منهج الفلسفة للأطفال: مقاومة النصوص المصدق عليها من قبل المعلم، ومقاومة تشكيل الطفل المتفلسف المثالي
ترجمت المقالة بعد الحصول على الإذن الخطي من المؤلف
كارين موريس
ترجمة: علوي السقاف
تدقيق: شيماء قسام
Murris, K 2015, “The Philosophy for Children Curriculum: Resisting ‘Teacher Proof’ Texts and the Formation of the Ideal Philosopher Child”, Studies in Philosophy and Education, vol. 4, no.2, pp. 1–17.
Illustrations from THE THREE PIGS by David Wiesner. Copyright (c) 2001 by David Wiesner. Used by permission of Houghton Mifflin Harcourt Publishing Company. All rights reserved.
خلاصة
كُتِبَ منهج الفلسفة للأطفال بشكل خاص من قبل ماثيو ليبمان وزملائه لتدريس الفلسفة من قبل مدرسين لم يتلقوا تعليمًا أكاديميًا في الفلسفة. أجادل في هذا المقال أن منهجًا مشابهًا لمنهج ليبمان لا يعد شرطًا ضروريًا أو حتى كافيًا لتدريس التفكير الفلسفي. فالمعرفة الفلسفية ومهارة المعلم التربوية لا تزالان بالغتي الأهمية، حيث إن الطبيعة المفتوحة وغير المتوقعة للبحث الفلسفي تتطلب من المعلمين التفكير بسرعة بديهة والاستفادة من معرفتهم وخبرتهم الخاصة في الفلسفة الأكاديمية. فلا يمكن لتدريب متخصص أو مجرّد الاستقراء في منهج الفلسفة للأطفال أن يحلّ بديلًا لشهادة البكالريوس والدراسات العليا في الفلسفة ولا ينبغي له ذلك. وعلى الرغم من أن منهج الفلسفة للأطفال (P4C) قد يكون مفيدًا بالنسبة للفلاسفة الأكاديميين، إلا أنني سأجادل أن هذا المنهج ينطوي على الخطر الكامن المتمثّل بالرغبة في تشكيل الأطفال وفقًا للطفل المثالي “غير الطبيعي”، أو “الطفل المفكر الفيلسوف” الذي يحلّ محل الشخص البالغ، كما يحدث في روايات ليبمان. إن فكرة السرد مركزية في حجتي، وبمساعدة الكتاب المصوّر – الخنازير الثلاثة (2001) لديفيد وايزنر، وأصوات في الحديقة (1998) لأنثوني براون – أوضّح ادعائي بأن الفلسفة بصفتها خلق مغاير للإمكانات الأخرى، أو نشاطًا ما فوق تفكيري، لا يمكن إنشاؤها إلا في مسافة بينية بين النص والطفل والمعلم، وبالتالي إبراز “المنهجيات المنفتحة ” (Biesta 2011) عوضًا عن النصوص المصدق عليها من المعلم.
كلمات مفتاحية الفلسفة للأطفال P4C، الفلسفة بالكتب المصوّرة، تعليم الفلسفة، روايات فلسفية، “المنهجيات المنفتحة”
مقدمة
منذ عام 1969 قام رائد الفلسفة للأطفال (P4C) ماثيو ليبمان مع زملائه من الرابطة الدولية لفلسفة الأطفال (IAPC)، بتطوير منهجٍ مكتوب بشكل خاص لتدريس الفلسفة للأطفال. مهّد هذا المنهج الطريق لاستجابة دولية من قبل الممارسين الفلسفيين -غالبًا أولئك ممن تم تدريبهم على يد ليبمان وزملائه في الولايات المتحدة-. فبعد عودتهم إلى بلدانهم وأوساطهم الثقافية المختلفة، قام بعض مناصري الفلسفة للأطفال بترجمة منهج البرنامج بشكل حرفي إلى لغاتهم الأصلية، كما أقاموا دورات تدريبية مماثلة لتلك التي خاضوها مع الرابطة الدولية لفلسفة الأطفال (IAPC). تم تأويل هذا المنهج على نطاق أوسع أيضًا، متمثلًا بربط البرنامج بالخبرات التعليمية المختلفة، الاهتمامات الفلسفية، المواهب، واحتياجات المناهج في بلدانهم.
انتشرت في أوائل التسعينات مصادر وممارسات تعليمية جديدة. قاوم ليبمان بدايةً التغيير الذي سيحل محل الروايات الفلسفية (من حوار شخصي في أغسطس 1992)، إذ أكد على أهمية منهج منظم بعناية للمعلمين الذين ليس لديهم خلفية أكاديمية في الفلسفة. أدى إدخال بدائل لمنهج P4C إلى ظهور نقاشات جديدة حول ضرورة حصول معلمي P4C (ومدربي هؤلاء المعلمين) على خلفية في الفلسفة الأكاديمية.
وُلدت عبارة “الفلسفة مع الأطفال” (philosophy with children) لتمييز الفلسفة الرسمية لبرامج الأطفال عن الأساليب المتنوعة المعتمدة على مصادر أخرى مثل “الفلسفة عبر الكتب المصورة” (Murris 1992). لقد أبرزت عبارة الفلسفة “مع” الأطفال اختلافًا مهمًا وأصبحت مستخدمة على نطاق واسع في وقت لاحق، كما يشير إليه فانسيليغيم وكينيدي باسم مؤيدي “الجيل الثاني” من الفلسفة للأطفال P4C الذين قاموا بخرق التماثل الاستراتيجي للنهج التعليمي، ورحبوا بالاختلاف كمبدأ للنمو (Vansieleghem and Kennedy 2011، ص 172). لم يعد التركيز بالنسبة للكثيرين منصبًّا على المنهج الذي يصمم النموذج المعياري للعقل التحليلي، بل على الحوار الذي يولّد انعكاسًا مجتمعيًا، وعلى المحادثات الفلسفية والممارسات الديمقراطية التي تشمل صوت الأطفال والشباب – والتي يُنظر إليها على أنها قوة تحويلية محتملة في تقرير ما يمكن اعتباره فلسفة. كما سيتم توضيحه بالأسفل، فإن لمفهوم الفرد للسرد تداعياتٌ على ممارسة الصف الدراسي الفلسفية.
أثار التنوع في الأساليب والمصادر توترات وخلافات عميقة في المجال بدايةً، وكان لهذا التنوع تداعيات تتجاوز الممارسة المباشرة لـ P4C. عبر إلقاء نظرة فاحصة على هذه القضايا سيُكشف سبب ذلك. كما يمكننا أن نجد في كتابات ليبمان تعليلات لاهتمامه الجاد بهذا “التمزق”، إلى جانب مسوّغات لاستخدام رواياته الفلسفية بشكل أو بآخر. يتمحور جزء كبير من الجدل حول الحاجة إلى كتاب معيّن في الفلسفة يدعم ويوجه المعلمين غير المدربين فلسفياً، وبدون هذا المنهج، فمن غير المرجح أن يقوم المعلمون بتدريس الفلسفة “بشكل صحيح”.
في هذه المقالة أستكشف بشكل نقدي، ما إذا كانت فكرة تدريب المعلمين على استخدام النصوص الفلسفية بصفتها نموذجًا لنوع معين من المعرفة الفلسفية، ونمذجتها للتفكير الفلسفي للطلاب والمعلمين، تؤسس دعامة كافية لأولئك المعلمين ممن لم يحصلوا على تعليم فلسفي. كما أقترح تحديد ما معنى أن تفكر فلسفيًا، وتقييم ما إذا كان بإمكان النص تحقيق ذلك بمفرده (حتى مع التدريب المتخصص)، أي تعليم مهارة ما فوق التفكير. وأجادل -على الرغم من أن عملية نمذجة النص يمكن أن تكون مفيدة في الصف- بأن دور المعلم ذو أهمية كبيرة. وأظهر كيف أن “حزمة الفلسفة للأطفال P4C التعليمية” والتدريب، ليسا كافيين بمفردهما في جعل المعلمين ممن لم يسبق لهم تعلّم الفلسفة، مؤهلين لممارستها برفقة الأطفال في الصف. بالإضافة إلى أنني أبيّن كيف أن لمفهوم معين للسرد تداعيات على موضعة النص في الممارسة الفلسفية، وكيف أن منهج الفلسفة للأطفال يصوّر مفهومًا معينًا للطفل الفيلسوف.
بمساعدة كتابين مصورين – الخنازير الثلاثة (2001) لديفيد وايزنر، وأصوات في الحديقة (1998) لأنطوني براون – قمت بتوضيح ادعائي بأن الفلسفة باعتبارها تفكيرًا ما فوقيًا لا يمكن إنشاؤها إلا في المساحة الموجودة بين النص والطفل والمعلم، وبالتالي تأسيس “منهجيات منفتحة pedagogy of exposure” (Biesta 2011). التداعيات المترتبة على ذلك هي أننا بحاجة إلى التخلي عن فكرة كون الأطفال فرصة سانحة للمعلمين حتى يصنعوا منهم الفيلسوف المفكّر المثالي.
الفلسفة لمنهج الأطفال
يتألف منهج الفلسفة للأطفال (P4C) من ثماني روايات فلسفية تم تأليفها بشكل مخصص، بالإضافة إلى دليل معلم مصاحب لكل رواية. تستهدف كل رواية من الروايات الثمانية فئة عمرية مختلفة (للاطلاع على الروايات، انظر ليبمان 1969، 1976، 1978، 1980، 1981، 1982، 1987، 1996). تعرض الروايات الأطفال واليافعين في حوار حول الأبعاد الفلسفية لتجاربهم وتتضمن المفاهيم المجردة التي تعتبر معتادة في أعمال الفلاسفة الكبار. صُمّم دليل المعلم “ليحافظ على الزخم التساؤلي الذي حفّزته الرواية أوليًا” (ليبمان 1988، ص 148) كما أنه يحتوي على مجموعة كبيرة من التمارين، الألعاب، وخطط المناقشة.
بتجاوز الحاجة إلى أي مراحل نظرية من أجل النمو المعرفي للأطفال، يتكون برنامج الفلسفة للأطفال P4Cمن سلسلة من الممارسات لمهارات التفكير المختلفة، عوضًا عن دراسة الجاهزية المعرفية. وعلى عكس المواد التعليمية الاعتيادية، لا تهدف روايات ليبمان إلى الوصول إلى الإجابات، بل إلى إثارة تساؤل فلسفي مفتوح. اقترح ليبمان (1997، ص.1) أن التمارين وخطط المناقشة يجب أن تكون “جزءًا لا يتجزأ من منهج الفلسفة للمرحلة الابتدائية، وبدون منهج مشابه، ستقل فرص الفرد في الممارسة الفلسفية بشكل كبير”. تتسلسل التمارين وخطط المناقشة في أدلة المعلم المختلفة على أساس منطقي، ويعد برنامج الفلسفة للأطفال P4C منهجًا يتسلسل منطقيًا وليس تجريبيًا. شدد ليبمان (1988، ص 147) على أن التسلسل التجريبي سيشمل ارتباطًا “بمراحل النمو الادراكي المستمدة من سلوك الأطفال في سياقات غير تعليمية”. وكما يقول كينيدي (2011، ص.60)، فإن ليبمان مبتكر المنهج الراديكالي قام ببناء: “…مزيجًا من منهج التعليم الابتدائي والتربية بشكل واضح وجديد، لدرجة أنه استطاع أن يضع إطارًا لنظرية جذرية وجديدة للتعليم”.
مؤيدو الفلسفة للأطفال أو P4C يواجهون عادة رفضًا عندما يقومون بتقديم هذا البرنامج في مؤسساتهم التعليمية، بما فيها الجامعات. تحدّي ليبمان للطبيعة الواقعية والمنتشرة للنمو الإدراكي في تصميم المناهج التعليمية وممارساتها، يعد أحد الأسباب التي تفسّر هذا الرفض (تايلور 2013؛ ملف 2012). الأسباب الأخرى لهذا الرفض تتضمن ضمّ P4C للطفل في عملية صنع المعنى بشكل تفاعلي، والطبيعة الديموقراطية لهذا الأسلوب الثوري في التعليم. (انظر على سبيل المثال هاينز وموريس 2012).
يؤكد كينيدي (2011، ص. 60) على الطبيعة الديموقراطية والشاملة (غير الاقصائية) كما يلي:
تعمل الممارسة التعليمية المنبثقة من مشروع ليبمان، وعلى الرغم من بساطتها الواضحة الظاهرة، على سحب البساط من تحت المدرسة بصفتها محورًا أيدولوجيًا للدولة، كونها نظرية معرفية لعصر ما بعد الاستعمار فيما يخص الطفولة والأطفال، وتعزز من دور الصف الدراسي الابتدائي، لكونه مشهدًا أساسيًا للنظرية الديموقراطية وممارستها.
لا تهدف الرواية الفلسفية كما يتم تصويرها في برنامج P4C إلى تشكيل التفكير الفلسفي فحسب، بل إلى التعبير عن القيم الديموقراطية أيضًا.
الرواية الفلسفية بصفتها نموذجًا
يوضح ليبمان (1997، ص 1) أن المعلمين يحتاجون إلى “نماذج لممارسة الفلسفة بحيث تكون واضحة وعملية ومحددة. إنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على التمييز بين المفاهيم التي يمكن أن تُحسم وبين المفاهيم التي هي في جوهرها جدلية، حتى يعوا سبب كون الأخيرة فقط، تعد فلسفية بحق.” تعمل الروايات بصفتها نماذج، فالرواية ليست نسخة سردية من تاريخ الفلسفة (كما في رواية عالم صوفي لجوستين جاردر 1994) لكن الأفكار والموضوعات والأسئلة الفلسفية المركزية تم “تضمينها” في النص دون استخدام المصطلحات الفنية. يتم تقديم تاريخ الفلسفة الغربية كأسلوب تفكير، حيث تمثل الروايات نوع التفكير الذي يميز تاريخ الفلسفة – على عكس كونها بناءً معرفيًا يحتاج إلى التعلم والحفظ. فالروايات هي “نماذج” بما تعنيه كلمة نموذج من حيث إنها “شيء”، “موضوع”. يشرح دي مارزيو: “النص الفلسفي بصفته نموذجًا … هو وصف تخطيطي أصغر لظاهرة أكبر ممنهجة ومنظمة بشكل عقلاني” (De Marzio 2011، ص 40؛ تأكيدي). على سبيل المثال، في الرواية الفلسفية Elfie (ليبمان 1987، ص 4، 5) يتعرف الأطفال في سن السادسة على فكرة رئيسة في فلسفة ديكارت، ويتم تمثيلها بما يلي١:
في الليلة السابقة أفقت في منتصف الليل، وقلت لنفسي: إلفي، هل أنتِ نائمة؟ لامستُ عينيَّ، وكانتا مفتوحتين، فقلت: لا، أنا لست نائمة. لكن قد يكون ذلك غير صحيحًا. لربما يستطيع المرء أن ينام بينما عيناه مفتوحتان. قلت بعدها لنفسي: في هذه اللحظة هل أنا أفكر؟ إني حقًا أتساءل. وبعدها قمت بالإجابة على نفسي: حمقاء! ما دمت تتساءلين فلا بُدّ أنك تفكرين! وما دمت تفكرين فلا أهمية لما يقوله سيث فأنت حقيقية.
وفي كتاب ديفيد وايزنر The Three Pigs المصوّر، يمكن توضيح فكرة النص بصفتها نموذجًا بالصورة التالية (الشكل 1).
في هذا الإصدار من الحكاية الخيالية المعروفة، ينفخ الذئب بشدة لكي يتفكك المنزل ويأكل الخنزير. في ذات الوقت -كما تظهر الصورة- يُطرد الخنزير من القصة نفسها مما يخلق إمكانية ما فوق السرد، وهي سمة مشتركة لما يسمى بـ “كتب ما بعد الحداثة المصوّرة” (Lewis 2001). تهرب الخنازير الأخرى أيضًا من مصيرها، وتطير على صفحة من القصة مطوية في طائرة ورقية، حيث يزورون أناشيد الأطفال والقصص الخيالية الأخرى.
المجاز التناظري the analogy الذي أقوم به هنا هو لمعلم الفلسفة “الخنزير” الذي يخرج من سرد تاريخ الأفكار الفلسفية ويعيد تقديم الأفكار “المركزية” الممنهجة تحت ما يعتبر فلسفة. الرواية الفلسفية هنا تعد نموذجًا بمعنى أنها “كائن” يعبر عن تاريخ الفلسفة.
في الصورة التالية (صورة٢)، يستمر المجاز التناظري لمعلميّ الفلسفة (الخنازير) وهم يمشون ويحللون الصفحات التي تحتوي على “الأعمال العظيمة” في الفلسفة.
تشير الصور في هذا الكتاب المصوّر إلى أناشيد الحضانة المشهورة، على سبيل المثال (قفزت البقرة فوق القمر) وشخصيات قصصية مثل (الفرسان والتنانين) مشيرة إلى أدب الأطفال. بالطبع فإن هذا دائمًا ما يكون اختيارًا مبنيًا على معايير لا واعية، سواء كانت المعايير ظاهرة أو باطنة. فأي اختيار لما يعد “محوريًا”، أو يمثّل تاريخ مجال محدد، فهو محل جدل. بشكل مشابه فإن مجازي التناظري المرئي بمساعدة كتاب وايزنر المصوّر، يقوم بتوضيح كيف أن اختيار ليبمان للفلاسفة والأفكار الفلسفية عبر تاريخ الفلسفة الهائل يعد مثيرًا للجدل، وإن لم يكن اختياره بالضرورة اعتباطيًا.
وبناء على جذور ليبمان المعرفية والوجودية، وبالتالي P4C، فيما يتمثّل بالعقلانية الأفلاطونية والبراغماتية الأمريكية، فإن تفضيله للفلسفة الأنجلوأمريكية مفهوم ومسوّغ. لكن اختياره لما يتضمنه منهج P4C أو يستبعده، جعل من بعض الفلاسفة -في ألمانيا مثلًا ممن كانوا مهتمين بمنهج الفلسفة للأطفال- ضده (انظر على سبيل المثال ويبر 2011). من المرجح أن يشمل مفكّرو “الجيل الثاني” من P4C المشار إليهم في البداية مختارات مختلفة من الفلاسفة والأفكار الفلسفية، مما يتضمن فلاسفة أيضا من التقاليد الأوروبية للفلسفة الغربية.
وبناء على ما سبق؛ فإن منهج الفلسفة للأطفال تقييمي ومعياري (لاعتباره ما يعد فلسفة وما ينبغي أن يتم تخصيصه للمتعلمين) وبالتالي فهو قياسي وليس وصفيًا كما يدّعي دي مارزيو (اطّلع على اقتباسه بالأعلى).
لماذا يعد هذا مهمًا الآن؟ اختيار المحتوى الفلسفي الوارد ضمنيًا أو بشكل ظاهر في المواد التعليمية لتدريس الفلسفة، يضع المعلم ضمن التقاليد الفلسفية. لذلك يحتاج المعلمون إلى خلفية أكاديمية في الفلسفة عند استخدام منهج الفلسفة للأطفال P4C، حتى يتمكنوا من التعرف على موقعهم في هذا المنهج ويتعاملوا معه، وكذلك استخدام هذه المعرفة في العملية التعليمية. لذا فإن الروايات الفلسفية السفسطائية نفسها -حتى عند استخدامها بالاقتران مع دليل المعلم المصاحب- ليست كافية لتدريس الفلسفة، الأمر الذي يتطلب القدرة على توجيه تلك الفلسفات المستمدة في المواد التعليمية٢. من غير المرجح أن يتمكن هؤلاء المعلمون من الاعتماد بشكل مستقل على مجموعة من الفلسفات. يكمن الخطر في أنه بدون معرفة فلسفية مسبقة، قد يُقدَّم منهجٌ فلسفيٌّ مثل برنامج الفلسفة للأطفالP4C بطريقة غير ناقدة، كأن تُسلّم “الفلسفة” مباشرة للمعلم، ويتم تمريرها تلقائيًا للطلاب.
دائمًا ما تعبّر النصوص من كتب الفلسفة والكتب المصوّرة عن عقائد معيّنة، قيم أخلاقية، افتراضات معرفية، نظريات ضمنية للطفولة، ومعتقدات جمالية. إبداء أي نص على الآخر هو أيضًا نشاط معياريّ، كونه يحدد ما هي الفلسفة. دور المعلم أن يكون بنفسه متمرسًا وواعيًا فلسفيًا بشكل كافٍ، حتى يكون قادرًا على التفكير مافوقيًا للهيكلة المعيارية المتضمنة هنا، وذلك قبل أن يتيح للطلاب أن يفككوا هذه العقائد المتضمنة بأنفسهم.
كما سأجادل أدناه، على المعلم أن يشجّع الطلاب بفعالية على استجواب النصوص – خاصة عندما تكون مكتوبة من أجل التدريس الفلسفي. كما يحذر بوربولز: “قد تكون أنماط الحوار التي تضع تركيزًا كبيرًا على النقد وما يمكن تضمينه هي أكثرها تبنيًا وتطبيعًا” (بوربوليس 2000، ص-15).
ينصبّ تركيز هذه المقالة على توضيح كيف أن تدريب المعلمين على استعمال الروايات الفلسفية الخاصة بلبمان بصفتها نصوصًا تعليمية للفلسفة، ليس ضروريًا ولا كافيًا لتطوير التفكير الأعلى رتبة، أو ما يدعوه ليبمان نفسه بـ “التفكير المعقد”، دون الاهتمام بالخلفية الفلسفية للمعلم. قد يتضمن هذا إمكانية (إذا تتبعنا حبل أفكار دي مارزيو) أن النص بنفسه (مع التدريب على كيفية استعمال هذا النص) يمكّن الطلاب من فعل ما تفعله الخنازير من ناحية المنظور مافوق السردي. ما أقترحه هو الحاجة إلى وجود ما هو أكثر من مجرد نصوص متخصصة مكتوبة، فهي لا تتجاوز المعلم، بل هي بحاجة إلى معلمين منفتحين تجاه إمكانية أن المعرفة الفلسفية أيضًا منبثقة emergent وأن الموضع الذي أعبّر عنه الآن هو خياري الفلسفي (من بين العديد من الإمكانات الأخرى). للوس إيريغاراي (المقتبس في هاينز وموريس 2012، ص.224) أن في تشافي حب الحكمة ما يشمل على:
أن أستمع في بُعد لا أفترض فيه معرفتك أو معرفة ما يخبئ المستقبل لك، هو استماع شجاع تجاه المجهول، تجاه صيرورتك وما تصبح عليه. استماعٌ دون مطالبات أو افتراضات مسبقة، لكن مع صمتٍ زمكاني لا تصحبه أية حقيقة أو اعتياد سابق.
مفهوم إيرغاراي للاستماع الفلسفي نجد صداه لدى إيفجينيا تشيركاسوفا التي تصف الفلسفة بأنها “خلق مغاير للأحداث” في “أن الفلسفة غير قانعة بالحالة الظاهرة للأمور وأنها محاولات متواصلة في التفكير على خلاف المعتاد، بشكل مغاير، ومحفّز للتساؤل عن جوهر العملية التفكيرية نفسها” (اقتباس تشيركاسوفا في هاينز وموريس 2012، الصفحات 48-49). حتى تكون التساؤلات فلسفية، فإن الروايات الفلسفية التي كُتبت بشكل متخصص لا تنفرد بوجودها بين الطفل والمنهج، بل أيضًا المعلم الذي تعد اعتقاداته عن ماهية الفلسفة، ومعرفته بالمحتوى الفلسفي، ومهاراته التربوية، مؤسسة للبعد الفلسفي في الممارسة العملية. أتفق مع جوانا هاينز (2008، ص.51) على أن هذه الممارسة الفلسفية تقع في مناطق الاستكشاف والإمكانية والخيال وعدم اليقين. لذا فإن الدور البناء الذي يمكن أن تلعبه الفلسفة هو “إعادة ترتيب الأفكار والمعتقدات وزحزحتها وتبديلها وإعادة تأطيرها” (هاينز 2008، ص.51)، وبالتالي لا إمكانية لتقديم خطط تعليمية أو تدريبات موجودة مسبقًا لتوجيه التدريس.
ولكن علينا أيضًا أن نسأل أنفسنا عما إذا كان ما تفعله الخنازير ممكنًا بالفعل. بالعودة إلى المجاز التناظري، وبعبارة فجة، هل يمكننا وضع عدد “x” من الفلسفات على التوالي واختيار الفلسفة التي تروق لنا أكثر؟ أو بصياغة أخرى، هل يمكننا بالفعل الخروج من السرد وتناول وجهة نظر السرد المافوقية؟ من أجل الإجابة على هذا السؤال، سألقي نظرة موجزة على الكتب المصورة التي تم اقتراحها على أنها نصوص بديلة، وأدرس إمكانية عملها بصفتها “أدوات” مافوق سردية. لكن قبل ذلك سأقوم باستكشاف الطريقتين المختلفتين اللتين تعمل بهما الروايات الفلسفية بصفتها نماذج، الجانب الذي يعد مبتكرًا في منهج الفلسفة للأطفال، وفقًا لدي مارزيو وكينيدي.
النصوص بصفتها نماذج
يشرح دي مارزيو (2011، ص.40) كيف أن الروايات تقوم بنمذجة قرائها بطريقة تعمل على “صياغة وتشكيل تفكيرهم وسلوكياتهم”. يرتبط هذا ب “الماهية الثانية” للروايات -حيث يقول إن المحتوى ذو شقين (دي مارزيو 2011، ص 40-43). أولًا، لا تمثل الروايات أفكارًا مركزية من تاريخ الفلسفة فحسب، ولكن يتم من خلالها تعليم القرّاء أيضًا أدوات ومهارات التفلسف؛ فالمفاهيم الفلسفية لا تُدرّس بصفتها حقائق، ولكن يجب التعامل معها بشكل نقدي وحواري من خلال التساؤل. يعود كون الرواية الفلسفية منمذجِةً إلى تمثيلها السرديّ لطريقة التفكير والسلوك التي ينبغي على المعلمين والطلاب اتّباعها أو محاكاتها في الصف. من أجل إثارة التشكيك الفلسفي، تحتوي الروايات عمدًا على “الجوانب المحيرة للغة الطبيعية التي لا بد من مواجهتها في الحياة اليومية” (ليبمان 1988، ص 144). هناك حوار مستمر بين الأطفال الخياليين وأقرانهم، وبين هؤلاء الأطفال والبالغين. الشخصيات الخيالية في الروايات تختلف تمامًا عن الأطفال “الطبيعيين”. “تصوّر الروايات عملية التفكير نفسها كما تحدث بين الأطفال … [و] … تصف أطفالًا خياليين يفكرون في حياتهم وفي العالم المحيط بهم” (ليبمان 1988، ص 186، 187). في تكريم مؤثر لعمل ليبمان، يحتفل كينيدي بابتكار ليبمان لما يسميه “الأدب الفلسفي”. يصف (2011:61) رواية (اكتشاف هاري ستوتلماير) (ليبمان 1969) على النحو التالي:
الحوارات.. ليست طبيعية، لكن يتم تقديمها بطريقة تبدو طبيعية تمامًا إلى أن يدرك المرء أنها ليست كذلك على الإطلاق، أو لا يلزمها أن تكون كذلك. هنا أطفال يتحدثون عن العقل والجسم، وعن الجمال والفن والطبيعة، وعن الثقافة، والمنطق، وعن السلطة، وعن أغراض التعليم، والدين، والعلوم، وعن التساؤل نفسه، بشكل لا يمكن تصديقه لكنه يُصدّق، أو بشكل يمكن تصديقه لكنه لا يُصدّق.
تقوم الروايات بعرض أطفال “طبيعيين”، ولكن تصوّرهم وكأن عليهم أن يتصرفوا ويفكروا كما لو كانوا فلاسفة؛ ونتيجة لذلك فإن في عملية التفاعل مع النص توجد فكرة تنصّ على أن الطلاب “يقومون بتطوير فلسفتهم وطريقتهم الخاصة في التفكير بالعالم” (ليبمان 2003، ص 166). ولكن ما هو مقدار ما يتمتع به الأطفال بالفعل في تنمية تفكيرهم؟ وفقًا لليبمان، فإن هدف P4C ليس تحويل الأطفال إلى فلاسفة، ولكن “مساعدتهم على أن يصبحوا أفرادًا مستغرقين بالتفكير بشكل أكبر، وجعلهم أكثر تفكراً ومراعاة وعقلانية” (اقتُبس ليبمان في فانسيليغيم وكينيدي 2011، ص 174). تشجع بُنية الحوار القراءَ على التفكير النقدي في القضايا والحجج التي تمتّ إثارتها في النص، وتطوير إجاباتهم الخاصة على الأسئلة الفلسفية، وجعل هذا التفكير معلّلًا من خلال عدم اعتناق الآراء أو التعبير عن المعتقدات التي لا يمكن دعمها بمجموعة من المعايير أو الأسباب. الفكرة هي أن المعلمين أنفسهم يمرون أيضًا بتجربة مشابهة قبل العملية الدراسية التي تحدث في الفصول الدراسية مع النصوص. يتألف تدريب معلميّ منهج P4C٣ بشكل أساسي من مجموعات من التربويين الذين يعملون بشكل منهجي، من خلال الروايات وأدلة المعلم بصفتها نقاط انطلاق للتساؤل الفلسفي. ومع ذلك، لا توجد فسحة كبيرة لمافوق التساؤل للتركيز على القضايا الفلسفية والتعليمية التي تقوم بتشكيل الممارسة التعليمية وتؤسسها. من الممكن ملاحظة شكلين على الأقل من التساؤل المافوقي، قد يتضمن الشكل الأول٤ حوارًا فلسفيًا حول الحوار نفسه (ما سيحدث هناك في الصف): من مراحله، والقرارات التي تُتخذ فيه، والمبادرات التيسيرية من المعلّم. أما الشكل الثاني للتساؤل المافوقي قد يضم التفلسف حول فلسفات معيّنة (النظريات المعرفية، الجماليات، الأخلاق، وما إلى ذلك..) والتي تحكم برنامج P4C ذاته.
يفسح المعلمون في الصف مساحةً للأطفال لقراءة أجزاء قصيرة من رواية ما بصوت عالٍ معًا، وتجربة نوع التفكير الذي عادة ما يقوم الفلاسفة بتمثيله في كتاباتهم الشهيرة. بعد ذلك يقوم الطلاب بإثارة أسئلتهم الخاصة تجاه النص، ثم يتم اختيار أحد تلك الأسئلة بشكل ديموقراطي، والبناء على أفكار بعضهم البعض. يُطلق على هذا “مجتمع التساؤل”٥ أي التربية التي تدعّم النصوص. على سبيل المثال، استخدم دي مارزيو (2011، الصفحات 33-42) فيما سبق فقرةً من الرواية الفلسفية (إلفي) لتوضيح كيف تقدم روايات ليبمان مساهمة فريدة في استعادة تقليد مفقود في الفلسفة: دور النص بصفته تحويليًا. بمعنى أن ليبمان تمكّن من تحقيق توليفة بين ما يدعوه بـ “النص التفسيري” والآخر “السردي” (دي مارزيو 2011 ص35). يحتوي كلا النصين على نماذج يُحتمل أن تكون تحويلية. ويوضح أن النص التفسيري السابق يصمم طريقة معينة للتفكير العقلاني. وعلى النقيض من ذلك، فإن النص السردي ينمذج طريقة تفكير إبداعية. ويمكن أن يُستخدم كلا النصّين بهذه الطريقة إما عن قصد أو عن غير قصد. بالنسبة لدي مارزيو، فإن دور النص في P4C بالغ الأهمية لأنه يحتاج لخلق “الخليط المناسب” من العقلانية والإبداع (دي مارزيو 2011، ص. 36). حتى الآن، فإن النص التفسيري يتفوق على النص السردي في مجال التعليم الفلسفي، ويؤكد دي مارزيو على ابتكار الروايات الفلسفية وثوريتها.
يعد النص التفسيري شائعًا في التعليم التقليدي. يقدم النص التفسيري حقائق حول العالم كما “هو”، من منظور الشخص الثالث. نقلًا عن ليبمان، فإن دي مارزيو يوضح بأن صوت النص هو الصوت من “الأعلى”، الصوت الذي ليس من “الداخل”، بل من “الخارج” (كمثال الخنازير في الشكل 2) وأن هذا الصوت يرى كل شيء، ويعرف كل شيء “الآخر العالِم تمامًا”. إنه الصوت الموضوعي والموثوق والشرعي (دي مارزيو 2011، ص. 36). النصوص التفسيرية هي الأكثر شعبية، ويُنظر إليها على أنها الوسيلة الأكثر موثوقية “لتسليم” أو “لمنح” أو “إعطاء” المعرفة. من المثير للاهتمام، أنه لا توجد مبررات معرفية لهذا التفضيل في التعليم.٦ يجادل ليبمان أيضًا بأن هناك أسباب أخلاقية للتفضيل تؤكد وتحافظ على الوضع الاجتماعي والسياسي والأخلاقي الراهن. وعلى عكس النصوص السردية، فإن هذا النوع من النصوص -التفسيرية- لا يظهر طريقة أخرى للفعل والوجود. وبالنسبة إلى ليبمان، ليس من دور المعلم تهيئة الطفل للمجتمع (ليبمان وآخرون. 1980). وبالتالي، علينا تعزيز ما يمثّل مزيج السرد والتفسير في شكل الرواية الفلسفية. على سبيل المثال فإن الجانب التفسيري من المقتطف أعلاه من رواية (إلفي) يعيد تمثيل حركة التفكير الديكارتي (أنا أفكر إذًا أنا موجود)، التي تعبّر عن علاقة وجودية، وليست نفسية، بين المفكّر وما يفكّر فيه. “القالب” الإبداعي الذي تم تمرير هذه الحركة الفكرية عبره هو الرواية: فتاة تُدعى (إلفي) تُفكر بشكل واعٍ بعمليتها التفكيرية.
باستخدام تحليل فوكوي -نسبةً للفيلسوف فوكو- يدّعي دي مارزيو، أن الرواية الفلسفية تمكّن القارئ من “العودة إلى المستقبل”، بوضع القراء في تجربة مع الحقيقة المتضمنة في النص، الذي يعد نظامًا عقلانيًا من العبارات المنظمة وفقًا لقواعد اللغة، حيث يتم تحييد صاحب النص وتجاهل صوته (دي مارزيو 2011، ص. 43، 44). في الناحية الأخرى، يعترف ليبمان (المقتبس في دي مارزيو 2011، ص 46) بأنه حتى النص التفسيري يتضمنّ قارئًا “فاعلًا”، أي يتغير فكرياً عبر الحقائق التي يحتوي عليها النص. وفي “الرواية الحوارية المثلى” يتحقق “التوازن المعرفي العاطفي المثالي” عندما يتم تجسيد محتوى النص عبر الأحداث السردية. ونتيجة لذلك، يتغير ويتبّدل القارئ، ويتبنّى طريقة التفكير تلك في فكره الخاص” (دي مارزيو 2011، ص. 46). يشير دي مارزيو (2011، الصفحة 45) إلى هذا باسم “القدرة مافوق المنطقية” للنص. على سبيل المثال، عند التفكير فلسفيًا حول ماهية التفكير، تنخرط الشخصية الخيالية -إلفي- أيضًا في التفكير فلسفيًا حول التفكير. عند قراءة الروايات الفلسفية، فإن القراء يندمجون ويصبحون جزءًا من مجتمع التساؤل، والذي هو الرواية. هدف الروايات المتمثل في نمذجة ممارسة مجتمعات التساؤل يفسر سبب اختلاف الشخصيات الخيالية في الروايات تمامًا عن الأطفال “الطبيعيين”. حيث إنه، “مفكرون”، وليسوا “فاعلين”.
النص بصفته نموذجًا للتفكير الأعلى رتبة
التمييز الذي أمكنه أن يكون مفيدًا لديمارزيو هو التمييز بين الأعمال الروائية التي هي أعمالٌ فنية، والنصوص التي تستخدم شكلًا سرديًا معينًا بفعالية حتى تنقل رسالة تعليمية محددة: كأن تكون رسالةً أخلاقية أو معرفية.
على سبيل المثال، تقدم مارثا نوسباوم في (معرفة الحب) (1990) شكلًا بديلًا للنص الفلسفي. تشرح (1990، الصفحة 3) أن “الأسلوب نفسه يقدّم وجهة النظر الخاصة به، ويعبر عن إحساسه الخاص فيما يهم. الشكل الأدبي لا يمكن فصله عن المحتوى الفلسفي، وهو في حد ذاته جزء لا يتجزأ من ذلك المحتوى، حيث إنه بحث عن الحقيقة وكشفها. كما أفهم نوسباوم، فهي تدفع بحجة دي مارزيو خطوة إلى الأمام. بالنسبة لها، فإن النص ينبغي له أن يكون -في هذا المثال- في شكل قصة حب. ليس السرد لدى نوسباوم تمثيلًا لأحداث حقيقية تخص تفاعل الشخصيات مع طبيعة الحب، كون تلك الأحداث دعائم أو أساس لمحتوى المعرفة فحسب، بل المحتوى نفسه – معنى الحب- لا يمكن فهمه إلا بكونه سردًا. بفهم عميق لكلام نوسباوم، فإن التمييز بين النصوص التفسيرية والسردية سيختفي ببساطة، ويعود ذلك إلى تصور ومفهوم مختلف للعلاقة بين ما هو عقلاني وعاطفي، عقلاني وخيالي، عقلاني وإبداعي. بالنسبة لدي مارزيو، فقد تمكن ليبمان من خلق شكل “هجين” للنص الفلسفي، وتوليف العقلاني والإبداعي، والعقلاني والعاطفي، لكنه بذلك يصنع ثنائية زائفة، بينما تخلصت نوسباوم من الثنائيات ببساطة (انظر: هاينز وموريس 2012، الفصل 5).
هناك مشكلة في الادعاء القائل بأن النص يعد نموذجًا للتفكير الفلسفي أو التفكير الأعلى رتبة (دي مارزيو 2011، ص 40)، مثل تقديم الفلسفة بشكل جاهز للمعلمين، كما أشرنا إليه سابقًا، فليس من الواضح مقدرة الروايات الفلسفية على الخروج من السرد وجعل سرديتها الخاصة موضوعًا للتساؤل (كأن تفكر بالروايات من حيث إنها روايات). أو بطريقة أخرى، هل التساؤلات المافوقية من النوع الثاني ممكنة؟ وهل يمكن لاختيار الكاتب للفلاسفة والمواضيع الفلسفية المحددة في هذه الروايات أن يصبح موضوعًا للتساؤل؟ وهل باستطاعة الطلاب ومعلميهم أن يكونوا كخنازير قصة وايزنر وأن يقولوا: “لنستكشف هذا المكان” و “حسنًا، دعني أطوي هذا” كما في الشكل ٣.
هل يتعلم الطلاب في الصف بالفعل المهارات والأدوات اللازمة لتقديم شيء جديد؟ أو ما يحدث هو نوع “سقالة” فيجوتسكي (عالم نفس روسي) في لعب المعلم دور الخبير العالم الذي يساعد الطلاب (الأقل علمًا) لينتقلوا من “المجهول” إلى “المعلوم”- أي معرفة البالغين؟ توسطات مشابهة تفترض أن المعلّم البالغ متقدم بخطوة على الطالب. كيف يمكن للنصوص أن تفتح أفقًا من أجل التفكير بشكل مختلف عن ماهية المعرفة؟ ومن يملك ويخلق المعرفة؟
يقدم Biesta (2011) نقدًا قويًا مزدوجًا. يجادل أولًا بأن التركيز في منهج P4C الفلسفة للأطفال على التفكير والتساؤل والتطوير المفاهيمي، مع تقدمه نحو الحقيقة والمعرفة، يشبه البحث العلمي أكثر من البحث الفلسفي – وهذا هو الحال حتى بالنسبة لمهارات التفكير التي تنطوي عليها “الترجمة”، والتي تهدف إلى الفهم والمعنى (Biesta 2011، ص٣٠٩). وجهة نظر بييستا لا تنطوي على أن التمييز الواضح بين ما هو علمي وفلسفي ممكن أو حتى مرغوب فيه، لكنه يشير إلى أن أنصار P4C بحاجة إلى إدراك أن “الاستخدام التعليمي للفلسفة يبدو أنه يستند إلى مفهوم معين للإنسان” (Biesta 2011، ص٣١١). بالنسبة إلى نقده الثاني، فإني أصيغه ضمن سياق الروايات نفسها. يشير بيستا بشكل أساسي إلى الاستخدام الفعال لهذه الممارسة، ولكن الروايات نفسها تهدف أيضًا إلى تشكيل ذاتية معينة وخلق قارئ معين.
كما هو الحال في أماكن أخرى من كتابات بيستا، (انظر على سبيل المثال Biesta 2006، 2010) فهو يُجادل بأن التعليم ينطوي على خطر تأكيد نوع معين من الذاتية الإنسانية، حيث إن الإنسانية ” تفترض معيارًا لما يعنيه أن تكون إنسانًا قبل تجليّ أمثلة الإنسانية” (Biesta 2011، ص٣١٢). فقبل أن تتوفر لدى الطفل فرصة إظهار من هو أو من هي، وما يمكنه أن يكون، فإن الروايات تغلّف الطفل بصفته قارئًا ضمنيًا، القارئ المثالي الذي يعد ناقدًا ومستقلًا واجتماعيًا ولديه وعي عاطفيّ، ذلك القارئ المطّلع والمثقف. يقترح بييستا بصفتنا معلمين أن علينا أن نكون “مهتمين بكيفية حصول البدايات الجديدة ودخول المبتدئين في هذا العالم”. (Biesta 2011، ص.313). وهو يجادل بأن هذا لا يمكنه أن يكون “قالبًا”، وأجادل أنا، ولا حتى بصفته نصًا كأن يكون “نموذجًا” أو “تمثيلًا”. كل شخص فريد، وكما تقول أرندت، فرادة الشخص ليست من خلال كينونته أو صفاته، بل لكونه غير قابلًا للاستبدال (فهي ليست مسألة هوية). بالاعتماد على ليفينات، فإن بيستا يقدم بديلًا وجوديًا ينبغي أن يُعرف بين مؤيدي الفلسفة للأطفال، على الرغم من أن فكرة استخدام مادة مكتوبة مخصصة لتدريس الفلسفة تصبح مشكلة أمام جدية كون التعليم ينبغي أن يكون حول إفساح المجال لجلب شيء جديد إلى العالم. قد يجعل منهج P4C الطلاب أكثر منطقية ونقدًا ووعيًا، لكن بماذا بالضبط؟ سؤال “ماذا” في الروايات هو سؤال عن طبيعة اختيار أنماط تفكير فلسفية محددة وأدوات ومهارات معينة تتم “نمذجتها” في النصوص. كيف لهذه الاختيارات أن تكون محتوى للحوار الفلسفي؟ كيف لمعيارية الروايات والقرّاء المتضمنين فيها أن تكون محطًّا لاهتمام مجتمعات التساؤل؟ وهل يوجد نص أو نوع معين من النصوص يمكنه أن يفسح المجال لمعرفة المجهول، غير المتوقع، وغير المدروس حتى الآن؟
أدب الطفل بصفته بديلًا أفضل للنصوص
يؤطر منهج ليبمان P4C الطفل، فكما رأينا، تبدأ روايات ليبمان بالطفل “غير الطبيعي”، الطفل المفكّر – الطفل الفيلسوف البالغ. كانت كتابات ماثيوز رائدة في إقرار صوت الطفل في تخصص مثل الفلسفة، وكان نقده لعلم النفس الإنمائي البياجيتي (نسبة لعالم النفس بياجيه) ونظرية الاستعادة٧ ((the recapitulation theory على وجه الخصوص ممهدًا الطريق للعديد لمساءلة محاولاتهم بصفتهم بالغين في التأثير على تطور الأطفال. رغم ذلك، فإن في برنامج الفلسفة للأطفال، يبدو أن هناك نوع من الوعي النقدي تجاه تعليم الأطفال كيف يكونون أطفالًا. يقوم أولياء الأمور، المعلمون، أمناء المكتبات، الكتّاب والنقاد الأدبيون وهلمّ جرا، بتعريف الطفل المتواجد خارج الكتاب من خلال الطفل بداخل الكتاب. لا تنحصر عملية استبقاء افتراضات البالغين حول “من هم” الأطفال “وماذا يعتبرون” على الروايات الفلسفية فحسب، بل يشمل ذلك أدب الطفل الحالي أيضًا؛ لذلك فهي لا تخلو من تأثير سياسي. النصوص المكتوبة للأطفال تتعدى كونها تعليمية عندما تشجع الأطفال على التصرف مثل الراشدين، أو الأمر الأكثر خطورة هو تشجيع الأطفال وإضفاء الشرعية على تصرفهم بطريقة -تعد بالنسبة إلى البعض- “طبيعية” للأطفال (Nodelman 1999، ص٧٦). زعم عادة ما يتم طرحه في P4C وهو أن الأطفال “فلاسفة بالفطرة” (انظر على سبيل المثال ماثيوز 1978، 1994).
السؤال هو ما إذا كان أدب الطفل سيوفّر نصوصًا أفضل لتدريس الفلسفة، وإن كان كذلك فإلى أي مدى، كما ابتُكر وجُودل في هذا المجال من قبل موريس (1992) وسبرود (1993) وفيشر (1996) وهاينز (2008).
يجادل ليبمان نفسه بشدة ضد استخدام أدب الطفل الحالي، وذلك بناء على نظرته تجاه ما إذا كان الهدف من التعليم هو “إنتاج” أطفال مفكّرين، فيتوجب حينئذ أن تظهر المواد التعليمية أطفالًا مفكّرين، في حين أنه يدّعي بأن الناشرين والمحررين (ليبمان 1988، ص 187)، يقومون عمدًا بـ:
استبعاد الاستغراق في التفكير عندما يصفون شخصيات الأطفال الخيالية، لأن الأطفال على عكس البالغين؛ يتم اعتبار أنهم يسكنون عالمًا يوفّر فيه البالغون أمانهم، وهو عالم لا يعاني من خطر الإشكالية، مما ينتج عن ذلك، أن التفكير الفعّال من جانب الطفل لا يعد ضروريًا.
هذا ما يسوّغ به ليبمان كتابة الروايات الفلسفية والتي تصوّر أطفالَا خياليين عملياتهم الفكريّة ظاهرة.
في المقابل، تبنّى العديد من مؤيدي P4C من الجيل الثاني الآن استخدام الأدب للتدريس الفلسفي. يقترح جوهانسون (2011، ص 367) أن باستطاعة أدب الأطفال أن يساعد الكبار على “الدخول فعليًا إلى عالم الطفل، وهو ما يظهر في الكلمات والصور”. كوننا قراء، لا يمكننا متابعة القصص إلا إذا كنا “قادرين على تخيل ما يراه الطفل، والدخول في خياله” (2011، ص.368). حتى أنه يذهب إلى حد الادعاء بأن الكتب المصورة تجعل من “مواءمة أنفسنا مع ممارسات الطفل” ممكنًا وأن حتى قراءتنا لأدب الطفل بأنفسنا (وليس في حيّز التواصل مع الأطفال) هي وسيلة لاستكشاف “حياتنا مع الأطفال”. لا يبدو أن جوهانسون يدرك كيف أن النصوص تقوم بتشكيل الطفولة وكيف أن القراء المتضمنين يتم تصويرهم من خلال النصوص (فكرة أساسية في مجال يسمى “Critical Literacy”، انظر على سبيل المثال فاسكيز 2004؛ جانكس 2010؛ بانديا وأفيلا 2014).
ليس فقط الروايات الفلسفية، بل كذلك الكتب المصورة المعاصرة تعد جزءًا من الشبكة الأيديولوجية المعقدة التي تصنع الثقافات: ثقافات تبقي الأطفال على مسافة من الكبار. حيث يتم القيام بتجسيد ما يعتزّ به البالغون وما يعتبرونه طبيعة للأطفال، أو ما ينبغي للأطفال أن يكونوا عليه (كما الفلاسفة الكبار في حالة الروايات الفلسفية). ما لم يُعطَ لهم الإذن بوضوح، فإن الأطفال قد أصبحوا معتادين جدًا على المنهج التعليمي والمتواجد حتى في الكتب المصوّرة المعاصرة، والذي يتم استعماله من قبل البالغين لتبسيط الغموض والالتباسات المتعمدة التي تنشأ عن هذه الأعمال الفنيّة، وتقديم رسائل مترابطة ومتعاضدة يتم التحكم بها عن طريق الأكبر سنًا والذين هم أعلم، وأعرف، وأكثر خبرة (هاينز وموريس 2012). يكون هذا الخطر أكبر عندما يُستخدم النص لتعليم القراءة والكتابة على سبيل المثال (انظر على سبيل المثال Arizpe and Styles 2003)، على الرغم من حقيقة أن طبيعة الكتب المصورة المعاصرة الغامضة والتي تمتاز بعدم الوضوح تتطلب نهجًا تربويّ لا يتحكم فيه المعلمون بالحقيقة والمعنى (Haynes and Murris 2012).
باختصار، سواء كانت النصوص مكتوبة بشكل مخصص أم لا، يمكن للمواد التعليمية أن تعرقل الطلاب أو أن تحفّزهم لما فوق التفكير. في كتاب (الخنازير الثلاثة)، تقوم الخنازير بالفعل بخطوة مافوق سردية، ولكن هذه الخطوة نفسها تبقى ضمن أغلفة الكتاب نفسه. هذه خطوة مافوق مافوق تفكيرية، ولا يمكن نمذجتها ضمن النص نفسه لأن كل نص يتطلب “خطوة أخرى”، وهو انعكاس نقدي للسرد إلى ما لا نهاية. وسواء كان هذا النص رواية فلسفية من منهج P4C، أو كتابًا مصورًا، فإنه عند الانخراط في مافوق التفكير، ومافوق مافوق التفكير، ومافوق مافوق مافوق التفكير، فالفرق بينهما يعد ضئيلًا، وهي سمة فلسفية، على الرغم من أن أحد النصوص قد يكون أكثر جاذبية من الآخر في عملية الانتقال إلى منطقة مجهولة وغير مألوفة لكل من الطالب والمعلم.
المساحة البينية
يقدم بييستا استهلالًا يساعدنا في تحديد أين تقع الفلسفة، ليس في النصوص ذاتها، بل في منطقة بين النص، والطفل، والمعلّم. يدعو “”منهجيات منفتحة ” بأنها صفة التفاعل الإنساني والتي “تجعل من حدث التفرد المحتمل ممكنًا” (بييستا 2011، ص.317). هذا النوع من الفلسفة لا يمكن تعيينه أو نمذجته من قبل الروايات الفلسفية، ولا يمكنه أن يوجد؛ فهو عصيّ على التمثيل. لذلك علينا أن نكون أكثر اعتدالًا في مزاعمنا فيما يخص ما يمكن للروايات فعله عند الممارسة الفلسفية في الصف. تتضمن “منهجيات منفتحة ” التخلص الواعي من اعتبار العملية التعليمية بأنها تشكيل للأطفال، أو فرصة للبالغين من أجل صنع مُثُلهم باستخدام التعليم كأداة لغاية مشابهة (كوهان 2011، ص.430).
دائمًا ما تتضمن عملية فهم السرد “دمجًا لسياقات القارئ والنص” وتتطلب “حساسية تجاه النص” ومحاولة “الانفتاح كليًا” في المحادثة بين النص والقارئ (دون ص 1997,105, 115). يتبع هذا التموقع الحاصل بين النص والقرّاء عندما يسمح للقراء الصغار الانخراط في محادثات مشابهة، فإن احتمالات فريدة تظهر بالنسبة لقراءات مختلفة للنصوص، قراءات قد تكون أحيانًا غير اعتيادية، غريبة، أو مزعجة. ففي النهاية كلٌّ من الكتاب والقرّاء كائنات متجسدة زمنيًا. فأي ادّعاء لمنظور بعيد المدى، موضوعي، أو مافوق سردي تجاه النصوص لا يمكن الاعتداد به.
ربما يكون كتاب أنتوني براون المصور (أصوات في الحديقة (1998) توضيحًا أفضل لما يمكن أن يفعله النص عند تدريس الفلسفة. في القصة هناك أربعة أصوات يصف كل منها نزهة إلى نفس الحديقة. يوفّر اختيار الصور أربعة منظورات مختلفة معززة باستخدام أربعة خطوط متباينة. ولا يوجد صوت من “الأعلى” – الصوت الذي يرى ويعرف كل شيء- كما هو الحال في كتاب (الخنازير الثلاثة).
إن المنظور الذي يصف ما معنى أن تكون طفلًا -وبالنسبة لمؤيدي الفلسفة للأطفال: الطفل الفيلسوف- متأصل بقوة في افتراضات البالغين ورغباتهم حول كيف ينبغي أن يكون الطفل. ومع ذلك، فإن التساؤلات الفلسفية المافوقية (التساؤلات مافوق المافوقية، والتساؤلات ما فوق مافوق المافوقية …) تجعل من الممكن مناقشة مثل هذه الميزات والقراءة في اتجاه مخالف للنص من خلال الاستقصاء لفلسفي. وبالتالي، فإن دور المعلم في التفكير المعقد أمر بالغ الأهمية، وليس النص. لذلك ينبغي أن يكون إعداد المعلمين وتعليمهم للممارسة الفلسفية أقل تركيزًا على الاستقراء في المناهج الدراسية المحددة، وأكثر تركيزًا على اكتساب معرفة واسعة بالمحتوى الفلسفي بالإضافة إلى تعلم المهارات والسلوكيات٨ التربوية الفلسفية. تداعيات ذلك هي حاجتنا إلى التخلي عن فكرة كون الأطفال يمثلون فرصة للبالغين لتجسيد مُثُلهم العليا، وقبول عدم وجود علاقة محددة بين النص، التجربة، والحقيقة. المعلم “المنفتح” لا يقوم بتمرير الحقائق الموجودة scaffolding، ولكنه يُظهر إشكالية العلاقة التي تربط كل من الطلاب والمعلمين بالحقائق التي قد تبنوها فعلًا (كوهان 2011، ص.346). كما يمكن لاختيار النص عرقلة أو دعم هذه العملية التجريبية في تقديم شيء جديد للعالم.
الهوامش
- للمزيد من النقاش تابع أدناه.
- لا يتبع أن الفعالية لا تعد نافعة تعليميًا على سبيل المثال فهي تعلّم مهارات ذهنية وأدوات مثل صنع الفوارق، إعطاء الأمثلة، تقديم حجج جيدة، سؤال أسئلة مثيرة للتساؤل. لكن لتعليم كيف تكون فيلسوفًا فإن المزيد مطلوب مثل الجاهزية الضرورية للتفكير في التفكير (مافوق التفكير). هذا ما يدعوه ليبمان بالتفكير المعقد (تابع النص أدناه) وادّعاءه بأن الروايات الفلسفية تتيحه.
- لعقود عديدة، ينظم معهد ليبمان للنهوض بالفلسفة للأطفال (IAPC) في كلية ولاية مونتكلير دورات تدريبية دولية منتظمة للمعلمين والفلاسفة في مقرّم في مندام، نيو جيرسي.
- هذا على النقيض من الحوارات السقراطية في منهج ليونارد نيلسون وغوستاف هيكمان. الحوارات المافوقية هي جزء لا يتجزأ من العمل الفلسفي. انظر: دراكن (1989)، نيلسون (1949، 1993، 1994) وهيكمان (1981، 1989). في عملي الخاص، أقدم حوارات وصفية بمساعدة “بطاقة الجوكر” من حزمة من البطاقات (فكرة من روجر غريناواي؛ انظر: www.reviewing.co.uk). يمكن للجميع في الفصل سحب الجوكر عندما يريدون مناقشة الحوار نفسه: إجراءاته وقراراته الاستراتيجية وتيسيرات المعلم. لا يستأنف الحوار نفسه إلا عندما يتم حل القضايا المافوقية. يساعد هذا التدريب على جعل الممارسة أكثر ديمقراطية ويشجع التفكير الأعلى رتبة.
- بدلا من إعطاء تعريف لمجتمع التساؤل، يدعو لورانس سبليتر Laurance Splitter وآن مارغريت شارب قراءهما لتصور فصل دراسي للفلسفة للأطفال. يصفوه: “سنرى فيه تكوينًا لوجيستياً يزيد من فرص المشاركين -ولا سيما الطلاب والمعلمين- للتواصل مع بعضهم البعض؛ تنسيق طاولة مستديرة أو ربما مجموعة من المجموعات الأصغر.. سنرى المشاركين يبنون على أفكار بعضهم البعض ويشكلونها ويعدلونها، ويلتزمون بموضوع الاهتمام للحفاظ على تركيز موحد، ومتابعة التساؤل أينما أدى، بدلًا من التيه في اتجاهات الفردية. سنسمع من الطلاب والمعلمين، أنواع الأسئلة والأجوبة والفرضيات والتأملات والتفسيرات التي تعكس طبيعة التساؤل بصفته تساؤلًا مفتوحًا، ولكن يتم تشكيله من خلال منطق له ميزات عامة وخاصة لكل مجال أو موضوع. سنلاحظ مثابرة لسبر غور الأشياء، يوازنها إدراك بأن القاع بعيد كل البعد. هذا يعني، على سبيل المثال، أن أعضاء مجتمع التساؤل لا يخشون تعديل وجهة نظرهم أو تصحيح أي منطق، سواء كانت وجهة نظرهم الخاصة أو استنتاجات زملائهم المشاركين الخاطئة؛ وهم على استعداد للتخلي عن فكرة أو إجابة ناقصة” (Splitter and Sharp 1995, pp.18, 19). للحصول على نصيحة عملية بشأن إنشاء مجتمع التساؤل – الترتيبات اللوجيستية، وطول الجلسات، وكيفية وضع جدول الأعمال، وكيفية إجراء التساؤلات الفلسفية – انظر، على سبيل المثال، موريس وهاينز (2002، 2010).
- لا يوجد مجال في هذه الورقة لاستكشاف ما يصفه بيبستا (2010، ص 496) بأنه العلاقة التبسيطية المفترضة بين السبب والنتيجة في التدخلات التعليمية. بالنسبة لبييستا، فإن نظرية المعرفة البيانية (representational epistemology) هي نظام مغلق يفترض سببية حتمية معينة بين التدخل التعليمي intervention) (وتأثيره. نظرية المعرفة التبادلي (transactional epistemology) ، من ناحية أخرى، هي نظام مفتوح علائقي وغير معزول عن بيئته وتبادل المعنى. لا يمكن للنظام السيميائي المفتوح لوجهات نظر الأطفال الخاصة، وإمكانية أن يتمكن الأطفال من جلب شيء جديد إلى العالم، لا يمكن له الاعتماد على النصوص التي تشكل نموذجًا، أي تمثل خطابًا مثاليًا، بمفردها لإحداث تأثير معين.
- يعتمد الارتباك المفاهيمي على الخلط بين التطور الفكري للأطفال ونضجهم البيولوجي وانعكاس تطور الأنواع (من “الهمجي” إلى “المتحضر”) مع نمو الطفل الفردي (ماثيوز 1994).
- من لديهم تعليم في الفلسفة الأكاديمية ليسوا بالضرورة معلمين جيدين في P4C. القضية معقدة لأن المهارات التربوية التي لا يمكن فصلها عن الممارسة الفلسفية هي أيضا تعبير عن موقف فلسفي معين. يتمحور كتاب Picturebooks, Pedagogy and Philosophy (هاينز وموريس 2012) حول هذه الإشكالية.
المراجع:
Biesta, G. 2006. Beyond learning. Boulder: Paradigm Publishers.
Biesta, G. 2010. Good education in an age of measurement: Ethics, politics, democracy. Boulder: Paradigm
Publishers.
Biesta, G. 2011. Philosophy, exposure, and children: How to resist the instrumentalisation of philosophy in
education. In: N. Vansieleghem and D. Kennedy (eds) Special Issue Philosophy for Children in
Transition: Problems and Prospects Journal of Philosophy of Education, 45(2), 305–321.
Browne, A. 1998. Voices in the park. London: Doubleday.
Burbules, N. C. 2000. The limits of dialogue as a critical pedagogy. P. Trifonas (ed). Revolutionary
pedagogies. New York: Routledge. www.faculty.ed.uiuc.edu/burbules/.
De Marzio, D.M. 2011. What happens in philosophical texts: Matthew Lipman’s theory and practice of the
philosophical text as model. Childhood & Philosophy 7(13): 29–46.
Draken, K. 1989. Schulunterricht und das Sokratische Gespra ̈ch nach Leonard Nelson und Gustav Heck-
mann. Zeitschrift fu ̈r Didaktik der Philosophie. Schroedel 11: 46–49.
Dunne, J. 1997. Back to the rough ground: Practical judgment and the lure of technique. Notre Dame and
London: University of Notre Dame Press.
File, N. 2012. The relationship between child development and early childhood curriculum. In N. File, J.
Mueler, D. Basler Wisneski (Eds.). Curriculum in early childhood education: Re-examined, redis-
covered, renewed. New York: Routledge, pp. 29–42.
Fisher, R. 1996. Stories for thinking. Winsford: Nash Pollock Publishing.
Gaarder, J. 1994. Sophie’s world: A novel about the history of philosophy; trans. Paulette Moller. New York:
Farrar, Straus and Giroux.
Haynes, J. 2008. Children as philosophers. London: Routledge.
Haynes, J., and K. Murris. 2012. Picturebooks, pedagogy and philosophy. New York: Routledge.
Heckmann, G. 1981. Das Sokratische Gespra ̈ch; Erfahrungen in Philosophischen Hochschulseminaren.
Schroedel: Hannover.
Heckmann, G. 1989. Socratic dialogue. Thinking 8(1): 34–38.
Janks, H. 2010. Literacy and power. New York: Routledge.
Johansson, V. 2011. ‘In Charge of the Truffala Seeds’: On children’s literature, rationality and children’s
voices in philosophy. In: N. Vansieleghem and D. Kennedy (eds) Special Issue Philosophy for Chil-
dren in Transition: Problems and Prospects Journal of Philosophy of Education, 45(2), 359–379.
Kennedy, D. 2011. From outer space and across the street: Matthew Lipman’s double vision. Childhood &
Philosophy 7(13): 49–74.
Kohan, W.O. 2011. Childhood, education and philosophy: notes on deterritorisation. In: N. Vansieleghem
and D. Kennedy (eds) Special Issue Philosophy for Children in Transition: Problems and Prospects
Journal of Philosophy of Education, 45(2), 339–359.
Lewis, D. 2001. Reading contemporary picturebooks: Picturing text. London: Routledge.
Lipman, M. 1969. Harry Stottlemeier’s discovery. Montclair, NJ: IAPC.
Lipman, M. 1976. Lisa. Montclair, NJ: IAPC.
Lipman, M. 1978. Suki. Montclair, NJ: IAPC.
Lipman, M. 1980. Mark. Montclair, NJ: IAPC.
Lipman, M. 1981. Pixie. Montclair, NJ: IAPC.
Lipman, M. 1982. Kio & Gus. Montclair, NJ: IAPC.
Lipman, M. 1987. Elfie. Montclair, NJ: IAPC.
Lipman, M. 1988. Philosophy goes to school. Philadelphia: Temple University Press.
Lipman, M. 1991. Thinking in education. Cambridge: Cambridge University Press.
Lipman, M. 1996. Nous. Montclair, NJ: IAPC.
Lipman, M. 1997. Philosophical discussion plans and exercises. Critical and creative thinking. pp 5.1–17.
Birmingham: Imaginative Minds.
Lipman, M. 2003. Thinking in education, 2nd ed. Cambridge: Cambridge University Press.
Lipman, M., A.M. Sharp, and F.S. Oscanyan. 1980. Philosophy in the classroom, 2nd ed. Philadelphia:
Temple University Press.
Matthews, G. 1978. The child as natural philosopher. In Growing up with philosophy, ed. M. Lipman, and
A.M. Sharp, 63–77. Philadelphia: Temple University Press.
Matthews, G. 1994. The philosophy of childhood. Cambridge: Harvard University Press.
Murris, K. 1992. Teaching philosophy with picturebooks. London: Infonet Publications.
Murris, K., and J. Haynes. 2002. Storywise: Thinking through stories. Newport: Dialogue Works.
Murris, K. and Haynes, J. 2010. Storywise: Thinking through Stories. International e-book version. Jo-
hannesburg: Infonet. www.infonet-publications.com.
The Philosophy for Children Curriculum: Resisting…
123
Nelson, L. 1949. Socratic method and critical philosophy; selected essays; transl. by T. K. Brown III. New
Haven: Yale University Press.
Nelson, L. 1993. The socratic method. In Thinking, children and education, ed. Matthew Lipman, 437–444.
Kendall/Hunt: Montclair.
Nelson, L. 1994. De Socratische Methode; inleiding en redactie Jos Kessels. Amsterdam: Boom.
Nodelman, P. 1999. Decoding the images: Illustration and picture books. In Language and Ideology in
Children’s Fiction, ed. J. Stephens. London: Longman.
Nussbaum, M. 1990. Love’s knowledge: Essays on philosophy and literature. Oxford: Oxford University
Press.
Pandya, J.Z., and J. Avila. 2014. Moving critical literacies forward: A new look at praxis across contexts.
New York: Routledge.
Sprod, T. 1993. Books into Ideas. Cheltenham Aus: Hawker Brownlow Education.
Taylor, A. 2013. Reconfiguring the natures of childhood. London: Routledge Contesting Early Childhood
Series.
Vansieleghem, N. and Kennedy, D. 2011. Introduction: What is philosophy for children, what is philosophy
with children: After Matthew Lipman? In: N. Vansieleghem and D. Kennedy (eds) Special Issue
Philosophy for Children in Transition: Problems and Prospects. Journal of Philosophy of Education,
45(2), 171–183.
Vasquez, V.M. 2004. Negotiating critical literacies with young children. New York: Routledge.
Weber, B. 2011. Childhood, philosophy and play. In: N. Vansieleghem and D. Kennedy (eds) Special Issue
Philosophy for Children in Transition: Problems and Prospects Journal of Philosophy of Education,
45(2), 235–251.
Wiesner, D. 2001. The three pigs. New York: Clarion Books.
حمل مقالة منهج الفلسفة للأطفال مقاومة النصوص المصدق عليها من قبل المعلم، ومقاومة تشكيل الطفل المتفلسف المثالي