لماذا يدعم اليونسكو الفلسفة مع الأطفال: القضايا السياسية والإنسانية لهذه الممارسة في المدارس والمدينة
إيدويج شيراوتر،
أستاذة متفرغة في فلسفة التربية (جامعة نانت، فرنسا)، حاملة كرسي اليونسكو لـ”ممارسات الفلسفة مع الأطفال: الأساس التربوي لحوار الثقافات والتحول الاجتماعي”.
ورقة مقدمة في مؤتمر بلاتو للفلسفة للطفل المقام في مدينة سياتل June 2022
ترجمت المقالة بعد الحصول على الإذن الخطي من المؤلف أو الناشر
“جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن المؤلف وليست مسؤولية معهد بصيرة أو دار بصيرة للنشر أو أي جهات أخرى متصلة بها من الجهات والهيئات الثقافية التنظيمية أو المانحة وغيرها”
المترجمة: شيماء الزنبقي
المدققة: منى عبدالله
لماذا يدعم اليونسكو الفلسفة مع الأطفال: القضايا السياسية والإنسانية لهذه الممارسة في المدارس والمدينة.
ترتبط تحديات إتاحة تعاليم الفلسفة لعامة الناس ارتباطًا وثيقًا بمقاصد اليونسكو وقيمها: غالبًا ما تختزل في التعليم الثانوي والجامعي، وبالنسبة للنخبة، تعتبر الفلسفة، رغم ذلك، ركيزة من ركائز الحياة الديموقراطية. في عام 2007، صدر تقرير تحت عنوان الفلسفة: مدرسةالحرية، وسلط هذا التقرير الضوء على اهتمام اليونسكو بتطوير تعليم الفلسفة منذ أعمار مبكرة:
“ومهمة اليونسكو ذاتها، المكرسة لتحقيق التضامن الفكري والأخلاقي للبشرية، هي اعتناق وتعزيز المعرفة كلها. وتتبوأ الفلسفة مكانها اللائق في المجتمعات المنفتحة والشمولية التي تتسم بالتعددية وتؤمن بالمعرفة. ويظل تعليمها من صميم اهتماماتنا إلى جانب العلوم الإنسانية والاجتماعية” (غوتشا 2007).
أُطلق أول كرسي لليونسكو للفلسفة مع الأطفال في عام 2016 (أنشأته جامعة نانت الفرنسية) وتدعم منظمة الأمم المتحدة هذه الممارسة في الوقت الحاضر.
وبطريقة التفكير ذاتها، تشير الفيلسوفة مارثا نوسباوم إلى إرث نظيرها جون ديوي عندما استنكرت في كتابها (ليس للربح: لماذا تحتاج الديمقراطية إلى الإنسانيات) أزمة التعليم الخامدة، وهو ما ينعكس في التحول الأساسي للسياسات المدرسية الغربية (وبالتالي الفلسفات) التي تستغني عن الإنسانيات إلى جانب الحاجة إلى تهيئة مواطنين واعين متمكنين من التفكير النقدي. تفترض نوسباوم أن أزمة التعليم تهدف إلى تطوير رؤية تقنية للمعرفة والمهارات التي تعزز فقط من تكيف الفرد مع الحياة الاجتماعية ولاسيما الاقتصاد الليبرالي:
“إن تغييرات جذرية تحدث فيما تعلّمه المجتمعات الديمقراطية للصغار، وهذه التغييرات لم يُفكَّر فيها مليًّا. تقوم الدول المتعطشة للربح الوطني ونظامها التعليمي بالتخلص بشكل طائش من مهارات تحتاجها الديمقراطيات للبقاء حية. إذا استمر هذا التوجه ستنتج الأمم والدول حول العالم أجيالًا من الماكينات المفيدة عوضًا عن مواطنين كاملين قادرين على التفكير بأنفسهم، ينتقدون التقاليد الديمقراطية ذاتها ويدركون عظم شأن معاناة الآخر وإنجازاته. مستقبل ديمقراطيات العالم معلَّق على الموازنة بين الأمرين” (نوسباوم، 2011).
يعمل كرسي اليونسكو للفلسفة مع الأطفال على تطوير هذه الممارسات المدنية من خلال البحث (المؤتمرات، الدكتوراه، إلخ) والتدريس والتدريب والتعاون العالمي لأصحاب المصالح. وتعمل إحدى المبادرات على اتساق وترابط مختلف الأفرقة والهياكل التي تعمل حاليًا على هذا الموضوع لتعزيز التعاون بين الباحثين والممارسين في سياق العلاقات بين الشمال والجنوب. وبالإضافة إلى تدريب الميسرين وتطوير البحوث، تهدف المبادرة أيضًا إلى إشراك الأطفال في الحوار في سياق التبادلات بين الشمال والجنوب. تكوين علاقات بين الأطفال من جميع أنحاء العالم (مثل: بنين وفرنسا ومالي ولبنان وموناكو ومصر وكيبيك)، الفكرة هي زيادة الوعي بالتآخي العالمي – سواء من خلال تشابه الأسئلة التي يطرحونها بأنفسهم بوصفهم بشرًا أو من خلال الاستخدام الشائع للقصص (حكايات من جميع أنحاء العالم) ومن خلال العقل (الأفكار المشتركة التي ازدهرت في ورش العمل). وعلى هذا المنوال، فمن المأمول أن يساعد تعريف الأطفال بالفلسفة على تنفيذ النموذج المدني للإخاء الذي انبعث من التنوير- أي ما يوحدنا (التساؤلات والعقل والقصص) أقوى مما يفرقنا.
وسيركز عرضي على جانبين رئيسيين لتطوير هذا الطابع السياسي والإنساني العميق للفلسفة مع الأطفال
1. سأستهل بذكر الأساسيات الأخلاقية والسياسية لممارسة الفلسفة مع الأطفال بالعودة سريعًا إلى أصولها وأعمال جون ديوي وماثيو ليبمان.
2. جزء ثان عن الوظيفة الأساسية للسرد ومزاولة التفسير كونه وسيطًا لتعلّم التفكير.
لذلك سأبدأ بالعودة إلى أصول الفلسفة مع الأطفال، إلى الأساسيات التي تفقهنا اليوم بالمخاطر الأخلاقية والسياسية لهذه الممارسة.
بادئ ذي بدء، يجب أن نشدد على التناقض، تناقض هذا الاجتماع الذي قد يبدو غير محتمل على الإطلاق بين عالم الفلسفة وعالم الطفولة. الفلسفة، كونها نظام مدرسي، تُدرَّس فقط في المدرسة الثانوية. لكي يتمكن المرء من الفلسفة، يجب أن يصل إلى حد معين من النضج لغويًا وثقافيًا – أي خلفية لا يمتلكها الأطفال الصغار جدًا. لا يمكننا أن نتفلسف إلا عندما لا نعود أطفالًا…
ومع ذلك، فإن الأطفال الصغار (من سن 4 أو 5 سنوات) يشاركون بالفعل في تجربة فلسفية أصلية وأساسية: تجربة «الدهشة في العالم». قال أرسطو مسبقًا أن ما يميز البشر عن الحيوانات الأخرى هي بالضبط هذه القدرة على الاندهاش بالعالم («ولماذا؟»، «وكيف؟»). لذلك ليس هنالك سن معين لطرح الأسئلة الفلسفية وبدء هذه الرحلة الفكرية والوجودية لمحاولة فهم العالم.
لذلك تستند الفلسفة مع الأطفال أولًا وقبل كل شيء إلى نظرة معينة للطفولة، على مسلَّمة أخلاقية وأنثروبولوجية لتعريف متفق عليه للطفل باعتباره شخصًا في حد ذاته، وعلى احتكاك بالعالم، «محاور صالح» وفقًا لتعبير المحلل النفسي الفرنسي جاك ليفين.
إن الفلسفة مع الأطفال قائمة على قضايا سياسية أصيلة. لا يخفى عليك بأن البحث والتجارب في الفلسفة مع الأطفال بدأت في عام 1970 في جامعة مونتكلير بفضل جهود الفيلسوف ماثيبو ليبمان بالتعاون مع آن مارغريت شارب. كان ليبمان تلميذًا عند جون ديوي، أحد مؤسسي الفلسفة البرغماتية – بعبارة أخرى، الفلسفة التي تهدف إلى أن تكون تحررية، في خدمة الديمقراطية والفلسفة متأصلة في الواقع، والمنطق والتجربة، مبنية على نموذج التساؤل والمشكلات والمقاربة العلمية. رفض ديوي -سارت على غراره الفيلسوفة م.ناسباوم حتى يومنا هذا- الرؤية التقنية للديمقراطية (باعتبارها آلية رسمية بحت) واعتبرها نمط حياة عوضًا عن ذلك: أي كونها مجموعة مهارات وعادات ديناميكية لضبط الذات، وللتحدث والتعامل بعضهم مع بعض. نميل كثيرًا إلى غرس الحياة الديمقراطية في الأنشطة السياسية التي تقام بدروها كل خمس سنوات فقط -الإدلاء بالأصوات، على سبيل المثال- بدلًا من توضيح ما يجب أن نعمل عليه في تفاعلاتنا الاجتماعية اليومية. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء ما يسميه (مجتمعات التساؤل الفلسفي) في الفصول الدراسية مع أطفال صغار جدًا، والتي ستكون بمثابة تشريع لمفهوم الديمقراطية هذا.
في ورش العمل هذه، كما هو الحال في المعمل، يجلس الأطفال غالبًا في حلقة -على هيئة أغورا- ويصوغون الأسئلة ويقيّمون الأفكار المقدمة. بناءً على مشكلة فلسفية (مثل “ما هو القانون العادل؟” أو “هل نملك الحق في أن نكذب؟”، “هل باستطاعتنا أن نكون سيئين وسعداء؟”)، ويُطلب من الأطفال أن يكونوا فرضيات لاستدلال الفرضيات المسبقة والتبعات، لتبرير آرائهم وللتقييم الجماعي لمدى سلامة مختلف المقترحات أخلاقيًّا وعقلانيًّا. يطوّر الأطفال بتأنٍ -بفضل دعم المعلمين والميسرين الصارم- نوعًا من التفكير الذي يكون نقديًّا وإبداعيًّا ويقظًا في آن واحد (ومن هنا تظهر أهمية المخيلة والخيال و”التجارب الفكرية” في هذه الممارسات التي سأعقب عليها).
وبهذا يمكننا أن نرى كيف تهدف الفلسفة مع الأطفال، في أسسها، إلى تطوير مهارات التفكير والصفات الإنسانية التي مقامها في قلب المشروع الإنساني والديمقراطي: خلق رعايا أحرار ومستقلين قادرون على ممارسة تفكيرهم النقدي ونشر أفكارهم الجدلية، وقبول ضعفهم في مواجهة الأسئلة الكونية الأزلية التي لا أثر لإجابة واحدة ونهائية لها، مثلما في أخلاقيات معينة في العلاقة بالنفس وبالآخرين.
والآن أقدّم الفكرة الثانية التي أود تطويرها: أهمية القصص والخيال في ممارسة الفلسفة مع الأطفال وعملية التحرر هذه.
كانت فرضيتي في الدكتوراة حبل وصل بين الأطفال والأدب والفلسفة، وتنص على ما يلي: لا يمكن للمرء تعلّم الفلسفة بلا نصوص وبلا وساطة ثقافية مما يتيح الدقة والإشكالية والابتعاد العاطفي عن المفهوم الذي يُعمل عليه (الشروط اللازمة للتمرين الفلسفي). ولأن النصوص الكلاسيكية للفلسفة ومؤلفيها (كانط وديكارت وسبينوزا…) صعبة الوصول للأطفال الصغار مباشرة، فمن خلال الأدب يمكننا تأهيلهم للتقدم في حقل التعلم الدقيق هذا. إحدى الوظائف الأساسية للقصص على وجه التحديد هي مساعدة البشر على التفكير في العالم. إن المعضلات الكبرى التي تثيرها القصص تدعو إلى التفكير وتشوّش الواضح وتثير التعقيد وتشجع على الانفتاح. الأدب هو مختبر ضخم حيث يمكن للقراء من جميع الأعمار تجربة العديد من المواقف الصعبة. أقتبس من الفيلسوف الفرنسي ب. ريكور في لهجة لها سيادة تامة بالنسبة لي: «التجارب الفكرية التي نجريها في مختبر الخيال الهائل هي أيضًا استكشافات أجريت في عالم الخير والشر».
في عالم الخيال هذا أنا مجردة من الواقع التجريبي والقوانين الأخلاقية، وبالتالي بمقدرتي أن أجرب بالإنابة ما لا يمكنني تجربته في الواقع وحده: كوني قارئة، أقدر، على سبيل المثال، على ارتكاب جريمة قتل وتجربة عذاب الندم (أو لا…)، أقدر على الاختفاء (مثل الراعي جايجس في أسطورة أفلاطون الشهيرة) واختبار حدود الخير والشر واختبار أخلاقياتي (كما لو أنني في محل جايجس…)… إن أدب الأطفال المعاصر اليوم زاخر جدًا. يقدّم الكثير من المؤلفين مثل آنثوني بروان وتومي أنغرير وموريس سينداك لقرائهم الصغار قصصًا شعرية ملائمة خالية من الابتذال والوعظ (هنا أيضًا تلعب النظرة الأخلاقية التي ذكرتها مسبقًا تجاه الطفل دورًا، الطفل القادر على الوصول إلى القصص الشعرية العظيمة) – القصص التي تروي قضايا معقدة (مثل الموت والحب والشر والهوية والسعادة والعدل إلخ.).
عنصر أساسي آخر هو أن الأدب يحدد ما أسميته في بحثي «مسافة عاطفية جيدة» للتفكير بصفاء. تعتبر تجربة الحياة والتجربة الشخصية والحميمية مادة يصعب التعامل معها عند التفلسف -خاصة مع الأطفال الصغار- لأنه من السهل جدًا أن تغلبك الأحاسيس والعواطف.
سيبني الخيال جسرًا بين التجربة الفريدة -والتي، لأنها حميمة للغاية، يمكن أن تمنع تبنّي وجهة النظر والتحليل- والمفهوم – الذي، في النقيض الآخر، بسبب برودته وتجرده، يمكن أن يعيق المشاركة الشخصية اللازمة لأي بداية فلسفية. وبالتالي، فإن تجسيد الشخصيات (سيرانو وجايجس وبيتر بان) والمواقف الخيالية يضع السؤال المعمول عليه على مسافة عاطفية جيدة. لأن هذه القصص العظيمة قريبة من هواجسنا (نتعرف على الشخصيات وعذاباتهم)، وفي نفس الوقت بعيدة بما يكفي لعدم إجبارنا على مواجهتها مباشرة، فهي وساطة ضرورية لتجرؤ على التفكير بصفاء. لذلك فإن الأدب مكان يُختبر فيه الفكر والعلاقة بالعالم.
إن عملية التفسير ضرورية في العمل الفلسفي؛ لذا أرى أن نموذج تفسير النصوص هو أيضًا نموذج لفهم العالم. العالم الحقيقي نفسه مثل نص يجب تفسيره. إذا كنت أريد أن أفهمه، يجب أن أبدأ من الحقائق (أنا جالس هنا…). في نص ما هناك أيضًا أدلة ملموسة: رواية مدام بوفاري، على سبيل المثال، تدور أحداثها في نورماندي، وهي في مثل هذا العمر وما إلى ذلك -في الوقت نفسه، لا يقتصر فهم العالم- وكذلك النصوص – على هذه الملاحظة البسيطة للحقائق، وسأضطر إلى تفسيرها: على سبيل المثال، إصدار أحكام تقديرية حول تصرفات الشخصيات (هل هم محقون، هل هم مخطئون؟). (هلّا تحدثنا عن الحب والعدالة والشجاعة في هذا الموقف أو ذاك؟) وبالطريقة ذاتها هناك عدد من مدام بوفاري مثل عدد قراءات رواية مدام بوفاري، هناك العديد من التفسيرات للعالم تساوي عدد الموضوعات في العالم (ستكون ذاكرتنا جميعًا ذاكرة مختلفة، تفسير مختلف لتجربتنا في ذلك اليوم هنا).
ولذلك فإن تفادي شراك النسبية (قول أي شيء وكل شيء) والتعصب الفكري (جواب واحد مقبول فقط) – والنموذج التفسيري ذو فائدة حقيقية للتفكير في العالم. لهذا السبب أنا مقتنعة تمامًا بأنه يجب تدريب الأطفال منذ صغرهم -من خلال ورش عمل الفلسفة التي تتضمن تفسير القصص- لبناء هذا النمط من فهم الواقع بطريقة مستنيرة وواضحة – والتي يمكن أن تتجنب شراك كلا المؤامرتين (قول أي شيء وكل شيء دون مراعاة الحقائق والعقل والعلم) والتعصب الفكري (فقط نسخة واحدة ورؤية واحدة وتفسير واحد متاح للعالم).
في الختام
يعطي إنشاء ورش عمل الفلسفة مع الأطفال في المدارس والمدينة (كما هو الحال في المسارح أو المكتبات) مضمونًا لما أسمته هانا أرندت «واحات الفكر»، أي خلق أوقات ومساحات معزولة عن صخب العالم حيث يمكن أن يحظى المشاركين ببعض المساحة للتفكير بهدوء معًا.
يقول عالم الاجتماع والفيلسوف الألماني وراعي كرسي اليونسكو للفلسفة مع الأطفال “هارتموت روزا” في مقالته، الاغتراب والتسارع، بأن حداثتنا المتأخرة تتميز قبل كل شيء بالضغط المستمر للوتيرة المحمومة التي يواجه فيها الأفراد والبالغون والأطفال على حد سواء العالم الآن دون «القدرة على عيشه ودون القدرة على جعله ملائمًا لهم». هذا الشعور بالاضطرار إلى الإسراع باستمرار («أسرع» ستكون عبارة يسمعها الأطفال يوميًّا…)، لكونك مرهقًا على الدوام، فإن استيعاب قيم المنافسة والأداء والفردية الحرة يولِّد الألم والذنب المستفيض والشعور بفقدان المعنى وحتى السيطرة على الواقع ووجوده، مما يؤدي إلى ما يسميه روزا «عجز الصدى».
تعد ورش الفلسفة، من خلال تقديم واحات من الفكر والتباطؤ للأطفال من أجل أخذ الوقت الكافي للدخول في صدى مع الذات، ومع الآخرين، ومع الأعمال الفنية ومع العالم، إحدى العوامل للمشاركة في عملية التحرر.
كما أنني أؤيد فكرة أن ورش الفلسفة مع الأطفال تعطينا نموذجًا لما يجب أن تكون عليه المدرسة كل يوم. يجب أن تكون المدرسة بأكملها فلسفية. يجب أن تكون الفلسفة في قلب المدرسة، وليس فقط ساعة واحدة في الأسبوع. لأن مجتمع البحث الفلسفي مع الأطفال يعطينا النموذج:
– دراسة استقصائية لمشكلة التأويل لا لمشكلة الانتقال السلبي والبارد للنتائج.
– دراسة للمعنى والخبرة والحساسية، حيث يكشف للطلاب عن كيف للمعرفة (في العلم والتاريخ والفن) أن تعكس هواجسهم وإرادتهم في فهم العالم؛
– دراسة للذكاء الجماعي – لتنمية روح التعاون. عندما يُدعى الطلاب بشكل فعّال للتفكير في الأسئلة الكونية العظيمة، فإنهم يواجهون معًا نقطة ضعف مشتركة في مواجهة تعقيد هذه الأسئلة التي ليس لها إجابة واحدة ونهائية. وهكذا يدرك الأطفال أنهم لن يكونوا قادرين على التعامل بمفردهم مع صعوبة هذه الأسئلة، التي تتطلب في الواقع تعاون جميع الأذكياء.
– دراسة نقدية للقيم التي تبني علاقة انعكاسية مع القانون والمعايير ومع النزاعات التي تتجاوز الطاعة العمياء للقوانين والأوامر الأخلاقية التي لا طائل من ورائها والتي تؤدي إلى نتائج عكسية.
– في النهاية، دراسة البطء التي تستغرق وقتًا -بعيدًا عن أوامر العجلة الدائمة- للتعلم بصبر للنمو وللتفكير.
لذلك فإن تحدي الفلسفة مع الأطفال لا يقتصر على كونه تعليميًّا وتربويًّا فقط (إتاحة الوصول إلى الانضباط المدرسي) ولكن سياسيًّا بالكامل وبالمعنى النبيل للمصطلح.