التدريس الحواري : مراجعة النظريات والتحاور حول الأدلة البحثية والممارسات في الفصل الدراسي
سو ليل
Lyle, S 2008, ‘Dialogic Teaching: Discussing Theoretical Contexts and Reviewing Evidence fromClassroom Practice’, Language and Education, vol. 22,n. 3, pp.222 — 240
ترجمت المقالة بعد الحصول على الإذن الخطي من المؤلف أو الناشر
“جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن المؤلف وليست مسؤولية معهد بصيرة أو دار بصيرة للنشر أو أي جهات أخرى متصلة بها من الجهات والهيئات الثقافية التنظيمية أو المانحة وغيرها”
ترجمة : عبير حماد
تدقيق : أمل اسماعيل
استنادًا على التطورات التي طرأت مؤخرًا على طرق التدريس والتعلم الحواري أنقّب هنا في هذه الدراسة عن جذور تشكيل المعنى الحواري كمفهوم في الممارسات الفصلية. حيث راجعت التطورات الحاصلة في حقل التدريس الحواري، واضعة في الاعتبار حالة المشاركة الحوارية باعتبارها طريقة للتفاعل في الفصل. كما ناقشت الآثار المترتبة على طرق التحاور الفصلي في سياق البحث التعليمي والممارسة الفصلية. تتعارض الممارسة الحوارية مع الممارسات المونولوجية كدليل على مرونة نمط (المبادرة Inititiation، الاستجابة Response، الملاحظات Feedback) (1) بكونه بنية الخطاب الافتراضية في الصفوف الدراسية. تقترح الأدلة مؤخرًا أن نمط (المبادرة، الاستجابة، الملاحظات) مقاومٌ لمحاولات تقديم وعرض الطرق التفاعلية لتدريس الفصل بأكمله. إن طريقة التحاور في الممارسة الحوارية باعتبارها أداةً لزيادة تفاعل الطلاب وانخراطهم على مستوى أعمق وزيادة جودة الفصل تؤطر من خلال منظور التعليم الفلسفي للأطفال، والذي يعد منهجية حوارية في الممارسة الفصلية تنطوي على تحولٍ محتمل في تعلم الأطفال. تقدم الفلسفة للأطفال منهجية لطريقة التدريس تمكن المعلمين من تثمين صوت التلاميذ وتقديم تعليم تأملي. وبهذا فهناك الكثير مما يمكن منحه للجدل القائم حاليًا حول التدريس والتعلم الحواري. وتقترح نتائج البحث أنه سيمنح مخرجات أفضل للتلاميذ في مستوى متعدد من التقييمات.
الكلمات المفتاحية:
الحوار في الفصل، الحواري، طرق التدريس المبتكرة، الخطاب التشاركي، النظرية الاجتماعية الثقافية، باختين Bahktin
المقدمة
أصبح التدريس الحواري موضوع جدال ونقاش متزايد في السنوات القليلة الماضية في مجال التعليم، بل وكتب عددٌ من المؤلفين مقترحين أنه يحمل أعظم الإمكانات العقلية للتلاميذ بينما يتطلب في الحين ذاته بذل أقصى جهود المعلمين (Alexander, 2006; Nystrand et al., 1997). يظهر مصطلح التدريس الحواري بتزايد في كتابات المجتمع التعليمي في إنجلترا (See Bishop Grosseteste University College, 2007;1 National Literacy Trust, 2007; Teacherner). وهذا يدل على أن التعليم الحواري مفهوم ذو أهمية متصاعدة في مناقشات التعليم والتدريس. جمعتُ في هذه الورقة بعض الخيوط المتداولة من الحوارات والنقاشات الدائرة مؤخرًا التي تؤيد المنهجيات الحوارية للتعليم والتدريس في الصفوف الدراسية.
بدأتُ بالبحث في تأثير فيغوتسكي Vygotsky وبرونر Bruner في تطوير منهجيات التعليم الاجتماعية الثقافية التي جهزت القاعدة والأساس لطرح الممارسات الحوارية وتقديمها. ثم تتبعتُ الحوار رجوعًا إلى باختين Bahktin آخذة بالاعتبار تأثيره على تطوير النظرية التي ترتكز عليها المنهجيات الحوارية كطريقة تدريس.
ثم ناقشتُ عمل اثنين من أبرز التربويين في المملكة المتحدة، وهما: روبن أليكسندر Robin Alexander (من جامعة كامبريدج) وكريس واتكينز Chris Watkins (من جامعة لندن) مستعرضةً مساهماتهما في تطوير التدريس الحواري كمفهوم نظري.
تتعارض المنهجيات الحوارية للممارسة الصفية مع المنهجيات المونولوجية التي تهيمن على الممارسة الفصلية في عددٍ من أنحاء العالم – تحديدًا في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. وتظهر الأدلة من بحث أجري مؤخرًا حول هذه الهيمنة في إنجلترا غلبة الممارسات المتمحورة حول المعلم بالرغم من الاستراتيجيات الوطنية للتشجيع على منهجيات أكثر تفاعلية للتدريس والتعليم.
أخيرًا حددتُ ميّزات التدريس الحواري واستعرضتُ أي المنهجيات الفصلية التي يمكن الاعتماد عليها لتقديم نماذج للممارسة الفعالة. أعتقد بأن التعليم الفلسفي للأطفال الذي أسسه ماثيو ليبمان Matthew Lipman منهجية مختبرة ومجربة في الممارسة الحوارية على مجموعة من الصفوف الكاملة التي تضم أطفالًا وتستحق أن تعمّم. كما أستند في بحثي أيضًا على المنهجيات الحوارية للتعلم في مجموعات تعاونية صغيرة وأعرض أساسًا منطقيًا لاعتبار المشاركة الحوارية مفهومًا أساسيًا في طرق التدريس الفصلية ينطوي على عددٍ من الآثار المترتبة على تعليم المعلم.
تأثير فيغوتسكي Vygotsky (1896- 1934)
يدين أي تداول لمنهجيات التحاور في التعليم والتدريس لعالم النفس الروسي ليـڨ فيغوتسكي Lev Vygotsky (1896- 1934) الذي أكد على أهمية التأثيرَين الاجتماعي والثقافي على نمو الطفل – تحديدًا اللغة المعروفة بكونها القوة المحركة للنمو الإدراكي. وأكد فيغوتسكي Vygotsky (1978) أن التعليم برمته يجري في سياق اجتماعي، وثقافي، وتاريخي. وكان مهتمًا بالعلاقة بين الأطفال والآخرين – أي عوائلهم، وأقرانهم، ومعلميهم – وبحثَ في ما يقدر الأطفال على فعله بمساعدةٍ يسيرةٍ لا بمجهودهم وحدهم. وأما أهمية أعماله في هذا السياق فهي اهتمامه وتركيزه على العلاقة بين اللغة والفكر (Vygotsky, 962)؛ إذ كان لأفكاره أثرٌ جسيمٌ على البحث في العلوم الاجتماعية عمومًا والبحث في التعليم خصوصًا. ساهمت المفاهيم المستلهمة من أفكار فيغوتسكي Vygotsky – التي تتمحور حول تمركز العالم الاجتماعي الثقافي واللغة باعتبارها جزءًا من الأدوات الثقافية لتكوين الفعل وتوسيطه – كثيرًا في الفهم الحديث لكيفية فهم الأطفال للعالم.
أثار عمل فيغوتسكي Vygotsky نموذجًا للبحث في حقل التعليم إذ يعتمد اعتماداً كبيراً على الملاحظة الطبيعية والتأمل لفهم ما يجري. ساعد فيغوتسكي Vygotsky في بحثه المعلمين والمربّين على رؤية أهمية اللغة المحورية في نمو الطفل بتحديد بُنيَة الطفل الاجتماعية ومساهمة الطفل الفاعلة في تعلّمه، مما أثار بدوره البحث في أثر اللغة على التعلم. لا تُفهَم الحيوات إلا بميزة الأنظمة الثقافية للتفسيرات التي تسهل باللغة، إنها الثقافة لا علم الأحياء ما يشّكل حياة الإنسان وعقله (Bruner, 1990). ونتيجةً لتأثير فيغوتسكي Vygotsky ارتفع عدد الأبحاث التي تؤيد وجهة النظر القائلة بأن التحدّث هو مفتاح التعلم، وعليه حرّض هذا الاهتمام بلغة الطفل على إجراء المزيد من الأبحاث حول تحدّث الطفل في تفاعلٍ تشاركيّ مع الآخرين. ومثل هذه الأعمال مهّدت الطريق أمام بحث أدق وتمحيصٍ في الحديث الحواري.
أعمال جيروم برونر Jerome Bruner
لاقت أفكار فيغوتسكي Vygotsky أرضًا خصبةً في أبحاث جيروم برونر Jerome Bruner؛ إذ استند برونر Bruner (1986: 127) على فكرة فيغوتسكي Vygotsky التي تنص على كون عمليات التعليم كلها تجري في سياق تاريخي، وإجتماعي، وثقافي، معتقدًا أن “أغلبية أجزاء عملية التعليم في كل حالاتها ما هي إلا نشاطٌ تشاركيّ Communal Activity: تشارك الثقافة “. يركز بحث برونر Bruner في السياق التفاعلي لحيوات الأطفال على الطفل باعتباره فردًا من الأسرة، ومن مجموعة اجتماعية، ومن المجتمع، لذا يجب إضافة الثقافة والتاريخ وكذلك الأحياء Biology أثناء دراسة نمو الطفل.
تحدى برونر Bruner (1990) هشاشة بحوث علم النفس التي تدرس أداء العقل البشري كما لو أنه موجود في خواءٍ ثقافيّ وتعاونَ مع المؤثرين في التخصصات التفسيرية في العلوم الاجتماعية والإنسانيات لتأسيس علم نفسٍ ثقافي، علم نفسٍ يقر بمحورية ثقافة الإنسان في نمو الأطفال. أجرى برونر Bruner بحثًا مطولًا يقترح استهانة المربين والمعلمين بقابلية الأطفال الفطرية لأنواع محددة من التفاعل، وباعتباره عالم نفسٍ في الأساس أوضح برونر Bruner (1996) أن أفكاره استلهمت من تخصصات أخرى وتأثرت بها، وأقر بأن ما يسميه علم النفس الثقافي Cultural Psychology هو تخصصٌ فرعيّ هجين ذو أهداف متعددة التخصصات.
أثر فيغوتسكي Vygotsky على اللغويات
أثّر الاهتمام باللغة المستلهم من فيغوتسكي Vygotsky حقل اللغويات أيضًا؛ إذ حولت أعمال هاليداي Halliday (1977) البحث في مجال اللغويات نحو الاهتمام باللغة كفعل، وكيف يستخدم البشر اللغة للتعبير عن المعنى وصنعه. وأدى هذا التركيز على التنقيب في اللغة في السياقات الاجتماعية والثقافية إلى تطور تحليل الخطاب الذي يتضح أن له جذورًا في حقل اللغويات. يعرف ويلز Wells (1992: 287) الخطاب بأنه صنع معنى تفاعلي وبنائي يحدث في تفاعل لغوي ذي هدفٍ مع الآخر. ولذا تعد اللغة أداة ثقافية تشكّل أفعال الإنسان وهو ما أدى بإدواردز Edwards (1990) أن يقترح على الباحثين تصوير التعليم نفسه كـ”خطاب” بين الأشخاص.
تأثير باختين Bahktin
نظرًا لأن البحث في التعليم تحول من الطفل الفردي Individual Child المجرد Abstract Child للطفل الاجتماعي Social في سياق محدد Contextualised Child تتضافر كفاءاته وتتقاطع مع كفاءات الآخرين، أصبحت أعمال ميخائيل باختين Mikhail Bahktin (1895–1975) محل اهتمام الباحثين. وكمعاصر لفيغوتسكي Vygotsky أُعيد اكتشاف أعماله في السبعينيات والثمانينيات، وفيها كانت المشاركة الحوارية مفهومًا عاد ظهوره. إن أيّ فهمٍ لطرق التدريس الحوارية سيعتمد على تحليل الحديث في الفصل لتحليل جودة التحاور فيه. لعل أشهر ما يُعرف به باختين Bahktin (Holquist, 1981, 1990) هو مساهماته في حقل النظرية الأدبية؛ إذ يفرّق في كتابه (الخيال الحواري) (The Dialogic Imagination) بين العمل الأدبي الحواري والعمل الأدبي “المونولوجي”، لكن المصطلح “الحواري” لا ينطبق فقط على الأدب. وعلى غرار فيغوتسكي Vygotsky يعدّ باختين Bahktin اللغة ممارسة اجتماعية – كل ما تنطوي عليه اللغة – باختصار كل ما يعتمل به الفكر، حوارياً. تمنح تركيبات باختين Bahktin مثل “حواريا Dialogicality” و”اللغة الاجتماعية Social Language” و”نوع الحديث Speech Genre” آلياتٍ محكمةٍ لتوسيع أفكار فيغوتسكي Vygotsky حول الأصول الاجتماعية والطبيعة الاجتماعية لوظائف الدماغ البشري (Wertsch&Smolka, 1993). ويسمح مفهوم باختين Bahktin عن “صناعة المعنى الحواري Dialogical Meaning Making” للمتعلم بأن يكون له دورٌ في امتلاك فهمٍ مبنيّ شخصيًا للمنهج من خلال عملية التبادل الحواري. تؤكد الحوارية على طبيعة توافق الذوات للغة كنظام اجتماعيّ؛ فبناءً على الحوارية ننشأُ نحن وننظم واقعًا اجتماعيًا بالتحدّث والكتابة. وتفترض الحوارية أن المعرفة يمارسها الناس تبادليًا وليست حيازة فردية.
الحديث المونولوجي Monologic Talk
فرّق باختين Bahktin (1981) بين الخطاب الحواري( الدايالوجي) والخطاب المونولوجي، ويستخدم مثال خطاب المعلم والتلميذ ليشرح مفهوم الحديث المونولوجي قائلًا بكونه معيقًا للحوار الخالص (Skidmore, 2000). إذ إن المعلم المونولوجي يهتم اهتمامًا بالغًا بنقل المعرفة للتلاميذ ويظل مسيطرًا على أهداف الحديث سيطرةً تامة. والخطاب المونولوجي منهجية وسيلية للتواصل موجّهة نحو تحقيق أهداف المعلم، بينما – على النقيض من هذا – يُعنى الحديث الحواري بالتأكيد على التواصل من خلال التبادل الصادق، وهناك حرص شديد بخصوص آراء شركاء الحديث والجهد المبذول لمساعدة المشاركين على خلق المعنى ومشاركته تبادليًا. يشتمل مفهوم باختين Bahktin عن المعنى الحواري وجهة النظر القائلة بأن الحوار ليس محض فعلٍ بين الأشخاص ولكنه بين الأطر التي يستخدمها الأشخاص لتنظيم تجاربهم وتصنيفها (Gutierrez et al., 1995).
يمكن أن يصوّر الحديث الذاتي والحواري كزوجين متناقضين وهو مفيدٌ لأولئك الباحثين في المشاركة الفصلية المبنية على المراقبة، بينما – بعد باختين Bahktin – تزايد تصنيف الأنماط التقليدية للخطاب في الفصل بأنها مونولوجية وتتعارض مع نظرية باختين Bahktin عن الحوارية في الأدب. تركّز الحوارات المونولوجية على قوة المعلم وتخنق الحوار والتفاعل بين التلاميذ وأفكارهم. بينما يخلق التحاور مساحة للعديد من الأصوات والخطابات التي تتحدى العلاقات غير متساوية القوى التي تنشأ تبعًا للممارسات المونولوجية.
منذ أواسط السبعينيات نتج عن الأبحاث التي تعتمد على مراقبة الفصول – التي أجريت على جانبي المحيط الأطلسي – صورة ثابتة: المدارس والفصول ممتلئة بالحديث لكن الأحاديث التعاونية بين المتعلمين قليلة. ويشيع الاعتقاد بأن أسلوب الخطاب المونولوجي بين المعلم والتلاميذ المعروف بــ(المبادرة، والاستجابة، والملاحظات) خاصية أساسية في كل الأحاديث الرسمية في الصفوف الدراسية، مُشكّلة حوالي 60% من عملية التعليم والتعلم (Sinclair & Coulthard, 1975). وهذه الممارسة التي عادة ما تُسمى السرد والتسميع Rectation يدركها المعلمون إدراكًا جيدًا وذات دورٍ أساسي في توجيه قيادة تعلم الطلاب. ويشيع اعتقاد سائدٌ مبنيّ على عددٍ من الدراسات ينص على أن طريقة (المبادرة، والاستجابة، والملاحظات) تمنح أساسيات التدريس بالتوجيهات المباشرة وتسمح للمعلمين بالإبقاء على تحكمهم بالأحداث والأفكار أثناء الدروس. ويكمن تأثيره في التركيز على طبيعة العلاقات غير المتكافئة بين المعلمين والمتعلمين وهيمنة المعلم المعرفية.
إن الهدف الأساسي للسرد والتسميع هو تراكم المعرفة والفهم عن طريق أسئلة المعلم المـُصاغة لاختبار أو إثارة التذكر، أو دفع الطلاب للبحث عن الإجابات من الإشارات الموجودة في الأسئلة.
كما يدعم التسميع سلطة العلاقات التقليدية في الصف التي تميل إلى إعادة إنتاج طريقة تدريسٍ مبنيّ على نقل المعرفة المجهزة مُسبقًا (Lyle, 1998). يجب على حركة تعزيز أساليب الخطاب الحواري أن تنافس هذا النموذج المهيمن في التفاعل الصفي، ثم يتبع ذلك تنفيذ تغييرٍ من الصف التقليدي إلى آخر يقدّر الحديث ليس بوصفه مسألة بسيطة.
التدريس التكاملي للفصل Whole Class Teaching
يلاحظ أن النمط التعليمي الشائع في كلٍّ من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا يتجه تصاعدياً نحو توجيه الحكومات وتحكمها بالممارسة الصفية وكذلك صياغة المناهج المحلية. كما صُنّف “التدريس التكاملي للفصل Whole Class Teaching ” باعتباره عنصرًا أساسيًا في الممارسة الصفية الناجحة، وارتفعت حرارة المداولات بشأن القيمة الممكنة “لتدريس الفصل كاملًا” بدعمِ نظامٍ أفضل من الأسئلة والشروحات كجزء من جهد المعلمين. أيدت حكومة المملكة المتحدة “تدريس الفصل كاملًا” في مناقشة حول المنهج الدراسي والممارسة الصفية (DES, 1992)، على الرغم من وجود بعض التوجيهات بشأن كيفية تحقيق ذلك وبعضٍ من البيانات التجريبية لدعم القرار.
ارتفعت الآمال مؤخرًا – بعد تقديم استراتيجيات “القراءة” و”علم الحساب” الوطني في إنجلترا – (DfEE, 1998, 1999) بأن تتطور منهجيات حوارية في تفاعل “تدريس الفصل كاملًا” أكثر (Burns & Myhill, 2004)، لكن مثل هذا الأمل لم يتبلور عمليًا بعد. تقترح البحوث بدلًا من ذلك تزايدًا في تطبيق التدريس التقليدي للفصل كاملًا – أي التسميع (Mroz et al., 2000)، بينما لا يتمتع التلاميذ إلا بفرص قليلة لطرح الأسئلة أو اكتشاف الأفكار لمساعدتهم على ضبط تفكيرهم الذاتي. إن تقديم استراتيجيات القراءة وعلم الحساب عادة ما يعني في الحقيقة أن يقضي طلاب الابتدائية طيلة فترة الصباح في أداء مهام يتحكم بها المعلمون. وبالرغم من أن هذه المنهجيات تضمن استخدام العمل الجماعي في مجموعات صغيرة، والعمل الفردي كذلك فإن التركيز يكون على “التفاعل الشفهي الموجه مباشرة والمصمم مُسبقًا” (DfEE, 1997: 18)، ويفرض أسلوب التفاعل هذا أنماطًا ومهام خطابية تحولُ عن الحوار الخالص. وأنماط التفاعل هذه تسهّل ما يعدّ تعلمًا للتلاميذ وتنشأ علاقات عدم تكافؤ قوة بين المعلمين والمتعلمين.
ابتكرت استراتيجيات القراءة وعلم الحساب الوطنية في الأصل كمنهجيات تفاعلية في حالة تدريس الفصل كاملًا، لكن في الحقيقة كما لوحظ سابقًا تقترح الأبحاث المبنية على المراقبة أن التسميع والسرد ما زال مهيمنًا على الممارسة (Hargreaves et al., 2003). وتتنوع التفسيرات لهذا الأمر فيقترح بورنز Burns وماي هيل Myhill (Burns and Myhill (2004)) أن المعلمين مهتمون بــ”السرعة” على حساب الحوار والإجابات المطولة التي يطرحها الطلاب. أما كريس واتكينزChris Watkins(2) (2005) فيزعم بأن هذه الاستراتيجيات تقلل من قوة المعلمين وكذلك التلاميذ المصورين كأوعية تُسكَب فيها المناهج.
توصّلت تجارب الممارسة الصفية إلى أن أسئلة المعلمين تميل للمستوى المتدني Low Level، ومُصاغةً لتوجه إجابات الأطفال نحو إجابة محددة مطلوبة، كما أن إجابات الأطفال لا تتكون إلا من ثلاث كلمات أو أقل بنسبة 70% من الإجابات، بمعدل تشاورٍ بين الأطفال يستمر لخمس ثوانٍ (Hardman et al., 2003). أدى تطبيق الاستراتيجيات الوطنية إلى تقليص مشاركة الطلاب على النقيض من الهدف الذي أريدت به (Myhill, 2006). ليس ذلك فحسب، ففي دراسة أجراها سكيدمور Skidmore (2000) حول ساعة القراءة في المدارس الابتدائية (3) يظهر أنه حتى حين يعمل المعلمون مع مجموعات صغيرة لتنظيم القراءة الموجهة فإن أسلوب (المبادرة، والاستجابة، والملاحظات) يهمين عليها.
اعتمدت مبادرة أخرى في المملكة المتحدة على مصادر تقنية المعلومات والاتصالات – تحديدًا تقنية السبورة التفاعلية (Kennewell et al., 2007). وأظهرت الأبحاث في هذا المجال أثرَ السبورة التفاعلية على التفاعل بين المعلم والتلميذ، إذ كان المتوقع أن تدعم الممارسة المتضمنة للسبورة التفاعلية تحولًا يبعد دفة الدرس عن سيطرة المعلم إلى عملية تعلمٍ يوجهها التلميذ بذاته. لكن أشارت دراسة أجريت مؤخرًا على التدريس التكاملي للفصل في المدارس الابتدائية تستهدف ساعات القراءة وعلم الحساب في إنجلترا أن أنماط (المبادرة، والاستجابة، والملاحظات) للتفاعل التي يستخدمها المعلمون متأصلةٌ في الصف ولا يسهل استبدالها بالتقنية (Higgins et al., 2005). بل وظهر في الحقيقة أن الدروس التي تتضمن السبورة التفاعلية جرت على طريقة التدريس التكاملي للفصل أكثر من العمل الجماعي وقلّصت ردود الطلاب (Smith (et al., 2006. ودفع مثل هذا البحث كينويل Kennewell (Kennewell et al. (2007: 11) إلى الادعاء بفشل تقنية المعلومات والاتصالات في تغيير طرق التدريس وتبديلها كما تخيّل أوائل متبنّيها، بل وفي الحقيقية يمكن أن يعدّ تطور السبورة التفاعلية خطوة إلى الوراء؛ لأنها تمنح حوافز جديدة للمنهجيات التقليدية المتمحورة حول المعلم.
يُلاحظ أن البحوث في عددٍ من الصفوف التي تتضمن مجالات متعددة توصلت إلى نفس النتائج: الصفوف الدراسية ممتلئة بالأحاديث لكن قليلاً منها فقط يستخدم لتعزيز تفاعل التلاميذ. يشدد النموذج المهيمن من الممارسات الصفية على التفاعل المونولوجي للفصل كاملًا وهو ما يؤسس الطلاب كمستقبلين فقط ويحدّد خطابهم وحديثهم، وتؤدي مثل هذه الممارسات إلى أنماط تفاعل معيارية ترتبط بسيناريو يتبعه المعلم ويدرسه (Gutiernez et al., 1995). إن امتياز صوت البالغ يُقصي أصوات الأطفال ويحدّ من توقعاتهم عن الخطاب المستخدم في الصف، كما أن هيمنة ساعات القراءة وعلم الحساب في المدارس الابتدائية الإنجليزية تعني ندرة تعاون المتعلمين مع أقرانهم إما في أزواج أو مجموعات باستقلالٍ عن المعلم وهو ما يعني أن “شبح تفاعل “تدريس الفصل كاملًا” يقبع مهيمنًا على خطاب” الطلاب (Haworth, 1999: 114).
تنطوي المطالبة بالانخراط والمشاركة الحوارية ضمنيًا على انتقاد لممارسة (المبادرة، والاستجابة، والملاحظات) التي تكون فيها فرصة المتعلمين بالانخراط في الحوار ضئيلةً، وعدد الأحاديث التي يشاركون فيها قليلاً نسبيًا (Lyle, 2008; Mercer, 1995). وكما علق إريكسون Erickson وشولتز Shultz (1996: 481) في دراسة لـ”تجربة الطلاب في الصف”: “إن تجربة بيئة الصف في مجملها هي مونولوج متبوع باختبار”. يأسى مؤيدو الانخراط الحواري على غياب تبادل الحوارات الحقيقي في الصفوف حيث يمنع الأطفال من تطوير أصواتهم ووعيهم الناقد لغاياتهم الذاتية، ووسائلهم وقدراتهم في التعلم. ويتطلب تحدي مثل هذه الأنماط جهدًا مضاعفًا والتزامًا من جانب المعلمين، وتظهر تحديًا جسيمًا أمام أولئك الذين يرغبون بتنفيذ مثل هذه العملية في الصفوف والمدارس. “عادة ما تظهر علاقات القوة الطاغية في مثل هذه السياقات على أنها طبيعية ومحايدة لا على أنها في الأصل مبنية اجتماعيًا وسياسيًا وتاريخيًا” (Gutierrez and Larson, 1995: 450).
إشكالات وصعوبات
تبرز هذه اللمحة عن الحديث القائم حول التدريس الحواري الفجوةَ بين الممارسة السائدة والاعتراف المتزايد بقوة الحوار في عملية تشكيل المعنى. إحدى عوائق تطبيق التدريس الحواري هو سيطرة صوت المعلم في تشكيل المعنى وغلبته على حساب صوت الطالب؛ فعلاقة عدم اتزان القوة بين المعلمين والمتعلمين عقبة في وجه الحوار الحقيقي في الصفوف. كما يفتقد العديد من المعلمين المهارات اللازمة للتخطيط الفعال لحوار في الفصل كاملًا، وكنتيجة لذلك فإن طرق التدريس المحتملة للتعلم بالتحاور لا تُنجز.
تدعم الأدلة المستقاة من الأبحاث القائمة على الملاحظة: ففي دراسة تناولت أكثر من 100 صف في مدارس متوسطة وثانوية توصّل (Nystrand et al. (1997) إلى أن الخطاب الحواري طغى على ما نسبته 15% من زمن التوجيه، وحين وُضِع “الطلاب المتأخرون دراسيًا” في الاعتبار تجلّى غيابٌ واضح لمثل هذه الحوارات. في استعراض لبحث حول اللغة والقراءة توصل مايهيل Myhill وفيشير Fisher (Myhill and Fisher (2005) إلى ضآلة فرصة الأطفال في السؤال أو اكتشاف الأفكار في الصف؛ فعادة ما يكون تشكيل المعنى ضئيلًا وللتلاميذ فرصة محدودة للمشاركة، ويكون التركيز على استدعاء الحقائق أكثر من التفاعلات ذات المستوى الأعلى التي تتضمن التفكير.
إن وجود المنهج الوطني في عددٍ من الدول يعني أن للمعلمين اهتمامًا عمليًا مهيمنًا بـ”تغطية وإنهاء” المنهج. إذ يبذل العديد من المعلمين جهدًا للالتزام بالجداول والمتطلبات المبنية على محتوى المنهج ويعانون لرؤية الكيفية التي يمكن فيها للحوار أن يصبح جزءًا دائمًا في الممارسة الصفية، ويبدو ذلك جليًّا في حالة المدارس الثانوية تحديدًا؛ إذ سيعتمد العديد على كيفية ميل الآراء السائدة حاليًا لتعزيز مهارات التفكير التي تتطلب حديثًا تعاونيًا موجودًا في الحقيقة في المنهج القانوني، وتتطلب كيفية انتقال المعلمين نحو هذا اهتمامًا طارئًا من الباحثين والممارسين.
ليفستين Lefstein في ورقة نُشرت (2006) تسعى لتناول سؤال (لمَ لـَمْ يصبح التحاور نموذجًا رائجًا في خطاب الفصل) ينتقد داعمي طرق التدريس الحوارية كونها مثالية جدًا ويطالب بمنهجية عملية أكثر. ويركز على انعدام التوازن في توزيع مصادر القوة الممارسة في المدارس ويذكرنا بأن المعلمين مكلفون بالحد من حركة الطلاب والحديث، وفرض الواجبات وتحديد جودة نشاط الطالب في الوقت ذاته، بالسلطة المعرفية الممنوحة لهم، ولا يمكننا تجاهل حقيقة أن المدارس إلزامية وأن حضور التلاميذ إجباري، وأن المعلمين مكبّلون بالتزامات تعاقدية وقانونية. واضعًا كل هذه العوامل في الحسبان، شكك ليفستين Lefstein بإمكانية أن يحل المعلمون قوانينهم التقليدية أو يتجاوزونها. غير أن طرق التدريس الحوارية تتقدم إلى الأمام يقودها المربّون الموقرون الراغبون بتحسين جودة ممارسة التفاعل الصفي لمصلحة الطلاب.
بروز المشاركة الحوارية محورًا
من المهم بناء فهمٍ لمعنى المشاركة الحوارية وتوضيح الادعاءات المعتقدة حول هذه المنهجية في الحوار الصفي. فبالرغم من انتشار وقبول فكرة أن للحوار دورًا محوريًا في النمو الإدراكي فإنها ليست فكرة حديثة أبدًا؛ إذ يمكن تتبع الحجج الأساسية التي تدعم المنهجيات الحوارية إلى التقليد السقراطي باستخدام الأسئلة لتحدّي التلاميذ ليفكروا تفكيرًا ذاتيًا. ادعى كورسون Corson في الثمانينيات (1988: 66) إمكانية “تحفيز الأطفال ودفعهم نحو مستويات مدعومة من التفكير التنفيذي الرسمي بمنحهم فرصًا مستمرة للتحاور مع الآخرين، وذكرَ عدّة مؤلفين آخرين يشاركونه الرأي. إن الفكرة المتأصلة في مفهوم التحاور هو دوره الوسيط في مساعدة الأطفال على بلوغ مستويات أعلى من النمو الإدراكي في سنٍ مبكرة.
يتضمن مفهوم التحاور التحدث والاستماع، ولذا ركز الباحثون على مساهمة تعليم الأطفال القراءة وعلم الحساب في النمو الإدراكي. وجمع الباحثون والمعلمون المشاركون في مشروع القراءة وعلم الحساب الوطني (National Oracy Project) في إنجلترا خلال الثمانينيات أدلةً ثانويةً حول قيمة التحدث والاستماع لنمو الطفل. أدى المشروع بالعامِلين في المجال إلى استخدام نسخٍ من أحاديث الأطفال في المجموعات الصغيرة كدليل بحثي (Norman, 1992). لاحقًا توصل عددٌ من الباحثين إلى نتيجة مفادها أن القيمة التعليمية لأي حديثٍ صفّي بين الأطفال متوقفٌ على مدى إتقان المعلم لإجراء النشاطات (Galton&Williamson, 1992). وتحدّى دور المعلم كـ”مرشد إضافي Guide on the Side” بدلًا من “الحكيم على المنصة Sage on the Stage” الممارسات التقليدية المتمحورة حول المعلم بملاحظة قيمة الحوار التعاوني بين الأطفال.
ساهم الباحثون في المجال بجهود بارزة لفهمنا للأحاديث التعاونية والظروف التي يمكن أن يزدهر فيها، ويعد عمل نيل مِيركير Neil Mercer وزملاؤه في جامعة المملكة المتحدة المفتوحة عملًا إبداعيًا؛ إذ وسّع الفريق مفهوم بارنز Barnes (1976) الأصلي القائل بـ”الحديث الاستقصائي” Exploratory Talk الذي أثبت تأثيره الشديد على أعمال الباحثين والممارسين الآخرين (Mercer, 2000)، وبرزت أدلة دامغة تدعم قيمة الحديث التعاوني في المجموعات الصغيرة في التعلم والنمو الإدراكي.
ركزت الأبحاث في مجال أحاديث الطلاب التعاونية على تحليل نسخ من جلسات تلقائية للصف التي استقت من أفكار باختين Bahktin بكثرة وتحديدًا دور الحوارية في تشكيل المعنى (Haworth, 1999; Lyle, 1998; Skidmore, 2000). تسمح فكرة تشكيل المعنى الحواري للمتعلم بأن يكون له دورٌ في تنمية فهمٍ ذاتي بناء للمنهج من خلال التبادل الحواري، وتثبت أنها إطار مهمٌ للبحث في تأثير حديث المتعلمين التعاوني؛ لأن الحوار الذي يجري بين المتعلمين تعاونيًا يدعم تشكيل المعنى المشترك. ودفع تعدد الأصوات الحاضرة في الصف وأثر التفاعل الاجتماعي على مخرجات التلاميذ البحث في التذاوت المشترك Intersubjectivity ونشوءِ الثقافة الاجتماعية، وكذلك الفوائد الإدراكية للتعلم التعاوني. وهناك الآن عددٌ كبيرٌ من الأدلة التي تدعم قيمة الحديث التفاعلي في مجموعات صغيرة على النمو الإدراكي (لاستعراض هذا المنشور راجع Lyle, 2008).
التدريس التكاملي للفصل
ليست منهجية التدريس التكاملي للفصل مونولوجية دومًا، فالأدلة التي تتناول تطور الأحاديث التعاونية خلال الحوار الفصلي التي تتحدى نمط (المبادرة، والاستجابة، والملاحظات). وتتعدد الادعاءات القائلة بفاعليتها في تعزيز قدرة التواصل، وكذلك النمو الاجتماعي والإدراكي (لمراجعات مبكرة لمثل هذه الدراسات راجع (Gall & Gall, 1990، ولكن حتى العقد الفائت لم يكن هناك سوى بضعة أبحاث أو دراسات تجريبية للممارسات الصفية لدعم هذه الادعاءات.
ساعدنا عمل ميركير Mercer السابق (سنة 1995) حول كيفية تحدث المعلمين مع الطلاب في رؤية الأساليب التي يستخدمها المعلمون لإثارة حديث الطلاب، وكيف يشارك الطلاب في الحديث الصفي. ومؤخرًا لخصها كما يلي (Mercer, 2000: 52–56):
الاستعراض السريع: تلخيص ومراجعة كل ما سبق ذكره.
الاستخلاص: طرح أسئلة مُصاغة لتحفيز التذكر.
التكرار: ترديد إجابات الطلاب إما لإبرازها بالعموم أو للتشجيع على طرح بدائل.
إعادة الصياغة: إعادة صياغة إجابة طالب لجعلها أسهل لبقية الطلاب أو لتحسين الطريقة التي عبر بها عنها.
الحثّ: تشجيع الطلاب على “التفكير” أو “تذكر” ما قيل أو عُمل سابقًا.
لا تستحث أي خطوة من هذه الخطوات المشاركة الحوارية، لكن ويلّز Wells (سنة 1999) اقترح في بحث يتناول المهام التعليمية للتبادل القائم على نمط (المبادرة، والاستجابة، والملاحظات) إمكانية أن تكون هذه المهام والخطوات حوارية أكثر إذا ما اعتمد المعلمون على إجابات الطلاب أثناء ملاحظاتهم وتقييمهم. ويعتقد بأن ملاحظات المعلم على إجابات الطلاب يمكن استخدامها لتوضيح إجابة طالب ما وتمثيلها، توسيعها، وشرحها أو تبريرها، إذ يمكن أن تطلب الملاحظات من الطالب فعل أيٍّ من هذه المهام وتنخرط في صوت الطالب.
لا شك في أن سمة الخطاب الصفي لها تأثيرٌ على تجربة الطلاب في التعلم في المدارس. يفضل المعلمون الحواريين استخدام أسئلة أصيلة – كجزءٍ من ممارسة الطالب والمعلم – لا تكون فيها الإجابات محددة مسبقًا بل مشمولة في حوارٍ تعاقبيّ؛ مما يعني أن إجابات الطلاب تعدل وتغيّر موضوع الخطاب (Nystrand et al., 1997). كما تتحدى فكرة التحاور التدريسي والتعليمي هذه علاقات عدم توازن القوة في الصف، ولذا قد تشكل تهديداً للمعلمين وتحرراً لطلابهم.
ما زال العمل في حقل التحاور للفصل كاملًا في مراحله الأولى، لكن إذا كانت المشاركة الحوارية مهمة جدًا فإن تطبيقها العملي في الفصل يحتاج أن يفصل والاهتمام به على نحو يسمح بتعزيز نمو الطلاب التعليمي. أثارت دراسة عالمية ضخمة أجراها روبن ألكسندر Robin Alexander (2001) ركزت على تفاعل الفصل كاملًا جدالًا مؤخرًا. وحدّدت الدراسة التي تناولت الممارسة الصفية في خمسة بلدان فرصًا متباينة جدًا للأحاديث المبنية والتعليم العميق المساعد. ويستخدم ألكسندر Alexander مصطلح “التدريس الحواري” لوصف ما سيحدث حين يتعاون المعلمون والتلاميذ ليبنوا معرفتهم الذاتية والمشتركة والأفكار التي تساهم في تحسين التفكير المترابط المتماسك وتطويره.
يعكس التدريس الحواري من وجهة نظر ألكسندر Alexander وجهة النظر القائلة بأن المعرفة والفهم نابعة من فحص الأدلة، وتحليل الأفكار، واستكشاف القيم عوضًا عن قبول ثوابت الآخر قبولًا مطلقًا. لذا فإنها تتحدى هيمنة المعلم المعرفية (2006: 35)
يستكشف التدريس الحواري عمليات المتعلم الفكرية، وهو يعامل مشاركات الطلاب – وتحديدًا إجاباتهم على أسئلة المعلم – باعتبارها مرحلةً في رحلة تنقيب إدراكية جارية بدلًا من كونها محطات نهائية. كما أنه يغذي انخراط الطالب ومشاركته، وثقته، واستقلاله ومسؤوليته.
يجادل ألكسندر Alexander قائلًا بأننا إذا أردنا أن نبتعد عن الصف المونولجي ونتجه نحو الفصل الحواري ونبدأ بالحفر أعمق في تفكير الأطفال وفهمهم فسيحتاج المعلمون لمؤلفات أخرى. ويلخص التفاعل الحواري واصفًا إياه بأنه يحدث متى ما طرح الطلاب أسئلة، وعبروا عن وجهات نظرهم وعلقوا على الأفكار التي تظهر أثناء الدرس. ويجب على المعلمين أن يحسبوا حساب أفكار الطلاب أثناء العمل على الموضوع الرئيس للدرس ويستخدموا الحديث لخلق إطار سياقي، ومستمر، ومتراكم يمكّن مشاركة الطلاب وانخراطهم في المعرفة الجديدة التي يشكلونها ويعرضونها. ويحدد ميّزات الصف الحواري الجوهرية كالتالي:
جماعي: ينكبّ المعلمون والأطفال على مهمات التعلم معًا إما كمجموعة أو كفصلٍ بأكمله بدلًا من العمل فرديًّا.
تبادلي: يستمع المعلمون والأطفال لبعضهم بعضًا، ويشاركون أفكارهم ويتباحثون وجهة النظر المختلفة.
داعم: يعرب الأطفال عن أفكارهم بحرية دون الخوف من الاحراج من الإجابات “الخطأ”، ويتعاونون لبلوغ فهم مشترك.
تراكمي: يستند المعلمون والأطفال عن أفكارهم وأفكار بعضهم بعضًا، ثم يربطونها بسلسلة مترابطة من التفكير والتساؤل.
هادف: يخطط المعلمون للتدريس الحواري ويسهلونه واضعين نصب أعينهم أهدافًا تعليمية محددة. (Alexander, 2006)
تثمن مثل هذه الممارسات معرفة التلاميذ وتحولها لمصدر للتعلم، وتخلّ ببنية المعلمين المونولوجية لما يعد معرفةً، ممهدين الطريق أمام التحاور. برز عددٌ من مشاريع التدريس الحواري بعد اتباع هذه الأمثلة.
يقود ألكسندر Alexander الآن مشروعًا لتقديم مبادرات التدريس الحواري في إنجلترا. ويطالب بتركيز أكبر على طرح المعلم للأسئلة ساعيا للتنقيب في تفكير التلميذ وتعزيزه، لدعم تعليم عميق عن طريق تأسيس مهاري، بينما سيتطلب الإقرار بمثل هذا التحول في الممارسة تطورًا مهنيًا ثابتًا ودعمًا لكل المعلمين. وتشارك 43 مدرسة في مشروع “الحديث لمشروع التعلم” المستمر لمدة خمس سنوات وهو يهدف لتعزيز الحديث الحواري في الصفوف الابتدائية (TES online, 2007).
في مشروع امتد لسنتين للبحث في كيفية مساعدة الحديث مع المعلم الطلاب على تحسين فهمهم للعلوم قارن ميركير Mercer وسكوت Scott (سنة 2007) بين التدريس الحواري بحضور المعلم وادعيا بأنه أثناء التحاور: “يمكن للمعلمين أن يستحثوا الطلاب “يوميًا”، وعلى وجهات النظر “الحس السليم”، والانخراط والمشاركة بأفكارهم التي طوروها بذواتهم، ومساعدتهم في التغلب على سوء الفهم”. إن التحاور في هذا المشروع أداة للتعلم يستخدمها المعلمون للشرح، والتوضيح، و”تصميم” طرق التفكير العلمية لمساعدة الطلاب على اكتساب طرق علمية لوصف العالم. وبالتالي فإن الهدف من التحاور في العلوم مصورٌ تصّورًا مختلفًا عن التحاور في مواد ومناهج أخرى؛ إذ عادةً ما ينبع الفهم في العلوم من المهمات التي تعتمد على الصراع الإدراكي لمعارضة الفهم “الفطري” للطلاب للمفاهيم العلمية بفهمٍ ذي مبادئٍ لهذه الأفكار. لربما بدا أن للتدريس الحواري أهدافًا مختلفة في مناهج ومواد مختلفة مطالبة بطريقة تدريس مختلفة لتشكيل سياقات تعليمية مفيدة.
مجتمع المتعلمين
يجادل كريس واتكينز Chris Watkins – الأستاذ المساعد في التعليم في معهد التعليم في لندن – قائلًا بتطوير المدارس لتصبح مجتمعاتٍ للتعلم، ومنح المعلمين الراغبين في تأسيس مثل هذه المجموعات في مدارسهم شهادات تطور مهني. وحدّد ما أسماه النموذج ذا البنية التعاونية الذي يصور فيه المتعلمون “يشكلون المعرفة كجزء من ممارساتهم مع الآخرين” (Watkins, 2005). وحدد الجوانب الرئيسية في نموذجه كالتالي:
يعمل الطلاب معًا لتحسين المعرفة.
يساعد الطلاب بعضهم بعضا ليتعلموا بالتحاور.
تبرز أهداف التعلم وتتطور بالتساؤل.
يشكل الطلاب مخرجات لبعضهم بعضًا وللآخرين.
يستعرض الطلاب الطريقة الأفضل لدعم المجموعة للتعلم.
يظهر الطلاب فهمًا لكيف تعزز عمليات المجموعة تعلمهم.
تعزز بُنى الصف الاجتماعية الترابط المتبادل.
يعرض الطلاب مسؤولية مشتركةً بما في ذلك إدارة الصف.
مهام التقييم هي مخرجات المجموعة التي تبرهن على وجود شبكة نامية غنية ومعقدة من الأفكار.
تتشارك القائمة العديد من الخواص التي حددها ألكسندر والتي ذكرت سابقًا، ويستند هذا النموذج على مفاهيم رئيسة تستحق البحث فيها واستكشافها بما أنها تمثل منهجية أكثر شمولية للانخراط الحواري. يصف واتكينز Watkins التحاور بكونهِ عنصرًا جوهريًّا للعلاقات البشرية الفعالة، ويعتقد بأن الممارسة الحوارية تدعم المجتمع وتسانده. ويستخدم في قلب مجتمع المتعلمين التساؤل لجذب الانتباه وتعزيز طرح الأسئلة على نحو يدعم التفاعل والانخراط بين الطلاب، ويحدد عملية الربط بين الأفكار وجوانب المعرفة. فتوليد المعرفة بالنسبة لواتكينز Watkins هو ما ينتج عن الناس حين تجتمع عقولهم معًا وتشكل فهمًا مشتركًا، فالمعرفة ليست موجودة في الكتب أو غيرها من المصادر بل فيما يشكله الناس حين يستخدمون هذه المصادر؛ “فهم ما فهمه الآخرون مُسبقًا، والجهد التعاوني المستمر لتجاوز الحواجز فيما هو معروف” (Watkins, 2005: 37). ومن المهم أن تتأمل المجموعة وتتفكر لتجعل تجربتها هدف المعرفة، والتأمل الجماعي بالتساؤلات المطروحة وعمليات المجموعة للتساؤل والتعلم مهمة. ومافوق الإدراك Metacognition جوهري أيضًا لا للفرد فقط ليفهم تجربته، بل للمجموعة أيضًا لتعرف عن تجربتها في التعلم. بالإضافة إلى أن ما يسميه واتكينز Watkins “مافوق التعلم Meta-Learning” يشتمل على التعلم عن عملية التعلم ذاتها وما ينطوي عليه التعلم من أهداف، واستراتيجيات، ومشاعر، وآثار، وسياقات التعلم، ويتطلب التعلم الذاتي تأملاً وتفكراً جماعياً، وهو ما يخلق معنى وفهما ومعرفةً جديدة لكل مجتمع. حدد واتكينز Watkins أهدافًا مهمة للتطوير المهني للمعلمين تمنحهم إشاراتٍ للأمام.
بالمجمل تطالب المفاهيم الداعمة للمنهجيات الحوارية في الممارسات الفصلية التي نوقشت هنا المعلمين بإشراك الأطفال باعتبارهم متعاونين في تشكيل المعنى بتخطيط مهمات تولّد حوارًا حقيقيًّا بين الطلاب والتدخلات التي تبدو حواريا استجابة. ويقترح كل نموذج نوقش أنهم متى ما طبقوا ذلك سينخرط التلاميذ في تعلم عميق.
دليل على أثر التدريس الحواري
بينما تركز معظم أدلة الأبحاث على تحسين مخرجات التعليم للتلاميذ كأفراد، فإن منهجية التحاور تتمتع بأكثر من مجرد تحسين لنتائج الاختبارات الموحدة. لا تتضمن ممارسات الصفوف المونولوجية التعاون الاجتماعي، إذ يعد التلاميذ في الأساس مجموعة غير مترابطة من الأفراد (Watkins, 2005). وفي حال أصبح الصف “مجموعة متعلمين” -كما يقترح واتكينز Watkins- فعلينا أن ننكب على إيجاد فرص التعلم المؤثرة والإدراكية بالاعتماد على التساؤل. يقترح مشروع ألكسندر Alexander “تحدث لتتعلم” أن المنهجية الحوارية يمكن أن تحقق هذا بما أنها تعزز وجود صف أكثر شمولية حيث الطلاب الذين لا يتنافسون عادة للتحدث في الصف سينالون الثقة للمشاركة. إن التدريس الحواري منهجية موثوقة لتعزيز شمولية كل الطلاب ويمكنها أن تساهم بالكثير لتأسيس مجموعات المتعلمين. ويعد مثل هذا التعلم باطراد محوريًا للتعلم الذاتي والاجتماعي، إذ توصل مركز (EPPI) في جامعة لندن – على سبيل المثال – بعد مراجعة للتربية الوطنية (Deakin et al., 2005) إلى التالي:
إن سمة التحاور والخطاب محورية وأساسية في تعلم التربية الوطنية، والتحاور والخطاب مرتبطان بتعلم القيم المشتركة، وحقوق الإنسان وقضايا المساواة والعدالة… ولإحداث تغيير فإن طرق التدريس الحوارية والتشاركية إنجاز مكمّل وثابت أكثر، وليست أمرًا يجب صرف النظر عنه.
في مناقشة تتناول طرق التدريس والحوار يحدد سكيدمور Skidmore (2006) “الشروط العاطفية للتعلم الناتجة عن أنماط مختلفة من تفاعل المعلم والطالب كمسار مهمل للتساؤل”. والمهم هنا هو تقليد رؤية الإدراك والتأثير ككيانات متمايزة لا كمفاهيم مستقلة (Egan, 1983). أرادنا إيجان Egan أن نشكك في منهجيات التدريس والاختبار التي تعامل التعليم كـ”عملية تراكم المعرفة والمهارات التي لا علاقة لها بالمشاعر، والنيات، ومعنى الإنسان” (Egan, 1983: 51)، ويؤكد على الفرق بين “معرفة الكثير” والمعرفة الهادفة في حيوات المتعلمين. يريد إيجان Egan الأطفال أن يستخدموا مخيلاتهم لأن يفهموا وجود فرق بين “الحقائق” في عالم يعتمد على أطر تاريخية واجتماعية وثقافية. كما يشير إيجان Egan (1992: 70) إلى أن فهم التجربة أمرٌ تسهّله مشاعرنا بشدة. لذا فإن عمل إيجان Egan يدعم المؤيدين للذكاء العاطفي (Gardner, 1993; Goleman, 1996) المقر به على نطاق واسع كمؤشر مهم في النجاح في الحياة أكثر من النجاح في نيل الدرجات في الاختبارات الموحدة.
إن دور الحوار في تعلم الطلاب أكثر من تعزيز تفكير أفضلٍ ورفع مستوى المعايير؛ إذ إن له القدرة على تمكين صوت الطالب ليُسمع ويبلغ. هناك برنامج يقدّر التفكير والمخيلة يُدرَّبُ فيه المعلمون ليكونوا “منصتين” لما يقوله الأطفال ويستمعوا لـ”صوت” الطلاب وهو التعليم الفلسفي للأطفال (Lipman, 1988). أناقش في الجزئية القادمة من البحث كيف تمثّل ممارسة التعليم الفلسفي للأطفال ممارسة جيدة في التدريس والتعلم الفلسفي.
الفلسفة للأطفال Philosophy for Children
التعليم الفلسفي للأطفال هو ممارسة صفّية ثابتة الرسوخ والبحث طُبقت ورُوقِبَت لأكثر من 30 سنة، ويستخدم التعليم الفلسفي تفاعل الفصل كاملًا، وكذلك العمل الجماعي والزوجي. وهو منهجية للممارسة الصفية تُطبق في أكثر من 50 دولة تعد الفهم والنمو أفضل ما يحقق في الحوار بين الأقران والذي يقوم معلمهم بتيسيره. ويقترح عددٌ ضخم من أدلة الأبحاث أثر التعليم الفلسفي للأطفال في تحسين مخرجات الطلاب في عدد من الاختبارات والتقييمات المهمة (لمراجعة الدراسات الكمية راجع Trickey & Topping, 2004). مستندًا على التقاليد السقراطية يعد التعليم الفلسفي للأطفال مهمة المربي والمعلم هي أن يتحدى الطلاب ليفكروا بأنفسهم، ولذا يعتمد النجاح فيه على جودة الأسئلة التي يطرحها المعلم ليدعم وجود مساهمات ذات مستوى أعلى من الطلاب تتضمن الإيضاح، والشرح، والتبرير، والاستبصار، والافتراض؛ أي منهجيةً حواريةً لطريقة التدريس.
تتحدى الفلسفة للأطفال نظرية بياجيه Piagetian القائلة بأن الأطفال لحين وصولهم إلى مرحلة التفكير العملي الرسمية (12-14 سنة) لن يكونوا قادرين على التفكير المجرد والافتراضي. يعمد البرنامج للتشكيك في المفهوم القائل بأن أساليب تفكير الأطفال وقدراتهم هي ببساطة مسألة عمر أو نضج. يرفض ليبمان Lipman باعتباره فيلسوفًا فكرةَ أن المعرفة ثابتة، إذ يرغب أن يطّوع الأطفال “المعرفة” لتصبح بحثًا حذرًا، أن يتساءلوا لمَ عالمهم على هذا النحو، وكيف يمكن تحسينه؟ أن تتعلم ممارسة الفلسفة يعني أن تكرس حوارًا ينخرط فيه مجموعة من الأشخاص في تساؤل تشاوري، وبالتالي ينتج عنه مثال نموذج عن التفكير الموزع. وهو حالة نموذجية لأن للخطوات التي يتبعها المشاركون جانباً منطقياً ومقنعا أيضًا (Lipman, 1998). وهي ممارسة تقف في وجه المفهوم القائل بأن على المعلم أن يختبر التلاميذ ويسترجع منهم الإجابات ويلمحها لهم.
التعليم الفلسفي للأطفال هو برنامج مهارات التفكير، لكنه على النقيض من البرامج الأخرى المشابهة يرى بأن الاهتمام بالنمو العاطفي للأطفال – بالنسبة لليبمان Lipman – مهم بقدر أهمية مراكمة مهارات التفكير المنطقي. ويدعي مقترحو التعليم الفلسفي للأطفال أن الاستخدام الإبداعي للمخيلة يتطلب من الإنسان أن يعتمد على فهمه العاطفي، بينما يتضمن التأمل النقدي استخدام الفهم المنطقي. يقترح برنامج التعليم الفلسفي للأطفال إمكانية تسخير التخيل ليتحد مع القوى العقلية لزيادة فهم الأطفال للعالم وسكانه، وبالتالي الجمع بين النقدي والإبداعي. وهو يسعى لمساعدة الطلاب على فهم معنى أن تكون إنسانًا وأن تكون إنسانًا أخلاقيًا، ويقر بأن التفكير النقدي غير كافٍ. يجب أن تخلق مساحة آمنة للتحاور الذي يتطلب مستويات عالية من الثقة بين المشاركين فيه بالإضافة إلى التفكير الرعائي والتفكير النقدي والإبداعي، وبالتالي فإن الاعتبارات الأخلاقية مهمة وأساسية في التعليم الفلسفي. إن الطريقة التي يتحدث بها الطلاب ويستمعون لبعضهم بعضاً تحكمها الممارسات المتوقعة باحترام كلٍّ منهم للآخر بخلق مساحة لكل الأصوات لتعبّر وتسمع، وتقدّر الاختلاف، كما أن التفسيرات المختلفة مرحبٌ بها. يقيّم الحوار بأنه المفتاح لمعرفة الذات وللفهم التبادلي لكنه لا يسعى للموافقة، وعلى النقيض من نموذج ألكسندر Alexander الذي يثمن بلوغ الفهم المشترك ونظرًا لأنه يتطلب ذلك فإن وضوح المعنى متوقعٌ ومرحبٌ به.
إن المحفز لتوليد مثل هذه المنهجية الشمولية هو السرد الفلسفي، إذ يؤمن ليبمان Lipman (1988) أن البشر في أفعالهم وممارساتهم في جوهرهم حكاؤون. يعكس السرد بنية الوجود الإنساني ويساعد الآخرين على الدخول في حيوات الآخرين وتجاربهم، وللقصص القوة والقدة على توليد التفكير التخيلي (لمناقشة تتناول فهم السرد كأداة أولية لتشكيل المعنى راجع Lyle, 2000).
إن الآلية التي يحقق بها التفكير النقدي والإبداعي والمهتم هي “مجتمع التساؤل” التي يكون فيها الحديث التبادلي آلية الحوار الرئيسية. وعلى النقيض من معظم الخطابات التي يسأل فيها المعلمون الأسئلة فإن الأطفال هم من يبتكرون الأسئلة ويطرحون تلك التي يرغبون بالعثور على إجابات لها بعد طرح قصة ما. في هذه الحالة يعامل التلميذ كـ”عاملٍ معرفيّ فعال ومشارك في معرفته هو” (Skidmore, 2006). يشجع المعلم التساؤل الحواري في أسئلة الأطفال بتيسير مناسب، فالأسئلة التي يطرحها المعلمون هي تلك التي تتطلب من التلاميذ أن يفكروا بعمق أكبر وليست تلك التي تعزز التذكّر أو التي تطالب بإجابات “صحيحة”. يقترح فيشر Fisher (1995) – وهو أحد ممثلي التعليم الفلسفي للأطفال في المملكة المتحدة – أن نجاح التعليم الفلسفي للأطفال هو أن الهدف من مجتمع التساؤل هو الكشف عن الفهم الذاتي والمعرفة بالتحاور؛ لاكتشاف الحقيقة. وهذا يرتبط بمفهوم باختين Bakhtin بكون الحقيقة لا توجد في عقل الفرد “بل تولد بين بحث الناس المشترك عن الحقيقة، في عملية تفاعلهم الحواري” (Bakhtin, 1984: 110). ويتطلب مثل هذا التفاعل من المعلم أن يعلق آراءه الشخصية ويركز على مساعدة أو تشجيع حوار الأطفال، ولفعل هذا سيحتاج الأطفال لتعريف المفاهيم الشائعة تعريفاً أوضح؛ لتعلم كيفية السؤال، وكيفية التفكير، وكيفية التعبير عن أفكارهم ووضعها محل التجربة والاختبار. في مجتمع التساؤل سيشجّع التلاميذ على صياغة وجهات نظرهم الذاتية وتعريفها بمساعدة المعلمين المعنيين بمساعدتهم، ويركز المعلمون فيه على أن يطلبوا من الطلاب أن يعرفوا الكلمات، ويخمّنوا تفسيرات بديلة، ويعلّلوا آراءهم ويطرحوا أدلة تدعمها. كما يطلب من التلاميذ أن يطرحوا أمثلة أو أمثلة مضادة لأفكارهم، وأن يربطوا بين أفكار بعضهم بعضًا، ويهتمّوا بالافتراضات الضمنية فيها. ويشجع المعلمون الطلاب على بناء معايير تدعم وجهات نظرهم المتوافقة، ويلخصوا النقاط الرئيسية أثناء سير التفاعل الحواري، ولا يظل المعلم طوال هذه العملية المصدر الوحيد للمعرفة في الفصل. ولا تعود الأسئلة مصاغة لاستخراج ما يعرفونه مسبقًا، بل لبناء معرفة جديدة معًا، وحصيلة المعرفة الناتجة من الحوار في الصف أكبر من تلك الناتجة عن أي فرد فيه – بما في ذلك المعلم. باتباع أفكار فيغوتسكي Vygotsky (1978) فإن مجتمع التساؤل “نشاط اجتماعي هادف ميسّر” يمكن أن يولد عمليات ذهنية عالية المستوى. حين ينخرط الطلاب في مجتمع المتعلمين (Watkins 2005) المشترك بالتساؤل والتحاور حول مفاهيم أساسية فلا وجود لإجابات صحيحة لأسئلتهم. ولربما عرف الأفراد ما يعرفونه أو ما لا يعرفونه عن الأفكار أو المفاهيم المطروحة، ودور المعلم هو أن يمكّن المتعلمين من مشاركة أفكارهم ورؤاهم ودعم أفكار بعضهم البعض وتحديها والتفكير بها، وبالتالي تعزيز النمو العاطفي والإدراكي ودعمه.
تقدم الفلسفة للأطفال الكثير لداعمي طرق التدريس النقدية، لكنها أيضًا تثير عددًا من الأسئلة حول قدرتها على تحدي الأنظمة ذات السلطة وتمكين جميع الطلاب حقًا. إذ ينحدر العديد من الطلاب من مجموعات معوزة أو ثانوية، وعادةً ما يعاد تمثيل عدم المساواة الاجتماعية في الصف، كما أن للعلاقات خارج الصف أثرٌ واضح على التفاعل الصفي ويجب أن تعد هذه مشكلة. تشوّه علاقات السلطة التواصلَ وستتأثر بتجارب التلاميذ القاسية في الامتيازات والاضطهاد (Ellsworth, 1989).
تُستقى الأدلة البحثية التي تدعم التعليم الفلسفي للأطفال من الدراسات الكمية والكيفية. فالدراسات الكيفية التي تركز على تحليل نسخ من انخراط الطلاب في مجتمعات التساؤل في الفصل تتحدى الافتراضات حول ما يعرفه الأطفال وما هم قادرون على التفكير به، ويمكنها أن تمثل خطوات المعلم (راجع على سبيل المثال Lipman 2003 وLyle, 1996).
غير أن ممارسة التعليم الفلسفي للأطفال مرتبطةٌ بمنجزات الطلاب الإدراكية. أما الدراسات الكمية فتركز على التصاميم التجريبية التي تستخدم ما قبل الاختبار وما بعده. في مراجعة نظامية ونقدية لعشر دراسات عن المخرجات المتحكم بها في منهجية التعليم الفلسفي للأطفال في المدارس الإبتدائية والثانوية يبيّن (Trickey and Topping (2004)) المخرجات القابلة للقياس في اختبارات القراءة النسبية، والتفكير والقدرة الإدراكية وغيرها من النشاطات المرتبطة بالمنهج والمخرجات الإيجابية بقياس احترام الطفل لذاته وسلوكه، وباستخدام الاستبانات التي يجيب عليها المعلم والطفل. وفي دراسة أجراها (Topping (2006)) حول تأثير التعليم الفلسفي للأطفال على الطلاب في كلاكمانشاير في أسكوتلندا توصّل إلى أن الطلاب جميعًا حصدوا السنة الماضية في المدرسة الابتدائية ست نقاط نموذجية في قياس القدرات الإدراكية بعد ممارسة التساؤل أسبوعيًا لمدة ستة أشهر. واستمر هذا المنجز حتى سنتين لاحقتين بالرغم من أنهم لم يستمروا في التعليم الفلسفي للأطفال بعد انتقالهم من الابتدائية إلى الثانوية. وسيظهر أن منهجية التعليم الفلسفي للأطفال الشمولية تستحق المزيد من الاهتمام.
الخاتمة
يظهر تغلغل الاهتمام بأهمية المنهجيات الحوارية للتدريس والتعليم ومعايرها وإمكانيتها لرفع المعايير في المؤلفات. وبعيدًا عن الأثر الإيجابي فهناك سلسلة طويلة ومتينة من الأبحاث التي تقترح أن تطبيق المنهجيات الحوارية في الخطاب الصفي لن يكون سهلًا.
تمثل المشاركة الحوارية تحديًا للمنهجيات المونولوجية في الممارسات الصفية، لكن إذا أخذت الممارسات الحوارية على محمل الجد بصفتها أداة مهمة من أدوات طرق التدريس فلا يجب الاستهانة بصلابة الممارسة المونولوجية. كما أشار ألكسندر Alexander (2006: 46): “إن القوة المحضة للتسميع كنمط أساسيٍّ في طرق التدريس البريطانية والأمريكية أصبحت جلية جدًا”. جمع في بحثه بيانات على شكل مقاطع تعرض أنه وبالرغم من التدريب لا تحتاج أسئلة “الاختبار” الكثير لتعيد تأكيد هيمنتها الشاملة، وأن على الملاحظات أن تركز على تطور استجابات الطلاب. وليس مفاجئًا أن عددًا من المعلمين أنفسهم كانوا طلابًا في هذه التدريبات لزمن طويل. إن الآثار المترتبة على التدريب الأولي للمعلم واستمرار التطور المهني أثناء ممارسة التعليم جسيمة.
يجب اكتشاف الأثر الكامل لتقديم طرق التدريس الحوارية في الصفوف، والبحوث ضرورية لمعرفة أي العمليات الصفية هي الأفضل للممارسة الحوارية الصفية. نحتاج تحديدًا معرفة كيفية تحقيق المنهجيات الحوارية في الفصل بأكمله بعض المنجزات الموثقة للعمل الجماعي التعاوني. نحتاج نسخًا من التفاعلات لنمثل الممارسة الفعالة لنشكل أنماطاً للمعلّمين الراغبين بتبني المنهجيات الحوارية. كما نحتاج أيضًا أن نبحث في سلبيات التحاور الممكنة حين تظهر بعض القوى غير الحوارية مثل “الحرج” و”التوتر” و”الصمت” التي يمكن أن تحدث حين يستخدم الحديث للتلاعب، والإكراه أو الإحراج (Gurevitch, 2000).
إن الأبحاث حول مخرجات الطلاب التي تُقاس بالاختبارات المعيارية مهمة أيضًا لكنها ليست كافية. وهذا يجب أن يُشمل في تحليلٍ مفصّلٍ لخطاب حقيقي لفهم أفضل لكيفية استخدام الحديث لتعزيز تشكيل المعنى، وهو ما يتطلب التزامًا حقيقيًا بالبحث. ويكمن الخطر – كما نوقش في جريدة (Times Educational Supplement) الرائدة للمعلمين في المملكة المتحدة- في أن التدريس الحواري “سيشوه قبل أن يُفهم ناهيك عن تطبيقه”(Teachernet, 2007).
إذا التزمنا بتطبيق المشاركة الحوارية في صفوفنا فعلينا أن ندرك ما هي أفضل استراتيجيات التطور المهني التي ستدعم المعملين في إحداث هذا التغيير من التدريس المونولوجي إلى الحواري، ومن المهم مراقبة وتقييم تدريب المعلمين مراقبة دقيقة. هناك مشروع يطبق الآن لتقييم المستوى الأول من التدريب على التعليم الفلسفي للأطفال ((SAPERE, 2007) تجريه كلية التربية في جامعة سوانسي، وللاطلاع على أثر التدريب على المعلمين ومناقشة كيف خطط مديرو سبع مدارس ابتدائية تطبيق التعليم الفلسفي للأطفال في ممارسات مدارسهم راجع (Lyle et al., 2007).
يتضمن هذا التدريب نموذجًا مختلفًا جدًا لتطوير المعلم أسسته وكالة تدريب المعلمين (TTA) لتدريب المعلمين على تطبيق استراتيجيات القراءة وعلم الحساب الوطنية. وصممت مسارات المستوى الأول لتعزيز ممارسة نقدية تأملية بالانخراط في مجتمعات التساؤل وتجربة الطلاب والمعلمين لمهارات التساؤل والتيسير. إن نموذج (3Cs) للتفكير النقدي والإبداعي والمهتم محاور مهمة في هذا التدريب.
إن اكتشاف دور المعلم مهم وتحديدًا المهمة المعرفية في مساعدة الطلاب ليقرروا ما يعد معرفةً في التساؤل، ومساعدتهم على البحث عن الحقيقة بمساعدتهم على مراجعة ما يعرفونه مسبقًا ليعرفوها على نحو أحسن. إن الحقيقة في مجتمع التساؤل في التعليم الفلسفي للأطفال هي بحث عن الفهم الذاتي الذي ينبع من ممارسة الاهتمام، وإبداء التعاطف، واحترام وجهات نظر الآخرين، والقدرة على تصحيح الذات، إذ يتوقع من المشاركين أن يبنوا على أفكار بعضهم بعضا ويستخدموا مهارات التفكير النقدية في عملية بلوغ الحقيقة. إن الهدف ليس محض مشاركةٍ للتجارب أو الأفكار ولكنه بحث حازمٌ عن فهمٍ أفضل وأحسن.
في التعليم الفلسفي للأطفال يعد تيسير التساؤل وسيلة للتعليم ومعرفة ما يجذب انتباه الطلاب واهتمامهم ويسمح لهم بإثارة الأسئلة على نحو يدعم التواصل والمشاركة، وعليه أن يدعو للتواصل والترحيب باختلاف الآراء وتنوعها. ويحتاج المعلم مهارة تحديد الروابط بين أفكار الطلاب ومجالات المعرفة.
خلاصة القول: في عصرٍ تنادي الحكومات بممارسة مبنيّة على الدليل لتوجيه السياسات فمن الجوهري أن منهجيات التدريس الحواري سيبحث فيها وينقب عنها تنقيبا جيدًا. نعرف الكثير عن الممارسة المونولوجية لكن علينا أن نمثل الممارسة الحوارية لنفهم فهمًا أفضل طريقة تحضير المعلمين لاستخدام مثل هذه المنهجيات ونراقب أثر التطوير المهني المستمر على الممارسة الفصلية ومخرجات الطلاب.
الهوامش:
(1): IRF
(2): :Chris Watkins أستاذ مساعد في التربية في جامعة لندن.
(3): ساعة للتدريب على مهارات القراءة في المدارس الابتدائية الإنجليزية أقِرّت سنة 1998.
المراجع:
Alexander, R.J. (2001) Culture and Pedagogy: International Comparisons in Primary Education. Oxford: Blackwell.
Alexander, R.J. (2006) Towards Dialogic Teaching (3rd edn.) New York: Dialogos.
Bakhtin, M.M. (1981) The Dialogic Imagination: Four Essays by M. M. Bakhtin. Austin, TX: University of Texas Press.
Bakhtin, M. M. (1984) Problems of Dostoevsky’s Poetics (ed. and trans. by C. Emerson). Manchester: Manchester University Press.
Barnes, D. (1976) From Communication to Curriculum. Harmondsworth: Penguin.
Bishop Grosseteste University College (2007) http://www.bishopg.ac.uk/? id=10052& page=6. Accessed 01.04.07.
Bruner, J. (1986) Actual Minds, Possible Worlds. Cambridge, MA: Harvard University Press.
Bruner, J. (1990) Acts of Meaning. Cambridge, MA: Harvard University Press.
Bruner, J. (1996) The Culture of Education. Cambridge, MA: Harvard University Press.
Burns, C. and Myhill, D. (2004) Interactive or inactive? A consideration of the nature of interaction in whole class teaching. Cambridge Journal of Education 34 (2), 35–49.
Cazden, C.B. (1988) Classroom Discourse: The Language of Teaching and Learning. Portsmouth, NH: Heinemann
Corson, D. (1988) Oral Language Across the Curriculum. Clevedon: Multilingual Matters.
Deakin, R., Crick, R., Taylor, M., Ritchie, S., Samuel, E. and Durant, K. (2005) A System-
atic Review of The Impact of Citizenship Education on Student Learning and Achievement. London: EPPI-Centre.
Department of Education and Science (1992) Curriculum Organization and Classroom Prac- tice In Primary Schools: A Discussion Paper. London: DES
Department for Education and Skills (1998) The National Literacy Strategy. London: DfEE.
Department for Education and Skills (1999) The National Numeracy Strategy. London: DfEE.
Dillon, J.T. (1994) Using Discussions in Classrooms. Buckingham: Open University Press.
Edwards, D. (1990) Classroom discourse and classroom knowledge. In C. Rogers and P. Kutnick (eds) The Social Psychology of the Primary School (pp. 49–67). London: Routledge.
Egan, K. (1983) Education and Psychology: Plato, Piaget and Scientific Psychology. New York: Teachers’ College Press.
Egan, K. (1992) Imagination in Teaching and Learning. New York: Routledge.
Ellsworth, E. (1989) Why doesn’t this feel empowering? Working through the repressive myths of critical pedagogy. Harvard Educational Review 59 (3), 297–324.
Erickson, F. and Shultz, J. (1996) Students’ experience of the curriculum. In P.W. Jackson (ed.) Handbook of Research on Curriculum (pp. 465–485). New York: Macmillan.
Fisher, R. (1995) Teaching Children to Learn. Cheltenham: Stanley Thornes.
Gall, M. and Gall, J. (1990) Outcomes of the discussion method. In W. Wilen (ed.) Teaching and Learning through Discussion (pp. 25–44). Springfield, IL: Thomas.
Galton, M. and Williamson, J. (1992) Group Work in the Primary Classroom. London: Rout-ledge.
Gardner, H. (1993) Frames of Mind: The Theory of Multiple Intelligences. London: Fontana Press.
Goleman, D. (1996) Emotional Intelligence: Why it is a Greater Guide to Success Than IQ. London: Bloomsbury.
Gurevitch, Z. (2000) Plurality in dialogue: A comment on Bakhtin. Sociology 34 (2), 243– 263.
Gutierrez, K. and Larson, J. (1995) Script, counterscript, and underlife in the classroom: James Brown versus Brown v. board of education. Harvard Educational Review 65 (3), 445–471.
Halliday, M.A.K. (1977) Language as Social Semiotic: The Social Interpretation of Language and Meaning. Baltimore, MD: University Park Press.
Hardman, F., Smith, F. and Wall, K. (2003) Interactive whole class teaching in the National Literacy Strategy. Cambridge Journal of Education 33 (2), 197–215.
Hargreaves, L., Moyles, J., Merry, R., Paterson, F., Pell, A. and Estarte-Sarries, V. (2003) How do primary school teachers define and implement ‘interactive teaching’ in the National Literacy Strategy in English. Research Papers in Education 18, 217–236.
Haworth, A. (1999) Bakhtin in the classroom: The dialogic text. Language and Education 13 (2), 99–117.
Higgins, S., Falzon, C., Hall, I., Moseley, D., Smith, F., Smith, H. and Wall, K. (2005) Embedding ICT in The Numeracy and Literacy Strategies. http://www.becta.org.uk/ page documents/research/univ newcastle evaluation whiteboards.doc. Accessed on 09.03.07.
Holquist, M. (1990) Dialogism: Bakhtin and His World. London: Routledge.
Kennewell, S., Tanner, H., Jones, S., and Beauchamp, B. (2008) Analysing the use of interactive technology to implement interactive teaching. Journal of Computer Assisted Learning 24 (1), 61–73.
Lefstein, A. (2006) Dialogue in schools: Towards a pragmatic approach. Working Papers in Urban Language and Literacies 33. London: King’s College.
Lipman, M. (1988) Philosophy Goes to School. Philadelphia, PA: Temple University Press.
Lipman, M. (1998) Teaching students to think reasonably: Some findings on the Philoso- phy for Children programme. Clearing House 71 (5), 277–280.
Lipman, M. (2003) Thinking in Education (2nd edn.) Cambridge: Cambridge University Press.
Lyle, S. (1996) Making meaning: The voices of children talking about a dramatised story. Educational Studies 22 (1), 83–97.
Lyle, S. (1998) Collaborative talk and making meaning in primary classrooms. PhD dissertation, University of Reading, UK.
Lyle, S. (2000) Narrative understanding: Developing a theoretical context for understand- ing how children make meaning in classroom settings. Journal of Curriculum Studies 32 (1), 45–63.
Lyle, S. (2008) Learners’ collaborative talk. In M. Martin-Jones, A-M. de Mejia and N. Hornberger (eds) Encyclopaedia of Language and Education Vol. 3: Discourse and Education (pp. 279–290). New York: Springer.
Lyle, S., Thomas-Williams, J. and Turner, C. (2007) Dialogic practice in primary schools: How primary head teachers plan to embed Philosophy for Children into the whole school. (Currently under review. Copies available from the authors).
Mercer, N. (1995) The Guided Construction of Knowledge: Talk amongst Teachers and Learners. Clevedon: Multilingual Matters.
Mercer, N. (2000) Words and Minds: How We Use Language to Think Together. London: Routledge.
Mercer, N. and Scott, P. (2007) Dialogic teaching in science classrooms. http://www.educ.cam.ac.uk/dialogic/main.htm. Accessed March 2007.
Mroz, M., Smith, F. and Hardman, F. (2000) The discourse of the literacy hour. Cambridge Journal of Education 30 (3), 379–390.
Myhill, D. (2006) Talk, talk, talk: Teaching and learning in whole class discourse. Research Papers in Education 21, 19–41.
Myhill, D. and Fisher, R. (2005) Informing practice in English: A review of recent research in literacy and the teaching of English. London: Her Majesty’s Inspectorate.
National Literacy Trust (2007) http://www.literacytrust.org.uk/Database/resources2. html. Accessed 28.03.07.
Norman, K. (ed.) (1992) Thinking Voices: The Work of the National Oracy Project. London: Hodder & Stoughton.
Nystrand, M., Gamoran, A., Kachur, R. and Prendergast, C. (1997) Opening Dialogue: Understanding the Dynamics of Language and Learning in the English Classroom. New York: Teachers College Press.
Sinclair, J.M. and Coulthard, R.M. (1975) Towards an Analysis of Discourse. Oxford: Oxford University Press.
Skidmore, D. (2000) From pedagogical dialogue to dialogical pedagogy. Language and Education 14 (4), 283–296.
Skidmore, D. (2006) Pedagogy and dialogue. Cambridge Journal of Education. 36 (4), 503– 514.
Smith, F., Hardman, F. and Higgins, S. (2006) The impact of interactive whiteboards on teacher-student interaction in the national literacy and numeracy strategies. British Education Research Journal 32, 437–451.
Teachernet (2007) http://www.teachernet.gov.uk/CaseStudies/casestudy.cfm?id=306. Accessed 01.04.07.
Times Educational Supplement (2007) http://www.tes.co.uk/section/story/?section= Archive&sub section=TES±Teacher&story id=389939&Type=0. Accessed 02.04.07.
Trickey, S. and Topping, K.J. (2004) Philosophy for children: A systematic review. Research Papers in Education 19 (3), 365–380.
Topping, K.J. (2006) Thinking skills project raises children’s IQ by 6.5 points http:// sapere.org.uk/2005/08/04/research-project/. Accessed 11.03.07.
Vygotsky, L.S. (1962) Thought and Language. Cambridge, MA: MIT Press.
Vygotsky, L.S. (1978) Mind in Society: The Development of Higher Psychological Processes. Cambridge, MA: Harvard University Press.
Watkins, C. (2005) Classrooms as Learning Communities: What’s in It for Schools? London: Routledge.
Wells, G. (1992) Oracy and the national curriculum. In K. Norman (ed.) Thinking Voices: The Work of the National Oracy Project (pp. 283–310). London: Hodder & Stoughton.
Wells, G. (1999) Dialogic Inquiry: Towards a Sociocultural Practice and Theory of Education. Cambridge: Cambridge University Press.
Wertsch, J.V. and Smolka, A. (1993) Continuing the dialogue: Vygotsky, Bakhtin and Lotman. In H. Daniels (ed.) Charting the Agenda: Educational Activity after Vygotsky (pp. 69–91). London: Routledge.
*تمت ترجمة هذه المقالة للغة العربية بإذن من المؤلفة Sue Lyle لصالح مؤسسة بصيرة للاستشارات التربوية والتعليمية بهدف نشرها في مدونة موقع المؤسسة، مايو 2020م.
*للحصول على النسخة الأصلية من المقالة باللغة الإنجليزية
Lyle, Sue. (2008). Dialogic Teaching: Discussing Theoretical Contexts and Reviewing Evidence from Classroom Practice. Language and Education. 22. 222 — 240. 10.2167/le778.0.