ضرورات ما فوق الإدراك
ديانا كون
كلية المعلمين، جامعة كولومبيا
Deanna Kuhn (2021): Metacognition matters in many ways, Educational Psychologist, DOI: 10.1080/00461520.2021.1988603
ترجمت المقالة بعد الحصول على الإذن الخطي من المؤلف أو الناشر
“جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن المؤلف وليست مسؤولية معهد بصيرة أو دار بصيرة للنشر أو أي جهات أخرى متصلة بها من الجهات والهيئات الثقافية التنظيمية أو المانحة وغيرها”
ترجمة: إلهام حسين
تدقيق: شيماء قسام
الملخص
تتبَّعت خلال مسيرتي البحثية أكثر ما أمكنني تتبُّعُه من علامات ما فوق الإدراك؛ لاعتقادي بأهميتها في طريقة عمل العقل
وتحقيقه لأهدافه. يُستحضر هذا المفهوم الآن، وبعد أكثر من أربعة عقود من تقديم Flavell (1979) له، أكثر من ذي قبل عبر سياقات متزايدة في علم النفس التربوي النمائي والادراكي والاجتماعي، فتصعب متابعته. هل يمكن للمفهوم أن يحافظ على قوته، أو فائدته على الأقل، عند تطبيقه على نطاق واسع وبطرق متنوعة؟ وجدت نفسي في مواجهة هذا السؤال على المستوى الشخصي، فعند متابعتي لبعض موضوعات البحث المختلفة، لاحظت أنِّي في محاولة فهمها أستند على عمليات ما فوق الإدراك. ولذا، ولمساعدة تفكيري الخاص على الأقل، شرعت في هذه المهمة المتمثلة في بيان ما يعنيه مفهوم ما فوق الإدراك والأهم من ذلك ما لا يعنيه، وتحديد جوهر مشترك أثناء ذلك. استخدمت إحدى دراساتي كمثال لكل موضوع بحثي قمت فيه مع آخرين باستحضار ما فوق الإدراك، إلى جانب بعض الدراسات الأخرى التي تمثّل فئتها. ولكن لا ينبغي أن تُعتبر هذه المقالة استعراضاً شاملاً للمؤلَّفات، فالعدد الكبير من المجالات التي بُحِثت يحول دون تحقيق هذا الهدف.
ويزيد المهمة تعقيداً، أنَّ عدداً من المفاهيم المستخدمة الآن على نطاق واسع، ترتبط بما فوق الإدراك، مثل السيطرة التنفيذية executive control، والتنظيم الذاتي self-regulation، وضبط النفسself-control ، وحتى مفهوم الذات self-concept (Frazier et al., 2021). لقد وُصِفت هذه المفاهيم بشكل مختلف من قبل مؤلفين مختلفين، وبإمكاننا القول أنّ العلاقات بينها متداخلة جزئياً على الأقل (Dinsmore et al., 2008). وتُعدّ السيطرة التنفيذية (Best & Miller, 2010) المفهوم الأشمل، إلا أنَّها تتضمن القيام بعمل ما، وهو أمرٌ تفتقده عمليات ما فوق الإدراك، وخاصة في حال عدم توجيهها نحو عملٍ مقصود. أما التنظيم الذاتي وضبط النفس (Vohs & Baumeister, 2016) فلهما دلالات أكثر وضوحاً على تضمّن العمل الذي قد لا يكون قائماً على التفكير الصريح. يركز هذا البحث على ما فوق الإدراك باعتباره أكثر هذه المفاهيم معرفيةً. فقد عُرّف رسمياً على أنه «إدراك الظواهر الإدراكية ومعرفتهاknowledge and cognition about cognitive phenomena» (Flavell, 1979, p. 906)، أو كما هو دارج «التفكير في التفكير thinking about thinking».
للوصول لنتائج هذا البحث المفاهيمي لما فوق الإدراك، أقدم ادعاءين رئيسيين. أولاً، أنَّ التحكُّم التثبيطي أساسيٌ في الكفاءة الفوق معرفية، والتي تُعرّف بأنها القدرة على إدراك التفكير والتدبّر فيه. قد يُشار للتحكم التثبيطي في السياق الحالي باسم «التقويس bracketing» (Stanovich, 2016)، وهو ضروري لما فوق الإدراك لأن المرء لا يفكر عادةً في تفكيره بالمجمل، بل في جزء صغيرٍ منه فقط، مثلاً: «هل أنا متأكد من صحة الاستنتاج الذي توصلت إليه للتو؟» وهذا يتطلب فصل الأجزاء الأخرى مؤقتاً، و”تقويسها” (أي وضعها بين قوسين) وإبعادها عن الانتباه، للتركيز على فحص المحتوى العقلي المطلوب.
ثانياً: تكمن الأهمية التطبيقية والتعليمية لما فوق الإدراك، في كونه قابلية أكثر منه كفاءة.. فقد يمتلك الفرد الكفاءة لممارسة العمليات ما فوق الإدراكية، ولكنه لن يستفيد منها عند افتقاره للقابلية التي تدفعه لذلك.
كيف يعرف الناس؟
الشكل 1: خريطة إدراكية. (Reprinted from Kuhn, 2001, How do people know? Psychological Science, 12, 1-8.). ملاحظة: في السياق الحالي، يوضح الشكلُ الدورَ الذي تلعبه مكونات ما فوق الإدراك في الإطار المعرفي العام. تعكس استراتيجيات المعرفة الأداء وتحدد دورة الاستقصاء، ولكنها محكومة بالمستوى الما فوقي للمعرفة، المتعلق بالاستراتيجيات وكيفية تطبيقها (على اليسار). وهناك نوع آخر من المعارف على المستوى الما فوقي (على اليمين)، تحدد احتمالية استخدام القدرات المعرفية، بإشراك القيمة والفهم المعرفي للأدوات المعرفية المكونة لها.
الأصول النمائية لعمليات ما فوق الإدراك ومساراتها اللاحقة
في مرحلة ما، رُبط مفهوم ما فوق الإدراك بمفهوم بياجيه «العمليات على العمليات operations on operations» أو العمليات الرسمية formal operations، التي تعني العمل العقلي على فكر الفرد ذاته. ولكن الرأي المقبول الآن على نطاق واسع، هو أن عمليات ما فوق الإدراك تظهر قبل فترة طويلة من عمر المراهقة المبكرة، والتي تمثل بالنسبة لبياجيه بداية العمليات المنطقية من الفئة الثانية، أو العمليات الرسمية التي تُجرى على عمليات الفئة الأولى وهي التصنيف والربط (Inhelder & Piaget, 1958). فيمكن القول إن طفلاً في الثالثة من عمره يعبِّر عن نفسه بطريقة ما فوق معرفية عندما يُحيِّي شخصاً عند الباب بقوله «لم أكن أعرف بأنك قادم!». ولكن، حتى لو قُبِل هذا التصنيف، فإن ظهور عمليات ما فوق الإدراك في هذا العمر يكون عابراً في أفضل الأحوال، إذ أن الطفل نفسه عندما يُعلّم اسم شيء جديد، ويُسأل عنه بعدها، يدَّعي أنه لطالما عرفه (Gopnik & Graf, 1988). تتطور القدرات فوق الإدراكية على مدى العقود الأولى من حياة الإنسان وتتمايز باطراد (Roebers, 2017; Schneider & Loffler, € 2016; Xu, Han et al., 2013)، ولكن غالباً ما تكون العلامات والمسارات الدقيقة لهذا التطور متفرقة وغير مكتملة وتفتقر لنقطة نهاية حاسمة، حيث إن الكبار عاجزون عن الحكم على معارفهم الخاصة (Dunning, 2011; Finn & Metcalfe, 2014; Rozenblit & Keil, 2002).
قُبِل تعريف مفهوم ما فوق الإدراك بوصفه تفكيراً في الفكرة، على نطاق واسع، بالرغم من عدم تحديد عمر دقيق لنشأته. ويكمن التحدي في أنه قد لوحِظ في مجموعة واسعة من الظواهر، لدرجةٍ لا يمكن معها تبيّن وجود هوية محددة مشتركة بينها. ويمكن تعداد هذه السبعة على الأقل: (أ) فهم المعتقدات الخاطئة false belief understanding (Perner, 1991) والذي عُدّ – من بين أمورٍ أخرى – الأصل النمائي للتفكير العلمي (Kuhn, 1993)،(ب) التمثيل الذهني mental representing لما يحويه عقل شخص آخر، سواء عبر أفكار الفرد نفسه أو في تفاعله مع الآخرين، والذي يعرف الآن باسم نظرية العقل (Perner, 1991)، (ج) التمثيل الذهني والتفكير في محتوى عقل الفرد نفسه، سواء بشكل فردي أو في تفاعله مع الآخرين، والذي دُرس أيضاً تحت عنوان نظرية العقل (Wellman, 2014)، (د) إدارة الموارد العقلية الاستراتيجية للفرد لخدمة التعلم (Brown, 1975)، (هـ) التفكير في فكر الفرد نفسه أثناء عملية التعليل (Moshman, 2004, 2021; Stanovich & West, 1997; Kuhn & Modrek, 2018)، (و) التفكير في فكر الفرد نفسه أثناء مراجعة المعتقدات (Shtulman & Walker, 2020; Sloman & Fernbach, 2017)، (ز) التأمل المعرفي في طبيعة المعرفة وفي المعرفة بشكل عام (Greene et al., 2016).
يسهل تصور الأصول النمائية والمسارات اللاحقة لبعض هذه المجالات أكثر من الأخرى. وستُبحَث هنا كلُّها، بدءاً بالأسهل لامتلاكها قاعدة بحثية أكبر وأهدافاً نمائية أو نهايات أكثر وضوحاً. كما يسهل البحث عن أصول البعد أو تحديد المسار الذي يتقدم فيه عند معرفة اتجاهه (Fischer & Bidell, 1991). لاحظ أن المجالات السبعة لا تتبع أي تسلسل نمائي. حيث اختُلف حول التسلسل التطوري للثاني والثالث من السبعة على سبيل المثال، واقتُرحت تسلسلات متناقضة (هل التفكير في عقل الفرد ينشأ من التفكير في عقول الآخرين، أم العكس). وسأكرس أخيراً اهتماماً كبيراً للمجالات الثلاثة الأخيرة والتي تتضمن التعليل، ومراجعة المعتقدات، ونظرية المعرفة، حيث البحث المتعلق بما فوق الإدراك أقل شمولاً، ولكنه يقدم معلومات مهمة.
يصور الشكل 1 خريطة للنظام المعرفي للفرد والتي أراها مفيدة في تصوير مكوناته وعلاقاتها المتبادلة. ويتضمن الشكل جميع الظواهر السبعة المذكورة آنفاً بطرق سأبينها وأعرض طريقة لتنظيمها. إن الغرض من إعادة إنتاج هذا الشكل الذي مضى عليه أكثر من عقدين من الزمن، هو توضيح الدور المهم الذي يجب أن تلعبه وظائف المستوى ما فوق الإدراكي على جميع المعارف، الإجرائية منها (معرفة كيف، يسار الشكل) والبيانية (معرفة ماذا، يمين الشكل) إلى جانب مفاهيم القيمة والأفعال التي ستُبحث لاحقاً. في كل حالة، ينظم المستوى ما فوق الإدراكي النشاط المعرفي ويحكمه. والأهم من ذلك، كما يتضح لاحقاً، أنه يثبط الإجراءات العقلية ويبدؤها كذلك. لكن الشكل لا يوضح أن المستوى ما فوق الإدراكي يزداد قوة وتحكماً مع تطوره.
ما فوق الإدراك والتعلم
بدءًا من الجانب الأيسر من الشكل 1، أول ما تجب ملاحظته هو عمليات ما فوق الإدراك في المجال البحثي للإجراءات الاستراتيجية المتعلقة بالتعلم والتذكر. كان ابتداء المستويات الما فوقية وتوجيهها لاستراتيجيات التعلم، مجال بحث مبكر، وقد أصبح أساسياً في يومنا هذا، حيث تحمل إحدى المجلات المرموقة عنوان «ما فوق الإدراك والتعلم».
ينخرط الأطفال – قبل أن يصلوا إلى أي فهم عميق لطبيعة العلم كنشاط – فيما يمكن اعتباره النشاط العلمي الأساسي، وهو البحث المتعمد عن المعرفة (Kuhn, 2011). غالباً ما يفتقر البحث عن المعرفة عند الأطفال للمنهجية التي تتصف بها معظم العلوم، كما أن أهدافهم شخصية، إلا أن من الممكن دراسة استراتيجيات التعلم لدى الطلاب، ومدى تحكم المستوى ما فوق الإدراكي فيها، والطرق التي يحكمها بها.
يعمل الميسر ما فوق الإدراكي لاستراتيجيات التعلم على دعم تعلم الطفل كيفية التعلم، وخاصة في حالة التعلم الذاتي (Kuhn, 2016). فبمجرد أن يلتزم الطالب (وليس المعلم) بهدف تعلم شيء ما، يوضع الهدف مكانه وعلى الطالب العمل إن أراد تحقيقه. ويأتي دور وظائف المستوى ما فوق الإدراكي في الحالات التي يتحتم على الطالب فيها اختيار إجراء من بين البدائل المتاحة. وعادة ما تكون بعض الاستراتيجيات أكثر فعالية من غيرها. وقد يُرى أن المستوى ما فوق الإدراكي يقوم بوظيفة الاختيار هذه (انظر الجانب الأيسر من الشكل 1)
كيف يمكن أن يحدث هذا؟ قاد علم النفس النمائي الطريق باستخدام طريقة ميكروجينيتيك microgenetic (Chinn, 2006; Kuhn, 1995; Kuhn & Phelps, 1982; Siegler, 2007) لإيجاد طريقة لمواجهة هذا التحدي المزدوج المتمثل في الاختيار على المستوى ما فوق الإدراكي والتنفيذ الاستراتيجي. تمت مراقبة استخدام الأفراد للاستراتيجيات عن كثب أثناء مواجهتهم للمهمة الأساسية ذاتها عدة مرات خلال فترة من الممارسة المكثفة. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن التحول من استخدام استراتيجية أضعف إلى واحدة أكثر فاعلية لا يحدث فجأة في نقطة زمنية محددة (Chinn, 2006). بل أن الفرد يمتلك مجموعة من الاستراتيجيات في مخزونه على مدى فترة طويلة، ينوع في استخدامها، ثم يتحول شيئاً فشيئًا للتقليل من استخدام الاستراتيجيات الضعيفة، والاستزادة من القوية إلى أن تسود الاستراتيجيات القوية تدريجياً، لتصبح نهجاً ثابتاً. شوهد هذا النمط عبر مجموعة متفاوتة من الأعمار والشعوب وأنواع المشكلات، بدءًا من الأبسط كجمع آحاد الأعداد (Shrager & Siegler, 1998) وحتى التعليل عالي المستوى الذي يتضمن الاستنتاج السببي متعدد المتغيرات multivariable causal inference (Kuhn & Phelps, 1982; Kuhn et al., 1995). يتقن معظم الأطفال جمع آحاد الأعداد بسرعة، ولكن الاستنتاج السببي يستغرق فترة مطولة من استخدام استراتيجيات متنوعة تُستخدم فيها استراتيجية ضعيفة (قبول تكرار المقدمة والنتيجة كدليل كافٍ على السببية) يقل استخدام الاستراتيجية، ولكنها تبقى لعمر متقدم. وتتعايش في هذه الأثناء مع استراتيجيات أقوى تميزًا بين التغاير والسببية covariation and causality، وتستلزم مقارنة منضبطة controlled comparison كمعيار لاستنتاج السببية (Kuhn & Pease, 2008, 2009).
يوجد خلاف حول درجة تأثير التحكم الواعي في التحسن في اختيار الاستراتيجيات خلال فترة الاستخدام المتنوع، ويُحتمل تفاوتها بين الأفراد وفي المهارات المختلفة (Cary & Reder, 2002). فمن ناحية قد تكون مقصودة تماماً وواقعة تحت سيطرة المستوى ما فوق الإدراكي. ومن ناحية أخرى قد تحدث بدون وعي عبر الممارسة المتكررة. يشبه هذا محاولة التحسن في لعبة التنس، إما بتعمد تجربة أساليب مختلفة أو بممارسة اللعبة فقط. في كلتا الحالتين، يستمر ظهور الاستراتيجيات الأضعف، ولكن بوتيرة أقل تدريجياً، حتى بعد فترة من إتقان الاستراتيجية الأقوى ووضوح مزياتها للمستخدم. يوضح الشكل 1 مدير لتسلسل الاستراتيجيات على المستوى ما فوق الإدراكي meta-level manager (الاستقصاء، والتحليل، والاستنتاج، والجدل) المستخدمة فيما يُعرف بدورة الاستقصاء inquiry cycle (Pedaste et al., 2015) والتعلم الذي تُنتجه.
وفي نهاية المطاف، تفوز بعض الاستراتيجيات التي يملكها المتعلم على غيرها، لا بمحض الصدفة، أو لتوافرها عقلياً، ولكن لأنها الأفضل والأكثر قوة (Lieder & Griffiths, 2017). تشير هذه الحقيقة لمستوى ما فوق معرفي يفطن لهذا التفوق عاجلاً أم آجلاً. وتصبح الاستراتيجية المعرفية الآن تحت سيطرة المتعلم الهادفة والمرنة. لطالما ارتبط وجود منظم ما فوق معرفي ضعيف بفشل الطلاب في تطبيق استراتيجيات التعلم أو الحفظ التي تعلموها، لأنهم فشلوا في معرفة قيمتها، وبالتالي في تطبيقها خارج السياق الذي وجّهوا صراحة لاستخدامها فيه (Borkowski et al., 1987). يظهر تمثيل هذا البعد القيمي في الشكل 1 (المركز) في كل مرحلة من مراحل الاستقصاء. مع التطوير يتقوى كل من المنظم ما فوق الإدراكي meta-level regulator والبُعد القيمي في كل مرحلة. في مرحلة الاستقصاء (الشكل 1) على سبيل المثال: هل أعتقد أن هذا أمر يستحق الاستكشاف والاستغلال؟
يُعتقد أن هذا التحكم ما فوق الإدراكي في العمليات العقلية للفرد المتعلم، يزداد نمواً خلال العقود الأولى من الحياة، إذا توفرت له تجارب كافية (Iordanou, 2016; Kuhn, 2016; Kuhn & Pease, 2006; Moshman, 2011, 2021; Roebers, 2017; Schneider & Loffler, € 2016). يدعم التحكم ما فوق الإدراكي القوي والمرن تطبيق استراتيجيات التعلم على مدىً أوسع (Borkowski et al., 1987; Chinn, 2006). لذا من المثير للاهتمام مقارنة هذا التغير بتغير آخر يحدث أثناء النمو، وهو التغير المفاهيمي، حيث تتغير المعارف الخاصة بالمجال بدلاً من الاستراتيجيات. وسأفعل هذا لاحقاً في سياق مراجعة المعتقدات.
من المهم قبل اختتام موضوع ما فوق الإدراك والتعلم الإشارةُ إلى الطبيعة المزدوجة للوظيفة ما فوق الإدراكية. فلا يقتصر عملها على اختيار استراتيجية فعالة، بل عليها أن تثبّط اختيار الاستراتيجيات الضعيفة ويتحقق ذلك تدريجياً بمرور الوقت (Kuhn & Pease, 2009; Kuhn et al., 1995). إنني أسلط الضوء هنا على التثبيط لأنه يمثل تحدياً نمائيًا، حيث يُظهر الأطفال (والكبار) استخداماً لخليط من الاستراتيجيات على مدى فترات طويلة، فيستخدمون استراتيجيات ضعيفة إلى جانب استراتيجيات قوية اكتسبوها (Kuhn, 1995; Siegler, 2007). وأيضاً لأني سأواصل الحديث عن التثبيط لما تبقى من هذه المقالة باعتباره أحد أشكال العمل ما فوق الإدراكي الرئيسية، ولكن المهملة. يُعدّ التغلب على السلوكيات العقيمة هدفاً رئيسياً للعلاج النفسي (Wolpe,1990)، وفي المقابل يحظى اكتساب كفاءات جديدة بالنصيب الأكبر من الاهتمام، في معظم السياقات التعليمية والنمائية.
فهم المعتقدات الخاطئة والتفكير العلمي
سأنتقل الآن إلى فهم المعتقدات الخاطئة وهي ظاهرة مدروسة جيداً تتضمن ما فوق الإدراك، ولها أهداف نمائية محددة وآثار واسعة، على الرغم من النقاشات المستمرة بشأن عمر أصوله المبكرة، والمهام المناسبة لتقييم الإتقان (Bloom & German, 2000; Burnside et al., 2018; Wellman et al., 2001). وهذا يقودنا للمعرفة البيانية «العلم بأن» الموضحة على الجانب الأيمن من الشكل 1: ماذا أعرف عن محتويات عقل الآخر، أو عقلي؟
يصعب على الطفل الصغير استيعاب اختلاف محتويات عقل الآخر عن عقله الخاص (Perner, 1991). فالمعرفة هي تمثيل دقيق للعالم الخارجي. في مرحلة لاحقة من النمو سيواجه الأطفال مثل هذه الاختلافات، ولكنهم سيفهمونها على أنها وجهة نظر خاطئة قابلة للتصحيح، باللجوء لواقع حقيقي يمكن معرفته بالملاحظة، وفي مرحلة متأخرة ستُرى هذه الاختلافات على ضوء حاجتها لمفاهيم عقلية لا يمكن التحقق من صوابها بسهولة.
يتطلب تحديث المفاهيم العقلية المكونة لنظام المعتقدات في مواجهة معلومات جديدة غير مؤكدة، استخدام التثبيط المعرفي. وهذا يستلزم على الأقل تنحية أو «تقويس» (Stanovich & West, 1997) المعتقدات الحالية. فيجب أن يفكر المرء في معتقداته بعدسة غير عدسة الاعتقاد نفسه (Moshman, 2015). حتى يتسنى للمرء ممارسة الجهد ما فوق الإدراكي في التفكير في احتمالية خطأ هذا المعتقد، والحث على تحديثه.
من الآثار المهمة للاعتراف باحتمالية وجود معتقدات خاطئة لدينا أو لدى الآخرين، أنه يوفر الأساس الضروري للانخراط في التفكير العلمي ونشاطه الأساسي (Iordanou, 2016; Iordanou & Constantinou, 2015; Kuhn, 1993, 2010; Lehrer & Schauble, 2015; Shtulman & Walker, 2020). يعكف البحث العلمي على التحقيق في الأفكار التي يمكن إثبات خطئها، أي يمكن إنزالها لفئة المعتقدات الخاطئة. فمن الأهداف الأساسية في تطور التفكير العلمي، تغير فهم النشاط العلمي من كونه مراكمة حقائق ثابتة، إلى اعتباره بناءً تُطوره العقول البشرية، فهو خاضع للمراجعة (Kuhn, 2011). قبل هذا التطور لم يكن للعقل البشري ظهور في مجال العلوم، وتبعاً لذلك أُهمل دور ما فوق الإدراك في هذا المجال. يكتسب العالم الدافع لإجراء بحث علمي عند وجوده في إطار من النظريات البديلة التي يجب أن يُنظر إليها بوصفها نتاجاً لعقل الإنسان.
لا تقتصر أهمية فهم المعتقدات الخاطئة على العلم، رغم توفيرها أساساً للبحث العلمي. وسننتقل الآن لمناقشة دور فهم المعتقدات الخاطئة في نظرية العقل. في الأقسام اللاحقة، ستُكتشف أهمية الاعتقاد الخاطئ فيما يتعلق بالتعليل ومراجعة المعتقدات، ثم للفهم المعرفي بشكل عام، حيث يمكن تتبع التطور النمائي الموضح في الشكل 1 من تصور المعرفة كحقائق، ثم آراء، وأخيراً ادعاءات في إطار من البدائل والبراهين (Kuhn, 2020; Moshman, 2015, 2021).
نظرية العقل
مرة أخرى، قاد علم النفس التربوي النظرية المعروفة بنظرية العقل، وبالتحديد تعريف الأصول التطورية لتفسير محتويات عقول الآخرين (Wellman, 2014). إن إنشاء تمثيلات لمزاعم ومعتقدات الآخرين أمرٌ أساسي في العلم، ولكنه ليس حصراً عليه. أصبحت نظرية العقل واحدة من أكثر المجالات دراسة في علم النفس، ويمكن إرجاعها لفترات سابقة عندما كانت تعرف باسم اتخاذ الأدوار أو اتخاذ وجهات النظر (Selman & Byrne, 1974). ويعد فهم المعتقدات الخاطئة الأصل النمائي لنظرية العقل وحجر الأساس فيها، على الرغم من الخلاف المستمر بشأن ملاءمته لهذا الدور وعلاماته السلوكية (Bloom & German, 2000; Burnside et al., 2018). ويمكن قول الشيء نفسه بشأن نظرية العقل نفسها، حيث يستمر التساؤل حول كيفية تقييمها، ومدى ترابط تقييماتها المختلفة (Quesque & Rossetti, 2020; Warnell & Redcay, 2019).
ولكن من السهل رؤية الأهداف، والأهمية المحتملة لتطور نظرية العقل، إذ تُحسِّن الاتصالات الشخصية إلى الحد الذي يتمكن فيه المشاركون من الفهم الدقيق لمعارف الآخرين، ومعتقداتهم، وقيمهم، ووجهة نظرهم حول موضوع النقاش. يجب أن يصبح التواصل مع الآخرين – بمن فيهم مقدمي الرعاية الداعمين لهذا الوعي عبر تسليط الضوء عليه في المحادثات (Ruffman et al., 2001) – مصدراً رئيسياً لهذا الفهم المتطور.
وبمجرد الاعتراف بأن محتويات عقل الآخر قد تكون مختلفة عن عقل الفرد نفسه، يأتي دور الأدبيات المكثفة حول الجدل والتوفيق بين الادعاءات المتباينة. يواجه المناقشون المبتدئون صعوبة في الاهتمام بوجهة نظر الآخر، ويميلون إلى التركيز على تكرار وجهة نظرهم الخاصة محاولين إثبات محاسنها (Felton & Kuhn, 2001). يتطلب الجدل الجيد تمثيل فكر الآخر، سواء في جدل فعلي مع شخص ما، أو ضمنياً بتخيل نقاش الآخرين، أو رد فعلهم لوجهة نظر الفرد (Gergen, 2015; Kuhn, 2019; Walton, 2014). ويشمل هذا التمثيل ادعاءات الآخر وتعليلاته وكذلك الحساسية للمنظور الأوسع والقيم الكامنة وراء موقفه (Diana, 2020). باختصار، الهدف هو «رؤية العالم من خلال عيون الآخرين» يسهّل وجود الآخر فعلياً هذه المهمة (Iordanou & Kuhn, 2020) ولكنها ممكنة أيضاً في حال اقتباسه (Kuhn & Modrek, 2021b) أو تخيله (Zavala & Kuhn, 2017).
ويكمن الدور الأساسي لما فوق الإدراك برأيي في التثبيط. فلا يكفي التعرف على منظور الآخر أثناء التواصل معه، ولكن التحدي يكمن في تثبيط أو “تقويس” وبالتالي فصل (Stanovich, 2016) وجهة نظر الفرد عن الآخر. حتى يمنع تطفلها على تمثيل عقل الآخر إلى حد التعتيم. فلا يمكن مقارنة التمثيل المزدوجdual representation (لعقل الفرد والآخر) ما لم يميز بينهما. وهذا يستلزم تمثيل وجهة نظر الفرد كموضوع إدراكي – وهي مهمة ما وراء معرفية كما هو واضح – كأساس لتمثيل وجهة نظر الآخر (Leslie, 1987) تمثيلاً يختلف بوضوح عن تمثيل وجهة نظر المرء الخاصة، وقابلة للمقارنة بها. ولتوضيح هذه الفكرة، لو كنت أنظر لصورة مقلوبة فعلي “تقويس” تصوري لها وإبقاؤه في ذهني في نفس الوقت، حتى أقدِّر حقيقة أن الطفل الجالس أمامي يرى الصورة بشكل مختلف.
في سياق الجدل الحواري dialogic argumentation، لا تكون وجهة نظر المرء خامدة، بل تكون «مقوسة» بشكل جيد على المستوى ما وراء المعرفي. يجب أن تبقى وجهات النظر الخاصة والمقابلة حاضرة، لتسهيل مقارنة نقاط الشبه والاختلاف بينها، والسعي إلى التنسيق بل والتوفيق بينها – وكلها أبعاد أساسية للجدل الفعال productive argumentation (Kuhn, 2020; Kuhn & Modrek, 2018). في الجدل الفعال، يعمل كل محاور على تمثيل ادعاءات الآخر وتعليلاته، وهي عملية قوية على المستوى ما فوق الإدراكي تؤسس بفعالية لطرح الرأي المضاد (Macagno, 2016; Macagno & Walton, 2018).
وأخيراً، يزداد التمثيل ما فوق الإدراكي وتدبر تفكير الآخرين صعوبة، عند وجود أكثر من وجهة نظر أخرى، وبالتالي أكثر من وجهتي نظر للتنسيق بينها. فمن الشائع تفكير الناس مع الآخرين في مجموعة ما بشكل ثنائي. تم تطوير مؤلفات بحث قوية تركز على كيفية قيامهم بذلك (Graesser et al., 2018; Jarvela et al., 2016; Jacobson et al., 2016; Zillmer & Kuhn, 2018) وكان للعمليات ما فوق الإدراكية دور في هذا. حيث وُجد أن المجموعات الصغيرة الناجحة تستخدم نسبة أعلى من عبارات المستوى ما فوق الإدراكي التي تشير إلى عمل المجموعة (مثلاً: هل هذه هي المعلومات التي يجب أن ننظر إليها؟). أما العبارات التي تشير للعمليات العقلية للفرد (مثلاً «لست متأكداً مما يعنيه هذا») فلم ترتبط بأداء أفضل في حل المشكلات (Kuhn, Capon, & Lai, 2020). لاحظ هاياشي Hayashi (2020) أيضاً مجموعات صغيرة، باحثاً مدى إمكانية تعزيز الانتباه ما فوق الإدراكي لعمليات المجموعة من خلال أوامر يصدرها مكلف حواري conversational agent ، وقد لاقى جهده هذا بعض النجاح.
تُعرَّض عملية المجموعة للفشل عندما لا تكون تفكّرية ويزداد احتمال استقطاب الآراء بين المجموعات ذات التفكير المتماثل عندما تكون هوية المجموعة قوية. يُمارس الجدل التصاعدي بشكل أكبر وبالتالي فهو متاح أكثر، مما يقلل من التعبير عن حجج الأقلية المجهولة لدى الآخرين، وينتج عن ذلك حذف وجهات النظر المهمة وتحول وجهات النظر بشدة في اتجاه ما يُعتقد أنه الرأي المهيمن (Stanley et al., 2020; Sunstein, 2019). تنتشر هذه الظاهرة في كل مكان في مجموعات تتراوح من أعلى المحاكم إلى هيئات المحلفين، واللجان، ولوحات المناقشة عبر الانترنت، والكلام المتبادل في إسكان الطلاب.
ما فوق الإدراك والتعليل
يتحول النقاش الآن إلى مهمة صعبة – تصور دور ما فوق الإدراك في التفكير الذي يُقام به بشكل فردي أو في سياق التواصل الكلامي مع آخر. إن تعريف التفكير يعوزه الوضوح (Moshman, 2011, 2021; Stanovich, 2009, 2011) ولا يوجد هدف نمائي واضح أو نقطة نهاية متفق عليها. يمكن الافتراض كما في حالة الجدل، أنَّ الخطاب الهادف مع الآخر، يدعم تطور التفكير السليم (Kuhn, 2019)، أو الرأي المثير للجدل القائل بأن التفكير اجتماعي بطبيعته (Gergen, 2015)، حتى في أهدافه (Mercier & Sperber, 2017). على أي حال، يبقى التساؤل حول دور ما فوق الإدراك في التعليل. من المرغوب بالطبع أن يعلل الناس جيداً، ومن المحتمل أن يساعدهم التفكّر في تعليلهم على تحقيق ذلك. ولكن حتى تحديد نقطة النهاية التطورية لما يشكل تفكيراً سليماً أو خاطئاً، يبقى موضع جدل كبير بين الفلاسفة وعلماء النفس. والأكثر من ذلك، يختلف التعليم عن التجارب الحياتية كعوامل تعزز التفكير الجيد، مما يصعب تخطيط أي دورة نمائية شاملة (Kuhn, 1991; Kuhn & Modrek, 2018; Stanovich, 2016).
كيف إذن يمكن ربط ما فوق الإدراك بالتفكير؟ هل يستلزم التفكير بالضرورة ما فوق الإدراك؟ سأفترض مسبقاً أن بعض أنواع التفكير تستلزمه، بخلاف البعض الآخر. ومرة أخرى أقترح أن التثبيط عنصر رئيسي في عمليات ما فوق الإدراك، عندما يلعب دوراً في التفكير. وأتساءل أيضاً، كما أشار مؤلفون آخرون أدناه، عمَّا إذا كانت هذه الإخفاقات المنطقية نتيجة لنقص في الكفاءة أساساً. وذلك يقودنا للجزء الأخير من هذه المقالة، والذي أقرّ فيه بالكفاءة ما فوق الإدراكية كشرط أساسي للقابلية ما فوق الإدراكية، مع اعتبار انعدام القابلية أهم سبب لفشل الجهد ما فوق الإدراكي.
التعليل بهدف الوصول إلى نتيجة
اعتادت بحوث التفكير طرح مشكلة على المشاركين، حيث توفر لهم معلومات – افتراضية غالباً – دون هدف واضح، ثم يُطلَب منهم استخلاص نتيجة مُسوَّغة. لنضع في الاعتبار مثالين دُرِسا على نطاق واسع، التساؤل عمَّ إذا كان، وكيف، يبرز الجهد ما فوق الإدراكي في العمليات العقلية التي يستخدمها المفكر للوصول إلى نتيجة. من المفيد البدء بالحالة السلبية. تأمل الفقرة التالية التي تُستخدم كثيراً كمثال جيد للتفكير التفكّري المتعمد، والذي يخطئ الكثير من البالغين في الإجابة عليه (Frederick, 2005):
مجموعتكلفةالمضربوالكرة 1.10 دولار. تزيدتكلفةالمضرببدولارواحدعنالكرة،ماهيتكلفةالكرة؟
هل يعني إعطاء الإجابة الصحيحة بالضرورة استخدام عمليات ما فوق الإدراك، التي تعرف ببساطة على أنها التفكير في التفكير؟ يمكننا أن ندَّعي معقولية الإجابة بلا على السؤال السابق، رغم احتمالية وجود مخالفين لهذا الرأي، ونستدل على ذلك بأن المسؤولrespondent لم يُطالب بالتفكير في أفكار أي أحد، بل بالتفكير في المعلومات المقدمة له، والعمل عليها بطريقة ما. يُرجّح أن يكون من يقدّم إجابة صحيحة على هذا السؤال ممن «يعيدون التفكير» حرفياً. فهم يتبعون نهجاً حذراً، حيث يعيدون قراءة السؤال للتأكد من فهمهم لما تشير له الأرقام والمقارنات، ثم يقررون طريقة العمل على هذه الأرقام لإنتاج الرقم الجديد المطلوب. ومن غير المحتمل أن يكونوا واعين بتفكيرهم خلال هذه العملية، بل هم ينفذونها بحيادية، مخصصين مواردهم الواعية لمتطلبات المهمة.
تأمل الآن السؤال التالي، والذي يُستخدم كثيراً كتقييم لقدرات التفكير العليا (Moshman, 2004).
اليرقةأكبرمنالفأر.
القطةأصغرمنالفأر.
أيالحيواناتأكبر؟
حصل الكثير من النقاش حول نوع الاستراتيجيات المستخدمة لحل مثل هذا السؤال (مثلاً من حيث الصور مقابل الفرضيات)، ولكن ما يصعب السؤال هو مواجهة مشكلة المعتقدات الراسخة التي تتعارض مع فرضياتها. حتى نجيب على السؤال إجابة صحيحة، علينا «تقويس» أو فصل (Stanovich, 2016) هذه المعتقدات وتجاهلها أثناء العمل على محتوى السؤال. وعندها تصبح الإجابة مباشرة وسهلة، بسهولة استنتاج أن جيل هي الأطول إذا كان بيل أقصر من جاك وجيل أطول من جاك.
يمكن اعتبار تثبيط المعتقدات هذا شكلاً من أشكال المهارات ما فوق الإدراكية، كما اقتُرِح سابقاً في سياق نظرية العقل (Leslie, 1987). وهو يتضمن العمل على محتوى عقل الفرد، عبر التثبيط المؤقت لشريحة معينة من هذا المحتوى. لا يحتاج العقل إلى فعل أي شيء بهذا المحتوى – فلا يحتاج العمل عليه بأي طريقة من شأنها تقييمه أو تغييره – بل يحتاج ببساطة إلى إبقائه محفوظاً بأمان بعيداً عن الانتباه حالياً، حتى يسمح بتشكيل تمثيل مستقل للمعلومات المقدمة حديثاً لتقييمها في حد ذاتها. وبالتالي يخدم هذا التثبيط غرضاً حاسماً. يمكن مقارنة مهمة التثبيط بالمهمة المذكورة في القسم السابق فيما يتعلق بالنقاش، حيث يواجه الفرد مهمة بناء تمثيلات متباينة لوجهة نظره، ووجهة نظر الآخر، والمحافظة عليها، وذلك بهدف المقارنة والتنسيق بينها.
قارن الآن مسألة حجم الحيوان التي بحثناها تواً، بمسألة المضرب والكرة التي طرحت في البداية، وادُّعي عدم حاجتها لعمليات ما فوق الإدراك. يعد هذا أمراً مهماً لأن الكثيرين اعتبروا أن الإجابات الخاطئة على مسألة المضرب والكرة تشير إلى فشل في تثبيط الإدراك غير التفكري والحدسي non- reflective, intuitive cognition «النظام 1» والذي ينتج إجابة فورية، مع القليل من الفكر الهادف المنهجي «النظام 2» المرتبط بالإجابة الصحيحة (Evans et al., 2005; Stanovich & West, 2000). يشير تأطير المسألة إلى تشابهها مع مسألة حجم الحيوان فيما يتعلق بالاعتماد على تثبيط الفكر الأولي. لكنها تحجب اختلافاً مهماً. لا تقدم مسألة الكرة والمضرب أي معلومات تتعارض مع الحد الأدنى من المعتقدات السابقة التي قد يمتلكها المُجيب، حول التكلفة النسبية لكل من المضرب والكرة، ولن تتعارض هذه المعتقدات على أي حال مع تقديم إجابة صحيحة. وهنا يكمن الفرق. إن المعتقدات السابقة الواجب تثبيطها، في مسألة حجم الحيوان، والتي تشكل تحدياً رئيسياً فيها، غائبة عن مسألة الكرة والمضرب، والتي تتطلب نوعاً مختلفاً من الجهد العقلي. بدل تثبيط الانتباه إلى قاعدة الفرد المعرفية الداخلية، يوجَّه الانتباه خارجياً إلى مجموعة جديدة من المعلومات، بما يكفي للإجابة بشكل صحيح. والشيء الوحيد الذي يلزم تثبيطه هو الإغلاق المبكر premature closure قبل توظيف الاهتمام الكافي للمسألة. يختلف هذا التثبيط السلوكي عن تثبيط الانتباه العقلي للمعرفة الشخصية – المناقضة في هذه الحالة – والتي أشير لبذلها جهداً ما فوق معرفي.
لا يعني هذا أن تثبيط المعتقدات عند الحاجة أمرٌ سهل. بل على العكس من ذلك فهو يشكل عقبة أساسية في العديد من مهام التعليل التي يدرسها الباحثون المعاصرون، حيث تُضعِف المعارف الأداء بدل أن تقويه. وتتضح أهمية تثبيط المعتقدات ومدى انتشاره عند الانتقال من الأمثلة البسيطة كحجم الحيوان، حيث كل ما يتعين على المرء فعله هو تنحية معتقداته الخاصة و «التعليل بناءً على المعلومات المعطاة» إلى سياقات التعليل التي تُثار فيها المعتقدات الأكثر عمقاً. تزيد درجة اهتمام المرء والتزامه بمعتقداته من احتمالية الخضوع للتحيز في التعليل بطرق تدعم تلك المعتقدات. وقد لوحظ هذا الميل منذ فترة المراهقة ويستمر طوال الحياة، عبر مستويات التعليم والذكاء المختلفة، وعبر أنواع التعليل الاستنتاجي والاستقرائي والجدلي (Evans et al., 2005; Klaczynski, 2000; Kunda, 1990; Mercier & Sperber, 2017; Moshman, 2011; Sa et al., 1999). تجدر الإشارة إلى أن التحيز قد لا يكون مقصوداً، وقد يكون بسبب القصور في الجهد والتركيز (Pennycook & Rand, 2019). على أي حال، يؤدي غياب التحكم ما فوق الإدراكي في جميع هذه السياقات، إلى المخاطرة بإعطاء معتقدات الفرد ووجهات نظره وتفسيره للظواهر، أهمية زائدة في تعليلاته، وفي النتائج غير المبررة التي قد يؤدي إليها ذلك.
ينشأ شكلٌ أكثر صعوبة من التحكم ما فوق الإدراكي للتعليل نتيجة في سياق جدلي، عندما يُقدّم عنصر ثالث: وهو الدليل، مُشكلاً ثالوثاً يتكون من الرأي، والرأي الآخر، والدليل المقبولة صحته، ولكن ليس بالضرورة صلته بالموضوع (Macagno, 2016; Macagno & Walton, 2018). تقع على عاتق المناقِش مهمة أكبر من التشكيك في ادعاء الخصم أو صحة دليله. فعليه إجراء تقييم نقدي للعلاقة بين ادعاء الخصم والدليل الذي يقدمه، فيتساءل: «هل يمكنه حقاً ادعاء ذلك؟» خصوصاً عندما يخالفه الرأي.
عند الحاجة للإجابة على هذا السؤال بدقة، تظهر أهمية الدور التثبيطي لما فوق الإدراك. تتطلب المهمة تكوين علاقة بين الرأي الآخر وأدلته، واستبعاد التفكير في موقفنا من ذلك الرأي. فتزداد أهمية «تقويس» الرأي الخاص كما ذُكر. يتطلب تقييم العلاقة بين رأي نعتقد خطأه ودليلٍ محتملٍ ما، إقصاءَ موقفنا من ذلك الرأي تماماً. هل يمكن أن تكون مهارة التثبيط هذه أسهل من المذكورة سابقاً في السياق الجدلي، بما أن من الواجب هنا إقصاء وجهة نظر الفرد بالكامل بدلاً من تنسيقها مع أخرى؟
أثبتت دراسة حديثة أجراها Kuhn and Lerman (2021) عكس ذلك. فقد كانت متطلبات هذه المهمة صعبة على مجموعة من المراهقين الناجحين أكاديمياً. لأنها تستلزم التحقق المزدوج – حيثُ يُمثّل كل من الادعاء والدليل ويُفحصان – كما تُبيَّن وتُبحَث العلاقة بينهما. ثبت أن السبب الرئيسي للخطأ، عبر الادعاءات والأدلة المختلفة، هو الفشل في «تقويس» الموقف الشخصي من الرأي المطروح. أحد الادعاءات في هذه الدراسة مثلاً، هو أنَّ التدخين يسبب السرطان. من المرجح أن يؤيد معظم الناس هذا الادعاء وأدلته. عندما طُلِب منهم تقييم حجة (أن التدخين لا يسبب السرطان) المدعومة بالدليل المزعوم (أن النظام الغذائي هو سبب السرطان). في بعض الحالات، عارض المشاركون الادعاء (التدخين يسبب السرطان) وفي حالات أخرى عارضوا الدليل (كيف ثبت أن النظام الغذائي يسبب السرطان؟) ولكن قلة فقط انتقدت بشكل مباشر العلاقة المزعومة بين الادعاء والدليل، عبر انتقاد منطق الآخر (هذا لا يبين ما إن كان التدخين يسبب السرطان أم لا).
في دراسة لاحقة (Kuhn & Modrek, 2021a) زِيدت المتطلبات من المشاركين حيث أُعطوا مسؤولية هيكلة المهمة. وكُرّر فرض تفسير العلاقة بين الادعاء والدليل، مع تثبيط (تقويس) المعتقدات الشخصية. قُدّمت قاعدة بيانات تحوي حقائق متصلة بالموضوع بالإضافة إلى ادعاءات مزعومة حول سبب السمنة لدى الأطفال، وطُلب من المشاركين تحديد العبارات التي يعتقدون كفاءتها لتضمينها في تقرير موجه لمدير مؤسسة، كإثبات لصحة عدد من الادعاءات السببية. كان أداء المشاركين ممن هم في سن الجامعة ضعيفاً، حيث اختاروا أدلة أقل مما هو ضروري لإثبات صحة الادعاء (رغم وفرة الأدلة).
كان من الممكن في كلتا الدراستين تبسيط المهام إلى مهمة تقييم حجة، وربما أدى ذلك لتحسن الأداء، بأن يُطلب من المشاركين فحص كل دليل وطرح السؤال التالي: هل يثبت هذا الدليل بكفاءة، الادعاءَ المقصود؟ لكن المشاركين أُعطوا بدلاً من ذلك دوراً ومسؤولية أكبر، بمطالبتهم ببناء حججهم الخاصة، آخذين بعين الاعتبار عرضها للمراجعة من قبل الخبير المطلع الذي كانوا يعدون له التقرير. تتضح هذه الحرية غير المعهودة، وما يتبعها من مسؤولية بشكل أكبر في الدراسة الثانية، التي كان على المشاركين فيها اختيار الدليل المناسب من بين مجموعة واسعة. أدت حاجة المشاركين إلى هيكلة المهمة، واتخاذ قرارات لكيفية الاستمرار بدلاً من مجرد العمل على الحالات الفردية المقدمة لهم، إلى قيامهم بالكشف بشكل غير مباشر عن مواقفهم ومعاييرهم المعرفية، ولجوئهم لها بعد ذلك.
هذا التمييز هو ما دفع ستانوفيتش (2009, 2011) إلى تصنيف هذه المهام باعتبارها تتطلب كفاءة مقصودة متفكرة، لا حسابية (إجرائية) فقط. يَندُر في الدراسات التجريبية أن يُطلب من المشاركين تحديد كيفية المواصلة في مهمة فكرية مفتوحة، ولكنه بالتأكيد سياق يتضمن استخدام عمليات ما فوق الإدراك. سأثبت فيما يلي أن الكفاءات ما فوق الإدراكية متطلب أساسي، ولكنها ليست شرطاً كافياً. فبالإضافة إليها، على الأفراد امتلاك قابلية ما فوق معرفية للاضطلاع بالجهود التي تستلزمها هذه الكفاءات، مع بيان أن القابلية تعني النية على المدى القصير، والميل على المدى البعيد. حيث يتطلب البدء في أي عمل معقد النية والتخطيط اللذان تفتقدهما الاستجابة كرد فعل.
التعليل ومراجعة المعتقدات
لمزيد من البحث في ما فوق الإدراك كقابلية، سأنتقل لبحث التفكير بهدف مراجعة المعتقدات. تختلف مراجعة المعتقدات عن الموضوع السابق: (التفكير بغرض الوصول لنتيجة كهدف لمهمة). حيث يجب أن تبدأ مراجعة المعتقدات بتحكم طوعي موجه ذاتياً من الفرد نفسه، لا أن يكون استجابة لمشكلة تنتظر الحل.
يمكن ربط مراجعة المعتقدات بالأدبيات المكثفة المتعلقة بالتغيير المفاهيمي، والتي قسمها أخصائيو علم النفس المعرفي لقسمين: تغييرات سطحية، عند حدوث إضافة أو تمييز داخل البنية المعرفية. وتغييرات أعمق: تتطلب إعادة التنظيم أو استبدال الهيكل بأكمله (Carey, 2000; Chi, 2008). تغيرت البحوث المتعلقة بالتغيير المفاهيمي، واتخذت منحىً تطبيقياً أكثر بعدما أدخل علماء النفس التربوي «نصوص التفنيد» على تجاربهم (Tippett, 2010; Zengilowski et al., 2021) هادفين إلى إحداث هذا التغيير. تسعى مثل هذه التدخلات لإحداث التغيير عبر تسليط الضوء في نصٍ ما، على مفهوم علمي خاطئ وجدير بالتغيير يحمله الطلاب عادةً، إلى جانب مفهوم جديد أكثر صحة للظاهرة نفسها. تنقل هذه البحوث عامل التغيير من الطالب إلى المعلم أو النص. في المقابل تعطي بعض أبحاث التغيير المفاهيمي اهتماماً كبيراً لعمليات الطلاب العقلية، الموجهة ذاتياً، في تأمل الأفكار الجديدة والتوفيق بينها وبين القديمة (Keleman, 2019; Kim & Kendeou, 2021; Shtulman & Legare, 2020).
أسفرت خطوط البحث هذه عن نتائج مشابهة (الجانب الأيمن من الشكل 1) لتلك التي نوقشت سابقاً فيما يتعلق باستخدام واختيار الاستراتيجيات، الذي يتم على المستوى ما فوق الإدراكي (الجانب الأيسر من الشكل 1) من ناحيتين: أولاً: إن التخلي عن المفهوم الخاطئ يمثل تحدياً تعليمياً أصعب من استيعاب المفهوم الجديد وتقبله. ثانياً: يعد التثبيط على المستوى ما فوق الإدراكي عاملاً رئيسياً في عملية تغيير المعرفة البيانية (Butterfuss & Kendeou, 2020)، كما نوقش سابقاً في حالة تغيير الاستراتيجية (Kuhn, 2001; Kuhn & Pease, 2009). يدعم هذه الادعاءات المتعلقة بمراجعة المعتقدات بحثٌ أظهر أن الأفراد الذين يملكون تثبيطاً ما فوق معرفي أفضل، امتلكوا فرصاً أكبر في إظهار التغيير المفاهيمي المأمول (Mason et al., 2019). لا يمكن تأكيد الدور السببي لهذه المهارة، ولكن الارتباط يوحي بذلك. بالمثل، فإن الطلاب الذين حصلوا على نتائج أفضل في تقييم الأداء التثبيطي، راجعوا معتقداتهم الخاطئة بفعالية أكبر بمجرد أن تبين لهم خطأ تنبؤاتهم (Brod et al., 2020).
تتركز أكثر الأعمال المعاصرة مناقشة، والمتعلقة بتغيير المعتقدات، حول مجال المعتقدات الاجتماعية والسياسية للبالغين. ففي هذه الحالات يؤكد الناس على أن معتقداتهم نتجت عن تفكير متعمد وأن أي تغيير فيها يحدث تحت سيطرتهم الكاملة. إلا أن معظم البالغين لا يدركون تماماً متى يغيرون معتقداتهم ولماذا (Sloman & Fernbach, 2017)، وقد كرس الباحثون اهتماماً بالغاً لتحديد التدخلات الخارجية القادرة على التأثير على المعتقدات التي تُعتبر جديرة بالتغيير (Sloman & Rabb, 2019). وقد أظهر النهج المتعارف عليه والمتمثل في التعرض لمفاهيم جديدة مسوغة، سواء في الكتب المدرسية، أو مجموعات المناقشة مع مشاركين مختلفي التفكير، نتائج مختلطة (Kahan, 2016; Kahne & Bowyer, 2017; Stanley et al., 2020). فالتغيير الحاصل يكون سطحياً وعابراً ومعرضاً لخطر التأثيرات السلبية للاستقطاب. وبناءً على مراجعة البحث اتخذ سلومان وراب Sloman and Rabb (2019) موقفاً قوياً خالصين إلى أن الجهود المدروسة لتغيير معتقدات الناس عبر تعريضهم لبدائل، يندر أن تُكلّل بالنجاح. فهم يرون أن الناس رغم اعترافهم بالآراء المتباينة (Ranney & Clark, 2016)، «يفوّضون» وجهات نظرهم لمجموعات اجتماعية يشعرون بالارتباط بها.
يتجه الفكر الحديث إلى تقبل الناس كما هم، ومساعدتهم على التفكير بعمق في آرائهم (Grant, 2021)، بدلاً من مجرد تعريضهم لآراء الآخرين. إلا أن القيام بذلك يتطلب من الأفراد التقدير وبالتالي امتلاك القابلية (كما هو موضح في أهمية دور القيم على الجانب الأيمن والأوسط للشكل 1). يمكن أن يحصل هذا على انفراد أو خلال محاورة الآخرين المماثلين في التفكير، وقد ثبت أنه يثري حجج المشاركين ويدعم مواقفهم (Kuhn et al., 2019). إن مجرد مطالبتهم بشرح العمليات أو الآليات التي ينطوي عليها موضوع النقاش، يقلل من ثقتهم بآرائهم (Rozenblit & Keil, 2002; Richardson, Sheskin, & Keil, 2021; Sloman & Fernbach, 2017)، ويجعلهم أكثر انفتاحاً للتغيير. Kuhn et al. (2019) ، علاوة على ذلك، لم يثبت أي تغيير في الموقف أو زيادة في التمسك به (الاستقطاب) بعد الحوار مع أناس مماثلين في التفكير إلا في حالات قليلة جداً.
تجدر الإشارة إلى أن تشجيع التفكير التوضيحي لا يخلو من تحديات (Kuhn & Katz, 2009; Legare & Lombrozo, 2014; Walker et al., 2017). يتوق الناس للاستمرارية (Kruglanski et al., 2018; Thagard, 1989)، إذ أن بيان الموقف الذي يلتزم به فردٌ ما وتفصيله قد يؤدي للمبالغة في التعميم (Walker et al., 2017) وزيادة الإيمان به وبالتالي قلة تقبل الأدلة الجديدة Kuhn & Katz, 2009) عند بعض الناس على الأقل.
وسّع كون وكامينغز ويومانز Cummings, and Youmans (2020) نهج التركيز الذاتي، وطلبوا من الأفراد زيادة التفكير في آرائهم الخاصة بدل الآراء المناقضة لها، مع التوسع في هذا التفكير ليشمل الاعتراف بالقضايا غير المحسومة ومعالجتها، والمشاكل المحتملة، وكذلك القيود والتناقضات التي تحويها آراؤهم. افتُرض أن يؤدي ذلك إلى تقليل يقينهم بمواقفهم، وجعلهم أكثر انفتاحاً للتفكير في آراء أخرى، مما يؤدي إلى إثراء التفكير في القضية المطروحة. مثلاً، لو ادّعى أحد المشاركين في هذه الدراسة أنه يجب السماح للأطفال الداخلين إلى البلاد بدون أوراق ثبوتية بالبقاء فيها، ثم طلب منه إصدار حكم بشأن ما إن كان يجب أن يتوسع هذا الموقف ليشمل الوالدين والأشقاء والأجداد والعائلة الممتدة، وفي النهاية لأي شخص يرغب في القدوم. ثبت بطلان الفرضية القائلة بأن هذا الخط من الاستجواب سيقوده للتشكيك في رأيه. وبدلاً من ذلك، أصبح المشاركون أكثر تطرفاً في وجهة نظرهم الأصلية، مقارنة بالمجموعة التي لم تفصّل أو تبرر موقفها الأولي، وأعطت إجابات مختصرة بنعم أو لا. وقد فسر المؤلفون هذا الفرق بحاجة المجموعة التجريبية للحفاظ على استمرارية الموقف الذي التزموا به سابقاً. ونتج عن ذلك أن أصبحت معتقداتهم أكثر تطرفاً من الاتجاه العام حول موضوع شديد الحساسية.
باختصار، لا تضمن عملية استكشاف المعتقدات الخاصة نتيجة معينة. وهذا يعيدنا إلى السؤال المركزي هنا، حول الدور الذي يلعبه الجهد ما فوق الإدراكي في هذه العملية. سأعود لهذا السؤال في القسم التالي في الإطار الأوسع لمناقشة تتضمن الفهم المعرفي epistemological understanding، والقيم الفكرية، وما فوق الإدراك باعتبارها قابلية أي: النية والميل للتصرف بطريقة ما فوق معرفية. أحد الوجوه الرئيسية لتنفيذ هذه النية، هو التمكن التام من مراجعة المعتقدات الشخصية.
المعايير المعرفية، والقيم الفكرية، والأفعال
لماذا يبذل المرء جهداً عقلياً لفحص تفكيره أو تفكير الآخرين؟ لماذا يتضمن الشكل 1 مستوى ما فوقي؟ من الواضح أن هناك تبايناً فردياً كبيراً في الرغبة في فحص التفكير: أظهرت العديد من أدوات التقييم مثل cognition scale معيار إدراكي Need for Cognition scale (Cacioppo & Petty, 1982) وتقييم التفكير المنفتح النشط Assessment of Actively Open-Minded Thinking (Baron, 2019) تبايناً فردياً في الميل للتفكير في التفكير، وليس في حال تطلب الوضع ذلك فقط.
إلا أن بارون وآخرون Baron et al (2015) انتقدوا الصياغة الأكثر شيوعاً لمهمة التفكر الإدراكي Cognitive Reflection (المضرب والكرة) بوصفها نموذجاً لعملية ثنائية، حيث يثبّط المستجيب الناجح الاستجابة السريعة لصالح التفكير البطيء المتعمد (Stanovich & West, 2000; Toplak et al., 2011). ويرى بارون وآخرون أن من الأنسب صياغة هذه المهمة بوصفها بعداً أحادي العملية، يشبه الاندفاع والتروي reflection-impulsivity: ما مقدار الاهتمام الذي يكرسه المرء لمهمة عقلية (سواء احتوت على إغراء بالإجابة الخاطئة أم لا)؟ هل يتجنب الفرد الإغلاق المبكرpremature closure ويضع الاهتمام الكافي للمهمة للوصول لحل صحيح؟ (سبقت الإشارة إلى أن هذا التثبيط السلوكي والمتمثل في الإغلاق المبكر يختلف عن تثبيط الانتباه للمعرفة الشخصية والتي ذُكرت سابقاً باعتبارها ضرورية لما فوق الإدراك.)
شكك آخرون أيضاً في مناسبة نموذج العملية الثنائية، المتضمن تفكيراً ما فوق معرفي لمهمة التفكر الإدراكي Cognitive Reflection (De Neys & Pennycook, 2019). واتفقوا مع الادعاء السابق في ذكره بأن المهمة لا تحتاج إلى جهد ما فوق إدراكي . يُزعم بدلاً من ذلك أنها تستخدم الميل للاستثمار الإدراكي في المهمة (حيث يزيد هذا الاستثمار احتمالية إنتاج إجابة صحيحة). تشير هذه الصياغة التي تشبّه الميل بالاندفاع والتروي إلى حالة شخصية أو سمة مزاجية. توجد بعض الدلائل على وجود ميل للاستثمار الفكري كصفة مستقرة عبر السياقات المختلفة (Stanovich & West, 1997)، إلا أن هذا الميل أكبر من مجرد بعد للشخصية أو المزاج مثل الاندفاع والتروي. ويساهم فيه عنصر معرفي مهم يتطلب اهتماماً خاصاً (Barzilai & Zohar, 2014; Barzilai & Ka’adan, 2017; Chinn et al., 2020; Moshman, 2021). وهذا يعيدنا إلى مفهوم القيمة الذي يتكرر ظهوره في الشكل 1. يميل الأفراد إلى المشاركة معرفياً لإيمانهم بقيمتها، وبأنها تستحق العناء. وتحدد هذه القيمة مدى استعدادهم للمشاركة في أي نشاط، وخاصة لو كان نشاطاً مرهقاً كالتفكير. الجدير بالذكر أن الإشارة هنا للقيم والميل للقيام بالعمل العقلي والتفكير بشكل عام، وليس لتقدير أنشطة معينة قد يكون لها أبعاد فكرية، وفي هذه الحالة تلعب القيمة دوراً محورياً أيضاً. (Eccles & Wigfield, 2020).
تملك الأفعال القدرة على النمو بقدر الكفاءات، في ظل توافر الظروف الميسرة. ننتقل الآن من الميل للانخراط الإدراكي إلى الميل للانخراط ما فوق الإدراكي، حيث الميل لبذل الجهد الذي يتطلبه التفكير في التفكير هو ما أطلق عليه سبيربر وآخرون Sperber et al. (2010) «اليقظة المعرفية Epistemic Vigilance». وضع علم النفس النمائي مرة أخرى الأساس بتعريف التقدم في الفهم المعرفي epistemological understandingوالذي يعد أساساً مهماً للقابلية ما فوق الإدراكية (Perry, 1970; King & Kitchener, 1994; Kuhn, 2009, 2020; Moshman, 2015, 2021). وتكمن أصوله النمائية في المفهوم المشار إليه سابقاً، في أن العقول الأخرى تحمل معتقدات خاطئة). يتطور هذا المفهوم لمفهوم أكثر صحة معرفياً حيث تُرى المعرفة بوصفها منتجاً للعقول البشرية بدلاً من كونها موجوداً مستقلاً في العالم الخارجي. لكن هذا التقدم يحدث في البداية لمفهوم المعرفة بوصفها مجموعة من الآراء الشخصية المتعددة – والتي تنشأ كطريقة لفهم الاكتشاف الحتمي للادعاءات المتباينة والتي تبدو معقولة غالباً (Amemiya et al., 2021; Barzilai & Ka’adan, 2017; Bråten et al., 2011; Kuhn, 2020).
مع الوقت تتسق الأبعاد الشخصية والموضوعية عند البعض، لتصل إلى فهم المعرفة كحكم -بدلاً من كونها حقيقة غير قابلة للتغيير أو رأي مطلق- مبني على التقييم في إطار من البدائل والأدلة، وبالتالي تخضع للتغيير (Greene et al., 2016; Kuhn, 2020; Moshman, 2021). يمكن للمؤمن المطلق بواقع موضوعي واحد، أن يرفض ببساطة واحداً من ادعاءين متباينين، معتبراً إياه اعتقاداً خاطئاً يتطلب التصحيح. لا يواجه المتعدد – الذي يعترف بتعدد الآراء – أي مهمة مصالحة لأنه يعتبر الادعاءات ممتلكات شخصية، لأصحابها حرية اختيارها، مثل قطع الملابس. وفي المقابل، فإن المقيّم – الساعي إلى تقييم الآراء المختلفة وتحكيمها – يدعم الحق في إبداء الرأي، دون الاستسلام لوجهة النظر القائلة، بأن جميع الآراء صحيحة بالتساوي وبالتالي لا تخضع للتدقيق. (انظر التقدم الموضح في الشكل 1 من الحقائق إلى الآراء إلى الادعاءات) إذاً، يصبح التحقيق والتوفيق بين الادعاءات مهمة تستحق الجهد الفكري الذي تستلزمه على المستوى التقييمي فقط. إن أساس هذا العمل ما فوق معرفي – ماذا أعرف؟ ماذا تعرف؟ كيف أحكم على ما تعرفه؟ – ، وصولاً إلى السؤال المعرفي العام الذي يتجلى عبر العديد من التخصصات (Chinn et al., 2020; Greene et al., 2016; Moshman, 2021): كيف يعرف أي شخص أي شيء؟
يتضح أن مظاهر الاختلافات في الفهم المعرفي متباعدة، من الأوساط الأكاديمية (Greene et al., 2018) إلى غرف مداولات هيئة المحلفين (Weinstock, 2016; Warren et al., 2010). في المقابل يبقى سؤال ما إن كانت تجب الإشارة للبحث المعرفي الأعمّ، المتمثل في التفكير في طبيعة التعرف والمعرفة كأحد عمليات ما فوق الإدراك، أو يمكن أن يقال العكس مع كون الفهم المعرفي فئةً عليا. شكَّل هذا التصنيف مصدر قلق لعدد من المؤلفين (Barzilai & Zohar, 2014; Barzilai & Ka’adan, 2017; Hofer & Sinatra, 2010; Mason & Bromme, 2010; Moshman, 2015, 2021; Weinstock, Kienhues, et al., 2017)، لكن غالبية المؤلفين المهتمين بالفهم المعرفي، تركوا مفهوم ما فوق الإدراك؛ لعدم اعتقادهم بضروريته لبحوثهم المعقدة أصلاً. يميل الباحثون في علاقة ما فوق الإدراك بالفهم المعرفي، إلى انتقاد صيغ بعضهم البعض (Barzilai & Zohar, 2014; Moshman, 2021)، إلا أنهم يتفقون من ناحيتين. أولاً: إن ما فوق الإدراك، شأنه شأن الفهم المعرفي، كيان معقد يشتمل على جوانب متعددة. ثانياً: يعتمد تقاطعهما على كيفية تعريف كل منهما بالضبط، حيث يميل الدارسون للفهم المعرفي إلى رؤيته بوصفه المحرك للاثنين، وقد طرحت وجهة النظر هذه هنا.
استنتاجات
الكفاءة، والقيمة، والقابلية عوامل رئيسية في ما فوق الإدراك
يوفر الحديث السابق عن الإنجاز المعرفي epistemological achievemnet ، خاتمة جيدة لاحتوائه على الأبعاد الثلاثة التي أشرت لانتمائها لما فوق الإدراك: الكفاءة (وتشمل المفاهيم المعرفية والكفاءة التثبيطية والمعارف: الإجرائية والبيانية) والقيم والأفعال. يجمع الشكل 1 بين الثلاثة، بالإضافة إلى تصوير ما فوق الإدراك كعنصر أساسي يتحكم في العديد من أنواع المعرفة البشرية. في المجال المعرفي، يمثل التقدم في الشكل 1 من الحقائق إلى الآراء إلى الادعاءات، اكتساب الكفاية المتعلقة بالفهم العام لماهية المعرفة. علاوة على ذلك، تدعم القيم الأفعال التي تحدد كيفية العمل على هذا للفهم، وبالتالي مدى استعمال اليقظة المعرفية epistemic vigilance، كما يتضح من الشكل 1. اقتُرحت روابط مماثلة بين المفاهيم في الشكل 1 في الأقسام السابقة، يفحص كل منها أحد الأوجه التي يتجلى بها الجهد ما فوق الإدراكي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكفاءة تشمل القدرة على العمل، وكذلك القدرة على التثبيط، وأن القيمة تملك تأثيراً شاملاً.
تقود القيمة الأفعال، وقد ذكرت سببين لأهمية الأفعال ما فوق الإدراكية. الأول: أنها تدعم وتراقب الأفعال – الأداء أهم من الكفاءة فقط. والثاني: أنها قابلة للتطور إلى جانب الكفاءات ما فوق الإدراكية. تزداد قوة المفاهيم في الشكل 1 ويتحسن عملها مع زيادة الخبرة.
يمكن تطوير القدرات ما فوق الإدراكية والأفعالdispositions من جميع النواحي، ولكل الأسباب التي يشير لها البحث الحالي لأحوالهم المتعددة. تساعد عمليات ما فوق الإدراك على السيطرة على العقل من ناحيتين رئيسيتين، أولاً: من حيث إدارة وظائفه لتحقيق الأهداف. ثانياً: التحكم في تطور المعتقدات عند التعرض لتجارب وأفكار ومؤثرات جديدة. تُمكّن عمليات ما فوق الإدراك المكتملة والمُدارة جيداً من تغيير الرأي تغييراً إيجابياً، من خلال تمكين الفرد من التحكم بالعملية (Baron, 2019; Moshman, 2021). تشير قلة تغيير المرء لوجهات نظره، أو كثرتها إلى ضعف الإدارة ما فوق الإدراكية.
من الأفضل تطوير قدرات ما فوق الإدراك والأفعال إلى أقصى حد ممكن. وآمل من خلال هذه المساهمة أن أساعد في إنشاء أساس أكثر ثباتاً لتحقيق هذا الهدف، باقتراح إطار مفاهيمي يصل الحالات المتباينة التي تتجلى فيها عمليات ما فوق الإدراك – مع التأكيد على الكفاءة التثبيطية والتحكم، كعمليتين ضروريتين في الإدارة العقلية، والقابلية كمحرك لعمليات ما فوق الإدراك في تفاعلات الفرد مع العالم من حوله.
تعزيز تطور العمليات ما فوق الإدراكية
يدعم التفاعل مع الآخرين تطور العمليات ما فوق الإدراكية، إلا أن الفرد مسؤول مسؤولية تامة عن إدارة هذه الجهود، وعليه تقديرها بما يكفي ليؤمن أنها تستحق الجهد المترتب عليها. وقد سعى الكثيرون لإيجاد طرق لتعزيز مثل هذا التطور، سواء عبر البحوث الرسمية أو غير الرسمية، وهي أكثر من أن تُراجع هنا. يستفيد الصغار والكبار من التذكير بـ «إعادة التفكير» أو بصراحة أكبر «التفكير فيما تقوله». إن تطور عمليات ما فوق الإدراك ليس تكاملياً، ولا تتحقق المكاسب بسهولة. بل يحتاج استثماراً مستداماً للجهد، والتيقّظ في المواقف التي تقدّر هذا الجهد، وحيث يمكن للأفراد رؤية نتائج استثمارهم. بعيداً عن بيئة غنية بالخبرات الجديدة والمتنوعة، والتي تعزز التطور المعرفي بشكل عام، ما الذي يعزز تطور العمليات ما فوق الإدراكية؟
تنعكس مساهمتي في البحث عن طرق لدعم تطور العمليات ما فوق الإدراكية في البحث الذي أجري مؤخراً بالتعاون مع أرفيدسون Arvidsson (Arvidsson & Kuhn, 2021; Kuhn et al., 2015, 2017). يُثبت هذا البحث أن التدخلات الإدراكية أقوى على المستوى ما فوق الإدراكي. نجحت التدخلات الفردية التي قام بها أرفيدسون وكون Arvidsson and Kuhn (2021) لأنهما تمكنا من مقابلة طالب في الوقت المناسب، بينما فسّرا الأدلة وكوّنا استنتاجات في مهمة استقصائية تتعلق بتحليل نظام سببي متعدد المتغيرات، وهي مهارة مهمة في التفكير العلمي والتفكير العالي بشكل عام (Kuhn, 2020). طُلب من الطلاب أكثر من مرة «إعادة التفكير» – «كيف عرفت أن الأمر كذلك؟» أو «هل توجد احتمالات أخرى؟» سهلت التكنولوجيا المستخدمة لخدمة الأهداف ما فوق الإدراكية توسيع نطاق التدخل بنجاح إلى مستوى الفصل بأكمله، ولكن فقط في حال وجود شخص بالغ (Arvidsson & Kuhn, 2021). ومن خلال استثمار الميسر البالغ الواضح في أهداف البحث يُتوقع أن يكون قد بيّن للطلاب البعد الأساسي لتقييم النشاط – أن هناك ما يستحق الاكتشاف. قلّ دعم أنشطة الطلاب في الفصل الدراسي، حتى يواجهوا التحدي النافع المتمثل في الشك في كيفية المواصلة (Lamnina & Chase, 2019).
تضيف الآثار التعليمية الواسعة المستمدة من مثل هذا العمل للقابلية ما فوق الإدراكية، وللقيمة، مفهومين مرتبطين بهما ألا وهما: القدرة والاستقلال. تفتقر الفصول الدراسية اليوم لتجربة اختيار طريقة تكوين المهمة، أو اختيار المهمة، أو اختيار دليل صحيح لدعم ادعاء ما، مثلما أشارت دراسة كون ومودريك Kuhn and Modrek (2021a) المذكورة سابقاً والتي وجدت أن طلاب الجامعات عاجزون عن ذلك. وتبقى المهام المبنية بطريقة تسمح بعدد محدود من الاستجابات هي الرائجة في الفصول الدراسية ومختبرات البحث. وتزداد احتمالية مشاركة الأطفال في استكشافات أكثر بعد مواجهتهم لمعلومات متعارضة، من مرحلة ما قبل المدرسة إلى فصول الابتدائية المبكرة (Ronfard et al., 2018) ولكن الأدلة أقل على استمرار تأكدهم من معارفهم مع نموهم.
يتعلم الطلاب الإدارة الذاتية العقلية، عبر الفرص المستمرة، التي تسمح ببدئها وممارستها باستقلالية، والتي تمكنهم من تقييمها وبالتالي امتلاك القابلية لممارستها. علاوة على ذلك، وجدت روابط بين التنظيم الذاتي المعرفي (عكس السلوكي) ومقاييس النجاح في المدرسة (Modrek & Ramirez, 2021; Modrek & Sandoval, 2020). يجب أن يسعى المعلمون لتوفير الفرص للطلاب لممارسة مثل هذه الاستقلالية أثناء سعيهم لتحقيق أهداف قيّمة بالنسبة لهم، هادفين لدعم تطور الطلاب في إدارة العمليات ما فوق الإدراكية لتفكيرهم، سواء بشكل مستقل، أو عند التفاعل مع الآخرين.
المراجع:
Amemiya, J., Walker, C., & Heyman, G. (2021). Children’s developing ability to resolve disagreements by integrating perspectives. Child Development. Advance online publication. https://doi.org/10.1111/ cdev.13603
Arvidsson, T. S., & Kuhn, D. (2021). Realizing the full potential of individualizing learning. Contemporary Educational Psychology, 65, 101960. https://doi.org/10.1016/j.cedpsych.2021.101960
Baron, J. (2019). Actively open-minded thinking in politics. Cognition, 188, 8–18. https://doi.org/10.1016/j.cognition.2018.10.004
Baron, J., Scott, S., Fincher, K., & Metz, S. E. (2015). Why does the Cognitive Reflection Test (sometimes) predict utilitarian moral judg- ment (and other things)? Journal of Applied Research in Memory and Cognition, 4(3), 265–284. https://doi.org/10.1016/j.jarmac.2014. 09.003
Barzilai, S., & Ka’adan, I. (2017). Learning to integrate divergent infor- mation sources: the interplay of epistemic cognition and epistemic metacognition. Metacognition and Learning, 12(2), 193–232. https:// doi.org/10.1007/s11409-016-9165-7
Barzilai, S., & Zohar, A. (2014). Reconsidering Personal Epistemology as Metacognition: A Multifaceted Approach to the Analysis of Epistemic Thinking. Educational Psychologist, 49(1), 13–35. https:// doi.org/10.1080/00461520.2013.863265
Best, J., & Miller, P. (2010). A developmental perspective on executive function. Child Development, 81(6), 1641–1660.
Bloom, P., & German, T. (2000). Two reasons to abandon the false belief task as a test of theory of mind. Cognition, 77(1), B25–31.
Borkowski, J., Carr, M., & Pressley, M. (1987). Spontaneous” strategy use: Perspectives from metacognitive theory. Intelligence, 11(1), 61–75. https://doi.org/10.1016/0160-2896(87)90027-4
Bråten, I., Britt, M. A., Strømsø, H. I., & Rouet, J.-F. (2011). The role of epistemic beliefs in the comprehension of multiple expository texts: Toward an integrated model. Educational Psychologist, 46(1), 48–70. https://doi.org/10.1080/00461520.2011.538647
Brod, G., Breitwieser, J., Hasselhorn, M., & Bunge, S. A. (2020). Being proven wrong elicits learning in children—But only in those with higher executive function skills. Developmental Science, 23(3), e12916. https://doi.org/10.1111/desc.12916
Brown, A. (1975). The development of memory: Knowing, knowing about knowing, and knowing how to know. In H. Reese (Ed.) Advances in Child Development and Behavior, 10, 103–152.
Burnside, K., Ruel, A., Azar, N., & Poulin-Dubois, D. (2018). Implicit false belief across the lifespan: Non-replication of an anticipatory looking task. Cognitive Development, 46, 4–11. https://doi.org/10. 1016/j.cogdev.2017.08.006
Butterfuss, R., & Kendeou, P. (2020). Reducing interference from mis- conceptions: The role of inhibition in knowledge revision. Journal of Educational Psychology, 112(4), 782–794. https://doi.org/10.1037/ edu0000385
Cacioppo, J. T., & Petty, R. E. (1982). The need for cognition. Journal of Personality and Social Psychology, 42(1), 116–131. https://doi.org/ 10.1037/0022-3514.42.1.116
Carey, S. (2000). Science education as conceptual change. Journal of Applied Developmental Psychology, 21(1), 13–19. https://doi.org/10. 1016/S0193-3973(99)00046-5
Cary, M., & Reder, L. (2002). Metacognition in strategy selection. In P. Chambres M. Izaute, & P. Marescaux (Eds.), Metacognition. Springer.
Chi, M. T. H. (2008). Three types of conceptual change: Belief revision, mental model transformation and categorical shift. In S. Vosniadou (Ed.), Handbook of research on conceptual change. (pp. 61–82). Erlbaum.
Chinn, C. (2006). The microgenetic method: Current work and exten- sions to classroom research. In J. Green, G. Camilli, & P. Elmore (Eds.), Handbook of complementary methods in education research. Routledge.
Chinn, C., Barzilai, S., & Duncan, R. (2020). Disagreeing about how to know: The instructional value of explorations into knowing. Educational Psychologist, 55(3), 167–180. doi https://doi.org/10.1080/ 00461520.2020.1786387
De Neys, W., & Pennycook, G. (2019). Logic, fast and slow: Advances in dual-process theorizing. Current Directions in Psychological Science, 28(5), 503–509. https://doi.org/10.1177/0963721419855658
Diana, N. (2020). Value-adaptive instruction: Improving the productivity of civil discourse and addressing bias. Unpublished doctoral disserta- tion, Carnegie Mellon University, Pittsburgh PA.
Dinsmore, D., Alexander, P., & Loughlin, S. (2008). Focusing the con- ceptual lens on metacognition, self-regulation, and self-regulated learning. Educational Psychology Review, 20(4), 391–409. https://doi. org/10.1007/s10648-008-9083-6
Dunning, D. (2011). The Dunning–Kruger effect: On being ignorant of one’s own ignorance. In J. Olson & M. Zanna (Eds.), Advances in Experimental Social Psychology., 44, 247–296.
Eccles, J., & Wigfield, A. (2020). From expectancy-value theory to situ- ated expectancy-value theory: A developmental, social cognitive, and sociocultural perspective on motivation. Contemporary Educational Psychology, 61, 101859. https://doi.org/10.1016/j.cedpsych.2020. 101859
Evans, J., St, B. T., & Curtis-Holmes, J. (2005). Rapid responding increases belief bias: Evidence for the dual-process theory of reason- ing. Thinking & Reasoning, 11(4), 382–389. https://doi.org/10.1080/ 13546780542000005
Felton, M., & Kuhn, D. (2001). The development of argumentive dis- course skill. Discourse Processes, 32(2), 135–153. https://doi.org/10. 1207/S15326950DP3202&3_03
Finn, B., & Metcalfe, J. (2014). Overconfidence in children’s multi-trial judgments of learning. Learning and Instruction, 32, 1–9. https://doi. org/10.1016/j.learninstruc.2014.01.001
Fischer, K., & Bidell, T. (1991). Constraining nativist inferences about cognitive capacities. In S. Carey & R. Gelman (Eds.), The epigenesis of mind: Essays on biology and cognition. Erlbaum.
Flavell, J. H. (1979). Metacognition and cognitive monitoring: A new area of cognitive–developmental inquiry. American Psychologist, 34(10), 906–911. https://doi.org/10.1037/0003-066X.34.10.906
Frazier, L. D., Schwartz, B. L., & Metcalfe, J. (2021). The MPS model of self-regulation: Integrating metacognition, agency, and possible selves. Metacognition and Learning, 16(2), 297–318. https://doi.org/ 10.1007/s11409-020-09255-3
Frederick, S. (2005). Cognitive reflection and decision making. Journal of Economic Perspectives, 19(4), 25–42. https://doi.org/10.1257/ 089533005775196732
Gergen, K. (2015). An invitation to social construction. Sage. (3rd ed.) Gopnik, A., & Graf, P. (1988). Knowing how you know: Young child- ren’s ability to identify and remember the sources of their beliefs. Child Development, 59(5), 1366–1371. https://doi.org/10.2307/1130499
Graesser, A. C., Fiore, S. M., Greiff, S., Andrews-Todd, J., Foltz, P. W., & Hesse, F. W. (2018). Advancing the science of collaborative prob- lem solving. Psychological Science in the Public Interest, 19(2), 59–92. https://doi.org/10.1177/1529100618808244
Grant, A. (2021). Think again. Viking Press.
Greene, J., Cartiff, B., & Duke, R. (2018). A meta-analytic review of the relationship between epistemic cognition and academic achievement. Journal of Educational Psychology, 110(8), 1084–1111. https://doi. org/10.1037/edu0000263
Greene, J., Sandoval, W., & Bra ̊ten, I. (2016). (Eds.). Handbook of epi- stemic cognition. Routledge.
Hayashi, Y. (2020). Gaze awareness and metacognitive suggestions by a pedagogical conversational agent: an experimental investigation on interventions to support collaborative learning process and perform- ance. International Journal of Computer-Supported Collaborative Learning, 15(4), 469–498. https://doi.org/10.1007/ s11412-020-09333-3
Hofer, B., & Sinatra, G. (2010). Epistemology,metacognition, and self- regulation: musings on an emerging field. Metacognition and Learning, 5(1), 113–120. https://doi.org/10.1007/s11409-009-9051-7
Inhelder, B., & Piaget, J. (1958). The growth of logical thinking from childhood to adolescence. Basic Books.
Iordanou, K. (2016). From theory of mind to epistemic cognition. A lifespan perspective. Frontline Learning Research, 4(5), 106–119. https://doi.org/10.14786/flr.v4i5.252
Iordanou, K., & Constantinou, C. (2015). Supporting use of evidence in argumentation through practice in argumentation and reflection in the context of SOCRATES learning environment. Science Education, 99(2), 282–311. https://doi.org/10.1002/sce.21152
Iordanou, K., & Kuhn, D. (2020). Contemplating the opposition: Does a personal touch matter? Discourse Processes, 57(4), 343–359. https:// doi.org/10.1080/0163853X.2019.1701918
Jacobson, M., Kapur, M., & Reimann, P. (2016). Conceptualizing debates in learning and educational research: Toward a complex systems conceptual framework of learning. Educational Psychologist, 51(2), 210–218. https://doi.org/10.1080/00461520.2016.1166963
€arvel€a,S.,J€arvenoja,H.,Malmberg,J.,Isoh€at€al€a,J.,&Sobocinski,M. (2016). How do types of interaction and phases of self-regulated learning set a stage for collaborative engagement? Learning and Instruction, 43, 39–51. https://doi.org/10.1016/j.learninstruc.2016.01.005
Kahan, D. (2016). The politically motivated reasoning paradigm, Part 2: Unanswered questions. In R. Scott & S. Kosslyn (Eds.), Emerging trends in the social and behavioral sciences. Wiley.
Kahne, J., & Bowyer, B. (2017). Educating for democracy in a Partisan age: Confronting the challenges of motivated reasoning and misin- formation. American Educational Research Journal, 54(1), 3–34. https://doi.org/10.3102/0002831216679817
Keleman, D. (2019). Counterintuitive concepts in early childhood. Perspectives on Psychological Science, 14, 510–522.
Kim, J., & Kendeou, P. (2021). Knowledge transfer in the context of refutation texts. Contemporary Educational Psychology, 67, 102002. https://doi.org/10.1016/j.cedpsych.2021.102002
King, P., & Kitchener, K. (1994). Developing reflective judgment: Understanding and promoting intellectual growth and critical think- ing in adolescents and adults. Jossey-Bass.
Klaczynski, P. (2000). Motivated scientific reasoning biases, epistemo- logical beliefs, and theory polarization: A two-process approach to adolescent cognition. Child Development, 71(5), 1347–1366. https:// doi.org/10.1111/1467-8624.00232
Kruglanski, A., Jasko, K., Milyavsky, M., Chernikova, M., Webber, D., Pierro, A., & di Santo, D. (2018). Cognitive consistency theory in social psychology: A paradigm reconsidered. Psychological Inquiry, 29(2), 45–59. https://doi.org/10.1080/1047840X.2018.1480619
Kuhn, D. (1991). The skills of argument. Cambridge University Press.
Kuhn, D. (1993). Science as argument: Implications for teaching and learning scientific thinking. Science Education, 77(3), 319–337. https://doi.org/10.1002/sce.3730770306
Kuhn, D. (1995). Microgenetic study of change: What has it told us? Psychological Science, 6(3), 133–139. https://doi.org/10.1111/j.1467- 9280.1995.tb00322.x
Kuhn, D. (2000). Theory of mind, metacognition and reasoning. In P. Mitchell & K. Riggs (Eds.), Children’s reasoning and the mind. Psychology Press.
Kuhn, D. (2001). Why development does (and doesn’t) occur: Evidence from the domain of inductive reasoning. In R. Siegler & J. McClelland (Eds.), Mechanisms of cognitive development: Neural and behavioral perspectives. Erlbaum.
Kuhn, D. (2009). The importance of learning about knowing: Creating a foundation for development of intellectual values. Child Development Perspectives, 3(2), 112–117. https://doi.org/10.1111/j. 1750-8606.2009.00089.x
Kuhn, D. (2010). Teaching and learning science as argument. Science Education, 94(5), 810–824. https://doi.org/10.1002/sce.20395
Kuhn, D. (2011). What is scientific thinking and how does it develop?. In U. Goswami (Ed.), Handbook of childhood cognitive development. Blackwell. (2nd ed.)
Kuhn, D. (2016). Learning is the key 21st century skill. Learning: Research and Practice, 2, 88–99.
Kuhn, D. (2019). Critical thinking as discourse. Human Development, 62(3), 146–164. https://doi.org/10.1159/000500171
Kuhn, D. (2020). Why is reconciling divergent views a challenge? Current Directions in Psychological Science, 29(1), 27–32. https://doi. org/10.1177/0963721419885996
Kuhn, D., Arvidsson, T. S., Lesperance, R., & Corprew, R. (2017). Can engaging in science practices promote deep understanding of them? Science Education, 101(2), 232–250. https://doi.org/10.1002/sce.21263
Kuhn, D., Capon, N., & Lai, H. (2020). Talking about group (but not individual) process aids group performance. International Journal of Computer-Supported Collaborative Learning, 15(2), 179–192. https:// doi.org/10.1007/s11412-020-09321-7
Kuhn, D., Cummings, A., & Youmans, M. (2020). Is reasoning a fruit- ful path to changing minds? Discourse Processes, 57(1), 36–47. https://doi.org/10.1080/0163853X.2019.1646566
Kuhn, D., Floyd, D., Yaksick, P., Halpern, M., & Ricks, W. (2019). How does discourse among like-minded individuals affect their thinking about a complex issue? Thinking & Reasoning, 25(3), 365–382. https://doi.org/10.1080/13546783.2018.1532460
Kuhn, D., Garcia-Mila, M., Zohar, A., & Andersen, C. (1995). Strategies of knowledge acquisition. Society for Research in Child Development Monographs, 60 (4)Serial no., 245.
Kuhn, D., & Katz, J. (2009). Are self-explanations always beneficial? Journal of Experimental Child Psychology, 103(3), 386–394.
Kuhn, D., & Lerman, D. (2021). Yes but: Developing a critical stance toward evidence. International Journal of Science Education, 43(7), 1036–1053. https://doi.org/10.1080/09500693.2021.1897897
Kuhn, D., & Modrek, A. (2018). Do reasoning limitations undermine discourse? Thinking & Reasoning, 24(1), 97–116. https://doi.org/10. 1080/13546783.2017.1388846
Kuhn, D., & Modrek, A. (2021a). Choose your evidence: Scientific thinking where it may most count. Science and Education. Advance online publication. https://doi.org/10.1007/s11191-021-00209-y
Kuhn, D., & Modrek, A. (2021b). Mere Exposure to dialogic framing enriches argumentive thinking. Applied Cognitive Psychology, 35(5), 1349–1355. https://doi.org/10.1002/acp.3862
Kuhn, D., & Pease, M. (2006). Do children and adults learn differently? Journal of Cognition and Development, 7(3), 279–293. https://doi. org/10.1207/s15327647jcd0703_1
Kuhn, D., & Pease, M. (2008). What needs to develop in the develop- ment of inquiry skills? Cognition and Instruction, 26(4), 512–559. https://doi.org/10.1080/07370000802391745
Kuhn, D., & Pease, M. (2009). The dual components of developing strategy use: Production and inhibition. In H.S. Waters & W. Schneider (Eds.), Metacognition, strategy use, and instruction. Guilford Press.
Kuhn, D., & Phelps, E. (1982). The development of problem-solving strategies. In H. Reese (Ed.), Advances in child development and behavior., Vol. 17. Academic Press.
Kuhn, D., Ramsey, S., & Arvidsson, T. S. (2015). Developing multivari- able thinkers. Cognitive Development, 35, 92–110. https://doi.org/10. 1016/j.cogdev.2014.11.003
Kunda, Z. (1990). The case for motivated reasoning. Psychological Bulletin, 108(3), 480–498. https://doi.org/10.1037/0033-2909.108.3.480
Lamnina, M., & Chase, C. (2019). Developing a thirst for knowledge: How uncertainty in the classroom influences curiosity, affect, learn- ing, and transfer. Contemporary Educational Psychology, 59, 101785–101713. https://doi.org/10.1016/j.cedpsych.2019.101785
Legare, C., & Lombrozo, T. (2014). Selective effects of explanation on learning during early childhood. Journal of Experimental Child Psychology, 126, 198–212.
Lehrer, R., & Schauble, L. (2015). The development of scientific think- ing. In L. Liben (Vol. Ed.) & R. Lerner (Series Ed.), Handbook of child psychology and developmental science. (Vol. 2). Wiley.
Leslie, A. (1987). Pretense and representation: The origins of “theory of mind. Psychological Review, 94(4), 412–426. https://doi.org/10.1037/ 0033-295X.94.4.412
Lieder, F., & Griffiths, T. (2017). Strategy selection as rational metarea- soning. Psychological Review, 124(6), 762–794.
Macagno, F. (2016). Argument relevance and structure: Assessing and developing students’ uses of evidence. International Journal of Educational Research, 79, 180–194. https://doi.org/10.1016/j.ijer.2016. 07.002
Macagno, F., & Walton, D. (2018). Practical reasoning arguments: A modular approach. Argumentation, 32(4), 519–547. https://doi.org/ 10.1007/s10503-018-9450-5
Mason, L., & Bromme, R. (2010). Situating and relating epistemological beliefs into metacognition: Studies on belief about knowledge and knowing. Metacognition and Learning, 5(1), 1–6. https://doi.org/10. 1007/s11409-009-9050-8
Mason, L., Zaccoletti, S., Caretti, B., Scrimin, S., & Diakidoy, I. (2019). The role of inhibition in conceptual learning from refutation and standard expository texts. Journal of Science and Mathematics Education, 17, 483–501.
Mercier, H., & Sperber, D. (2017). The enigma of reason. Harvard University Press.
Modrek, A., & Ramirez, G. (2021). Cognitive regulation outdoes behav- ior regulation in predicting state standardized test scores over time. Metacognition and Learning, 16(1), 113–134. https://doi.org/10.1007/ s11409-020-09242-8
Modrek, A., & Sandoval, W. (2020). Can autonomy play a role in causal reasoning? Cognitive Development, 54, 100849. https://doi.org/ 10.1016/j.cogdev.2020.100849
Moshman, D. (2004). From inference to reasoning: The construction of rationality. Thinking & Reasoning, 10(2), 221–239. https://doi.org/10. 1080/13546780442000024
Moshman, D. (2011). Adolescent psychological development: Rationality, morality, and identity (3rd ed.). Erlbaum.
Moshman, D. (2015). Epistemic cognition and development: The psych- ology of justification and truth. Psychology Press.
Moshman, D. (2021). Reasoning, argumentation, and deliberative dem- ocracy. Routledge.
Pedaste, M., M€aeots, M., Siiman, L., de Jong, T., van Riesen, S., Kamp, E., Manoli, C., Zacharia, Z., & Tsourlidaki, E. (2015). Phases of inquiry-based learning: Definitions and the inquiry cycle. Educational Research Review, 14, 47–61. 10.1016/j.edurev.2015. 02.003
Pennycook, D., & Rand, D. (2019). Lazy, not biased: Susceptibility to partisan fake news is better explained by lack of reasoning than by motivated reasoning. Cognition, 188, 39–50. https://doi.org/10.1016/j. cognition.2018.06.011
Perner, J. (1991). Understanding the representational mind. MIT Press. Perry, W. (1970). Forms of intellectual and ethical development in the college years. Holt, Rinehart, & Winston.
Quesque, F., & Rossetti, Y. (2020). What do theory-of-mind tasks actually measure? Perspectives on Psychological Science : a Journal of the Association for Psychological Science, 15(2), 384–396. https://doi.org/ 10.1177/1745691619896607
Ranney, M. A., & Clark, D. (2016). Climate change conceptual change: Scientific information can transform attitudes. Topics in Cognitive Science, 8(1), 49–75.
Richardson, E., Sheskin, M., & Keil, F. (2021). Illusion of self-suffi- ciency for learning about artifacts in scaffolded learners, but not observers. Child Development, 92(4), 1523–1538. http://dx.doi.org/10. 1111/cdev.13506
Roebers, C. (2017). Executive function and metacognition: Towards a unifying framework of cognitive self-regulation. Developmental Review, 45, 31–51. https://doi.org/10.1016/j.dr.2017.04.001
Ronfard, S., Chen, E., & Harris, P. (2018). The emergence of the empirical stance: Children’s testing of counterintuitive claims. Developmental Psychology, 54(3), 482–493.
Rozenblit, L., & Keil, F. (2002). The misunderstood limits of folk sci- ence: an illusion of explanatory depth. Cognitive Science, 26(5), 521–562.
Ruffman, T., Perner, J., & Parkin, L. (2001). How parenting style affects false belief understanding. Social Development, 8(3), 395–411. https://doi.org/10.1111/1467-9507.00103
Sa,W.,West,R.,&Stanovich,K.(1999).Thedomainspecificityand generality of belief bias: Searching for a generalizable critical think- ing skill. Journal of Educational Psychology, 91(3), 497–510. https:// doi.org/10.1037/0022-0663.91.3.497
Schneider, W., & Lo€ffler, E. (2016). The development of metacognitive knowledge in children and adolescents. In J. Dunlosky & S. K. Tauber (Eds.), Oxford library of psychology. The Oxford handbook of metamemory. (pp. 491–518). Oxford University Press.
Selman, R., & Byrne, D. (1974). A Structural-developmental analysis of levels of role taking in middle childhood. Child Development, 45(3), 803–806.
Shrager, J., & Siegler, R. (1998). SCADS: A model of children’s strategy choices and strategy discoveries. Psychological Science, 9(5), 405–410. https://doi.org/10.1111/1467-9280.00076
Shtulman, A., & Legare, C. (2020). Competing explanations of compet- ing explanations for conflict between scientific and folk explanations. Topic in Cognitive Science, 12(4), 1337–1362. https://doi.org/10.1111/tops.12483
Shtulman, A., & Walker, C. (2020). Developing an understanding of science. Annual Review of Developmental Psychology, 2(1), 111–132. https://doi.org/10.1146/annurev-devpsych-060320-092346
Siegler, R. (2007). Microgenetic analyses of learning. In D. Kuhn & R. Siegler (Eds.), (W. Damon & R. Lerner, Series eds.), Handbook of child psychology: Vol. 2. Cognition, perception, and language. (6th edition). Wiley.
Sloman, S., & Fernbach, P. (2017). The knowledge illusion: Why we never think alone. Riverhead Books (a division of Penguin Publishing Group).
Sloman, S., & Rabb, N. (2019). Thought as a determinant of political opinion. Cognition, 188, 1–7. https://doi.org/10.1016/j.cognition. 2019.02.014
Sperber, D., Clement, F., Heintz, C., Mascaro, O., Mercier, H., Origgi, G., & Wilson, D. (2010). Epistemic vigilance. Mind & Language, 25(4), 359–393. https://doi.org/10.1111/j.1468-0017.2010.01394.x
Stanley, M. L., Henne, P., Yang, B. W., & De Brigard, F. (2020). Resistance to position change, motivated reasoning, and polariza- tion. Political Behavior, 42(3), 891–913. https://doi.org/10.1007/ s11109-019-09526-z
Stanovich, K. (2009). Distinguishing the reflective, algorithmic, and autonomous minds: Is it time for a tri-process theory. ? In J. S. B. T. Evans & K. Frankish (Eds.), In two minds: Dual processes and beyond. (pp. 55–88). Oxford University Press. https://doi.org/10. 1093/acprof:oso/9780199230167.003.0003
Stanovich, K. (2011). Rationality and the reflective mind. Oxford University Press.
Stanovich, K. (2016). The comprehensive assessment of rational think- ing. Educational Psychologist, 51(1), 23–34. https://doi.org/10.1080/ 00461520.2015.1125787
Stanovich, K., & West, R. (1997). Reasoning independently of prior belief and individual differences in actively open-minded thinking. Journal of Educational Psychology, 89(2), 342–357. https://doi.org/10. 1037/0022-0663.89.2.342
Stanovich, K., & West, R. (2000). Individual differences in reasoning: Implications for the rationality debate? Behavioral and Brain Sciences, 23(5), 645–726. https://doi.org/10.1017/S0140525X00003435
Sunstein, C. (2019). Conformity: The power of social influences. NYU Press.
Thagard, P. (1989). Explanatory coherence. Behavioral and Brain Sciences, 12(3), 435–467. https://doi.org/10.1017/S0140525X00057046 Tippett, C. (2010). Refutation text in science education: A review of two decades of research. International Journal of Science and
Mathematics Education, 8(6), 951–970. https://doi.org/10.1007/s10763-010-9203-x
Toplak, M., West, R., & Stanovich, K. (2011). The Cognitive Reflection Test as a predictor of performance on heuristics-and-biases tasks. Memory & Cognition, 39(7), 1275–1289. http://dx.doi.org/10.3758/ s13421-011-0104-1
Vohs, K., & Baumeister, R. (Eds.) (2016). Handbook of self-regulation: Research, theory, and applications. Guilford.
Walker, C., Lombrozo, T., Williams, J., Rafferty, A., & Gopnik, A. (2017). Explaining constrains causal learning in childhood. Child Development, 88(1), 229–246.
Walton, D. (2014). Dialogue theory for critical thinking. John Benjamins.
Warnell, K., & Redcay, E. (2019). Minimal coherence among varied theory of mind measures in childhood and adulthood. Cognition, 191, 103997. https://doi.org/10.1016/j.cognition.2019.06.009
Warren, J., Kuhn, D., & Weinstock, M. (2010). How do jurors argue with one another? Judgment and Decision Making, 5, 64–71.
Weinstock, M. (2016). Epistemic cognition in legal reasoning. In J. Greene, W. Sandoval, & I. Bra ̊ten (Eds.), Handbook of epistemic cognition. Routledge.
Weinstock, M., Kienhues, D., Feucht, F., & Ryan, M. (2017). Informed reflexivity: Enacting epistemic virtue. Educational Psychologist, 52(4), 284–298. https://doi.org/10.1080/00461520.2017.1349662
Wellman, H. (2014). Making minds: How theory of mind develops. Oxford University press.
Wellman, H., Cross, D., & Watson, J. (2001). Meta-Analysis of Theory- of-Mind development: The truth about false belief. Child Development, 72(3), 655–684. https://doi.org/10.1111/1467-8624. 00304
Wolpe, J. (1990). The practice of behavior therapy. (4th ed.). Pergamon Press.
Xu, F., Han, Y., Sabbagh, M., Wang, T., Ren, X., & Li, C. (2013). Developmental differences in the structure of executive function in middle childhood and adolescence. PLoS One, 8(10), e77770. https:// doi.org/10.1371/journal.pone.0077770
Zavala, J., & Kuhn, D. (2017). Solitary discourse is a productive activ- ity. Psychological Science, 28(5), 578–586.
Zengilowski, A., Schuetze, B., Nash, B., & Schallert, D. (2021). A crit- ical review of the refutation text literature: Methodological con- founds, theoretical problems, and possible solutions. Educational Psychologist, 56(3), 175–195. https://doi.org/10.1080/00461520.2020. 1861948
Zillmer, N., & Kuhn, D. (2018). Do similar-ability peers regulate one another in a collaborative discourse activity? Cognitive Development, 45, 68–76. https://doi.org/10.1016/j.cogdev.2017.12.002
حمل مقالة ضرورات ما فوق الإدراك