حلقة حوار فلسفية بعنوان مفهوم الجمال بين الأجيال

إعداد

مها محمد البقمي

“جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن المؤلف وليست مسؤولية معهد بصيرة أو دار بصيرة للنشر أو أي جهات أخرى متصلة بها من الجهات والهيئات الثقافية التنظيمية أو المانحة وغيرها”

-باحثة ماجستير في جامعة الملك سعود

تعد فلسفة الحوار منطلق التجربة الديمقراطية في عملية التواصل الانساني، ويقوم هذا المبدأ على أساس حرية النقد، وإبداء الرأي بعيد عن قيم الخجل والخوف والوجل، ووفقًا لهذا المبدأ يترتب على المشاركين في الحوار أن يعلنوا عن آرائهم وقيمهم وانتقاداتهم، وأن يطرحوا أسئلتهم في أجواء حرة متكاملة، تدفع بهم إلى مزيد من النمو والعطاء نفسياً وعقلياً، فالحوار هو العملية التي ينتقل بها العقل الإنساني من حالاته الساكنة إلى حالاته النشطة، وذلك يدفع به إلى النماء والتطور، وغنى عن بيان أن العقل يتطور في فضاءات يضمنها أسلوب الحوار النشط (وطفة،2003).

ويعتبر الحوار أحد وسائل التواصل اللفظية بين الأفراد والمجتمعات، يتم فيه تداول الألفاظ بينهما بطريقة متكافئة فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر، ويغلب عليه الهدوء، وأبعد عن الخصومة والتعصب کما بعد الحوار أحد أشكال التواصل الشفهي لأنه عبارة عن تبادل الحديث بين فردين أو أكثر بطريقة منظمة تهدف إلى كشف وتحليل الموضوعات، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الفهم والإفهام عن طريق مراجعة الكلام، وتداوله بحكمة بين الأطراف المشاركة فيه، وهو أسلوب قائم على إبداء الرأي بصراحة، وموضوعية، وتفاعل، وإيجابية بين أطرافه ويتطلب الموضوعية في طرح الآراء المختلفة بحيث يؤدي إلى توليد أفكار جديدة وتطوير مهارات عقلية، واجتماعية لدى الأفراد المشاركين فيه (زاید ،2007).

كما أن الاتصال مع الآخر لا يتم إلا من خلال الحوار مع الطرف الآخر الذي قد يكون موافقةه أو مخالفه في الرأي والموقف، والفكر، والثقافة، والعرق، واللون، والعادات، والتقاليد، وغيرها من الخصائص الإنسانية، ومن ثم فإنه ينتج عن الحوار: التعاون، والتآلف، ونبذ الكراهية، والعنف، والتطرف، والحوار الموضوعي الحضاري، والعقلاني، يستند إلى جملة من الركائز والأسس لعل أبرزها ما ذكر في تعزيز ثقافة الحوار لبني سلامه (2019) إذ أن ثقافة الحوار تؤدي إلى اعتراف كل طرف بالآخر وقبوله، وعليه ترى الباحثة أن الحوار ينتج تعاون إيجابي مثمر، ويصل الطرفان إلى نوع من الرضا، والقبول.

فالحوار هو السبيل الأمثل للخروج من الانغلاق والعزلة، والتصور المطلق إلى آفاق التعايش واحترام رأي الأخر أي كان، وعندما يتحول الحوار إلى سلوك فردي وجماعي في المجتمع ويتم التصرف بحكمة وتوازن ولا سيما أثناء الأزمات والاضطرابات، فإنه يسود التضامن والعدالة والتفاهم في ذلك المجتمع (الصقهان والشویعر، 2009).

وعلى ذلك فإن إجراء المحادثة، والحوار القائم على تحديد مجموعة من الأسئلة وتوجيهها إلى شخص اخر أو تبادل الاسئلة بين أطراف الحوار يعد من أشهر الطرق الحوارية التي يتم الاعتماد عليها في الكثير من الدور العلمية، وهناك عدد هائل من النظريات التي تقوم عليها المناظرات، والمحادثات، والحوارات المختلفة، ومنها استراتيجية الحوار السقراطي أو كما يطلق عليه البعض الحوار الأفلاطوني.

وعند التطرق لفلسفة الجمال والحوار حوله، فإننا نتطرق لرأي الفيلسوف الأكبر سقراط عند تطرقه لفكرة الجمال وما يدور حوله، فقد أهتم بتأكيد الدور الذي يلعبه الجمال الفني في التأثير على إحساس الإنسان، إذ أن الجمال هو ما يحقق النفع أو الفائدة أو الغاية الأخلاقية العليا، غير أن سقراط لا يأبه بالجمال الحسي الذي يتغنى به فنانو عصره وشعراؤه قدر اهتمامه بجمال النفس، والخلق الفاضل، فنجده يتساءل باحثاً عن الجمال:

(أيمكن ألا ينطوى هذا الجمال الساحر على نفس تناسبه جمالاً وخيراً؟).

ثم أخذ ينتقل بأسلوبه الحواري الشهير من فكرة إلى أخرى حول فلسفة الجمال، وهي أفكار على ما يبدو كانت شائعة في الفكر الإغريقي آنذاك، فتساءل إن كان الجميل هو المتناسب المنسجم، أو هو الخير العادل، أو هو النافع الصالح؟ وفي سياق حواره مع “هيبياس” خلص إلى نتيجة مفادها بأن من الصعب أن نبت في مسألة الجميل، لذا ختم المحاورة بمثال يقول: “الأشياء الجميلة صعبة”.

إننا حسب التّصور السقراطي الأفلاطوني لا يمكن أن نعرف الجمال من خلال الأشياء الجميلة، لأن الأشياء الجميلة في عالم المحسوسات هي أشياء متغيرة و غير عالم المثل، فالجمال كمفهوم كلي، أي الجمال الخالص، الثابت، الذي لا يتغير، لا يوجد في الأشياء الجميلة المتغيرة، ذلك لأن هذه الأشياء توجد في الزمان و المكان، ولو وجد الجمال في الزمان و المكان، كما الأشياء الجميلة، لكان معرضاً لما تتعرض له كل الأشياء المحسوسة، والحق أن تعريف الجميل تعريفاً واضحاً لا نجده في محاورة هيبياس الأكبر، فسقراط الأفلاطوني ينتهي في هذه المحاورة إلى الإقرار بأنه جاهل في الجميل، لدرجة أنه لا يقوى على معرفته في ذاته (جيمينيز،2009).

غير أننا يمكن أن نستنتج الجواب عن سؤال الجمال في ثنايا المحاورة بشكل غامض حين يقول سقراط الأفلاطوني أن الأشياء الجميلة جميلة بالجمال.

 لكن كيف يحِل الجميل بذاته في الأشياء الجميلة فيمنحها الجمال؟ هنا لا بد من التوقف عند نظرية المعرفة عند أفلاطون، فأفلاطون يرى أن المعرفة هي تذكر للوجود الحقيقي الذي هو وجود الماهيات، والجمال من الماهيات، ولهذا فإن رؤية الأشياء الجميلة تمكننا من تذكر مثال الجمال، وترتيباً على ما سبق، فإن الجمال لا يحل في الأشياء الجميلة، بل إن الأشياء الجميلة تذكرنا به، لأنها تشارك فيه Foulquié,1992)).

 وحول هذا السياق كانت هناك حلقة حوارية شيقة حول “مفهوم الجمال بين الأجيال” أستندت على جانب فلسفي عميق، كانت العينات ذات تنوع ثقافي، وعرقي، وعمري متفاوت، مثلت العينة الشمال الأفريقي، والخليج العربي، وتركيا، بالإضافة للتنوع العمري بين الأجيال بين كبار في السن، ومراهقات، وطفلة.

تطرقت الحلقة الحوارية لثلاث أسئلة فلسفية حول مفهوم الجمال، كانت شكل تمارين حوارية بأسلوب كوّن واستمع مما يتيح للمتحاورين بتكوين إجابة معينة عند طرح السؤال، والاستماع للطرف الأخر اثناء توضيح إجابته للسؤال المطروح.

التمرين الأول

ماذا تختارين بين التالي (الجمال، الذكاء، المال)؟

كانت إجابات المتحاورين تتفق حول النقاط التالية:

‏أ.ع: الذكاء يوصلني للجمال والمال.

‏ع.ف: المال يشتري الجمال والذكاء يجلب المال.

ل.خ: ‏الجمال والمال مكملات في الحياة أختار الذكاء.

‏س.م: المجتمعات العربية تفضل الذكاء عكس المجتمعات الغربية تفضل المال لذلك يختلف من مجتمع لآخر.

‏أ.ب: الذكاء هو أساس كل شيء البعض يختار الجمال لانه يؤثر على ناس حولنا.

‏خ.س: أستطيع فعل كل شي بالذكاء.

التمرين الثاني 

مالمقصود بـ (الجمال في عين الرائي؟).

‏كان هذا التمرين على طريقة حذوة الحصان (اتفق قليلاً، لا اتفق قليلًا، أتفق، لا أتفق، اتفق تمامًا، لا أتفق تماماً).

‏أ.ب: لا أتفق الجمال نسبي من شخص لآخر.

‏س.م: الجمال في تكوينه يقاس بالعين وجمال الله في كونه وتدبيره لذلك هو في بصيرته أنا لا اتفق مع العبارة.

‏ت.ج :لا اتفق لان عين الرائي غير موضوعية قد يرى شخص ما أحدهم جميل وآخر لا يراه جميل.

‏أ.س: اتفق مع العبارة وتذكر مشهد تمثيلي ‏لحافلة تسير في إحدى الطرق وكان هناك شخصين بداخلها وكان يوجد جبل بجانب الطريق في أحدهم يرى ارتفاع الجبل والآخر يرى منحدر الجبل، وهذا بناءًا على نظرة كلًا منهما وحسب ظروفه وماشاهده كلا منهما بحسب زاويته.

‏ل.خ: أشعر أنه يوجد توجيه للجمال كسياسة مؤدلجة لم يعد الإنسان حر في رؤيته تكون الرؤية في العقل ثم ما تبرمج النظرة الجمالية أحدهم تعتبر الجملة فضفاضة فالجمال مستويات (مادي، حسي، معنوي)، كل مستوى له مقياس وتعتمد على البصيرة بشكل عام.

أ.ع: لا أتفق الناس وضعوا معايير بشكل غير واعي وقام البقية بإتباعها بسبب الإعلام والمجتمع

 ف.ع: الأعمى لا يرى لذلك الجمال له علاقة بالبصيرة ليس شرط العين هي من تعطينا الجمال

‏عرض بوربوينت عن الجمال في ثقافات مختلفة، ومقياس كل ثقافة ومنطقة حول مفهوم الجمال لديها.

التمرين الثالث 

من هي المرأة الجميلة؟

‏أ.س: هي التي لا يختلف على جمالها أحد وأيضا هي التي تطابق معايير الجمال في مجتمع معين.

‏س.خ: هي التي تطابق الزمان والمكان والمجتمع اللي فيه زي زمن الفراعنة، الجاهلية، القرن العشرين.

‏ر.م: هي التي تتحلى بالقناعة والثقة بالنفس فالمرأة التي تثق بنفسها تحدد نظرة الناس تجاهها.

ت.م: ينبع من داخل المرأة نفسها تجعل الآخرين يشعرون بهذا الجمال.

ع.م: هي المرأة السعيدة.

خ.م: هي المرأة التي ترى نفسها جميلة.

‏ر.م: ربطها في عين الرائي كما ورد في التمرين السابق، فالتاتو مثلًا أكثر جمال وإثارة عند بعض الرجال.

ف.س: الروح هي الأساس الرتوش الأخرى تزيد الجمال كالمكياج والتاتو، كما أنها مناسبه لعمر معين وعلى فئة معينة.

أ.س:‏ مثلًا البياض للبشرة نادراً في ذلك الوقت لذلك كان هي الصفة الجمالية السائدة في ذلك الزمان عكس وقتنا الحالي ومقاييسه في استخدام المرأة للبوتوكس والفيلر.

ع.م:التجارهم من يحددون صورة المرأة الجميلة لتسويق منتجاتهم في ذلك الزمان وفي وقتنا الحالي

ل.م: الاقتصاد قائم على المرأة.

س.ت: لماذا الرجل ليس لديه معايير للجمال لماذا المرأة فقط.

م.أ: مواقع التواصل تغير من معايير الجمال.

ب.أ: لا يوجد جمال صافي خالص.

ل.خ:هل كل ما كنا طبيعيين أكثر نكون جميلين؟

‏وفي نهاية الحوار تم الوصول إلى أربع تساؤلات فلسفية من كل مجموعة سؤال واحد:

س1/ لماذا يتم تسليع المرأة؟

س2/ هل إذا اختفت المرأة يختفي الاقتصاد؟

س3/ لماذا صدقت النساء كذبة أنهن لابد أن يكونوا جميلات؟

س4/ لماذا نضع الإنسان كهدف؟

التحليل الفلسفي للباحثة:

إن أبرز ماتم ملاحظته و رصده من قبل الباحثة هو الأسلوب الفلسفي المتبع في سير حلقة النقاش من خلال التخطيط للأسئلة المهمة التي تقدم معنى واتجاهًا للحوار المطروح، كما أن هناك متابعة لردود المتحاورين بشكل منظم، وطرح الأسئلة كان بطريقة قابلة للتفكير والمناقشة، بالإضافة لدور الميسرات الذي كان جليًا من خلال التلخيص بشكل دوري بكتابة النقاط الأساسية التي تمت مناقشتها، ورصد الأراء المطروحة، والتأكد مما يتم رصده كما يطرحه المتحاورين، والحث على مشاركة عدد كبير من المتحاورين بقدر المستطاع في المناقشة، بالإضافة إلى تركهم يكتشفون المعرفة بطريقتهم الخاصة من خلال ابداء وجهات نظرهم حول الموضوع، أي كانت وجهة النظر المطروحة، حيث يتم مناقشة السؤال المطروح من قبل الميسرات في كل غرفة نقاش، وعند انتهاء الوقت المخصص للسؤال يتم العودة للغرفة الرئيسية، فتقدم الميسرات المخلص للحوار الذي دار تتناوب هذه العملية مع انتقال المتحاورين من الغرف الخاصة إلى الغرفة العامة، و يختلف طول هذه العملية حسب السؤال المطروح للمناقشة بتحديد وقت معين لكل سؤال.

كان مستوى الحوار بشكل عام منظم، و ينصب التركيز على استكشاف وجهات نظر متعددة حول مفهوم الجمال، والسعي إلى تنمية مهارات التفكير والنقد لدى المتحاورين، وتنمية مهارات التفكير حيث مكنت المتحاورين من مراجعة الأفكار بطريقة منطقية، فعند إثارة السؤال مرة أخرى كان بعض المتحاورين قد غيروا إجاباتهم بعد الاستماع لوجهات النظر الأخرى من قبل بعض المتحاورين، حيث مكنهم أسلوب الاستماع الجيد من تحديد صلاحية الفكرة التي قد تبنوها في بداية طرح السؤال، وفي هذا الأسلوب تقوم الميسرة بجهلها بالموضوع ليشارك الجميع في الحوار بتمثيلها دور الصامت، ويقوم المتحاورين بتطوير أقصى معرفة محتملة حول الموضوع، كما أن لهذه الطريقة حول إثارة تفكير المتحاورين، وإتاحة فرصة الأسئلة، والمناقشة للجميع، مع احترام آرائهم واقتراحاتهم، دور مهم في تنمية شخصية الفرد معرفيًا، ووجدانيًا، و مهاريًا، ويؤكد أسلوب طرح الأسئلة بهذه الطريقة على مستوى من التساؤل، والتفكير حيث لا توجد إجابة واحدة صحيحة.

وكانت حلقة النقاش تضم جيلين مختلفين، فالجيل الأكبر تتراوح أعمارهم تقريبًا بين (35-60)، بينما الجيل الأصغر تتفاوت أعمارهم بين (14- حتى نهاية العشرين تقريبًا)، واختلفت رؤية كل جيل عن رؤية الجيل الآخر تجاه مفهوم الجمال، حيث ظهر هذا الإختلاف بشكل جلي في حلقة النقاش، فالجيل الأصغر كان أكثر تمسكًا برأيه وغير قابل للتغيير، بينما بدأ الجيل الأكبر بتغيير فكرة قد تبناها في بداية حلقة النقاش ‏لفكرة أخرى بعد الاستماع للمتحاورين الآخرين.

كانت تساؤلات الجيل الأصغر تتمحور حول جانب محدد وهو “لماذا المرأة؟”، لماذا الرجل ليس لديه معايير للجمال لماذا المرأة فقط؟”، “هل الاقتصاد قائم على المرأة؟”

‏ وتعليق آخر ساخر من أحد المراهقات” لا أعتقد أن هناك حلقة نقاش للرجال يتناقشون فيها حول الجمال، وكيف نصبح جميلين أمام المرأة! لماذا نحن النساء فقط من نتساءل حول الجمال ومايعجب الرجل؟”.

وأخرى تعلق حول مفهوم الجمال من وجهة نظرها “الجمال في الوقت الحالي هو استخدام البوتوكس والفيلر والمكياج والتاتو”.

بينما بدأ الجيل الأكبر تقريبًا بالتساؤلات الأكثر واقعية، ومنطقية “هل كل ما كنا طبيعيين أكثر نكون جميلين؟”، “لا يوجد جمال صافي خالص”، “لكل زمان ومكان معايير جمال معينة”، “‏الجمال يكون في بصيرة الشخص نفسه وروحه لكل ما حوله، كالتأمل في الكون، الطبيعة، الحياة”.

وكان دور مديرة الحوار الرئيسي هو الحفاظ على تركيز الموضوع من خلال طرح مجموعة متنوعة من الأسئلة حول الموضوع نفسه، بالإضافة إلى أسئلة للمساعدة في توضيح المواقف عندما تصبح الحجج مشوشة نوعًا ما، والوصول إلى أن كل المعرفة الجديدة مرتبطة بالمعرفة السابقة، وأن كل التفكير يأتي من طرح الأسئلة، بالإضافة لدورها أيضًا في إقناع المشاركين المترددين في المناقشة، والحد من مساهمات أولئك الذين يميلون إلى فرض وتبني وجهة نظر خاصة، وحث المشاركين على توضيح ردودهم، والبناء على ما قاله الآخرون، والسعي إلى التعميق، والتوضيح في وجهات النظر المطروحة، وإعادة الصياغة، وتوليف مجموعة متنوعة من وجهات النظر المختلفة، حيث كان الهدف من هذا الحوار هو جعل المشاركين يعملون معًا لبناء المعنى، والتوصل إلى إجابة، وليس لمتحاور واحد أو مجموعة واحدة الفوز بالجدل.

وختامًا توصلت الباحثة إلى عدة نقاط حول الأسلوب الفلسفي المتبع في هذه الحلقة:

– من خلال الحوار الذي تم تداوله تمكن المتحاورين من توضيح وجهات نظرهم، وطريقة تفكيرهم عند طلب ذلك منهم مثل: لماذا قلتي ذلك؟ وهل يمكنك تفسير ذلك بشكل أوضح؟.

– ساعد الأسلوب المتبع في سير حلقة النقاش المتحاورين على التفكير بعمق؛ حتى يقوموا بطرح بعض الأراء، وعرض أسباب اعتقادهم بهذه الأراء حول السؤال المطروح أيضًا.

– كان لا بد أن يقدم المتحاور تعليل منطقي يؤكد صحة ماذكره؛ حيث يعتبر الدليل هو أساس النقاش في الجانب الفلسفي، وهذا بالطبع يجعل المتحاور قادرًا على التفكير، والتحليل والوصول إلى أدلة منطقية حيال كل سؤال طرح في الحلقة قبل أن يطرحوا وجهات نظرهم عبر الحوار والنقاش مع الاخرين مثل: ما لذي جعلك أن تتبني هذه الإجابة؟.

– ساهم هذا الأسلوب المتبع في حلقة النقاش المتحاور على احترام اراء الاخرين، وتقبل الاخر، ووجهات النظر البديلة، وعلى أن يبني حجة للمعارضة أيضًا أثناء حواره من الاخرين، وعدم الجدال من أجل الجدال والفوز بالنقاش فقط، وإنما إجراء الحوار والمناقشة من أجل الوصول إلى أفضل رأي، ووجهة نظر.

– كان الاستجواب المباشر للمتحاورين مساعدًا لهم على أن يكونوا ذو سرعة بديهة أكبر؛ لأنه يعتمد على العصف الذهني، وعلى كل ما يتمكنوا من تذكره حتى يقوموا بالإجابة على الأسئلة المطروحة لديهم، وانتظار السؤال التالي.

إن الجمال – من وجهة نظر الباحثة – هو أن ترى الأشياء على حقيقتها دون تجميل، وأن يتصرف المرء على سجيته دون افتعال أو اصطناع، ولذلك يصير الكون جميلا عندما نراه نحن جميلا بأعيننا ووعينا، لا بأعين غيرنا ووعي الآخرين، إن الجمال نسبي بلا شك كما تطرق له أحد المتحاورين، وقد يتواجد في مواضع عدة، فما أراه جميلا في موضع ما، قد يراه الآخر غير جميل في نفس الموضع أيضًا، وربما لو اختلفت المواضع لاختلفت ذائقة الجمال أيضًا، كما أن لكل شخص له خيارته، وتطلعاته، واهتماماته في الجمال الذي يريده، ورغم ذلك أرى أن علينا جميعًا أن نبحث عن الجمال في نفوسنا أولًا، ثم نبحث عنه في المحيطين بنا.

المراجع العربية:

بني سلامه، محمد تركي (۲۰۱۹) ثقافة الحوار. معد بيت الحكمة للعلوم السياسية. جامعة آل البيت: الأردن

زاید، فهد (۲۰۰۷). فن الحوار والإقناع. الطبعة الأولى، عمان: دار النفائس.

الصقهان، عبدالله والشویعر، محمد (۲۰۰۹) قواعد ومبادئ الحوار الفعال.ط ۲، الرياض : مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني

وطفه،علي (۲۰۰۳). التربية العربية بين حداثتين: بحث في إشكالية الحداثة التربوية. شؤون عربية. ۱۹۸-١٧٠

 وج.أو.أرمسون(١٩٦٣).الموسوعة الفلسفيّة المختصرة، تعريب : مجموعة من المترجمين . مكتبة الانجلو المصريّة

جيمينيز،مارك (٢٠٠٩). ما الجمالية؟.ترجمة: شربل داغز، المنظمة العربية للترجمة.

المراجع الأجنبية:

    Paul Foulquié، Dictionnaire de la langue philosophique، Presses Universitaires de France، Edition 1992، Janvier. P P : 232

حمل مقالة حلقة حوار فلسفية بعنوان مفهوم الجمال بين الأجيال