
طرائق التدريس الحوارية: تعريف أربعة أنواع من الحوار في التعليم وتحليلها
بِن كيلبي
ترجمة: سجى الحسيني.
تحرير وتدقيق: منى عبد الله.
مراجعة: د. بدر الدين مصطفى.
Kilby, B. (2017). Dialogic Pedagogies: Defining and Analyzing Four Types of Dialogue in Education. Analytic Teaching and Philosophical Praxis, 38(2), 106-121.
“جميع الآراء الواردة في هذه الدراسة تعبر عن المؤلف وليست مسؤولية معهد بصيرة أو دار بصيرة للنشر أو أي جهات أخرى متصلة بها من الجهات والهيئات الثقافية التنظيمية أو المانحة وغيرها”.
تُرجمت الدراسة بعد الحصول على الإذن الخطي من المؤلف.
مقدِّمة
يُظهِرُ البحث التجريبي حول طرائق التدريس القائمة على الحوار أنها تُحَسِّنُ نتائج الطلاب، ولهذا يجب أن يستفيد المعلمون من هذه الأساليب أكثر (إدواردز وجروفز وهور، 2012). ومع ذلك، فإن التحليلات العميقة حول ما إذا كانت أساليب معينة للحوار أفضل من غيرها لم تُدرَس دراسة كافية مما يعطي القليل من المعلومات حول النماذج الأقدر على مساعدة المعلمين في تطوير ممارسات التعلم الحواري الفعالة (هاو وعابدين، 2013، ص 325). يرى بعض الباحثين أن هناك قِطَعًا مفقودة أو معلومات غير كافية في المواد، لأنه لا يوجد بحث مناسب وكافٍ لما يشكِّل حوارًا فعالًا في الصفوف الدراسية ولا توجد أمثلة عملية حول كيفية إنشاء حوار للتعلم، وهذا ما تفتقر إليه الممارسة في الصفوف الدراسية (مايهيل وآخرون، 2005 – ميرسر، 2010 – إدواردز وجروفز وهور، 2012 – هاو وعابدين، 2013). يشير إدواردز وجروفز وديفيدسون (2020، ص 126) إلى أن “تطوير لغة مشتركة وفهم جماعي حول الحديث والتفاعل في الصف الدراسي بين المعلمين، وبين المعلمين وطلابهم، وبين الطلاب- أمر مفروغ منه في الممارسة العملية إلى حد كبير”. ويشير هاو وعابدين (2013) إلى أن هذا يؤدي إلى قلة فهم نماذج الحوار الفعال ويسمح باستمرار طرائق التدريس الحوارية الضعيفة، ويشاركهما ألكسندر (2004) هذا الرأي ويضيف بأن أنواع الحديث الأكثر فعالية في الصفوف الدراسية لا تُمَارَسُ على نطاق واسع. يناقش نيستراند (1997) أيضًا كيف أن الأنماط المختلفة للمناقشة في الصف الدراسي تولِّد أدوارًا معرفية معينة لكل من المعلمين والطلاب، ويمكن أن تقيد تفكيرهم وتؤدي إلى الضرر. باختصار “ترتبط جودة تعلم الطلاب ارتباطًا وثيقًا بجودة الحديث في الصف الدراسي” (ص 29)، لذلك من المهم للغاية أن نكون قادرين على توضيح نوع الحديث الأكثر فعالية في الصف الدراسي. تحدد هذه الدراسة أنواعًا مختلفة من طرائق التدريس القائمة على الحوار، وتوضِّح عبر التحليل المفاهيمي مفاهيم الحوار التي تفترضها هذه الطرائق، والنتائج التعليمية لهذه المفاهيم المختلفة. حُدِّدَت أربعة أنواع من طرائق التدريس الحوارية في هذه المادة، وعلى الرغم من أنها قد تحمل أسماء مختلفة لأشخاص مختلفين، فإن هذه الدراسة ستصنفها لأجل الاتساق إلى: الحوار القائم على توجيه المعلم (Teacher-Directed Dialogue) – المحادثة العادية (Mere Conversation) – الحوار الجدلي /التنافسي (Adversarial Dialogue) – الحوار الاستكشافي
(Exploratory Dialogue). وَسَيُوصَفُ كل نوع منها في القسم الفرعي المخصص له.
الأدلة التجريبية على أهمية التعلم الحواري
أُجرِيَت أبحاث كثيرة متنوعة لتحديد تأثير التعلم الحواري في الطلاب، وتشير هذه الأبحاث إلى وجود تأثير إيجابي كبير. ويوضِّح سكيدمور (2004، 2006) أن جودة الحوار في الصف الدراسي مهمة لتعلم الطلاب، ويصنِّف التحليل التلوي (أو تركيب ميتا) لهاتي (2020) المناقشة في الصف الدراسي على أنها واحدة من استراتيجيات التدريس الأكثر تأثيرًا في إنجاز الطلاب. ويزعم سكيدمور (2004) أن الحوار الإنتاجي في الصفوف الدراسية لا يؤدي إلى زيادة عامة في الإنجاز فحسب، بل يمكنه أيضًا سد الفجوة بين الطلاب الأكثر إنجازًا وأولئك الأقل إنجازًا. لقد تبين أن تفكير الطلاب (ميرسر وليتلتون 2007) وقراءتهم في الصف (ألكسندر 2006) يتطوران عن طريق الحوار عندما يكون هذا الحوار من نوع معين، وهذا يعني طبيعة الحوار الاستكشافي (لا أنواع الحوار الثلاثة الأخرى)، وسيُناقَش الحوار الاستكشافي لاحقًا في الدراسة (مايكل وآخرون، 2008 – أندرسون وآخرون، 2011). يطوِّر الطلاب أيضًا فهمًا هادفًا حول المفاهيم عن طريق الحديث بالدرجة الأولى (إدواردز وجروفز وآخرون، 2014). على سبيل المثال، يوضِّح سوين ولابكين (1998) أن المعاني المشتركة تُتَذَكَّرُ تذكُّرًا أفضل عندما تُنتَجُ في التبادل الحواري.
وبتحليل ما هو معتاد في الصفوف الدراسية ذكر ألكسندر (2001) أن الحديث التساؤلي الجماعي هو طريقة التدريس الأكثر انتشارًا في العالم. وقد كان هذا هو الحال لأكثر من مائة عام، منذ أن أشارت أبحاث ستيفنز (1912) إلى أن المعلمين يطرحون في الغالب أسئلة تتطلب من الطلاب استرجاع المعلومات من الكتب المدرسية. استخدم فلاندرز (1970) منهجية بحثية تعتمد على الملاحظة النظامية أدَّت إلى التوصل إلى (قاعدة الثلثين) التي تنص على أن ما يحدث في الصفوف الدراسية يتبع عادة هذا النمط: ثلثا الوقت مخصص للتحدث، وثلثا هذا الوقت يتحدث فيه المعلم، وثلثا حديث المعلم يتكوَّن من حديث مونولوجي (يتحدث منفردًا ناقلًا المعلومات المحدَّدة مسبقًا) وأسئلة للتسميع أو السرد، وهذا لا يترك مجالًا كبيرًا لأنواع أكثر إنتاجية من الحديث. كرر جالتون وآخرون (1999) هذا البحث بعد 30 عامًا ووجدوا أن قاعدة الثلثين أصبحت الآن أقرب إلى الثلاثة أرباع، وقد وجد سميث وآخرون (2004) أرقامًا مماثلة بنسبة 74%، أما نيستراند وآخرون (2003) فوجدوا أنه من 1,151 ملاحظة يمكن وصف 6.69% فقط بأنها ذات طبيعة حوارية. تشير الأبحاث الإضافية التي أجراها نيستراند (1997) أيضًا إلى أن أنماط الحديث السردية “سائدة بشكل كبير”، ولها تأثير سلبي في التعلم، وترتبط ارتباطًا قويًّا بالصفوف الدراسية والطلاب ذوي الإنجاز المنخفض. تُظهِرُ الدراسات الحديثة أيضًا نمطًا مشابهًا من الحديث الذي يسيطر عليه المعلم (فايش، 2008 – وأنجرو، 2016). في التحليل التلوي (أو تحليل ميتا)[1] وجد هاو وعابدين (2013، ص 334) أن هذا النمط واضح للغاية داخل معظم الصفوف الدراسية. وتستمر أحدث الأبحاث في إثبات أن الحوار الاستكشافي نادر الحدوث في ممارسة الصف الدراسي (ديفيز وآخرون، 2017 – هاو وميرسر، 2017 – ويلكنسون وآخرون، 2017). ويتساءل نيستراند (1997) عن سبب استمرار هذا النهج في التدريس في الانتشار مع أنه يخفق في تحسين نتائج الطلاب أو جذب انتباههم. هذا النوع من الحديث غير الإنتاجي هو ما يُصَنَّفُ في هذه الدراسة على أنه حوار قائم على توجيه المعلم.
أنواع الحوار في المدارس
الحوار القائم على توجيه المعلم
ينخرط الطلاب غالبًا في الحديث الذي يتمحور حول المعلم بالدرجة الأولى، وهذا يتضمن الطلاب في نموذج (شاهد – استمع – كرِّر) للتعلم (سوان، 2006). يتيح هذا النوع من الحوار فرصًا قليلة للطلاب للمساهمة بفعالية في المناقشة ونادرًا ما يتفاعل مع مهارات التفكير الأعلى رتبة (تينزامان وآخرون، 1990)، وقد صُمِّمَ لنقل معلومات واقعية للطلاب، وهو تثقيفي وليس استقصائيًّا، ويشمل أساليب رسمية للحديث مثل إلقاء المحاضرات وطرح المعلم للأسئلة (جيليس، 2006. إدواردز وجروفز وآخرون، 2014). يوضح ف. هاردمان (2020، ص 142) أن هذا النوع من الحديث يتكوَّن من “أسئلة المعلم المغلقة، وإجابات الطلاب المختصرة، والثناء أو النقد السطحي بدلًا من الملاحظات التشخيصية، والتركيز على تذكُّر المعلومات بدلًا من الاستكشاف الحقيقي”.
يتضمن هذا النوع من الحوار أيضًا نمطًا تعليميًّا يُعرَفُ عادة بالاختصارين التاليين: (IRF) و(IRE)[2] وهو يرمز إلى السؤال الذي يبدؤه المعلم، وإجابة الطالب، ومتابعة المعلم أو تقويمه (سنكلير وكولتهارد، 1975 – ميهان، 1979). هذا النوع من الحديث في الصفوف الدراسية واضح للغاية وشائع في التعليم في جميع أنحاء العالم (إدواردز وويستجيت، 1994 – ألكسندر، 2001). وتشير إليه كازدن (2001) على أنه شكل الصف الدراسي “التقليدي”. وتكون المتابعة والتقويم في نمط (IRF/E) بتقويم الالتزام بالحفظ عن ظهر قلب وتكرار المعلومات (ثارب وجاليمور، 1988 – جي هاردمان، 2020). ويصف ويجريف (2020، ص 14) الحوار القائم على توجيه المعلم بأنه معرفة تُخَزَّنُ في الكتب وتُنْقَلُ إلى العقول، وليس شيئًا مرتبطًا بالعلاقات الحية. وتصف كازدن (2001) هذا على أنه استراتيجية مناسبة لمجالات المناهج التي تتطلَّب فهم المعرفة الواقعية فقط، ومجالات التعلم هذه هي التي تتطلَّب أن يتعلم الطلاب ويحفظوا عن ظهر قلب، على سبيل المثال معرفة أن عاصمة أستراليا هي كانبيرا.
تحذِّر كازدن (2001) من أن هناك خطرًا في انتشارIRF/E) ) في الصفوف الدراسية يتمثل في تقليص المنهج الدراسي ليقتصر على الجوانب التي يمكن حفظها عن ظهر قلب، وبدلاً من توظيف هذه الاستراتيجية حصرًا في دعم التعلم القابل للحفظ التلقيني، فإنها تفرض إطارًا يحدد طبيعة التعلم وفقًا لما يتماشى مع نمط (IRF/E). ينتقد سكيدمور (2016a، ص 92) هذه الاستراتيجية لكونها مقتصرة على التعلم البديهي والقابل للتكرار. نمط الحديث هذا ليس تعاونيًّا أو تفاعليًّا ويمكن أن يخلق حديثًا مغلقًا ويقيد الفهم بين الطلاب (ليفا، 2015، ص 8-9). وقد أظهرت الأبحاث تأثير التقييد أو الحصر الذي يحدثه هذا الحديث الذي يوجِّهه المعلم في تعلم الطلاب (إدواردز وميرسر، 1987- إدواردز وويستجيت، 1994). وتكرر كازدن (2001) أن هذا النوع من الحديث في الصفوف الدراسية لا يناسب التعلم العميق للمفاهيم المعقدة، ولهذا فإن انتشاره خطر يتمثَّل في عدم تعلم المفاهيم المعقدة بفعالية أو عدم حدوث ذلك من الأساس. وهاو (2010، ص 48) يذكر أن حوار التساؤل المفتوح “لا يُتَصَوَّرُ” مع استخدام الحوار القائم على توجيه المعلم على أنه استراتيجية تربوية أو تعليمية، ولذلك فإن انتشار الحوار القائم على توجيه المعلم يشير إلى نقص في استكشاف المفاهيم العميقة والمعقدة.
يقر ويجريف (2020، ص. 23) بوجود طرائق تدريس مختلفة مطلوبة لتحقيق أهداف تعليمية متعددة. قد يساعد تسلسل نمطIRF/E) ) للحوار داخل الصف الدراسي في تيسير أنواع معينة من التعلم القيم. على سبيل المثال، عندما يبدأ المعلم تسلسل (IRF/E)، فإنه يطرح سؤالًا يعرف إجابته بالفعل وتتاح للطلاب الفرصة لاختبار توافق تفكيرهم مع تفكير معلمهم. ومع ذلك، فإن الحديث الحواري المفتوح هو وسيلة تعليمية قيمة ومهمة لجميع أنواع أهداف التعلم (سكوت وآخرون، 2006). توضِّح لانجر (2016) أن الطلاب الذين يُعَلَّمُون الطرائق “الصحيحة عالميًّا” لفعل الأشياء يخفقون في تطبيق هذه الطرائق في سياقات مختلفة ويخفقون في إعادة تطبيقها بطريقة إبداعية، وتضيف أن كل شيء يجب أن يُدَرَّسَ عبر مجموعة متنوعة من وجهات النظر التي تشمل النقاش بدلًا من التعلم عن طريق حفظ الطرائق التقليدية لفعل الأشياء عن ظهر قلب، ويأتي تسويغ ذلك من فكرة أن تعليم أفضل طريقة لفعل شيء ما غير كاف، بل نحتاج إلى وجهات نظر متنافسة، حتى لو كانت غير كافية، حتى يتمكن المتعلمون من فهم أفضل لسبب تفوق طريقة معينة على أخرى (فيليبسون وويجريف، 2016 – مارتون وهاجستروم 2017). يرتبط هذا بأبحاث حول ما فوق التفكير لدى الطلاب، وتفترض هذه الأبحاث أن الطلاب يستفيدون عندما يتفكرون في الطرائق التي يفكرون بها، ويتجاوزون مجرد التفكير في صحة تفكيرهم أو خطئه (ميرسر وداويس، 2008 – ليفستاين، 2010 – ريزنيتسكايا وغريغوري، 2013 – فان دير فين وآخرون، 2017). يذكر ألكسندر (2001) فيما يتعلق بالقيمة التربوية التعليمية ومحدودية الحوار الذي يوجِّهه المعلم أن أنماط (IRF/E) للتفاعل في الصفوف الدراسية تبدو كأنها تضيف سرعة إلى التعلم عن طريق استنتاج استجابات قصيرة للطلاب، لكنها تخفق في توسيع نطاق تفكيرهم. برهن سكيدمور (2016c) هذا الأمر مدعيًا أن الاعتماد المفرط على أنماط (IRF/E) يُحدِثُ تشابهًا في تفكير الطلاب بسبب المحدودية المفروضة على ردود الطلاب. إن هذا النمط يقلل المعرفة إلى العرض الناجح للحقائق التي يريد المعلم سماعها في أي وقت، ولهذا فإن الحوار الذي يوجِّهه المعلم محدود في قيمته وأهميته بخلاف المحادثات الحوارية الأكثر انفتاحًا.
المحادثة العادية
تهدف الطرائق التي تنقل الحديث في الصف الدراسي إلى ما هو أبعد من التذكر والسرد في الغالب إلى إشراك الطلاب في استكشاف المعنى والارتباط الشخصي بالمفاهيم قيد المناقشة (ميرسر وداوز، 2008 – ليفا، 2015). ويصف ميرسر (1996) هذا النوع من الحديث بــ”الحديث التراكمي”، وهو يتميز بإضافة المتحدثين على ما قاله الآخرون بإيجابية ودون نقد، ويصفه بأنه ليس جدليًا (أي ليس تنافسيًّا) ولا تعاونيًّا (أي يفتقر إلى التفاعل النقدي) وليس له اعتبارات جادة.
الحوار مهم للتعلم. يصف براون (2007) التعلم بأنه مفهوم يحدث مستقلًا عن التوجيهات الصريحة في أثناء عملية نمو الطفل. يشير هذا إلى أن الطلاب يعالجون الأفكار عن طريق علاقاتهم مع الآخرين، وهي عملية تفاعلية بين كيفية طرح الأفكار للطلاب والمناقشة الجماعية التي تمكنهم من تكوين روابط مع الأفكار بطرائق شخصية وذات معنى (فيشر، 2009). يقول ماركوفا (2003): “أن تكون يعني أن تتواصل، وأن تتواصل يعني أن تكون لشخص آخر، وعبر الآخر، تكون لنفسك”. توضِّح الأبحاث أيضًا أن الطلاب نادرًا ما يتحدثون معًا عن مواضيع تتعلق بالمدرسة، لذا فإن مجرد المحادثة العادية هي وسيلة لتمكين إجراء هذا الحديث (جالتون وآخرون، 1980 – جالتون، 1999). تسمح مجرد المحادثة العادية للطلاب بالمشاركة في تفاعل متبادل بين الطلاب لا يوجِّهه المعلم. يذكر هاو (2010، ص 189) أن هذا النوع من الحديث أكثر إنتاجية من الحوار الجدلي (التنافسي) (انظر القسم التالي) واحتمالات الانسحاب فيه أقل. وبالاعتماد على فكرة فيجوتسكي (1978، ص57) بأن “جميع الوظائف العليا تنشأ في علاقات فعلية بين الأفراد”، يشير سافيدرا وأوبفر (2012) إلى أن التعاون ليس نتيجة بل هو شرط ضروري للتعلم، ونموذج النقاش الحواري بوصفه طريقة للتعلم يدعم إنجاز الطلاب. ويؤكد فيجوتسكي (1978، ص57) أن تطور الأطفال يحدث أولًا في المستوى الاجتماعي بين الأشخاص الذي يصفه بـ”مع نفس أخرى/داخل-نفساني”، ثم يحدث في المستوى الفردي داخل الطفل ويوصف هذا المستوى بأنه “بين نفساني”. إن السماح للطلاب بالانخراط اجتماعيًّا في العمليات المعرفية يدعم تفكيرهم -وفقًا لنظرية التطور النفسي هذه. يقول هاريس (1998، ص 241): “يرى الأطفال في المدرسة أن الأشخاص الأهم في الصف الدراسي هم الأطفال الآخرون”، ولذلك فإن الحديث الذي تنتجه مجرد المحادثة العادية بين طالب وآخر- مفيد من الناحية التعليمية وإن كان غير كافٍ.
إن الانتقال من الحديث الذي يوجِّهه المعلم إلى مجرد المحادثة العادية يؤدي إلى تحويل التركيز من المناقشة المتمحورة حول المعلم إلى المناقشة المتمحورة حول الطالب بطريقة إيجابية، ومع ذلك فلا تمثِّل هذه المحادثة العادية الحوار التعليمي عالي الجودة. ويذكر هاو (2010، ص 79) أن “مجرد التعبير عن الآراء المتعارضة ليس كافيًا لتسريع النمو، ويجب على الأطفال أيضًا حل الخلافات بطريقة إنتاجية”. تؤكد ليفا (2015، ص 53) أنه كي يكون الحديث في الصف الدراسي بنَّاء فإنه يجب أن يتضمن التفاوض والتقويم، فإذا لم تتسم المناقشة بالتفاوض والتقويم، فسيكون مجرد حوار لتبادل الأفكار، وهو ما تقول ليفا (2015) أنه أشيع. ألكسندر (2001) وإدواردز وجروفز وآخرون (2014) يؤكدون أهمية استخدام أفضل أنواع الحديث لأغراض التعلم، وفي حين تؤدي مجرد المحادثة العادية إلى إشراك الطلاب في الحديث، فإنها لا تدخلهم في مستويات عميقة من التفكير. وفي حين ما يزال المعلم يوجِّه النقاش الحواري على الرغم من أن الطلاب يخوضون في الكثير من الحديث بأنفسهم، فإن النقاش يخفق في أن يكون تعاونيًّا أو تفكريًّا، وهذه سمات أساسية لمناقشات الصف الدراسي المنتجة (ستريميل وفو، 1993- ماي هيل، 2006). يقترح ألبورت (1954) أيضًا أن التركيز على هدف مشترك أو ثانوي يسمح بحديث أكثر إنتاجية مما يسمح به مجرد خوض الطلاب في الحديث الحر. تشرح غاردنر (1995) في مقالتها “التساؤل ليس مجرد محادثة عادية” بالتفصيل نموذجًا لتيسير المعلم للحوار الذي لا يتمحور حوله في الصف الدراسي، وفي الوقت نفسه لا يسمح المعلم بالحوار الحر المفتوح تمامًا الذي يتضمن تبادل الأفكار بين الطلاب. لذلك في حين أن مجرد المحادثة العادية توفر بعض الفوائد الإضافية للحوار الذي يوجِّهه المعلم، فإنها تخفق في تكوين جميع ميزات الأنماط الإنتاجية للمناقشة في الصف الدراسي، وما يزال هناك الكثير لفعله للوصول إلى تصور لأفضل الممارسات في طرائق التدريس الحوارية.
الحوار الجدلي (التنافسي)
يركز الحوار الجدلي على نوع من التواصل النقدي والتنافسي، وهو يهتم في المقام الأول بالتعليل السليم والحجة. يتضمن هذا النوع من الحوار تعريض وجهات النظر والحجج للمعارضة الشديدة التي تضطر المدافع إلى جمع كل الأدلة الممكنة لدعم وجهة نظره ضد خصم حقيقي أو متخيل، وهذا النوع من الحوار يكون أوضح في مسابقات المناظرة المدرسية. يصف بيكر وآخرون (2020) كيف تأسست مجتمعات المناظرة من تقليد التدريب الديني الشعائري، ومن هذا التقليد يتولَّد نهج عقائدي متزمت للحوار يُشَجَّعُ فيه على الالتزام الصارم بوجهة نظر ما، والهدف هو إقناع شخص آخر بأن ينحاز إليك مع التقليل من التفكير الناقد.
يدعي أوزبورن (2010) أن الجدل المنطقي من النوع الموجود في الحوار الجدلي التنافسي- أمر ضروري للممارسة العلمية والتساؤل الفكري، فالتحليل الناقد في هذا النوع من الحوار له قيمة وأهمية في العديد من الجوانب. ويصف ميد (1934) كيف أن الطلاب يحتاجون إلى تعلم كيفية إقناع أشخاص محددين، وفوق ذلك يحتاجون إلى تعلم الجدال فيما يتعلق بـ”ما قد يفكر فيه أي شخص”. وهنا تكمن قيمة الحوار الجدلي التنافسي، فهو يتمتع ببعض سمات الحوار الإنتاجي لا سيما الجوانب الناقدة والتحليلية. يزعم بيكر وآخرون (2020، ص 76) أن التفاعلات الجدلية قد تكون لها قيمة تعليمية لأنها تجبر الطلاب على مناقشة وجهات النظر عن طريق التحليل المنطقي. في هذه الحوارات يتعين على الطلاب شرح وجهات نظرهم وفحصها وبناء حجج مضادة، وهذا مما يساهم في تطوير تفكيرهم على نحو أفضل، مقارنة بالمناقشات الهادئة والسلسة التي تميل إلى قبول الأفكار بسهولة دون تمحيص. إن الحوار الذي يقوم على المبدأ الأساسي المتمثل في تقديم الأسباب للحجج- له تأثير إيجابي كبير في الإدراك وإنجاز الطلاب (كون وآخرون، 2008و- كرويل وكون، 2014 – تريكي وتوبينج، 2015). وقد وضع كوهن وكروويل (2011) نظرية لهذا النوع من الحجج المنطقية باسم «الجدل الحواري»، وكذلك فعل ريسنيك وآخرون (2017) وسموا نظريتهم “حديث قابل للتفسير”. بحث مشروع CABLE)) الذي يركز على التحري في حوار الجدل التعاوني في هذا النوع من الحديث على نطاق واسع ووجد أن له تأثيرًا إيجابيًّا في إدراك الطلاب وإنجازاتهم، وفي العوامل الاجتماعية العاطفية أيضًا (أندريسن وكويرير، 1999 – أندريسن وآخرون، 2003 – بيكر وآخرون، 2013 – بيكر وآخرون، 2020). وتبين أيضًا في مجموعة من الدراسات الأخرى أن التعليل والتسويغ في الحوار يوفران فوائد أكاديمية (أوكونور وآخرون، 2015 – فان دير فين وآخرون، 2017 – موهونن وآخرون، 2018). إن الفحص الناقد والتفكير التعليلي مفيدان للتعلم الحواري، وعلى الرغم من أن الأساليب والمشاريع التي تركز على الجدل المذكورة أعلاه كالمناظرة، ليست بالضرورة أمثلة على الحوار الجدلي التنافسي، فإن هناك خطرًا في التركيز المفرط على الجدال، لأنه قد يؤدي إلى انتقال الحوار إلى المساحة الجدلية العدائية.
يُسَوَّغُ الحوار الجدلي التنافسي بالإدعاء بأن أي “موقف يجب الدفاع عنه وإخضاعه لانتقادات أشد معارضة” (مولتون، 1983، ص 153). وإذا لم يكن هذا التقويم جدليًّا بطبيعته، فمن المفترض أنه أضعف وأقل فعالية (ص 154). ويشير ألستون وبراندت (1974، ص 9-10) إلى أن الشخص المشارك في هذا النوع من الحوار “يكون أكثر مهارة في الهدم منه في البناء، وهو يستمتع بإرباك محاوريه”. هذا العامل شديد النقد يجبر المحاورين على العمل ضمن خطة تتطلَّب منهم هدم الأفكار وانتقادها والتفكير باستمرار في الاعتراضات والأمثلة المضادة، ومحاولة إضعاف جميع الأفكار المعروضة للتقويم. يسمي ميرسر (1996) هذا بالحوار الجدلي، وهو يتميز بتباين الآراء والتفكير الفردي والتبادل القصير للإثباتات. أفاد فريدمان (2013) أن نمط التنافسية يتكوَّن من اعتراضات وأمثلة مضادة ودحضُها يكون أفضل الردود عليها، ثم المزيد من الاعتراضات والأمثلة المضادة في حركة دورية من الهجمات التنافسية التي لا تنتهي فـ”كل ما يهم هو المناوشات المصارِعة”، يشير هذا إلى أن الطبيعة الصدامية للحوار الجدلي التنافسي تخلق بيئة قاسية لأي شخص “لم ينشأ على الصراع أو الاستمتاع بالشجار” (ص 28).
في حين أن هذه الحجة لها قيمة وأهمية في الحوار الجدلي التنافسي، فإن هناك أيضًا العديد من العيوب. يُتَبَنَّى هذا النوع من الحوار باعتباره قمة التعليل المنطقي والجدل بقدر ما يتطلَّب أن تخضع جميع الأفكار التي يقدمها المتحدثون لتحليل ناقد وصارم، ولكن ما يعيبه هو عدم السماح بالاستكشاف التعاوني، ولهذا فإن بناء الأفكار وتعزيزها بالعمليات الحوارية مثل التفكيك الناقد لتلك الأفكار بالحوار- مهم كثيرًا، ويؤدي هذا النقد إلى وجهات نظر ضيقة تهيمن على الحوار. يوضِّح ويجريف وسكريمشو (1997) أنه عندما يهيمن طفل على المناقشة يميل الأطفال الآخرون إلى الانسحاب أو الهدوء والخضوع أو المشاركة مشاركة هامشية. إن ضيق الأفكار وتهميش الطلاب الآخرين بسبب الافتقار إلى الحديث التعاوني يحدث عندما يخفق الحوار الجدلي التنافسي في أن يكون إنتاجيًّا بما يكفي بصفته طريقة تدريس حوارية، فهو يخفق في أن يؤدي إلى حوار متنوع وتعددي بطريقة تساهم في التقدم في تكوين الأفكار أو التصوُّر والتفكير (سي اف جولدينج، 2010).
الحوار الاستكشافي بوصفه حوارًا مثاليًّا
يُقَدَّمُ الحوار الاستكشافي في هذا القسم ليكون نوع المناقشة الأكثر إنتاجية في الصف الدراسي. يأتي مفهوم الحديث الاستكشافي من بارنز (1992، 2008)، ولكنه خضع للعديد من الإضافات والمراجعات منذ ذلك الحين. ويشير استخدام هذا المفهوم أيضًا إلى ما يعرف بـ”التفكير بصوت عالٍ”، ويركز الحوار الاستكشافي -لا الحديث- على الطبيعة التفاعلية للتواصل بدلًا من المفهوم الفردي المتمثل في “التفكير بصوت عالٍ”. هناك مجموعة متنوعة من المصطلحات المستخدمة لتسمية سمات التفاعل في الصف الدراسي والتي تُصَنَّف هنا على أنها حوار استكشافي، وتتضمن: التوجيه الحواري ((Dialogic Instruction (نيستراند، 1997)، والتساؤل الحواري (Dialogic Enquiry) (ويلز، 1999)، والتعليم الحواري ((Dialogic Teaching (ألكسندر، 2001)، والحديث القابل للتفسير (Accountable Talk) (ريسنيك وآخرون، 2017)، وحوار التساؤل (Inquiry Dialogue) (ريزنيتسكايا وويلكينسون، 2017)، والحديث الجيد ((Quality Talk (ويلكنسون وآخرون، 2010).
في هذه الدراسة سيكون الحوار الاستكشافي هو المصطلح الشائع المستخدم لوصف نوع معين من التفاعل في الصف الدراسي الذي يعتمد على العديد من النظريات المختلفة، وسَيُشرَحُ في هذا القسم بالكامل.
يصف ويجريف (2020، ص 21) فيما يتعلق بالتركيب ثلاث خطوات ضمن الحوار الاستكشافي: الافتتاح، والتوسع، والتعمق. يتضمن الافتتاح توفير مساحة للعلاقات بين المشاركين في الحوار على نحو يسمح بـ”توجيه انتباه الآخر”. تفتح هذه الخطوة سؤالًا أو مشكلة أو فكرة تسمح للأفكار ووجهات النظر والمعتقدات بتشكيل الحوار. إنها بطريقة ما صيغة محددة من التحفيز، وهي محددة من حيث أنها حافز يمكِّن الحوار التعددي المتباين، ومثال ذلك: “أكلُ اللحومِ خطأ”. تخلق هذه الخطوة الافتتاحية مساحة لآراء متباينة ضمن مناقشة تعددية، ويمكن للمتحدثين مناقشة اتفاقهم أو اختلافهم وتعليلهم في الردود. الخطوة الثانية هي التوسع، وتؤدي هذه الخطوة إلى توسيع المفاهيم في المناقشة عن طريق البحث بنشاط عن مجموعة متنوعة من وجهات النظر بالسؤال عمَّا يفكر فيه الجميع. يتضمن هذا التوسع إدماج آراء من خارج منظورات الأشخاص المحددين في الحوار. على سبيل المثال، في صف ليس فيه طلاب من السكان الأصليين يمكن النظر لما قد يقوله السكان الأصليون حول الموضوع من منظور خيالي أو نظري. الخطوة الثالثة هي التعمق، وهي تعمق للطريقة التي يُفَكَّرُ بها في الموضوع. قد يبدو هذا كأن الطلاب يحدِّدون الافتراضات التي طُرِحَت في الحوار حتى الآن، مثل “نحن نفترض أن الحيوانات غير البشرية لديها حياة داخلية مثل البشر عندما ندعي أننا يجب ألا نأكلها”. تهدف خطوة التوسع إلى تعريض الطلاب لمجموعة واسعة من وجهات النظر، على حين تهدف خطوة التعمق إلى استكشاف عمق وجهات النظر.
تتناقض هذه الخطوات مع أنواع الحوار الثلاثة السابقة، فالحوار الذي يوجِّهه المعلم لا يهدف إلى تحقيق الاتساع أو التعمق، فالمعلم يريد الإجابة الصحيحة الوحيدة حتى يتمكن الصف من حفظها والمضي قدمًا، أما المحادثة العادية، فقد تتسم ببعض الاتساع، لكنها تفتقر إلى العمق، فهي تخفق في التحليل النقدي العميق للآراء ولا تتجاوز مجرد تبادل وجهات النظر ولا تأخذ في الاعتبار وجهات النظر من خارج إطار الحوار، مثل منظور الشعوب الأصلية الذي أشير إليه سابقًا. الحوار الجدلي التنافسي ليس فيه اتساع، لأن كل جانب من الجدل له موقفه الضيق المحدود باعتباره ثابتًا راسخًا. قد تكون هناك وجهات نظر متعددة داخل المناقشة (جانبان متعارضان)، ولكن هذا لا يمثِّل اتساعًا لأنه لا يوجد اعتبار هادف لوجهات النظر الأخرى، ولأن المتحدثين ليسوا منفتحين على تغيير آرائهم. أما فيما يتعلق بالعمق، فهناك عمق في جانب واحد فقط. الهدف من الحوار الجدلي التنافسي هو الإقناع حتى تصل إلى النصر، لذلك هناك تحليل نقدي عميق، لكنه من وجهة النظر المعارضة فقط وليس من وجهة نظر المرء الخاصة.
يستخدم بارنز (1992) مفهوم فيجوتسكي للكلام الداخلي ليقترح أن التعلم يجب أن يكون تحويليًّا لا أن يكون مجرد إضافة، ويعني بهذا أن الحوار يجب أن يُحدِثَ تحولًا في المتعلم بحيث ييسِّر حوارًا داخليًّا بناء على الأفكار التي يقدمها الآخرون أثناء المناقشة. هذا الحوار الداخلي هو ما يُعَدُّ تفكيرًا ناقدًا ويُطَوَّرُ بمحادثة الآخرين خصوصًا. وفي المقابل، فإن الحوار الذي يوجِّهه المعلم هو مجرد حوار إضافي لأنه يزوِّد الطلاب بالمعرفة الجديدة، ولكنه ليس وسيلة لتطبيق تلك المعرفة أو وضعها في سياقها أو تعديلها بطرائق مبتكرة. يقول نيستراند (1997) أيضًا إن الحوار الاستكشافي يبني نوعًا مختلفًا تمامًا من العلاقة بين المعلم والطالب، حيث يكون دور المعلم هو تنظيم الحديث لتيسير إنتاج الطلاب للمعرفة، ودور الطلاب هو التفكر لا مجرد التذكر. وبهذه الطريقة، تُشَكَّلُ معرفة الطلاب وتُحَوَّلُ مع تقدم الحوار، بدلًا من مجرد إضافة حقائق فوق أخرى إلى بنك “الأشياء” التي “يعرفها” الطلاب.
ويفرق باختين (1981، ص 293) بين ما يوصف هنا بالحوار الاستكشافي وبين الحوار الذي يوجِّهه المعلم عن طريق فهم ملكية الأفكار والمفاهيم. في الحوار الاستكشافي يستطيع الطلاب أخذ الأفكار والمفاهيم وجعلها خاصة بهم ثم استخدامها ونشرها لأهداف تناسب السياق وبطرائق فريدة ومبتكرة. ويدَّعي أن هذا النوع من الحوار يكشف عن “طرائق جديدة للتعبير عن المعاني” (ص 346). “إذا لم ينشأ عن الإجابة سؤال جديد، سقطت من الحوار” (ص١٦٨)، وهذا يتناقض مباشرة مع الحوار الذي يوجِّهه المعلم حيث يكون لدى المعلم الإجابات بالفعل ولا يهتم بتفسيرات أو أسئلة جديدة أو فهم معانٍ جديدة. يناقش سكيدمور (2016 ب[3]، ص 31) هذه الفكرة من باختين بقوله إنه عندما يقتصر الطلاب على فهم لمفهوم ما يُطلَبُ منهم إعادة إنتاجه في شكل مطابق لما عُرِضَ لهم، فإن المفهوم يظل ملكًا لشخص آخر ولا يكون أداة نفسية حقيقية يمكنهم استخدامها. عندما يكون الطلاب قادرين على بناء معنى جديد من مفهوم مكتسب أو إدماج وجهة نظرهم فيه أو تحليل تفسيره أو تقديم شيء جديد- يمكننا أن نكون واثقين من أن لديهم فهمًا قويًّا لهذا المفهوم بطريقة تبيِّن فهمًا ظاهرًا لمجال المعرفة الذي يدرسونه. وهكذا في الحوار الاستكشافي، بدلًا من أن يخبر المعلمون الطلاب بما يحتاجون إلى معرفته وتذكره، فإنهم يحفزون التفكير بأفكار تدفع الطلاب إلى بناء المعرفة باستخدام التعليل ومشاركة المنظور والتحليل الناقد (شتاين وآخرون، 2008). يتحدى الحوار الاستكشافي تفكير الطلاب بالأسئلة النظرية والعملية التي تشجعهم على تأمل الأفكار والتفكر فيها واستكشافها ومراجعتها. تشجع الأسئلة النظرية على المزيد من العمق، وقد تشمل: “هل يمكنك أن تعطيني مثالًا؟” أو “هل هناك أي صلة أخرى بـ “الفكرة السابقة”؟” أو “هل تدعم أسبابك استنتاجك؟”. وتتناول الأسئلة العملية طريقة التساؤل، وقد تشمل: “أتوافق أم ترفض؟” أو “هل يمكنك أن تشرح بكلماتك الخاصة؟” أو “ماذا تقصد بذلك؟”. هذا النوع من الحوار يمكِّن الطلاب من المشاركة في حوار تعددي وبناء معنى لأنفسهم عن طريق امتلاك الأفكار والمفاهيم قيد المناقشة.
تركز المحادثة العادية على تبادل وجهات النظر، على حين يركز الحوار الجدلي التنافسي على انتقاد الأفكار، أما الحوار الاستكشافي فينتقل إلى ما هو أبعد من ذلك نحو الحوار بصفته نوعًا من أنواع بناء المعرفة (كوفالاينن وكومبولاينن، 2005 – إدواردز وجروفز وآخرون، 2014) (فيشر، 2009). يمكن بناء المعنى والأفكار الشخصية ومشاركتها، ولكن الأهم من ذلك هو مشاركة المعنى والتفكير الكامن وراءها بالحوار مما يتيح بناء فهم المجموعة (ليفا، 2015). إن الطبيعة التعاونية للحوار تُعَرِّضُ الطلاب لوجهات نظر متعددة مع بناء الفهم المتبادل عن طريق عملية التفكير معًا والتفكير تعاونيًّا (ميرسر وداوز، 2008 – فيشر، 2009 – بويد وجالدا، 2011). يتيح ذلك بناء المعرفة، حيث يقوم الطلاب بمعالجة التبادل معالجة نشطة، وهناك فرص لربط الأفكار عن طريق الحوار (بلومنفيلد وآخرون، 1991 – ستريميل وفو، 1993 – كونينجز وآخرون، 2005 – أوسبرغ وبييستا، 2008 – مايرز ونولتي، 2009 – الفرنسية، 2012). هذا النوع من الحديث يشجع الطلاب على بناء الفهم اجتماعيًّا (ناتشوويتز وبرومر، 2014)، وللقيام بذلك يجب عليهم البناء أو الإضافة على كل فكرة شُورِكَت بدلًا من مجرد سماعها أو البحث عن انتقادات لهدمها (إدواردز وجروفز وهور، 2012). إن إجراء مناقشة فعالة في الصف الدراسي ليس أمرًا سهلًا كمراقبة من يتحدث وكم يتحدث، ويُعَدُّ مدى معاملة الطلاب بصفتهم عوامل معرفية (بناة مشاركين للمعرفة) مؤشرًا أكبر لجودة التعلم الحواري وتحسين نتائج الطلاب (سكيدمور، 2016c). يوضِّح باولي ورويسر (2015) وجود علاقة إيجابية بين البناء المشترك للمعرفة وتحصيل الطلاب في الرياضيات. لقد أثبتت الأبحاث منذ فترة طويلة أهمية الحوار النشط في التطور الإدراكي (تريفارثين، 1979 – براتن، 1988 – ريسنيك وآخرون، 2018). تشمل الخصائص المشتركة للحوار الاستكشافي: التبادل المفتوح للأفكار والتساؤل المشترك وبناء المعرفة والأصوات المتعددة والعلاقات المحترمة في الصف الدراسي (ليتلتون وميرسر، 2013 – هانيدا، 2017 – خونغ وآخرون، 2019 – جي هاردمان، 2020).
من المزايا الرئيسية للحوار الاستكشافي أن الطلاب يعيدون صياغة المعرفة في سياقات مختلفة بسبب التنوع والتعددية في الحوار، حيث يختبر الطلاب فهمهم للمفاهيم الجديدة ويطبقونها حتى يصبحوا خبيرين باستخدامها. يقارن سكيدمور (2016 ب، ص.33) هذا مع الحوار الذي يوجِّهه المعلم مشيرًا إلى أنه عندما يتم التدريس باستخدام أساليب السرد فإن المعرفة التي يكتسبها الطلاب تكون جامدة وتُهمل بسرعة خارج السياق المحدد الذي تعلموها فيه. يبتعد الطلاب في الحوار الاستكشافي عن السرد وأسئلة إعادة الإنتاج التي تحدث في الحوار الذي يوجِّهه المعلم (يونغ، 1991)، ويُعَادُ سرد محتوى المنهج من وجهة نظر الطلاب ويُطَبَّقُ ويُوضَعُ في السياق بطرائق مختلفة. يشارك المعلم الحديث مع الطلاب متيحًا لهم فرصة ليتحدثوا هم أيضًا بدلًا من أن يكون هو المتحدث الوحيد، ويركز على وجهات النظر والأفكار المتنوعة التي يجب على الطلاب تقديمها (سكيدمور، 2016 ب، ص.35). يميز ألكسندر (2001) بين الحوار والمحادثة مشيرًا إلى أن الحوار يستخدم الاستجواب الهادف والبنية (التركيب)، ويسعى لتحقيق أهداف التساؤل المشتركة، ويذكر أيضًا أن الحوار هو الطريقة الرئيسية التي يستطيع المعلمون بواسطتها التوقف عن عادة معاملة الطلاب كما لو كانوا أوعية فارغة، فالحوار يسمح لهم برؤية الطلاب مفكرين أكفاء، وهذا هو نوع التعليم “الجماعي، المتبادل، الداعم، التراكمي، الهادف” (ص 29).
إحدى الطرائق التي يهدف بها الحوار الاستكشافي إلى تحقيق صنع معنى هادف هي الاهتمام بفردية أصوات الطلاب في المناقشة، فهو يركز على أصوات مختلفة وفريدة من نوعها تتفاعل بعضها مع بعض سعيًا للمعرفة والفهم، ولا يمكن اختزالها أبدًا في صوت واحد مهيمن (سكيدمور، 2016 ب، ص.34). يشرح ويلز (1999، ص 174) المعنى المحتمل للغة المشتركة الذي يسمح للطلاب بالعمل على تحقيق الأهداف ضمن تفاعلهم الاجتماعي الخطابي. في السياق التعليمي ستكون هذه الأهداف عمومًا هي تنمية المهارات والاستيعاب المفاهيمي للموضوع بعمق. ويُفَصِّل ألكسندر (2001، ص 527) كيفية تحقيق هذا الفهم المشترك عن طريق النشاط المشترك والمفاهيم المشتركة، فهو يدمج المحادثة الاجتماعية في التساؤل الإدراكي ليحفز ظهور نمط معين من الحديث.
يوفر الحوار الاستكشافي للطلاب ما هو أكثر من مجرد مشاركة وجهات نظرهم، حيث يتيح لهم الوقت والمساحة للتفكير بأنفسهم في علاقة مع الآخرين مما يساعد على تعزيز الفهم. (ليفا، 2015)، ويصف هيدجز وكولين (2005) ذلك بأنه بين-شخصي، حيث يحدث تبادل إدراكي واجتماعي وعاطفي بين أعضاء مجتمع التعلم. وتُيَسِّرُ هذه التبادلات التفاعل الجماعي في الحوار لتعزيز المعرفة والفهم عند جميع المتحدثين. يستخدم فيجوتسكي (1978) مفهوم التفكير باعتباره حديثًا ذاتيًّا داخليًّا، لذا فإن الحوار مع الآخرين يمكِّن حوار التفكير الداخلي هذا من أن يصبح معلَّلًا عن طريق التبادل الجماعي (ستال وآخرون، 2014). وضَّح كارليس وآخرون (2011، ص 397) أيضًا كيف أن التبادلات التفاعلية الأنجح تتطلَّب معانيًا وتوقعات مشتركة وقابلة للتفاوض. إنها عملية تساؤل مشترك حول مفهوم التعلم الذي يحدث في شكل حوار (ويلز، 1999- لينيل، 2009). إن مفهوم تعدد الأصوات أو الأصوات المتعددة ووجهات النظر بصفتها جزءًا من الحوار- مهم للحوار الاستكشافي (باختين، 1984)، ومن هذا التعدد في الأصوات يأتي مفهوم الإطار المعرفي الذي يُستَخدَمُ لبناء المعرفة المشتركة عن طريق الحوار مع مجموعة محددة (ميرسر، 2000). يوضح سكيدمور (2016 أ، ص 95) أنه كلما كان الفضاء الخطابي للفرد أكثر ثراءً، “ازدادت إمكانية وصوله إلى مختلف أنماط الحياة التي تقدمها الثقافة والمجتمع، وتعززت قدرته على التعاون مع الآخرين”. وهو يعني بهذا أنه كلما تنوَّعت الحوارات التي يمكن للشخص المشاركة فيها، أصبح عقله أكثر انفتاحًا لمجموعة واسعة من الأفكار ووجهات النظر والمعتقدات. يُعَدُّ هذا مفيدًا في السياق التعليمي لأن الهدف في التعليم هو توسيع آفاق الطلاب ومداركهم حتى يتمكنوا من الرؤية والتفكير والإبداع خارج سياق الصف الدراسي المحدود.
ووفقًا لباختين (1984، ص 26) يجب أن يكون الحوار الاستكشافي “تعدديًّا إلى حد كبير”، ويرتبط هذا بفكرة التوسع التي طرحها ويجريف. ومن الناحية العملية يعني هذا ضمان عدم تركيز المناقشة كثيرًا على محاولة التوصل إلى إجماع كلي أو العثور على الإجابة “الصحيحة”. تُشَجَّعُ وجهات النظر التعددية حول المواضيع، وتكمن أهمية الحوار في الفهم والتفسيرات بين وجهات النظر المتنوعة. “إذا كان المرء منفتحًا في الحوار ويصغي بانتباه فلا يوجد موقف نهائي، بل هناك دائمًا صوت من خارج الإجماع الحالي يأتي بمنظور جديد، ويطلب أن يُسمَعَ” (ويجريف، 2020، ص 18). يقول سكيدمور (2016ب) إن هذه هي فكرة “عدم وجود وجهة نظر واحدة متفوقة على غيرها”. ويجب على المعلم توفير المساحة لظهور التعددية، وتشجيع التفكير المتباين للتفاعل في المناقشة. يسمح هذا التفاعل بالنظر في (أو دراسة) وجهات نظر متعددة، ولا يُرَكَّزُ على وجهة النظر في حد ذاتها، ولكن يُرَكَّزُ على ضمان أن يكون التعليل الذي يستخدمه الطالب لتسويغ وجهة نظر معينة واضحًا (ص 39). وهذا يتناقض مع الحوار الذي يوجِّهه المعلم ويبحث فيه عن إجابة صحيحة محددة. يبحث الحوار الاستكشافي عن التعليل الكامن وراء أي إجابة بدلًا من البحث عن إجابات محددة، وبهذا البحث عن التعليل قد يتطور التعلم بطريقة فعالة، وهذا هو الحال حتى عندما توجد في الواقع إجابة واحدة صحيحة. على سبيل المثال، عندما يقول الطالب أن 1 + 1 = 3، لا يكون التركيز على الإجابة غير الصحيحة وهي 3، ولكن على التعليل الذي دفع الطالب إلى الاعتقاد بأن الإجابة هي 3. البحث الجماعي الناقد للتعليل لن يكشف عن خطأ في التعليل فحسب بل سيتناول أيضًا المفاهيم الخاطئة المحتملة في تفكير الطلاب، وهذا شيء لا يمكن للحوار الذي يوجِّهه المعلم أن يفعله، لأن هذا النوع من التفاعل سيشير إلى أن هذه الإجابة غير صحيحة وسيستأنف تسلسل IRF/E)) مع طالب آخر حتى يُتَوَصَّلَ إلى الإجابة الصحيحة. تعليل الطالب الواضح في المناقشة يضيف معنى وهدفًا وسياقًا إلى المناقشات ويضيف استكشافًا للاحتمالات والأفكار الأصلية، فهو يمكِّن الطلاب في الحوار من تقويم وتحديد وتطبيق معاييرهم الخاصة لتحليل المعرفة محل الدراسة.
خاتمة
إن أهمية الحوار في الصف الدراسي في تحقيق إنجازات الطلاب ورفاهيتهم- معروفة. وتساهم هذه الدراسة في تعميق الفهم للأنواع المختلفة من طرائق التدريس الحوارية التي يمكن للمعلمين توظيفها. ومن الجدير بالذكر أنه قد رُكِّزَ على دور الحوار الاستكشافي لما له من تأثير إيجابي قوي في الطلاب، ويُعَدُّ هذا النوع من المشاركة الحوارية وسيلة للمدرسين لتمكين طلابهم من أن يصبحوا مفكرين ناقدين ومبدعين ومهتمين وتعاونيين، وأن يصبحوا بشرًا صالحين كذلك.
إن العمل التربوي التعليمي المطلوب من المعلمين من الناحية العملية هو أن يكونوا على دراية بالطرائق التي ينظمون بها الحديث لأجل التعلم والمشاركة الأمثل للطلاب. إن مراعاة الخطوات التعليمية الشاملة لجميع الطلاب أمر ضروري لتحقيق إنجازات لافتة. يجب أن تظل هذه المناقشة التعاونية ناقدة وتحليلية ومليئة بالخلاف لتصير حوارًا أكاديميًّا إنتاجيًّا، ولكن ليس من الضروري أن تكون تنافسية وجدلية. هناك العديد من النماذج التعليمية التي يمكن للمعلمين الوصول إليها لضمان هذه الفعالية، بما في ذلك الإرشاد الحواري (نيستراند، 1997)، والتساؤل الحواري (ويلز، 1999)، والتدريس الحواري (ألكسندر، 2001)، والحديث القابل للتفسير (ريسنيك وآخرون، 2017)، وحوار التساؤل (ريزنيتسكايا وويلكنسون، 2017)، والحديث الجيد (ويلكنسون وآخرون، 2010)، والفلسفة للأطفال ((Philosophy for Children (موريس وآخرون، 2016). يجب أن يكون المعلمون أيضًا على دراية بسمات أنواع الحوار الأخرى الأقل فعالية حتى يتمكنوا من تجنب الوقوع في تلك الأخطاء. تكون طرائق التدريس الحوارية أقل جودة عندما يوجِّهها المعلم، وأيضًا عندما تكون عبارة عن محادثة غير نقدية، أو عندما تأخذ طابعًا جدليًّا تنافسيًّا دون تعاون أو تفكر. هذه الأنواع من الحوار لن توفر تجربة صفية مثمرة. يجب أن يكون المعلمون مسؤولين عن مدى فعالية تدريسهم لتمكين جميع الطلاب من المشاركة والنجاح والتفوق.
المراجع
Alexander, R. J. (2001). From Conversation to Dialogue. Blackwell. http://www.robinalexander.org.uk/wpcontent/uploads/2013/09/Lessons-for-the-chattering-classes.pdf.
Alexander, R. J. (2004). Towards Dialogic Teaching: Rethinking Classroom Talk. Dialogos.
Allport, G. (1954). The Nature of Prejudice. Addison Welsley.
Alston, W. P., & Brandt, R. B. (1974). The Problems of Philosophy (2, Ed.). Allyn & Bacon.
Anderson, N., Chapin, S., & O’Connor, C. (2011). Classroom Discussions: Seeing Math Discourse in Action. Scholastic Math Solutions.
Andriessen, J., Baker, M. J., & Suthers, D. (2003). Arguing to Learn: Confronting Cognitions in Computer-Supported Collaborative Learning Environments. Kluwer Academic Publishers.
Andriessen, J., & Coirier, P. (1999). Foundations of Argumentative Text Processing. Amsterdam University Press.
Baker, M. J., Andriessen, J., & Järvelä, S. (2013). Affective Learning Together: Social and Emotional Dimensions of Collaborative Learning. Routledge.
Baker, M. J., Andriessen, J., & Schwarz, B. B. (2020). Collaborative Argumentation-Based Learning. In N. Mercer, R. Wegerif, & L. Major (Eds.), The Routledge International Handbook of Research on Dialogic Education. Routledge.
Bakhtin, M. M. (1981). Discourse in the Novel. In M. Holquist (Ed.), The Dialogic Imagination: Four Essays by M. M. Bakhtin. University of Texas Press.
Bakhtin, M. M. (1984). Problems of Dostoevsky’s Poetics (C. Emerson, Ed. & Trans.). Manchester University Press.
Barnes, D. (1992). From Communication to Curriculum (2 ed.). Penguin.
Barnes, D. (2008). Exploratory Talk for Learning. In N. Mercer & S. Hodgkinson (Eds.), Exploring Talk in Schools. Sage.
Blumenfeld, P., C, Soloway, E., Marx, R., W, Krajcik, J., S, Guzdial, M., & Palincsar, A. (1991). Motivating Project-based LearningL Sustaining the Doing, Supporting the Learning. Educational Psychologist, 26(3&4), 369-398.
Boyd, M., P, & Galda, L. (2011). Real Talk in Elementary Classrooms: Effective Oral Language Practice. The Guilford Press.
Bråten, S. (1988). Dialogic Mind: The Infant and the Adult in Protoconversation. In M. E. Carvallo (Ed.), Nature, Cognition and System I. Theory and Decision Library. Springer.
Brown, C. P. (2007). ‘It’s More than Content’: Expanding the Conception of Early Learning Standards. Early Childhood Research and Practice, 9(1).
Carless, D., Salter, D., Yang, M., & Lam, J. (2011). Developing Sustainable Feedback Practices. Studies in Higher Education, 36(4), 395-407.
Cazden, C. B. (2001). Classroom Discourse: The Language of Teaching and Learning (2 ed.). Heinemann.
Crowell, A., & Kuhn, D. (2014). Developing Dialogic Argumentation Skills: A 3-Year Intervention Study. Journal of Cognition and Development, 15(2), 363-381.
Davies, M., Kiemer, K., & Meissel, K. (2017). Quality Talk and Dialogic Teaching – An Examination of a Professional Development Programme on Secondary Teachers’ Facilitation of Student Talk. British Educational Research Journal, 43(5), 968-987.
Edwards-Groves, C., Anstey, M., & Bull, G. (2014). Classroom Talk: Understanding Dialogue, Pedagogy and Practice. PETAA.
Edwards-Groves, C., & Davidson, C. (2020). Metatalk for a Dialogic Turn in the First Years of Schooling. In N. Mercer, R. Wegerif, & L. Major (Eds.), The Routledge International Handbook of Research on Dialogic Education. Routledge.
Edwards-Groves, C., & Hoare, R. L. (2012). Talkig to Learning: Focussing Teacher Education on Dialogu as a Core Practice for Teaching and Learnig. Australasian Journal of Technology Education, 37(8), 82-100.
Edwards, A. D., & Westgate, D. P. G. (1994). Investigating Classroom Talk (2 ed.). Falmer.
Edwards, D., & Mercer, N. (1987). Common Knowledge: The Development of Understanding in the Classroom. Routledge.
Fisher, R. (2009). Creative Dialogue: Talk for Thinking in the Classroom. Routledge.
Flanders, N. (1970). Analysing Teaching Behaviour. Addison-Wesley.
Freidman, M. (2013). Introduction. In K. Hutchinson & F. Jenkins (Eds.), Women in Philosophy: What Needs to Change? Oxford University Press.
French, G. (2012). The HighScope Approach to Early Learning. In M. Mahuna, M & M. Taylor (Eds.), Early Childhood Education and Care: An Introduction for Students in Ireland (pp. 127-134). Gill & McMillan.
Galton, M. (1999). Commentary: Interpreting Classroom Practice around the Globe. In R. J. Alexander, P. Broadfoot, & D. Phillips (Eds.), Learning from Comparing: New Directions in Comparative Educational Research. Symposium Books.
Galton, M., Hargreaves, L., Comber, C., Wall, D., & Pell, T. (1999). Changes in Patterns of Teacher Interaction in Primary Classrooms. British Educational Research Journal, 25(1), 23-37.
Galton, M., Simon, B., & Croll, P. (1980). Inside the Primary Classroom (the ORACLE Project). Routledge & Kegan Paul.
Gardner, S. (1995). Inquiry is No Mere Conversation. Analytic Teaching, 16(2).
Gillies, M. (2006). Teachers’ and Students’ Verbal Behaviours During Cooperative and Small-group Learning. British Journal of Educational Psychology, 76, 271-287.
Golding, C. (2010). “That’s a better idea!” philosophical progress for philosophy for children The University of Melbourne]. Melbourne.
Haneda, M. (2017). Dialogic Learning and Teaching across Diverse Contexts: Promises and Challenges. Language and Education, 31(1), 1-5.
Hardman, F. (2020). Embedding a Dialogic Pedagogy in the Classroom: What is the Research Telling Us? In N. Mercer, R. Wegerif, & L. Major (Eds.), The Routledge International Handbook of Research on Dialogic Education. Routledge.
Hardman, J. (2020). Analysing Student Talk Moves in Whole-Class Teaching. In N. Mercer, R. Wegerif, & L. Major (Eds.), The Routledge International Handbook of Research on Dialogic Education. Routledge.
Harris, J. R. (1998). The Nurture Assumption: Why Children Turn Out the Way They Do. Bloomsbury.
Hattie, J. (2020). Visible Learning Meta: Global Research Database. In Corwin.
Hedges, H., & Cullen, J. (2005). Subject Knowledge in Early Childhood Curriculum and Pedagogy: Beliefs and Practices. Contemporary Issues in Early Childhood, 6(1), 66-79.
Howe, C. J. (2010). Peer Groups and Children’s Development: Psychological and Educational Perspectives. Wiley.
Howe, C. J., & Abedin, M. (2013). Classroom Dialogue: A Systematic Reivew Across Four Decades of Research. Cambridge Journal of Education, 43(4), 325-356.
Howe, C. J., & Mercer, N. (2017). Commentary on the Papers. Language and Education, 31(1), 83-92.
Khong, T. D. H., Saito, E., & Gillies, R. M. (2019). Key Issues in Productive Classroom Talk and Interventions. Educational Review, 71(3), 334-349.
Konings, K., D, Brand-Gruwel, S., & Van Merrienboer, J., J. (2005). Towards More Powerful Learning Environments Through Combining the Perspectives of Designer, Teachers, and Students. British Journal of Educational Psychology, 75(1), 645-660.
Kovalainen, M., & Kumpulainen, K. (2005). The Discursive Practice of Participation in an Elementary Classroom Community. Instructional Science, 33, 213-250.
Kuhn, D., & Crowell, A. (2011). Dialogic Argumentation as a Vehicle for Developing Young Adolescents’ Thinking. Psychological Science, 22, 545-552.
Kuhn, D., Goh, W., Iordanou, K., & Shaenfield, D. (2008). Arguing on the Computer: A Microgenetic Study of Developing Argument Skills in a Computer-Supported Environment. Child Development, 79(5), 1310-1328.
Langer, E. J. (2016). The Power of Mindful Learning. Hachette.
Lefstein, A. (2010). More Helpful as Problem than Solution: Some Implications of Situating Dialogue in Classrooms. In K. Littleton & C. J. Howe (Eds.), Educational Dialogues: Understanding and Promoting Productive Interaction. Routledge.
Leva, M. (2015). Supporting Student Learning with Discussion and Dialogue University of Victoria]. British Columbia.
Linell, P. (2009). Rethinking Language, Mind, and World Dialogically: Interactional and Contextual Theories of Human Sense-Making. Information Age Publishing INC.
Littleton, K., & Mercer, N. (2013). Interthinking: Putting Talk to Work. Routledge.
Markova, I. (2003). Dialogicality and Social Representations. Cambridge University Press.
Marton, F., & Häggström, K. (2017). Teaching Through Variation. In R. Huang & Y. Li (Eds.), Teaching and Learning Mathematics Through Variation. SensePublishers.
Mead, G. H. (1934). Mind, Self, and Society. University of Chicago Press.
Mehan, H. (1979). Learning Lessons: Social Organisation in the Classroom. Harvard University Press.
Mercer, N. (1996). The Quality of Talk in Children’s Collaborative Activity in the Classroom. Learning and Instruction, 6(4), 359-377.
Mercer, N. (2000). Words and Minds: How We Use Language to Think Together. Routledge.
Mercer, N. (2010). The Analysis of Classroom Talk: Methods and Methodologies. British Journal of Educational Psychology, 80, 1-14.
Mercer, N., & Dawes, L. (2008). The Value of Exploratory Talk. In N. Mercer & S. Hodgkinson (Eds.), Exploring Talk in Schools. Sage.
Michaels, S., O’Connor, C., & Resnick, L. B. (2008). Deliberative Discourse Idealised and Realised: Accountable Talk in the Classroom and in Civic Life. Studies in Philosophy and Education, 27(4), 283-297.
Moulton, J. (1983). A Paradigm of Philosophy: The Adversary Method. In S. Harding & M. B. Hintikka (Eds.), Discovering Reality: Feminist Perspectives on Reality (Vol. 161, pp. 149-164). Springer.
Muhonen, H., Pakarinen, E., Poikkeus, A. M., Lerkkanen, M. K., & Rasku-Puttonen, H. (2018). Quality of Educational Dialogue and Association with Students’ Academic Performance. Learning and Instruction, 55, 67-79.
Murris, K., Haynes, J., & Gregor, M. J. (2016). The Routledge International Handbook of Philosophy for Children. Routledge.
Myers, N., M, & Nulty, D., D. (2009). How to Use (five) Curriculum Design Principles to Allign Authentic Learning Environments, Assessments, Students’ Approaches to Thinking and Learning Outcomes. Assessment & Evaluation in Higher Education, 34(5), 565-577.
Myhill, D. (2006). Talk, Talk, Talk: Teaching & Learning in Whole Class Discourses. Research Papers in Education, 21(1), 19-41.
Myhill, D., Jones, S., & Hopper, R. (2005). Talking, Listening, Learning: Effective Talk in the Primary Classroom. McGraw-Hill Education.
Nachowitz, M., & Brumer, N. (2014). Teaching the Talk, Not the Text. Voices from the Middle, 22(1), 15-21.
Nystrand, M. (1997). Opening Dialogue: Understanding the Dynamics of Language and Learning in the English Classroom. Teachers College Press.
Nystrand, M., Wu, L. L., Gamoran, A., Zeiser, S., & Long, D. A. (2003). Questions in Time: Investigating the Structure and Dynamics of Unfolding Classroom Discourse. Discourse Processes, 35(2), 135-198.
O’Connor, C., Michaels, S., & Chapin, S. (2015). ‘Scaling Down’ to Explore the Role of Talk in Learning: From District Intervention to Controlled Classroom Study. In L. B. Resnick, C. S. C. Asterhan, & S. N. Clarke (Eds.), Socialising Intelligence through Academic Talk and Dialogue. American Educational Research Association.
Osberg, D., & Biesta, G. (2008). The Emergent Curriculum: Navigating a Complex Course Between Unguided Learning and Planned Enculturation. Journal of Curriculum Studies, 40(3), 313-328.
Osborne, J. (2010). Arguing to Learning in Science: The Role of Collaborative Critical Discourse. Science, 328, 463-466.
Pauli, C., & Reusser, K. (2015). Discursive Cultures of Learning in (everyday) Mathematics Teaching: A Video-Based Study on Mathematics Teaching in German and Swiss Classrooms. In L. B.
Resnick, C. S. C. Asterhan, & S. N. Clarke (Eds.), Socialising Intelligence through Academic Talk and Dialogue. American Educational Research Association.
Phillipson, N., & Wegerif, R. (2016). Dialogic Education: Mastering Core Concepts Through Thinking Together. Routledge.
Resnick, L. B., Asterhan, C. S. C., & Clarke, S. N. (2017). Accountable Talk: Instructional Dialogue that Builds the Mind. In. Geneva: The International Academy of Education (IAE) and the International Bureau of Education (IBE) of the United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO).
Resnick, L. B., Asterhan, C. S. C., Clarke, S. N., & Schantz, F. (2018). Next Generation Research in Dialogic Learning. In G. E. Hall, L. F. Quinn, & D. M. Gollnick (Eds.), The Wiley Handbook of Teaching and Learning. Wiley.
Reznitskaya, A., & Gregory, M. (2013). Student Thought and Classroom Language: Examining the Mechanisms of Change in Dialogic Teaching. Educational Psychologist, 48(2), 114-133.
Reznitskaya, A., & Wilkinson, I. A. G. (2017). The Most Reasonable Answer: Helping Students Build Better Arguments Together. Harvard Education Press.
Saavedra, A. R., & Opfer, V. D. (2012). Learning 21st Century Skills Requires 21st Century Teaching. Phi Delta Kappan, 94(2), 8-13.
Scott, P. H., Mortimer, E. F., & Aguiar, O. G. (2006). The Tension Between Authoritative and Dialogic Discourse: A Fundamental Characteristic of Meaning Making Interactions in High School Science Lessons. Science Education, 90(4), 605-631.
Sinclair, J. M., & Coulthard, R. M. (1975). Towards an Analysis of Discourse: The English Used by Teachers and Pupils. Oxford University Press.
Skidmore, D. (2004). Inclusion: The Dynamic of School Development. Open University Press.
Skidmore, D. (2006). Pedagogy and Dialogue. Cambridge Journal of Education, 36(4), 503-514.
Skidmore, D. (2016a). Classroom Discourse: A Survey of Research. In D. Skidmore & K. Murakami (Eds.), Dialogic Pedagogy: The Importance of Dialogue in Teaching and Learning. Multilingual Matters.
Skidmore, D. (2016b). Dialogism and Education. In D. Skidmore & K. Murakami (Eds.), Dialogic Pedagogy: The Importance of Dialogue in Teaching and Learning. Multilingual Matters.
Skidmore, D. (2016c). Pedagogy and Dialogue. In D. Skidmore & K. Murakami (Eds.), Dialogic Pedagogy: The Importance of Dialogue in Teaching and Learning. Multilingual Matters.
Smith, F., Hardman, F., Wall, K., & Mroz, M. (2004). Interactive Whole Class Teaching in the National Literacy and Numeracy Strategies. British Educational Research Journal, 30(3), 403-419.
Stahl, G., Cress, U., Ludvigsen, S., & Law, N. (2014). Dialogic Foundations of CSCL. International Journal of Computer-Supported Collaborative Learning, 9(2), 117-125.
Stein, M. K., Engle, R. A., Smith, M. S., & Hughes, E. K. (2008). Orchestrating Productice Mathematical Discussion: Five Practices for Helping Teachers Move Beyond Show & Tell. Mathematical Thinking and Learning, 10(4), 313-340.
Stevens, R. (1912). The Question as a Measure of Efficiency in Instruction: A Critical Study of Classroom Practice (Vol. 48). Columbia University, Teachers College Press.
Stremmel, A. J., & Fu, V. R. (1993). Teaching in the Zone of Proximal Development: Implications for Responsive Teaching Practices. Child & Youth Care Forum, 22(5), 337-350.
Swain, M., & Lapkin, S. (1998). Interaction and Second Language Learning: Two Adolescent French Immersion Students Working Together. The Modern Language Journal, 82, 320-337.
Swan, M. (2006). Collaborative Learning in Mathematics. http://www.intranet.ebc.edu.mx/…/aprendizaje_colaborativo_130212.pdf.
Tharp, R. G., & Gallimore, R. (1988). Rousing Minds to Life: Teaching, Learning, and Schooling in Social Context. Cambridge University Press.
Tinzamann, M., B,, Jones, B., F,, Fennimore, T., F,, Bakker, J., Fine, C., & Pierce, J. (1990). What is the Collaborative Classroom. http://www.methodenpool.uni-koeln.de/koopunterricht.
Trevarthen, C. (1979). Communication and Cooperation in Early Infancy: A Description of Primary Intersubjectivity. Before Speech: The Beginning of Interpersonal Communication, 1, 530-571.
Trickey, S., & Topping, K. J. (2015). The Role of Dialogue in Philosophy for Children. In L. B. Resnick, C. S. C. Asterhan, & S. N. Clarke (Eds.), Socialising Intelligence through Academic Talk and Dialogue. AERA.
Vaish, V. (2008). Interactional Patterns in Singapore’s English Classrooms. Linguistics and Education, 19(4), 366-377.
van der Veen, C., de Mey, L., van Kruistum, C., & van Oers, B. (2017). The Effect of Productive Classroom Talk and Metacommunication on Young Children’s Oral Communicative Competence and Subject Matter Knowledge: An Intervention Study in Early Childhood Education. Learning and Instruction, 48, 14-22.
Vygotsky, L. S. (1978). Mind in Society: The Development of Higher Psychological Processes. Harvard University Press.
Wangru, C. (2016). On Teacher Talk From the Perspective of Dialogue Theory. Cross Cultural Communication, 15(5), 38-46.
Wegerif, R. (2020). Introduction to the Theory of Dialogic Education. In N. Mercer, R. Wegerif, & L. Major (Eds.), The Routledge International Handbook of Research on Dialogic Education. Routledge.
Wegerif, R., & Scrimshaw, P. (1997). Computers and Talk in the Primary Classroom. Multilingual Matters.
Wells, G. (1999). Dialogic Inquiry: Towards a Sociocultural Practice and Theory of Education. Cambridge University Press.
Wilkinson, I. A. G., Reznitskaya, A., Bourdage, K., Oyler, J., Glina, M., Drewry, R., Nelson, K. (2017). Toward a More Dialogic Pedagogy: Changing Teachers’ Beliefs and Practices Through Professional Development in Language Arts Classrooms. Language and Education, 31(1), 65-82.
Wilkinson, I. A. G., Soter, A. O., & Murphy, K. P. (2010). Developing a Model of Quality Talk about Literary Text. In M. G. McKeown & L. Kucan (Eds.), Bringing Reading Researchers to Life: Essays in Honor of Isabel L. Beck. Guilford Press.
Young, R. (1991). Critical Theory and Classroom Talk. Multilingual Matters.