Lisa D. Bendixen. 2008. “Personal Epistemology in Ele- mentary Classrooms: A Conceptual Comparison of Germany and the United States and a Guide for Future Cross-cultural Research.” In Knowing, Knowledge and Beliefs, edited by M. S. Khine, 151–176. New York: Springer.

Hampshire County Council. 2011. Living Difference – Revised. Winchester, VA: HIAS.

Hannam, Patricia. 2012. “P4C in Religious Education.” In Philosophy for Children through the Secondary Curriculum, edited by L. Lewis and N. Chandley, 127–145. London: Continuum International.

Herriot, Peter. 2007. Religious Fundamentalism and Social Identity. Hove: Routledge.

Hill, Lola. 2000. “What Does It Take to Change Minds? Intellectual Development of Preservice Teachers.” Journal of Teacher Education 51 (1): 50–62.

Hofer, Barbara K. 2002. “Personal Epistemology as a Psychological and Educa- tional Construct: An Introduction.” In Personal Epistemology: The Psychology of Beliefs about Knowledge and Knowing, edited by B. K. Hofer and P. R. Pintrich, 3–15. Mahwah, NJ: Lawrence Erlbaum Associates.

Hofer, Barbara K. 2008. “Personal Epistemology and Culture.” In Knowing, Knowl- edge and Beliefs: Epistemological Studies across Diverse Cultures, edited by M. S. Khine, 3–22. New York: Springer.

Hofer, Barbara K., and Paul R. Pintrich. 1997. “The Development of Epistemologi- cal Theories: Beliefs about Knowledge and Knowing and Their Relation to Learning.” Review of Educational Research 67 (1): 88–140.

Hofer, Barbara K., and P. R. Pintrich. 2002. Personal Epistemology: The Psychology of Beliefs about Knowledge and Knowing. Mahwah, NJ: Lawrence Erlbaum Associates.

Hogg, Michael A., Janice R. Adelman, and Robert D. Blagg. 2010. “Religion in the Face of Uncertainty: An Uncertainty-identity Theory Account of Religious- ness.” Personality and Social Psychology Review 14 (1): 72–83.

Honderich, T., ed. 1995. The Oxford Companion to Philosophy. New York: Oxford University Press.

Huggler, Jorgen. 2009. “Religious Education as an Intellectual and Cultural Enter- prise: Some Questions about ‘Theologizing with Children’.” In Hovering over the Face of the Deep, edited by G. Y. Iversen, G. Mitchell, and G. Pollard, 117–128. Münster: Waxmann Verlag.

Iversen, Gertrud Yde, Gordon Mitchell, and Gaynor Pollard. 2009. Hovering over the Face of the Deep. Münster: Waxmann Verlag.

Jackson, Robert. 2003. International Perspectives on Citizenship, Education and Religious Diversity. London: Routledge Falmer.

Jorgensen, Henrik Vestergaard. 2009. “Philosophy with Children in Religious Edu- cation – A Brief History.” In Hovering over the Face of the Deep, edited by G. Y. Iversen, G. Mitchell, and G. Pollard, 13–24. Münster: Waxmann Verlag.

Kennedy, Nadia, and David Kennedy. 2011. “Community of Philosophical Inquiry as a Discursive Structure, and Its Role in School Curriculum Design.” Journal of Philosophy of Education 45 (2): 265–283.

Kinnvall, Catarina. 2004. “Globalization and Religious Nationalism: Self, Identity, and the Search for Ontological Security.” Political Psychology 25 (5): 741–767.

Knight, Sue, and Carol Collins. 2013. “Opening Teachers’ Minds to Philosophy: The Crucial Role of Teacher Education.” Educational Philosophy and Theory. Accessed July 5. http://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/00131857.2013. 771450#.U7l5raI_ofk

Krettenauer, Tobias. 2004. “Metaethical Cognition and Epistemic Reasoning Devel- opment in Adolescence.” International Journal of Behavioral Development 28 (5): 461–470.

Krettenauer, Tobias. 2005. “The Role of Epistemic Cognition in Adolescent Identity Formation: Further Evidence.” Journal of Youth and Adolescence 34 (3): 185–198.

Kuhn, Deanna. 2009. “The Importance of Learning about Knowing: Creating a Foundation for Development of Intellectual Values.” Child Development Perspectives 3 (2): 112–117.

Kuhn, Deanna, Richard Cheney, and Michael Weinstock. 2000. “The Development of Epistemological Understanding.” Cognitive Development 15 (3): 309–328. Kuhn, Deanna, Yanan Wang, and Huamei Li. 2011. “Why Argue? Developing

Understanding of the Purposes and Values of Argumentive Discourse.”

Discourse Processes: A Multidisciplinary Journal 48 (1): 26–49.
Kuhn, Deanna, and Michael Weinstock. 2002. “What is Epistemological Thinking and Why Does It Matter?” In Personal Epistemology: The Psychology of Beliefs about Knowledge and Knowing, edited by B. K. Hofer and P. R. Pintrich,

121–144. Mahwah, NJ: Lawrence Erlbaum.
Leleux, Claudine. 2005. “Apprendre à penser dès 5 ans à l’épreuve du modèle de

Matthew Lipman [Learning to Think from Five, as Related to Matthew Lipman’s Model].” In La philosophie pour enfants. Le modèle de Matthew Lipman en discussion, edited by C. Leleux, 117–130. Bruxelles: De Boeck.

Lipman, Matthew. 2003. Thinking in Education. 2nd ed. Cambridge: Cambridge University Press.

Lipman, Matthew, A. M. Sharp, and F. S. Oscanyan. 1980. Philosophy in the Classroom. Philadelphia, PA: Temple University Press.

Loobuyck, Patrick, and Leni Franken. 2011. “Towards Integrative Religious Educa- tion in Belgium and Flanders: Challenges and Opportunities.” British Journal of Religious Education 33 (1): 17–30.

Lyle, Sue. 2008. “Dialogic Teaching: Discussing Theoretical Contexts and Reviewing Evidence from Classroom Practice.” Language and Education 22 (3): 222–240.

Marcia, James E. 1966. “Development and Validation of Ego-identity Status.” Journal of Personality and Social Psychology 3 (5): 551–558.

Martens, Ekkehard. 2009. “Children’s Philosophy and Children’s Theology – A Family Resemblance.” In Hovering over the Face of the Deep, edited by G. Y. Iversen, G. Mitchell, and G. Pollard, 97–116. Münster: Waxmann Verlag.

Meyer, Tania. 2010. “Developing Justificatory Reasoning: The Importance for Tea- cher Education.” PhD thesis, School of Education, The University of South Australia, Adelaide.

Muis, Krista, Lisa Bendixen, and Florian Haerle. 2006. “Domain-generality and Domain-specificity in Personal Epistemology Research: Philosophical and Empirical Reflections in the Development of a Theoretical Framework.” Educa- tional Psychology Review 18 (1): 3–54.

Perry, William G. 1970. Forms of Intellectual and Ethical Development in the Col- lege Years. New York: Holt.

Piaget, Jean. 1955. “Les stades du développement intellectuel de l’enfant et de l’adolescent [Stages of Intellectual Development in Childhood and Adolescence].” In Le probleme des stades en psychologie de l’enfant, edited by P. Osterrieth, J. Piaget, R. De Saussure, J. M. Tanner, H. Wallon, and R. Zazoo, 33–42. Paris: Presses Universitaires de France.

Piaget, Jean. 1970. “Piaget’s Theory.” In Carmichael’s Manual of Child Psychology, edited by P. H. Mussen, 703–732. New York: Wiley.

Roose, Hanna, and Gerhard Büttner. 2009. “The Epistemological Framework for Theologizing with Children: Critical Realism or Social Constructivism? A Response to Andrew Wright.” In Hovering over the Face of the Deep, edited by G. Y. Iversen, G. Mitchell, and G. Pollard, 177–184. Münster: Waxmann Verlag.

Solomon, Sheldon, Jeff Greenberg, and Tom Pyszczynski. 1991. “A Terror Manage- ment Theory of Social Behavior: The Psychological Functions of Self-esteem and Cultural Worldviews.” In Advances in Experimental Social Psychology, edited by M. P. Zanna, 93–159. London: Academic Press.

van der Straten Waillet, Nastasya, and Isabelle Roskam. 2012. Epistemological Change in the Religious Domain in Catholics, Non-believers and Muslims. Manuscript Submitted for Publication.

Taylor, Max, and John Horgan. 2006. “A Conceptual Framework for Addressing Psychological Process in the Development of the Terrorist.” Terrorism and Political Violence 18 (4): 585–601.

Turiel, Elliot, and Kristin Neff. 2000. “Religion, Culture, and Beliefs about Reality in Moral Reasoning.” In Imagining the Impossible: Magical, Scientific, and Religious Thinking in Children, edited by K. S. Rosenberg, C. N. Johnson, and P. L. Harris, 269–304. Cambridge: Cambridge University Press.

Vail III, Kenneth E., Zachary K. Rothschild, Dave R. Weise, Sheldon Solomon, Tom Pyszczynski, and Jeff Greenberg. 2010. “A Terror Management Analysis of the Psychological Functions of Religion.” Personality and Social Psychology Review 14 (1): 84–94.

Vygotski, Lev. 1934–1997. Pensée Et Langage [Thinking and Speaking]. Translated by F. Sève. Reprint, Paris: La Dispute.

Wainryb, Cecilia, Leigh A. Shaw, Marta Laupa, and Ken R. Smith. 2001. “Children’s, Adolescents’, and Young Adults’ Thinking about Different Types of Disagreements.” Developmental Psychology 37 (3): 373–386.

Waterman, Alan S. 2007. “Doing Well: The Relationship of Identity Status to Three Conceptions of Well-being.” Identity 7 (4): 289–307.

Wright, Jennifer Cole, Piper T. Grandjean, and Cullen B. McWhite. 2012. “The Meta- ethical Grounding of our Moral Beliefs: Evidence for Meta-ethical Pluralism.” Philosophical Psychology, 26 (3): 336–361.

Ysseldyk, Renate, Kimberly Matheson, and Hymie Anisman. 2010. “Religiosity as Identity: Toward an Understanding of Religion from a Social Identity Perspec- tive.” Personality and Social Psychology Review 14 (1): 60–71.

[1] وكما أوضح لوبيوك وفرانكين (2011) فإن التعليم الديني غير متغير في بلجيكا منذ ميثاق المدرسة عام 1958 على الرغم من التغييرات الكبيرة في المجتمع في ذات الفترة. باختصار شديد، في حين أن هناك نظامين مدرسيين رئيسيين في بلجيكا (نظام كاثوليكي ونظام حكومي) يقدمان أنواعًا مختلفة من التعليم الديني، فإن النظامين كليهما يعانيان من نفس النواقص: غالبًا ما يتعلم التلاميذ بمنهجية واحدة (ليست دائمًا منهجية الديانة التي يتبعها التلميذ) كما أن التعليم الديني يتم من منظور مذهبي (لوبيوك وفرانكين 2011, 23). ومع ذلك فإن نزع النزعة الدينية والعلمنة والتنوع الديني المتزايد قد أحدث تغييرات كبيرة في المشهد الديني البلجيكي، وقد لا يكفي التعليم الديني -على حالته التنظيمية الحالية- للرد على تحديات مجتمعاتنا التعددية. يقترح هؤلاء المؤلفون أن تعليمًا دينيًّا تكامليًّا منفتحًا على المناظرة ويُعَلِّم رؤية أخرى للعالم غير طائفية للتلاميذ من خلفيات دينية مختلفة (أو غير دينية) في نفس الصف- سيكون أكثر ملاءمة نظرًا للحاجة إلى تطوير الحوار بين الأديان والاحترام والتفاهم المتبادل والتسامح. أُجريت العديد من التغييرات السياسية خلال العقد الماضي لإصلاح التعليم الديني في المجتمع الناطق بالفرنسية في بلجيكا، ومعظمها في نفس السياق. ومع ذلك، لم ينجح أي منها حتى الآن.

 

[2] أو في السياق البلجيكي الناطق بالفرنسية: Art. 6, Décret du 17 décembre 2003 organisant la neutralité inhérente à l’enseignement officiel subventionné et portant diverses mesures en matière d’enseignement, M.B., 21 janvier 2004.

 

[3] حالات الهوية الثلاث الأخرى التي وصفتها النظرية: الحالة المنتشرة (عدم الالتزام بالاختيار وعدم الاهتمام باستكشاف الخيارات الأخرى) – حالة التأجيل (عدم وجود التزام فعلي، ولكن محاولة الالتزام لتقديم التزام عن طريق استكشاف العديد من الاحتمالات) – والحالة الممنوعة (كونها التزمت على حين لم تستكشف (بعد) الإمكانات المختلفة) (انظر: أريكسون 1968، مارسيا 1966).

 

حمل مقالة السمات المعرفية التي تعززها الفلسفة للأطفال ومحاسنها النفسية عند دمجها في التعليم الديني